الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لِتُقرع الأجراس لأجل الصحافة

علي شايع

2010 / 11 / 18
الصحافة والاعلام


قالت الأخبار إن محكمة في شمال السعودية حكمت في السادس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2010 على الصحفي فهد الجخيدب مراسل صحيفة الجزيرة، بالجلد العلني، والحبس شهرين، بتهمة التحريض، لأنه كتب عن الغضب الشعبي إزاء انقطاعات الكهرباء، في مدينة من مدن البترول العربية، وحكوماتها الأغنى - نهباً – في كل العالم، وكانت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) قد وصفت الحكم بالجائر في بيان صدر مؤخراً، مشدّدة في سابق انتباه إلى تدهور أوضاع الصحفيين في بلد لم يصادق - إلى الآن - على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الموثّق فيه جميع الحقوق الضامنة للإنسان، وفق القانون الدولي، كحقه في حرية التجمع السلمي وحرية التعبير.
المحزن إن السعودية تخرق القانون وتزيف الوقائع عبر منظومة قضائية مسيّسة بعقائديات وبدائية مخجلة، فالحُكم الصادر بحق الجخيدب ورد فيه أن يتلقى 25 جلدة علناً أمام شركة الكهرباء، وعلى مرآى من الجمهرة. وهذا يعدّ تنكيلاً ما بعده تنكيل، إلا أن تؤخذ شهادات 45 شخصاً من شهود المدينة، شهدوا أثناء محاكمته؛ بالأضرار والخسائر التي لحقت بهم على مدار 15 عاماً بسبب غياب الكهرباء المستقرة، وكيف أن مدراء شركة الكهرباء تجاهلوا مطالباتهم بتحسين الخدمة. التنكيل الأشدّ أن تحسب شهادات هؤلاء دليلاً على تحريض الصحفي (الجخيدب ) الناس وتشجيعهم على التجمهر. حتى كأن التجمهر والاحتجاج ،ليسا من مناسك الحج والتقديس، ما دام يفتش كلاهما عن حق؛ شخص يجده في إله، وآخر يبحث عنه في استرداد حق سليب، ينغص عليه راحته وهناءته. فالكهرباء مستحق إنساني كالغذاء و كالهواء والماء لأي مواطن مادام له حق في خيرات بلاده، خاصة إذا كانت من بلدان ينابيع النفط الدافق تيهاً وسراب.
منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) قالت إن الموضوع الذي كتبه الجخيدب وصف مصاعب يتعرض لها سكان مدينة قبة السعودية جراء انقطاع الكهرباء المتكرر، وظهر تقريره في صحيفة الجزيرة بعنوان: "سكان (قبة) يتجمهرون لطلب الكهرباء". وأكّدت أن الموضوع لم يضمّ أي دعوة للتحرك، بل اقتصر على وصف الاحتجاج ومطالب المتظاهرين. ونقلت المنظمة نصاً من التقرير ورد فيه :" تجمهر مئات المواطنين أمام وحدة الكهرباء بقبة مطالبين الشركة بإصلاح وضع الكهرباء في بلدة قبة حيث الأعطال المتكررة التي تسببت في إتلاف الأجهزة الكهربائية للمنازل والخسائر المادية للمحلات التجارية وإعلان حالات الطوارئ لأهل المرضى وخاصة الأطفال وكبار السن المصابين بالربو"..من يقرأ النص السابق سيجد إن الصحفي وصف وقوف أناس يطالبون بحقوقهم، التي تسلب منهم ويسبّب فقدانها مشاكل لهم، ونقل معاناة أناس مرضى وكبار في السن، وأطفال، ولم يحرّض على التجمهر. ومع هذا كان مصيره أن يحشر الناس ضحى ليشاهدوه مجلوداً، وفي ذات المكان؛ أمام الدائرة الحكومية التي شهدت مظاهر الاحتجاج، ليكون عبرة لمن يعتبر، فالتجمهر محظور إلا لتُرى فيه مشاهد وأهوال أدواتها السيف والعصا. ولا تجمهر لغير ذلك..ولا تغطية صحفية يمكن أن توثّق لاحتجاج، فالأمر للدولة والسيف والعصا..فها هو صحفي يُجرجر ولو كانوا سيثبتوا عليه بالفعل تهمة التحريض لعملوا السيف برقبته، لكنه حوكم تعسفاً وتنكيلاً بالصحافة، وتحجيماً لصوتها الحر. فإلى مَ تحكم الصحافة بهذه الأقدار، وكيف تغالط الدول الكبرى ذات النفوذ نفسها، وتغض الأنظار عن تلك الفضائع، دون أن تُقرع الأجراس بإعلان الطوارئ الإنسانية القصوى لأجل ذلك؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور