الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلفية الدينية والسلفية السياسية

حسين عبد المعبود

2010 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


السلفية الدينية هي اتباع الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة أي عودة للقرون الأولى ، دون النظر إلى المتغيرات السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والفكرية . وما نراه اليوم من ظلم واستبداد واحتكار للسلطة في ظل عالم ينعم بالحرية والديمقراطية ما هو إلا سلفية سياسية .
وهناك علاقة تبادلية بين السلفية السياسية والسلفية الدينية ، أي أن تفشي السلفية السياسية يؤدي إلى نمو وتفشي السلفية الدينية ، والعكس صحيح ، وما نراه اليوم من دعاة التوريث ما هو إلا سلفية سياسية ، وإلا فما الفرق بين الملكية الظالمة المستبدة والنظام الجمهوري الجديد الذي يورث أبناءه ، مع ملاحظة أن هناك نظم ملكية عظيمة : انظر إلى المملكة المتحدة ( بريطانيا ) وغيرها من الممالك الأروبية ، والغربية تجد عالم متحضر ، ونموذج راق للديمقراطية ، والحرية ، وقارنها بجمهوريتنا السعيدة بما نحن فيه من ذل ، وإهانة ، وظلم ، واستبداد ، واحتكار للسلطة ، وحزب يزعم أنه وطني ، وديمقراطي كل انجازاته ، تملق الرئيس مبارك ، والعمل على أن يرث ابنه جمال الملك ، ليظل النظام على ما هو عليه من ظلم ، وفساد ، وإفساد ، واستبداد ، واحتكار دائم للسلطة . وفي هذا المناخ ينعم أعضاء الحزب الوطني ، والتابعين لهم ، وتابعي التابعين بمزايا يعتقدون أنها مكتسبات كل حسب درجة ولائه ، وقربه من السلطة . وكل ذلك من دم الشعب المسكين المغلوب على أمره ، في ظل نظام حكم بالي ، فاقد للشرعية كل مؤهلاته أنه يمتلك أجهزة الإعلام المسموعة ، والمرئية التي تروج له ، ولمزاعمه في الإصلاح ، والتنمية ، ومقارنته بالنظم الفاشية والنظم الدموية التي بليت بها بعض الشعوب في محاولة لإقناعنا بأن نظام الحكم عندنا أفضل بكثير من نظم قادت شعوبها إلى نكبات . وهم بذلك يخفون سوءاتهم ، وفشلهم في الإصلاح ، والتنمية ، والعمل على اللحاق بالأمم المتقدمة .
وهل هناك نظام حكم أسوأ من النظام الذي يحكمنا ؟ نظام فشل في كل شيء : انظروا إلى التعليم . الصحة . الزراعة . الصناعة , التجارة . الطرق . الكهرباء . الصرف الصحي . هل يوجد بمصر كوب مياه نظيفة ؟
بالله عليكم نظام حكم فشل في توفير أبسط حق آدمي وهو رغيف الخبز الذي لاتستطيع الحصول عليه إلا بمعارك طاحنة تخوضها كل صباح بصرف النظر عن صلاحيته للاستخدام الأدمي من عدمه . هل يكون هذا النظام صالحا للبقاء ؟
نظام فشل في توفير رغيف الخبز ، وكوب المياه ، ولاتنظر لتلال الزبالة المتواجدة في كل مكان كل ذلك في ظل صخب إعلامي عن الإصلاح والتنمية والاستقرار ، وما نفهمه هو استقرار الأوضاع على ما هي عليه من فساد واستبداد واحتكار للسلطة متزامن مع الادعاءات الهزلية عن مناخ الحرية والديمقراطية مع ملاحظة أن كل محاولات النظام مكشوفة غير مستورة ، فالكل يعرف عمليات التزوير التي تمت في الماضي ، والعمليات التي تتم الآن تمهيدا لتزوير مفضوح لانتخابات قادمة لمجلس الشعب 2010 م ليضمن أغلبية كاسحة موكل إليها تمرير عملية التوريث عام 2011م.
وفي ظل هذا المناخ لايشعر الشعب بدور للأصوات المعارضة ، فيفقد الثقة في الجميع ، حتى المعارضة يفقد ثقته بها ، ويصبح لاسبيل أمامه إلا الانصياع للحاكم ، وأمر الحاكم بغض النظر عن الفشل في السياسات والعودة بنا إلى الخلف بدلا من التقدم بنا إلى الأمام .
انظروا إلى : التعليم ، إلى الصحة ، إلى الزراعة ، إلى الصناعة ، إلى التجارة : تجد سلفية سياسية أدت إلى التدهور في كل النواحي : التعليمية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والفكرية . ويظهر التفكير السطحي ، والخرافي ، وتنتشر الخرافات ، والبدع ، والخزعبلات ، فيلجأ البعض إلى تفسير الأوضاع وفق مفاهيم مغلوطة منسوبة إلى الدين ، وهي ليست من الدين بشيء بحجة : العودة إلى الله . وهل كنا نسيناه ؟!! وكذلك الدعوة للعودة إلى ما كان عليه السلف الصالح ، ومن هنا تتفشى السلفية الدينية .
فليس من الغريب مع سلفية الحزب الوطني ، وإخفاقاته السياسية ، والاقتصادية أن تطل علينا السلفية الدينية بسلفيين جدد يدعون منذ عدة سنوات ليست بعيدة أن زكاة الفطر لابد وأن تكون حبوبا ، لانقودا . وإذا قلت أن النقود أنفع للفقراء في زمن تعذر فيه الاستفادة من الحبوب ، فليس هناك أفران بلدية لصناعة الخبز البلدي ، لا في القرى ، ولا في المدن ، فماذا يفعل مستحق الزكاة بهذه الحبوب ؟ قالوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج الزكاة حبوبا ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أن أخرج مالا . وهذه هي السنة .
وفي عيد الفطر المبارك هذا العام وفي معظم قرى ومدن مصر تبدل التكبير والتهليل من الصيغة المعروفة والمشهورة بمصر إلى صيغة محددة هي : ( الله أكبر الله اكبر الله أكبر لاإله إلا الله . والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) فقط غير معترفين بما أضافه الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وعنا ، فتحكي لنا الكتب أنه هو الذي اضاف عبارة : ( لاإله إلا الله وحده . صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده ،وهزم الأحزاب وحده. ) وهناك صيغ كثيرة ولا تتعارض مع العقيدة ، ولكنهم بسلفيتهم أصروا على الصيغة التي رأوها هي المحددة ، وأي صيغة أخرى فهي بدعة مستحدثة ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار. ومن يومها سادت صيغتهم التي ارتأوها حيث كان التكبير والتهليل في عيد الأضحى بنفس الصيغة التي قيلت في عيد الفطر.
وكذلك الفتوى التي انتشرت في ربوع مصر بمدنها ، وكفورها ، ونجوعها : أن من صلى صلاة عيد الفطر (وكانت يوم جمعة ) لا يجب عليه صلاة الجمعة وإنما هي واجبة على من لم يصل صلاة العيد لأن المسلم لايجب أن يحضر خطبتين : خطبة العيد ، وخطبة الجمعة ، وإنما تكفي خطبة واحدة . رغم أن الكل يعرف أن صلاة العيد سنة ، وليست فرض ، وصلاة الجمعة فرض ، وليست سنة ، والسنة لايمكن أبدا أن تتعارض مع الفرض ، وصلاة الجمعة هي الصلاة الوحيدة التي نصت عليها الآيات الكريمة نصا واضحا قاطعا لايسمح بالتأويل ، أو التفسير ، أو أي أعمال عقل حيث يقول الله تعالى في كتابه الكريم :( يا أيها الذين امنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) . في سورة الجمعة ، ولكنها السلفية الدينية الناتجة عن السلفية السياسية .
كما أن صوم يوم عرفة من السنة النبوية لمن أراد فمن صام يوم عرفة فاز بالأجر ، والثواب ، ومن لم يصم هذا اليوم لم يأثم وإنما يحرم من أجر صيام هذا اليوم وثوابه . ولكن السلفيين الجدد لهم رأي أخر فقد جعلوا صوم يوم عرفة فرضا لاسنة ، بل زادوا على ذالك بان قالوا : انه يجب على المسلم أن يصوم التسعة أيام الأولى من شهر ذي الجة هذا الكلام قيل هذا العام فقط ولم يقولوه من قبل مستدلين على ذلك بالأية الكريمة التي تقول : ( والفجر وليال عشر ) أي أن صيام التسعة أيام الأولى من ذي الحجة فرض على كل مسلم ومسلمة مثلها مثل صيام شهر رمضان لافرق . صيام وصيام ، فرض وفرض . مع العلم أنني لست ضد أن يصوم المسلم الدهر كله ، ولكن الفرض فرض ، والسنة سنة ، والتطوع تطوع .
وما هذا إلا إنتاج السلفية السياسية للحزب الوطني وما نتج عنها من جهل وتخلف خيم علينا منذ أكثر من ثلاثين عاما هي عمر الحزب الوطني في الحكم .
انظر إلى أسلوب ومنهج مرشحي الحزب الوطني في الدعاية لانتخابات مجلس الشعب هذا العام 2010م وما قبلها تجدها تفتقر المنطق ، والحوار ، والمناقشة ، والتواصل مع الجماهير . وكل الدعاية مبنية على البروبجندة ، والطبل ، والزمر ، والهيصة الكاذبة ، والوعود الزائفة التي لاتغني ، ولا تسمن من جوع ، ولكنها تتمسح بالرئيس ، وحزب الرئيس ، وابن الرئيس في إشارات واضحة للناخبين أنه مدعوم من قبل الرئيس ، وابنه ولا عبرة بالصوت الانتخابي . فمن الأفضل للناخب أن يدلي بصوته لمرشح الحزب الوطني بدلا من ان يذهب صوته سدى . أدراج الرياح .
تخيلوا معي ونحن نحيا في القرن الواحد والعشرين أي في الألفية الثالثة والعالم من حولنا ينعم بالحرية ، والديمقراطية ، والرفاهية لدرجة أنه ترك كوكب الأرض ، وذهب إلى الفضاء الخارجي باحثا عن حرية أوسع ، ورفاهية أكبر والحزب الوطني مازال يبحث عن طرق جديدة لمزيد من التخلف ، والجهل لينعم الحكام بالجلوس على العرش مستخدمين أخس الطرق لصناعة الجهل بواسطة أعضاء بمجلس اسمه مجلس الشعب أتو إلى المجلس بالخداع ، والتضليل ، ودعاية انتخابية لمسرحية هزلية ساقطة عبارة عن: طبل وزمر واسمها المسيرة ولم يقولوا لنا إلى أين تسير هذه المسيرة ؟ ولا من أين أتت كل هذه السيارات ؟ ولا من حساب من ؟ ولا لمن ؟
ونوع أخر من الدعاية الانتخابية بعنوان : استقبال شعبي بالجياد والطبل والمزمار لمرشحي الوطني .
وصدق أو لا تصدق : فقد فاجأنا الحزب الوطني باستقبال شعبي حار بالطبل ، والمزمار البلدي لمرشح الحزب الوزير المهندس / سامح فهمي وزير البترول ، وفي أي دائرة ؟ دائرة مصر الجديدة . وضع خطا تحت مصر الجديدة . أيوجد ناخب بمصر الجديدة في حاجة إلى التمسح أو الذهاب إلى الزفة والسير في مواكب الصوفية السياسية ؟ وهل من المعقول ان يتجمع الناخبون تلقائيا لاستقبال المرشح ؟ وهل صحيح هم الذين قاموا بإحضار الطبل والمزمار على نفقتهم الخاصة ؟ وكيف تم ذلك ؟ وإذا كان ذلك صحيحا فلماذا لايبادر الناخبون في كل الدوائر إلى حل مشكلاتهم ؟ دون حاجة إلى النواب وكفانا ما نعانيه من أزمات في كل شيء . وما الداعي للدعاية الانتخابية ؟ ! أو ما الداعي للتمثيل النيابي اصلا ؟ !! مادامت الأمور تسير بهذا الشكل . ناخبون قادرون على التجمع والاتفاق على المصلحة وتحديد الهدف وتحقيقه والتبرع لنفقات الطبل ، والمزمار ، وعمل المواكب . وكلها من علامات الرفاهية . ولكن لانملك إلا أن نقول : (صادق يا كذاب ) .
المفروض أن تتم الانتخابات في جو تسوده الحيدة والنزاهة من قبل الحكومة ، حتى يتمكن الناخب من الإدلاء بصوته بحرية كاملة دون ترغيب ، أو ترهيب ، أو أي نوع من أنواع الضغوط . وإعطاء الفرصة كاملة لكل المرشحين على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والوانهم السياسية لا فرق بين مرشح وأخر ، والحكم للشعب فللناخب الحق كل الحق في اختيار من يراه ، وحسب برامج محددة قابلة للتنفيذ تهدف إلى حل المشاكل التي نعاني منها والتي تجعل لكل منا دور واضح ، ومحدد للخروج من الأزمة ، والنهوض بالوطن وفق منظومة الحق والواجب .
وليس بمنظومة الطبل والزمر ومواكب الصوفية السياسية التي تؤصل للسلفية السياسية التي تنتج لنا السلفية الدينية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟