الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- سيدة النجاة - . . انهم يقتلون روحنا الحيّة ! 1

مهند البراك

2010 / 11 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


رغم كل آلام العراق و تواليها . . اثارت مجزرة كنيسة " سيدة النجاة " مشاعر الألم والإستنكار و السخط، كفعل ارهابي للأسلام السياسي من جهة، و كعملية قاصرة لـ (انقاذ رهائن) من جهة اخرى . . راح ضحاياهما العشرات قتلى و جرحى، رجالاً و نساءً و اطفالاً، اضافة الى رجال الدين العاملين في الكنيسة . . و هم يؤدون مراسيم العبادة الكنسية في دور العبادة التي عاشت قروناً طويلة دوراً للأمان و السلام، في العراق و المنطقة .
واضافة الى ما اشاعه ذلك الفعل الشنيع من مشاعر الحزن و السخط والغضب عبّرت عنه و لاتزال وسائل الإعلام في العراق و المنطقة و العالم، وعبّرت عنه نشاطات و فعاليات استنكار و تضامن جماهيرية في العراق و العالم، فإنه ترك شعوراً خطيراً بتنامي فتنة اجتماعية و دينية مباشرة في العراق و في عموم الشرق الأوسط . . و ترك قلقاً و تقديرات و تساؤلات كبيرة .
و فيما ترى اوساط كبيرة ان ذلك العمل الذي جاء بعد سلسلة من اعمال التمييز و التدمير و التهجير على اساس الهوية الدينية، بكونه صار يشكّل انذاراً بحجم المخاطر التي تهدد اسس و هياكل ثقافة و وعي و كينونة البلاد و المنطقة . . فإنهم يذكّرون من يحاول استعارة التأريخ، بأن تأريخ الشرق و الغرب حافل بتقديره للقيمة الإنسانية الكبيرة لدور العبادة، التي حمتها و عاملتها حتى جيوش الدول المتحاربة ـ وليس ابناء البلد الواحد فحسب ـ . .
عاملتها برأفة و احترام و سعت الى منحها الحماية و الى ان لاتمس حرمتها و حرمة حدودها و شعائرها و لا يُمس اللاجئين اليها . . عدا ماجرى من جرائم في الحروب و العمليات القذرة في التأريخ القريب، التي ادانتها اللوائح الدولية وعاقبت مرتكبيها (1) و جددت اعلانها عن اعتبارها بيوت امن و رحمة، حتى اعطاها عدد بارز من دول العالم المتحضر الحق في منح حق اللجوء لبلدانها و منحها حق حماية من يلتجئ اليها .
و اضافة الى ما نادى به القرآن و النبي العربي من احترام الإسلام لأهل الكتب السماوية، ولأهل التوحيد، يحّدث التاريخ عن امثلة لاتنسى، عن انسانية الأديان و انحيازها لقضية الإنسان المعذب و المظلوم في مشارق الأرض و مغاربها . . ومن المواقف التاريخية للخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب، في حماية دير سانت كاترين في سيناء و منحه الأمان، وتعويض عامليه في مصر للأقباط مما لحق بهم من امبراطورية الروم . . و تأييد الرهط المسيحي للأمام الحسين في دعوته للحق و استشهاده معه . . في عهود العنف و القسوة التي دارت تحت رايات المعتقدات و الأديان في العصور الوسيطة، عندما كانت الأديان رايات الفقراء للتحرر و الإنعتاق وخير البشر، في مواجهة الرقّ و مالكي العبيد و الذهب من حكّام تلك المراحل التأريخية .
الى وقائع الكفاح المشترك ضد المعتدين و الإستعمار و الإستغلال التي واجهوها و استطاعوا تحقيق الإنتصار و الحد من ظلمها، بوحدتهم بأختلاف اديانهم و مذاهبهم و تحت رايات اوطانهم و هم كتفاً لكتف في انتفاضات و اضرابات و سجون و معتقلات و ميادين كفاح سياسية و مسلّحة برز منهم قادة نشطوا و قادوا و واجهوا الموت في سبيل قضية الشعب . . من القائد الشيوعي الكلداني العراقي يوسف سلمان فهد و رفاقه، كوريل المصري القبطي، جورج حاوي المسيحي الآرثودوكسي، سليمان يوسف ابو عامل و توما توماس الكلدانيين . . الى القادة القوميين التحررين من جورج حبش و حداد المسيحيين وغيرهم و عشرات و مئات من شخصيات و مناضلي و مفكري و وجوه المنطقة باديانها و مذاهبها و اجتهاداتها، و بشعارات تآخي " الهلال مع الصليب " .
و حتى انقاذ الكنائس ارواح العشرات من المسلمين، وانقاذ الجوامع ارواح عشرات المسيحيين . . الملاحقين في مواجهات مع الآلة العسكرية الإسرائيلية . . التي كان اكثرها طراوة في الذاكرة ما حدث في سنوات هجوم شارون و مباشرته بالتدمير و اعلانه الحصار على ماتحقق للفلسطينيين ـ مسلمين و مسيحيين ـ من حقوق اكتسبوها بوحدة الدم و المصير .
اضافة الى ما يعيش عميقاً في الوجدان من الملاحم و قصص الهيام و الحب النبيل التي اصطدمت بالقيود الدينية ـ الإجتماعية و صارت الأجيال تتناقلها مآثراً . . مآثر ادّت بمراجع دينية كبرى مسلمة و مسيحية و يهودية و غيرها . . الى ان تكون اكثر تسامحاً و رفقاً، نزولاً عند المشاعر الإنسانية السامية و حقوق البشر، و الكثير الكثير الذي لايحده حدّ فيما تناقل و كُتب، و يربيّ اجيالاً و اجيال . .
و الى ملاحم و اعمال بطولية عاشوها جميعاً و معاً من اجل حق الإنسان في بلادنا و المنطقة في عيش كريم و في سلام، في مواجهة مخططات كبرى تستمر و تحاك . . و تطلق اليوم بأسم صراع الحضارات و الأديان، و نشر دعوات التطرف و الإنحياز للهويات الضيّقة و للأعراق الأصولية المدمّرة بتطرفها و انغلاقها، بأسم (الحقوق) و الحقوق من صورتها المطروحة براء . . في محاولات محمومة متنوعة الهياكل و المسميات . . لحرف الصراعات الإجتماعية المطلبية و الطبقية عن خطها الأساسي، في النضال من اجل الحرية و التقدم و العدالة الإجتماعية . (يتبع)

19 / 11 / 2010 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. كالفاعلين من المسؤولين النازيين، الصهاينة، غلاة المتطرفين من الصرب في كوسوفو و بوزنيا، و الروس في الشيشان و غيرهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -انفجار داخلي ضد حزب الله-.. هذا ما يخطط له نتنياهو


.. مغاربة يشاركون في مسيرة تنديدا باستمرار العدوان الإسرائيلي ع




.. كم بلغت تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة خلال عام؟


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك في مخيم جباليا وسرايا القدس تق




.. الدكتور أحمد المخللاتي يروي للجزيرة شهادته خلال الحرب الإسرا