الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطبات اجراءات تشكيل الحكومة

نزار احمد

2010 / 11 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعود ساسة العراق على الاتفاق على الخطوط العريضة وترك التفاصيل الدقيقة والضرورية لما بعد حين (الى يوم الفرج العظيم) وذلك من اجل التملص والمماطلة والتنصل والتسويف او لغرض تحقيق مكاسبا اضافية. لذلك غالبا ما نجد بأن عملية الاتفاق على التفاصيل الدقيقة تكون اعقد واكثر تعطيلا وعرقلة من ابنة عمها عملية الاتفاق على الخطوط العريضة. اتفاقات الكتل السياسية من خلال مبادرة طاولة برزاني لاقيمة لها تطبيقيا الا عندما تتبلور التفاصيل الدقيقة وتتحول الى اوراق عمل حيث بلورة هذه التفاصيل الدقيقة سوف تحدد مدى نجاح او اخفاق نوري المالكي في تشكيل حكومة في موعدها المنصوص عليه دستوريا وان كانت هذه الحكومة حكومة قوية متماسكة او ضعيفة مفككة. لدى جلال الطلباني حفنة ايام لتوكيل المالكي رسميا والذي امامه ثلاثون يوما كحد اقصى غير قابلة للتمديد والاجتهاد والتفسير وذلك لتشكيل الحكومة ونيل ثقة البرلمان. فإن لم يستطع المالكي في تشكيل الحكومة التي طال انتظارها فلاغبار ولا مجال للشك حول وضوحية المادة الدستورية 76 والتي بعدها يفقد المالكي كليا حقه في رئاسة الحكومة وشخصيا لا اجد دورا للمحكمة الاتحادية هذه المرة. لذلك فأن فترة الثلاثين يوما هي عبارة عن فترة حياة وموت بالنسبة للمالكي وفرصة ذهبية لخصومه لاسقاطه سياسيا كهدف رئيسي او تقليل صلاحياته او تحقيق مكاسبا تفوق الاستحقاق الانتخابي كحد ادنى. ما تصرح به الكتل السياسية من دعمها للمالكي من اجل تشكيل حكومة قوية ترعى مصالح الشعب لاتخرج عن كونها كذبة نيسان. فالحقيقة تناقض الخطاب السياسي. الهدف الحقيقي الذي سوف تسعى اليه الكتل السياسية هو اما افشال المالكي او تقليص صلاحياته واضعاف حكومته المشكلة, لذلك وقبل ان نناقش احتمالية تمكن المالكي من توليف حكومة تنال ثقة البرلمان في موعدها الدستوري غير القابل للتجديد والتمديد وما هي طبيعة التحديات والمطبات التي يتوجب على المالكي التغلب عليها او التعامل معها هناك حقيقة لابد من طرحها وهي ان تأييد الكتل السياسية للمالكي لم تكن وليدة رغبة ذاتية ناتجة عن قناعة او صدق نية. قبل الانتخابات كان موقف الكورد رافضا لتولي المالكي رئاسة الحكومة. موافقة الاكراد فرضته نتائج الانتخابات. من الطبيعي جدا ان يشترك الاكراد في حكومة يشكلها علاوي ولكنهم من المستبعد جدا ان يكونوا السبب في وصوله الى رئاسة الوزراء ليس كرها بعلاوي ولكن نتيجة قلة نفوذ علاوي في قائمته وتعدد مصادر صناع قرار قائمته واحتوائها على اسامة النجيفي (21 نائبا) المدعوم من قبل تركيا وسوريا وصالح المطلق (22 نائبا) المدعوم من قبل دول عربية عدة. الكورد يعتبرون النجيفي والمطلق (الذان يمثلان نصف مقاعد العراقية) من اشد اعداء القضايا الكوردية المصيرية. لولا ضرورات اللياقة الادبية, لكان رفض الكورد لعلاوي قد اعلن منذ اول لحظة اعلنت فيها نتائج الانتخابات. اما بخصوص عادل عبد المهدي, فعلى الرغم من قربه الى قلب الاكراد ولكن نفوذه داخل البرلمان لايتعدى 22 صوتا قبل انشقاق منظمة بدر و 12 صوتا بدون منظمة بدر. بينما المالكي يتحكم تحكما مطلقا بقرارات 89 نائبا (مقاعد دولة القانون). لذلك وجد الكورد بأن تأييد نوري المالكي يضمن لهم 89 صوتا زائدا اصواتهم مما يجعل عملية تحقيق مطاليبهم اقرب الى الواقع مقارنة مع تأييدهم لعادل عبد المهدي (12 صوتا) او اياد علاوي الذي يتحكم بثلاثة وعشرين صوتا من وجهة نظر قضايا الكورد المصيرية. ايضا عملية تأييد الكورد ونتيجة تجربتهم السابقة مع المالكي جاءت مصحوبة بحذر ومدونة بتسعة عشر شرطا, القسم الاوفر منها تعجيزية في لغة خطاب المالكي. لذلك نتستنج بأن تأييد الكورد للمالكي لم يكن ناتجا عن قناعة تامة ولكنه جاء ضمن حسابات احسن الحلول المتوفرة (احسن السيئين). اما موافقة الكتلة الصدرية فكانت نتيجة الضغوطات التي مارستها ايران ضد مقتدى الصدر مصحوبة باغراءات المالكي لهم وانتهاز الفرص. اما موافقة منظمة بدر والفضيلة وتيار الاصلاح فهي الاخرى جاءت خليطا ما بين الضغوطات الايرانية واقتنام الفرص. اما مشاركة العراقية والمجلس فكانت نتيجة الهرولة خلف المناصب بعد ضمان المالكي تأييد الكورد والتيار الصدري واستحالة وصول علاوي وعبد المهدي الى رأس الهرم السلطوي.

الى ذلك وفي ظل انعدام جسور الثقة وعدم نقاوة القلوب وكثرة المتربصين وانتهازية العناصر المحركة نستطيع ان نجزم بأن مهمة المالكي في تشكيل حكومة تنال ثقة البرلمان ضمن فترة الثلاثين يوما سوف تكون شاقة وربما اشبه بالمستحيلة يترتب عليه تقديم تنازلات اكثر من التي قدمها لحد هذه النقطة حيث من الصعب جدا الحصول على مباركة الكتل السياسية بدون تحقيق الوعود التي اتفق عليها في طاولة البرزاني والوعود التي قطعها على نفسه في محاولته اقناع الكتل الشيعية ودول الجوار في التجديد لولايته الثانية, وبناءا عليه فأن النقاط التالية تمثل اهم المطبات والتحديات التي يتوجب على المالكي انجازها قبل تتويجه رسميا:

اولا: من المتوقع جدا ان لاتأخذ عملية تشكيل الحكومة مسارها الفعلي الا عندما يتم الاتفاق على قانون المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية وموافقة البرلمان عليه حيث كلا من العراقية والكوردستانية سوف يصرا على هذا الرأي. الاتفاق على قانون المجلس وتحديد صلاحياته سوف يكون عبارة عن قنبلة ذرية على وشك الانفجار حيث سوف يحاول المالكي جاهدا التقليل من صلاحياته وتحويله الى مجلس استشاري بينما سوف تحاول العراقية الزيادة من صلاحياته وجعله رقيبا ان لم يكن مناصفا لمجلس الوزراء. في هذه النقطة بالذات سوف يساند الكورد موقف العراقية ليس حبا بسواد عيون علاوي ولكن كون المجلس يفيدهم اكثر مما يضرهم. في الدورة البرلمانية الماضية كان ثقل الاكراد في الحكومة والبرلمان يساوي 25%. بينما ثقل التحالف الكوردي مع كتلة التغير تقلص الى 18% وبدون كتلة التغيير 14% فقط. كتلة التحالف الكوردستاني استنفذت جميع مقاعدها البرلمانية ثمنا لمناصب رئيس الجمهورية ونائبي البرلمان ورئاسة الوزراء. لذلك فأن حصولها على الحقائب الوزارية سوف يدخل في باب الاغراءات والضغوطات وفي جميع الاحوال سوف لايتعدى وزارة سيادية واحدة (مشكوك في امرها) مصحوبا بوزارة دولة او وزارتين على اكثر تقدير. لذلك فان ثقل الاكراد في تشكيلة حكومة المالكي سوف لايتعدى العشرة بالمائة وربما اقل. اما اذا نظرنا الى التركيبة المقترحة للمجلس الوطني فأن للاكراد سوف تكون حصة الاسد. حيث من المتوقع ان تكون عضوية المجلس التي يحق لها التصويت كالتالي: رئيس الجمهورية ونوابه, رئيس الوزراء ونوابه, رئيس البرلمان ونوابه, رئيس مجلس القضاء الاعلى, رئيس اقليم كوردستان, وزراء الدفاع والداخلية والامن القومي والخارجية والعدل والمالية, رئيس الاستخبارات, رؤساء الكتل السياسية. في حالة شمول المجلس لرؤساء الكتل الرئيسية (التحالف, العراقية, الكوردستانية) فأن المجلس سوف يتكون من 20 عضوا زائدا رئيسه, اما اذا اضيف لهم رؤساء كتل التغيير والوسط فأنه سوف يتكون من 22 عضوا. لذلك فأن ثقل الكتل السياسية في هذا المجلس من المتوقع ان تأخذ الشكل التالي:
المستقلون= 5 اعضاء (رئيس مجلس القضاء الاعلى ووزراء الداخلية والدفاع والامن الوطني ورئيس الاستخبارات).
الكورد= 5 اعضاء كحد ادنى (رئيس الجمهورية, رئيس اقليم كوردستان, رئيس الكتلة, نائب رئيس البرلمان, نائب رئيس الوزراء), او 7 اعضاء في حالة حصول الكورد على وزارة الخارجية واضافة كتلة التغيير.
العراقية: 6 اصوات (رئيس المجلس, رئيس البرلمان, نائب رئيس الجمهورية, نائب رئيس الوزراء, رئيس الكتلة, وزارة الخارجية او المالية او العدل).
دولة القانون: صوت واحد (رئيس الوزراء), او صوتان كحد اقصى في حالة حصول دولة القانون على وزارة المالية او العدل.
مكونات الائتلاف الوطني (المجلس, الكتلة الصدرية, الاصلاح, الفضيلة, المؤتمر, بدر), ثلاثة اعضاء كحد ادنى (نائب رئيس البرلمان, نائب رئيس الجمهورية, رئيس كتلة التحالف الوطني) او اربعة اصوات في حالة حصول احدى مكونات الائتلاف الوطني على وزارة العدل او المالية.

فاذا استثنينا اصوات المستقلين فأن ثقل الاكراد سوف يقترب من نسبة الاربعين بالمائة. ايضا ولنفس السبب سوف يؤيد المجلس الاعلى موقف العراقية, وربما انضمت الكتلة الصدرية الى موقف العراقية والكورد والمجلس الاعلى كضمان ضد انفرادية المالكي. واذا اضفنا الى هذا الحشد الضغوطات الامريكية فأن هذه المعركة سوف يخسرها نوري المالكي حيث في نهاية المطاف سوف يكون للمجلس الوطني صلاحيات تنفيذية سواءا رغب او رفض المالكي.

ثانيا: في اجتماعات طاولة برازاني لم يتم مناقشة نظام النقاط لتوزيع الحقائب الوزارية اصلا. الاتفاق على نظام معين يرضي جميع الاطراف سوف يكون من اهم مطبات وتحديات تشكيل الحكومة. المالكي سوف يحاول زيادة النقاط المخصصة للمناصب الرئاسية وتقليل النقاط المخصصة للحقائب الوزارية مما يمنحه مساحة اكثر لارضاء مكونات التحالف الوطني والتقليل من تواجد العراقية والكتلة الكوردية في تشكيلة حكومته. هذه الرغبة سوف تغضب كلا من العراقية والكورد حيث سوف تصر العراقية تدعمها الكتلة الكوردية على تقليل النقاط المخصصة للمناصب الرئاسية. الكتلة الكوردية سوف تكون اكثر المتضررين في حالة زيادة نقاط المناصب الرئاسية او العمل بنظام الدورة السابقة لأن ذلك سوف يحرمها من اي حقيبة وزارية.

ثالثا: اثناء سعيه للفوز برئاسة الحكومة وعد المالكي العديد من الاطراف كالكتلة الصدرية والفضيلة والاصلاح والكورد وحركة بدر بمناصب حكومية تفوق الاستحقاق الانتخابي لهذه الكتل. اغلب هذه الاتفاقات كانت سرية لذلك سوف يواجه المالكي عقبتين بهذا الخصوص الاولى هو انكشاف امر الاغراءات التي قدمها المالكي لهذه الكتل والثانية تتمثل في صعوبة الايفاء بهذه الاغراءات والوعود لأن العديد منها متناقضة ومتضاربة.

رابعا: الكتلتان الصدرية والكوردية يصران على كتابة نظام داخلي لمجلس الوزراء قبل نيل الوزارة ثقة البرلمان وبما يمنع انفراد المالكي بالقرارات. صياغة النظام الداخلي لمجلس الوزراء كانت احدى الوعود التي قدمها المالكي لهاتين الكتلتين.

خامسا: الوعود التي قدمها المالكي تنص على حصول توافق من قبل جميع الكتل بخصوص وزراء الحقائب الامنية. كلنا نعرف بطول الوقت الذي تحتاجه الكتل المتناحرة لغرض التوافق على قضية مصيرية ومهمة خصوصا عندما تكون المماطلة والتأخير تصب في مصلحة الغالبية العظمى من هذه الكتل.

سادسا: الكتل السياسية المشكلة للحكومة سوف تصر على وزارات معينة. عملية التوافق لارضاء الجميع سوف تأخذ وقتا طويلا. فمثلا اذا اصرت الكتل على تولي المستقلون للحقائب الامنية فأن ذلك سوف يترك ثلاث وزارات سيادية (الخارجية, المالية, النفط) تشغلها الكتل المتناحرة. لحد الآن العراقية والكتلة الصدرية والكتلة الكوردية والمجلس الاعلى ودولة القانون كل منهما يصر على وزارة سيادية كحد ادنى.

ثامنا: مثلما رسمت دول الجوار طبيعة تقاسم الرئاسات الثلاث, فأن هذه الدول سوف يكون لها الحظور الاوفر في تسمية والاعتراض على وزراء حكومة المالكي. فمثلا ايران بدأت بتحريك اتباعها ضد تولي المطلق وزارة الخارجية.

تاسعا: مجلس الرئاسة كان لدورة انتخابية واحدة. اختيار نواب رئيس الجمهورية وتحديد صلاحياتهم بحاجة الى قانون يشرعه البرلمان العراقي.

عاشرا: العراقية والكورد والتيار الصدري والقانون, جميعهم يرغب بتولي امانة مجلس الوزراء. ايضا المالكي وعد كلا من الاكراد والصدرين بهذا المنصب الحيوي.

الوقت ليس في صالح المالكي لذلك سوف تبدأ الكتل السياسية برفع سقف مطاليبها وحصر المالكي في زاوية ضيقة. فأن لم يستطع المالكي التغلب على مطبات تشكيل الحكومة خلال اول اسبوعين من المهلة الدستورية المتاحة له فأن الكتل سوف تنقسم الى قسمين, القسم الذي يرغب بتولي المالكي رئاسة الحكومة سوف يحاول ابتزاز المالكي وذلك لتحقيق اكبر قدر ممكن من تنازلات الجملة, اما القسم غير الراغب بولاية المالكي سوف يحاول عرقلة تشكيل الحكومة.

كخلاصة, حكومة المالكي في حالة نجاحه في تشكيلها سوف تكون حكومة ضعيفة مفككة تدار بخمسين رأسا تصمد لسنة واحدة كحد اقصى. نفس الاطراف التي عارضت المالكي سوف تكون اللاعب الرئيسي في فشل حكومته واسقاطها حيث منهجية هذه الحكومة سوف تكون مجرد تصفية حسابات ليس إلا. شخصيا كنت افضل تعديل الدستور واعادة الانتخابات كحل مفضل للخروج من ازمة الثمانية اشهر الماضية افضل من حكومة فرضتها امريكا ودول الجوار بحيث كانت مشاركة اغلب عناصرها عن طريق الاكراه يكون فيها الشعب آخر المستفيدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة