الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق مهربة ( ضحايا حسن النية ) ج6

الاء حامد

2010 / 11 / 20
أوراق كتبت في وعن السجن



اللافت إننا تطرقنا في الأجزاء السابقة عن وسائل التعذيب والطرق التعسفية التي تعرض لها سجناء داخل سجون وزنازين الشعبة الخامسة وأدلينا بتلك الأجزاء بنماذج حية وشهود عيان ومذكرات لسجناء التي دونت بما يحتفظون من ذكريات مؤلمة ومشاهد محزنة محفورة في النفس والوجدان,, ولو إننا تمحصنا في جرمهم لوجدنا أنهم تعرضوا لصدام بالشتم والسباب في حالات عصبية طاغية أو لاقتنائهم لكتابا ما وجميعهم من العسكر وهنالك تهم تافهة لعلها لا تستوجب المبيت ليلة واحدة في تلك المحاجر الانفرادية القهارة .

ويتقاسمنا أنموذجا لتلك الحالات ذلك الجندي الذي سنورد قصته لكم فذات يوم جاءوا به كضيف جديد اقبلوا به من إحدى الزنزانات التي قضى بها أكثر من شهرين إلى إحدى القاعات في الشعبة الخامسة. وقد خففت الزنزانة من وزنه يشاركها في ذلك وجبات التعذيب وسوء التغذية فجعلته نحيفا هزيلا لا يقوي على الوقوف طويلا ومن الواضح إن القاعة على ما فيها تعتبر فترة نقاهة بالقياس إلى المحاجر , فالسجين يشعر بالغبطة حين يدخل تلك القاعة ذات الفضاء الأوسع ويتسنى له الاختلاط بهذه المخلوقات الإنسانية.

وبعد إن أدى المراسم وطاف على السجناء صارت من نصيبه بطانية غادرها صاحبها إلى الزنزانات قبل أيام والذي كان ضمن المجموعة المكلفة بجلب الطعام وغالبا ما يتعرض إفراد هذه المجموعة للتفتيش عند عودتهم فعثروا على عقب سيجارة بحوزته فكان عقابه الجلد إمام السجناء وبأشراف المقدم مسؤول الحراسات ثم نقل إلى زنزانة انفرادية وكأنهم عثروا عنده على أسلحة الدمار الشامل . فالتدخين ممنوع والأيام تتضاعف على المدخنين هناك!!


تجمعوا من حوله السجناء ليشبعوا رغبتهم في الاستطلاع فتبين إن كل ما في الأمر انه كان يقتني كتابا عنوانه (جمهورية الخوف ) لمؤلفة الدكتور كنعان مكية نشر خارج العراق بأسم مستعار وقد حصل على نسخه منه فأعارها إلى احد إفراد وحدته فضبطوا النسخة بحوزته فأعترف عليه وهو بدوره اعترف على البائع وبعد إن تم التحقيق والتعذيب وزعوهم على القاعات , فأذا كان عقاب هولاء بهذه الحدة والصرامة ومن ورائهم مايسمى بمحكمة امن الدولة التي تتراوح اغلب إحكامها بين المؤبد والإعدام فما ضنك إذا ظفروا بالكتاب!!

وبدل إن يردوا على كنعان ويبرهنوا أنهم لم ينشروا الرعب والخوف والتقتيل وإنما الأمن والسلام وحقوق الإنسان ينكلون بقرائه !! وهذه هي أساليب البعثيين التي لا يجيدون سواها , فالقرى التي أنجبتهم تمجد السطو والاعتداء والقتل وتفخر به.

وفي صباح اليوم الثاني على وجود ذلك الجندي بين السجناء ولدى تجمعهم حول قزان الشاي" وهو قدر كبير يحاول كل واحد منهم إن يملأ قدحه منه عندها دخل عليهم احد الجلادين يكنى بأبي يعرب" وكان فظا غليض القلب سيء الخلق , وكالعادة تركوا فطورهم واستقبلوا وجه الحائط وبعد إن شتم السجناء بأحط الشتائم وأقذعها راح يهددهم بالمحاجر الانفرادية إذ هم لم يغضوا من أصواتهم ولعل المسألة طبيعية فأن عددهم في القاعة يناهز الخمسين وان كل واحد منهم تكلم بحرف لابد وان تحدث تلك التي يسمونها (هوسه ) ولكن من منهم يجرؤ على إن يلفت نظره إلى هذه البديهية ولو بلطف ولما طال عليهم الانتظار وهو يخطب ويتوعد شعر ذلك الجندي بالضعف والنحول وخارت قواه فجلس ليستريح ولازال مستقبلا الجدار فتقدم إليه ورفسه برجله على رأسه فأرتطم بالجدار ثم انحنى على جنبه وأخذت الدماء تسيل من جبهته وترك بلا علاج إلى إن شفى !!

قد يضيق بنا المقام لو شأنا ذكر قصص السجناء ومظالمهم التي تبدو أحيانا وكأنها من نسج الخيال لتفاهة التهم الموجة إليهم وقساوة الإحكام الصادرة بحقهم ولكن لا بأس إن نختم هذا الجزء بأنموذجا هو أشبه ما يكون بالطرفة أو النكتة وهو لجندي من أهالي البصرة تجاوز الحدود إلى إيران بنية مواصلة طريقة إلى الدول الأوربية وكان يتصور إن ذلك متيسرا فيما لو بلغ إيران! لكنه أصيب بخيبة آمل حين وجد إن السفر إلى تلك الدول يحتاج إلى مقدمات لم يكن اعد العدة لها فأب بخفي حنين بعد إن امضي مدة لا تتجاوز الشهرين ومن لسان لأخر وصل الخبر إلى المنظمة الحزبية فبادرت بالإلقاء القبض عليه ولما كان عسكريا جيء به إلى الشعبة الخامسة وقد ذكر إثناء التحقيق انه التقى السيد محمد باقر الحكيم وذلك إثناء دخوله الحسينية النجفية في مدينة قم ليلتقي كلمة بمناسبة ولادة احد أئمة الشيعة ( الإمام الحسين بن علي ) فحكمت عليه محكمة امن الدولة ثمان سنوات وهكذا سرق ذلك اللقاء العابر من عمره ثمانية أعوام لأن مثل هذه اللقاءات الخطيرة تهدد امن الدولة فلا ينبغي إن نشك في ذلك أو نرتاب!!!


للحديث بقية انتظرونا في الجز السابع قريبا


ملاحظة لم يتسنى لنا ذكر أسماء الجنديين أعلى لتحفظهم .. للتنويه فقط








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علّنا نتعض
fadil rammo ( 2010 / 11 / 20 - 07:38 )
قصص وأحداث مؤلمة تعرضت لها فئات عديدة من الشعب في الفترات المنصرمة وهذه المساهمات ضرورية في تعريف الجيل الجديد بتلك الممارسات الوحشية كي تبقى الشاهد ضد كل من يحن ويتمنى ان يعيد التأريخ الى الوراء
سلمت يداك ورجاءنا المزيد من التوثيق لهكذا امور وان تشمل كل التنوعات السياسية التي عانت من الانظمة السابقة


2 - الاخت العزيزة الاء حامد
سالم النجار ( 2010 / 11 / 20 - 08:45 )
يسعد صباحك
سلمت يداك ، نحن فعلا بحاجة الى اسقاط اخر اوراق التوت لتعرية وفضح جميع الممارسات القمعية التي مارستها وتمارسها الانظمة القمعية والدكتاتورية ضد شعوبها. لبناء مستقبل اجمل واكثر اشراقا


3 - الاخ فاضل رمو
الاء حامد ( 2010 / 11 / 20 - 10:00 )
شلاما
قطعا هذا ما اردنا قوله ولذلك عمدنا في البحث في هذه الامور التي قد يعتقد البعض انها بعيدة بكل المقاييس عنا الا اننا نرى في تناولها لايخلو من الفائدة ففي تقديرنا انها تنبه الغافلين لاسيما وان بعض ساسة العراق الحاليين لديهم ذات النفس القمعي والاسلوب التعسفي ولقد اثبتت العملية السياسية التي تلت سقوط النظام ان هذه التجارة لن تبور تحت اي ضرف كان. فلا زال مسلسل التعذيب والقمع يواصل العرض في السجون لحد الان.. كل الشكر لك وكم اسعدني مرورك مع كل الود لك والتقدير


4 - مساء الخير اخ سالم.
الاء حامد ( 2010 / 11 / 20 - 10:29 )
شكرا لمرورك الكريم في متصفحي وقرأتك مقالي .بالطبع ما عرضنا هي حقائق انتزعناها من رحم المحنة ومن مرارة التجربة الطويلة التي عاشها بعض العراقيين اولنقل بل عاشها اغلبهم. وها نحن نعمد بكل حرص على تعري ماكان مغطى من استبداد وظلم اجرمه الحكام بحق العراقيين وما لحقهم من طاغاة اليوم .وان من حسن حظنا ان الذي ساهم في خلاص بلدنا من النظام المقبور هي جهة دولية مع قطع النظر عن النوايا والاهداف دون ان تمن علينا جهة سياسية وتستعبد ابناء شعبنا . شكرا لك اخ سالم مرة اخرى مع كل الود والتقدير


5 - تحيه وتقدير
عبد الرضا حمد جاسم ( 2010 / 11 / 21 - 03:34 )
لغه جميله وانتقالات اجمل ووصف دقيق
وكما العاده كان الموضوع مشوق
لكم الأحترام


6 - الاخ عبد الرضا حمد
الاء حامد ( 2010 / 11 / 21 - 12:14 )
سلام الرب معك اخ عبد الرضا .شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم في موضوعي. ولكم يسعدني ويسرني ايما مسرة تعليقك اللطيف ,فلك مني عظيم اعجابي وودي واحترامي.

اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون