الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمـاذا يبقى الدم العراقي رخيصـا ؟

محمد الموسوي

2004 / 9 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مرت يوم السـبت الماضي الذكـرى الثالثة للحادث المروع لبرجي نيويورك في الحادي عشـر من سـبتمبر والذي يمكن اعتباره نقطة تحول على نطاق السـياسـة الدولية ، ويتساءل الصـحفي البريطاني روبرت فيسـك على الصـفحة الأولى للاندبندنت عن لمـاذا تقوم أمريكا بعد ثلاث سـنوات بقصف متواصل لمدن في العراق مثل النجف وسـامراء والفلوجة والانبار وتلعفر ، باعتبارها آخر الأهداف في" الحرب على الإرهاب".
أليس من الأولى إذن أن يتسـاءل العراقيون عن أسباب هذا الدمار المتواصل لبلدنا على أيدي قوات الاحتلال ومن يتواطأ معها ويشـارك في إرهابها إلى جانب إرهاب السـيارات المفخخة وعصابات الاختطاف والاغتيال وألم يحن الوقت ليرفع الضحايا الأبرياء صـوتهم قائلين كفى لهذا المسـلسـل الدموي .ألا تقع على المثقفين العراقيين مسـؤولية مناشـدة الضمائر الحية في العالم ومطالبتها بإدانة هذه المجازر والعمل على وقفها.

لقد عانى العراقيون طيلة 35 عامـا من جـور وظلم نظـام البعث الفاشـي وحكم التكارتة ألصدامي وقد دفع أبناء شـعبنا من دمائهم ضحايا تعد بالملايين سـواء من ضحايا الحروب والمغامرات المجنونة لتلك العصـابة أو ضحايا القمع المتواصل لكافة فصـائل الشـعب وقومياته، ممـا قد يصل لمدى جرائم الإبادة البشرية وخاصة في جرائم الأنفال وحلبجة وقمع الانتفاضة الشعبية في الشـمال والجنوب، ولا ينبغي أن ننسـى مئات الآلاف من ضـحايا الحصـار الجائر الذي يتحمل مسـؤولية اسـتمراره طيلة اثني عشـر عاما كـل من نظام صـدام من جانب وأمريكا وبريطانيا من جهة أخرى ، ذلك الحصـار الجائر الذي كانت الأمم المتحدة تمدده بانتظام كل سـتة أشهر اسـتنادا إلى أكاذيب وادعاءات واهية مفبركة جرى اسـتخدام أطراف عميلة مصطنعة من المعارضة في توفيرها للأمريكان والانكليز كلمـا كـان يحين موعد تمديد الحصار وباستطاعة القارئ الرجوع إلى صحيفتي المؤتمر وبغداد الصادرتين في لندن لجماعتي احمـد ألجلبي وأياد علاوي لتلك الفترة والتي قد تكون مـا زالت موجودة على الانترنت.

ألا تكفي كل تلك الدمـاء الزكية التي اسـترخصـها صـدام خدمة لأسياده ولإشباع غريزته السـادية لنعود إلى مواصلة مسـلسـل الدم والقتل منذ سـقوط النظام واحتلال العراق ليقتل ألاف العراقيين من جـديد سـواء عبر اسـتخدام أجهزة الدمـار الفتاكة في الحرب بمـا فيها القنابل العنقودية واليورانيوم المضعف، آو مـا يجري حاليا من قصف جوي صـاروخي متواصل لمدن العراق المختلفة وخاصة في ألليل وبشكل يقتل الأبرياء من النسـاء والأطفال ، هذا القصف الجوي الجبان الذي يتفاخر به الصحفيون الأمريكان حيث كتبت صـحيفة الهيرالدتربيون وعلى صـفحتها الأولى مقالا بقلم اليكس بيرينسـون في 28-29 اب الماضي تعليقا على أحداث النجف يقول في اول جملة " لقد أكلت الكلاب السـائبة جيدا هذا الأسبوع في النجف" – أي من أشلاء قتلى النجف - مشيرا بعد ذلك الى ان الاف من العراقيين وفي ظل القبة المذهبة لمرقد الإمام علي قتلوا بعضهم البعض وبنجاح في الغالب. كما يشير في قسـم اخر من المقال بان الأمريكان كانت لديهم الغلبة خاصة في الليل بفضل الناظور الليلي ومعترفا بقتل الكثير من المدنيين ، وهل توجد لغة أكثر همجية وعنصرية وسـادية من اللغة التي كتبت بها هذه الصحيفة بعيدة عن اية مشـاعر إنسانية.
يبدو أن مسـلسـل الدم الحالي ليس له من نهاية ويعكس نية المحتلين الأمريكان إكمال جرائم صـدام وهم يسـتخدمون عملائهم في الحكومة الموقتة ليجري قتل العراقيين بايدي عراقية ولكن بأوامر أمريكية .

إن أساليب الترويع والإرهاب التي يسـتخدمها البعض من جماعة مقتدى الصدر لا يمكن أن تخدم العراق والعراقيين ولكن لا ينبغي أن ننسـى إن الاحتلال الذي قام بتدمير البنية التحتية للدولة العراقية وفتح أبواب العراق على مصراعيه هو المسئول الأول والرئيسـي عمـا وصـل إليه العراق من وضع مأساوي وبدلا من أن يجري بذل جهود حثيثة لحل الأزمات السـياسـية المتواصلة عبر حوار سـياسـي ، نجد الحكومة الموقتة المعينة تلجأ للحلول العسـكرية بالاعتماد على أوامر الجيش الأجنبي المحتل لقتل أبناء الشـعب وقصف المدن العراقية لتزهق أرواح الأبرياء في حالة من الفوضى واسـتشـراء نشـاط عصـابات القتل والاختطاف والجماعات الإرهابية الظلامية التي تقوم بحصد أرواح العراقيين في جرائم تبدو وكأنها متناغمة ومكملة لجرائم جيش الاحتلال الذي يعتبر المسـتفيد الأول عن حالة الإرهاب والانفلات الأمني.

إن الشـاغل الأساسي للعراقيين هو الانفلات الأمني وتواصل العمليات الإرهابية الموجهة ضد العراقيين والتي تغطي على عمليات مقاومة مسـلحة محدودة تأتي معظمها كما يبدو في مجال الدفاع عن النفس نتيجة تجاوزات قوات الاحتلال المسـتمرة ودوسها في بطون العراقيين وتمزيق أحشائهم، خاصة وان العديد من القوى العراقية مازالت تختار طريق مقاومة الاحتلال بشـكل سـلمي ولكن لا اعتقد ان من حقها مصادرة حق أطراف أخرى في المقاومة المسـلحة للاحتلال.

إن قوات الاحتلال والتي تغير اسـمها مؤخرا إلى قوات متعددة الجنسـيات تتحمل المسؤولية الأساسية عن اسـتمرار سـقوط الضحايا من أبناء شـعبنا خاصة وان الحكومة الموقتة تبدو عاجزة ومجرد واجهة للمخططات الأمريكية في اسـتهداف مدينة بعد أخرى عبر قصف جوي عشـوائي لا يختلف كثيرا عن أساليب الصهاينة في اسـتهداف الفلسـطينيين عبر سـياسـة العقاب الجماعي، كل هذا يتم في وقت تقوم الحكومة الموقنة والتي نسـيت حتى مسـالة مواصلة المطالبة باستلام الملف الأمني( ام هل استلمته خفية!) باعادة الاعتبار للكثير من أجهزة الأمن الصدامية كما ويجري اتهامها أيضا باسـتخدام قطعات من الحرس الجمهوري الصدامي للقمع والقتل وانتهاك حرمة الأماكن الدينية المقدسـة.

يبدو إن أوضاعنا الأمنية في العراق تجري من سـيء إلى أسوأ ، ولا تلوح في الأفق سـبل ناجحة في التصدي للجماعات الإرهابية التي اسـتقدمها الاحتلال للعراق لتصفية الحسـابات معها عبر سـياسـة مخطط لها وليس بسـبب أخطاء كما يحاولوا إيهامنا، خاصة وان جماعة ألزرقاوي وأمثاله بقيت وكأنها هلامية وضبابية وعلى شكل أشباح ويقوم الاحتلال بحصـد أرواح المئات من العراقيين الأبرياء أسبوعيا بحجتهم ، في الوقت الذي لم تجري لحد ألان أية محاكمات علنية لأية عصـابة إرهابية سـواء من التي تذبح المختطفين بوحشـية وبشـاعة او التي تزرع السـيارات المفخخة التي تحصد أرواح المئات من المدنيين كما حصل في كربلاء والسليمانية واربيل على سـبيل المثال لا الحصـر.

أن من الصعب التصدي لهذه الأوضاع دون حوار واسع وشـامل ولا يبدو وجود سـبيل لذلك طالمـا الاحتلال جاثم على صدور العراقيين وليس لوزراء الدفاع والداخلية غير إطلاق التهديدات والتصريحات ذات العنجهية الفارغة في حين أن المطلوب هو تمكين الشـعب من التصدي لهذه الجرائم عبر تشكيل مجاميع من كافة الإطراف التي تهمها مصلحة البلد للقيام بالرقابة والحماية والدفاع عن النفس في الحارات والمدن ن ولكن المؤسـف عدم وجود أية بوادر لذلك في وقت لا تنبس الحكومة الموقنة والأطراف المنضوية تحت لوائها ببنت شـفة في إدانة جرائم قوات الاحتلال بارتكاب المجازر والقصف العشوائي في وقت تدين وعن حق جرائم الإرهابيين الموجهة ضد العراقيين.

ليس هناك من شـك ان معظم دول الجوار والتي يتغازل معها السـيد علاوي ويقوم برشـوتها مضافا إليها إسرائيل تصول وتجول في العراق بمخابراتها وأعوانها ولديها مصلحة مباشرة في عدم استتباب الأمن وجر العراق أكثر فأكثر لحافة حرب أهلية، إلا أن السـؤال ومرة أخرى هو من يتحمل مسـؤولية ذلك ؟ أليست هي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحلفائهم الذين احتلوا العراق بحجج أسلحة الدمار الشـامل التي اعترفوا الآن بأنها كاذبة وتتظاهر الصحافة الأمريكية الآن وبعد خراب البصرة والعراق بالاعتذار عنها ، في حين قاموا ووفق تخطيط صهيوني مسـبق (حيث يقال بان رئيس الموسـاد قضى عدة أشهر في واشنطن في الفترة التحضيرية للحرب لتقديم خبرته وخدماته) بحل قوات الجيش وحرس الحدود وحرق ونهب وتدمير المنشات المدنية للدولة العراقية ليأتوا إلينا برئيس عشـائري يرتدي الكوفية والعقال وهو الذي لا شـك انه كان يرتدي الملابس المدنية أثناء دراسـته في أمريكا ، واعتقد في رأي المتواضع انه لا ينبغي تجاهل المعنى الرمزي لذلك في عصر تكنولوجيا الصورة والذي يستهدف خلق صورة متخلفة عن العراق في مخيلة الرأي العام الغربي بإرجاع صورة العراق إلى عهود الإقطاع والعشـائرية ولكي تقارن صورته في مخيلة المشـاهدين بصورة دويلات الخليج النفطية إن لم تكن أسوأ .

أخيرا أود أن أشير إلى أن الأمن والقضاء على الإرهاب وتوفير الأمن سـوف لن يتحقق عبر الحلول القمعية العسـكرية وبزيادة في إعداد الجيش( الحرس الوطني كما تسـميه السـلطات) وقوات الأمن المشكوك في ولائها واحتمال اختراقها من بقايا نظام صدام ، كما يتوهم رئيس الوزراء المعين، إذ لو صح ذلك لتمكنت قوات الاحتلال بمعداتها العسـكرية الهائلة انجاز ذلك منذ أشهر. إن هناك جوانب سـياسـية تتعلق بالشعور بالاهانة والإحباط والتعرض للاهانة والقتل على أيدي قوات الاحتلال التي تقوم بالقتل والمذابح والتدمير دون حسـاب أو عقاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني