الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 11

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2010 / 11 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لعب ماركس و إنجلس دورا هاما في مؤتمر العصبة الشيوعية الثاني بصياغة بيان الحزب الشيوعي الذي من خلاله وضعا الأسس النظرية المتكاملة للمذهب الماركسية ، باعتماد المادية الجدلية و المادية التاريخية الصيغة العلمية لقوانين التطور الإجتماعي في العلاقة بين المعرفة العلمية و الممارسة العملية ، و استطاعا تجاوز الطبيعة المثالية للمادية الكلاسيكية بوضع أسس الصراع الطبقي الذي تشكل فيه البروليتاريا الطبقة الثورية.
و كان للثورات البورجوازية في أوربا دور هام في بناء النظرية الماركسية من خلال اكتشاف ماركس لديكتاتورية البروليتاريا و ضرورة تحالف البروليتاريا مع الفلاحين من أجل إنجاز الثورة الإشتراكية ، و اكتشاف شكل دولة ديكتاتورية البروليتاريا من خلال دراسته لثورة كومنة باريس و إضافة المزيد من التدقيق للدياليكتيك الماركسي عبر تعريض برنامج حزب العمال الإشتراكي الألماني للنقد في أطروحته " نقد برنامج غوتا " على ضوء مضمون " بيان الحزب الشيوعي ".
لقد وجه ماركس انتقادا صارخا لمفهوم الدولة عند لاسال في نقده لمقولة "الدولة الحرة" في ظل النظام الإقطاعي للإمبراطورية الألمانية ، و أكد أن الدولة لا تنبثق عن الصراع الإجتماعي بل هي مستقلة عنه ، و انتقد مقولتي "الدولة الحالية" و "المجتمع الحالي" عند لاسال ، مؤكدا أن ما ينسى "المجتمع الحالي" هو مجتمع رأسمالي ، و "الدولة الحالية" هي دولة رأسمالية ، و الدولة ما هي إلا أداة للسيطرة الطبقية ، معتبرا كل مطالب حزب العمال الإشتراكي الألماني تردادا لمفاهيم بورجوازية لحزب الشعب و عصبة السلام و الحرية.
و واجه المذهب الماركسي منذ تأسيسه الرجعية البورجوازية و الإنتهازية الماركسية بصرامة، و اتخذ ماركس و إنجلس صراعهما ضد البرودونيين و اللاساليين أساسا لترسيخ أسس المذهب الماركسي ، من أجل مجابهة الأعداء من الداخل و الخارج الذين يسعون لدحض الماركسية بواسطة الفكر البورجوازي ، خوفا من انتشار المذهب الماركسي في صفوف البروليتاريا.
و خلال نصف قرن من النضال الثوري عمل ماركس و إنجلس على محاربة أعداء الدياليكتيك الماركسي بدءا بالهيكليين ، باعتبار الهكلية عدوا أساسيا للماركسية مرورا بمجابهة البرودونيين ، في سعيهما من النظرية إلى الممارسة العملية بعد تأسيس الأممية الأولى و طرد الباكونينيين منها ، و انتهاء بمواجهة دوهرينغ ليتم لتركيز أسس المذهب الماركسي في أوساط الحركة العمالية العالمية، و أصبحت الإنتهازية العدو اللدود للدياليكتيك الماركسي بعد فشل البورجوازية من نسف الماركسية من الخارج ، و كان على رأس المعادين للمذهب الماركسي إدوارد برينشتين في أواخر التسعينات من القرن 19 الذي تزعم الجناح الإنتهازي المتطرف في الإشتراكية الديمقراطية الألمانية في الأممية الثانية ، من خلال دعوته إلى النضال الإصلاحي من أجل تحسين أوضاع العمال في ظل الرأسمالية ، متنكرا للصراع الطبقي و الثورة الإشتراكية وديكتاتورية البروليتاريا و حتمية زوال الرأسمالية.
و واصل لينين الصراع ضد الإنتهازيين الماخيين و الكاوتسكيين في عصر الإمبريالية ، متخذا في نقده وسيلة لتطوير المذهب الماركسي عبر دحضه للمنهج التجريبي الوضعي و الإصلاحية الإقتصادية الكاوتسكية و أسس الأممية الثالثة، و واجه الإشتراكيين ـ الثوريين و المناشفة أثناء الثورة الإشتراكية و الحرب الأهلية ، و واصل ستالين نضاله ضدهم خلال مرحلة البناء الإشتراكي و الحرب الإمبريالية الثانية و أرسى أسس الماركسية اللينينية ، و استفاد ماو كثيرا من أعمال لينين و ستالين و بلور أسس اللينينية داخل الحزب الماركسي اللينيني الصيني ، في صراعه ضد الإمبريالية و الإنتهازية بالصين و الإتحاد السوفييتي.
و عكس ما يدعين المناشفة الجدد أصحاب المنهج البورجوازي الجديد ، يعتبر المنهج الماركسي اللينيني المنهج الحاسم في تناول القضايا السياسية و الإقتصادية في عصر الإمبريالية ، الذي وضع لينين أسسه النظرية و العملية بالدفع بالثورة الإشتراكية إلى الأمام ، عندما تأكد من خطورة الإمبريالية على مصالح الإمبريالية و على الشعوب المضطهدة ، معتبرا أن مهمة إدارة دولة دكتاتورية البروليتاريا تتجاوز القضايا السياسية إلى القضايا الإقتصادية ، ساعيا إلى الإنتقال من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الإشتراكي ، على اعتبار أن المهام السياسية تخضع للمهام الإقتصادية من أجل بعث القوى المنتجة الإشتراكية ، مما يتطلب إعادة تنظيم الإقتصاد عبر :
ـ الحساب و الرقابة على إنتاج و توزيع المنتجات .
ـ زيادة إنتاجية العمل .
و بعد انتصار العمال و الفلاحين في الحرب الأهلية و سيطرت البروليتاريا على الدولة ، كان لا بد من استثمار المقدمات الأساسية للنظام الرأسمالي ، الذي تسعى ديكتاتورية البروليتاريا إلى هدمه ، في روسيا البلد الذي لا تتوفر فيه جميع هذه المقدمات على جميع المستويات سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا.
و لتحقيق هاتين المهمتين الأساسيتين في إدارة دولة السوفييتات ، لا بد من سيطرة البروليتاريا على السلطة حتى تصبح الطبقة العاملة طبقة سائدة ، و لتخطي النقص في المقدمات الرأسمالية من أجل البناء الإشتراكي ، لا بد من الإستفادة من تجارب الدول الإمبريالية نفسها كما هو الشأن بالنسبة لألمانيا التي طبقت "فريضة العمل الإلزامي" ، و لكون ألمانيا دولة إمبريالية فإن "فريضة العمل الإلزامي" فيها عبارة عن سجن للأشغال الشاقة للطبقة العاملة ، الذي يؤدي إلى نظام جديد لقمع هذه الطبقة ، الشيء الذي أدى إلى بروز النازية و سيطرتها على السلطة.
واستفاد لينين من هذا الإصلاح الذي تم في ألمانيا ما بعد الحرب الإمبريالية الأولى ، من أجل خدمة مصالح البروليتاريا بروسيا ما بعد الحرب الأهلية ، لكن باختلاف جوهري هو البعد الإشتراكي ل " فريضة العمل الإلزامي" الذي يلزم الشعب جميعه.
و لم يتم القضاء نهائيا على قانون القيمة في التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي ، إلا أنه تم الحد من تأثير مفعوله على الإنتاج الإشتراكي ، و ذلك بفضل الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج عبر القضاء على :
ـ المزاحمة.
ـ فوضى الإنتاج.
ـ الأزمات.
ـ الحد من سيطرة الإنتاج البضاعي.
و كان مطروحا على الإقتصاد الإشتراكي القضاء على الإنتاج البضاعي في الفلاحة ، لكن بالتدريج عبر أسس الثورة الإشتراكية التي وضعها لينين و هي :
ـ عدم تفويت الظروف الملائمة للاستيلاء على الحكم؛ فعلى البروليتاريا أن تستولي على الحكم دون أن تنتظر حتى تكون الرأسمالية قد توصلت إلى خراب ملايين المنتجين الفرديين الصغار والمتوسطين.
ـ نزع ملكية وسائل الإنتاج في الصناعة وجعلها ملكاً للشعب.
ـ تجميع المنتجون الفرديون الصغار والمتوسطون بصورة تدريجية في تعاونيات إنتاجية، أي في مؤسسات زراعية ضخمة، هي الكولخوزات.
ـ تطوير الصناعة، بجميع الوسائل، وإقامة الكولخوزات على أساس تكنيكي حديث، هو الأساس التكنيكي للإنتاج الكبير.
ـ عدم نزع ملكية الكولخوزات، و تزويدها، بشكل وافر، بأعلى طراز من التراكتورات وسائر الآلات.
ـ لأجل تأمين التحالف الاقتصادي بين المدينة والأرياف، بين الصناعة والزراعة، يحافظ، إلى حين، على الإنتاج البضاعي (التبادل عن طريق البيع والشراء)، بوصفه الشكل الوحيد المقبول ـ لدى الفلاحين ـ للعلاقات الاقتصادية مع المدينة، وتطور التجارة السوفييتية على مداها، تجارة الدولة والتجارة التعاونية والكولخوزية على السواء، مع إزالة الرأسماليين، على أنواعهم، من ميدان التجارة.
يقول ستالين عن التناقض بين الإنتاج البضاعي و الرأسمالية :
"ولا يمكن الشك في أن هذا الطريق هو الوحيد الممكن والمعقول لانتصار الاشتراكية في جميع الأقطار الرأسمالية التي فيها طبقة من المنتجين الصغار والمتوسطين، كثيرة العدد إلى حد ما.
يقولون أن الإنتاج البضاعي لا بد منه، مع ذلك، من أن يؤدي في جميع الظروف وسيؤدي حتماً إلى الرأسمالية. هذا غير صحيح. لا دائماً ولا في جميع الظروف! ولا يمكن اعتبار الإنتاج البضاعي والإنتاج الرأسمالي متماثلين. فهما شيئان مختلفان. إن الإنتاج الرأسمالي هو الشكل الأعلى للإنتاج البضاعي. ولا يؤدي الإنتاج البضاعي إلى الرأسمالية إلا إذا كانت الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج موجودة؛ إلا إذا كانت قوة العمل تظهر في السوق كبضاعة يستطيع الرأسمالي أن يشتريها ويستغلها في عملية الإنتاج؛ إلا، بالتالي، إذا كان في البلاد نظام لاستثمار العمال الأجراء من قبل الرأسماليين. إن الإنتاج الرأسمالي يبدأ حيث تكون وسائل الإنتاج ممركزة بيد أفراد، ويكون العمال المحرومون من وسائل الإنتاج، مضطرين لبيع قوة عملهم كبضاعة. بدون ذلك، لا يوجد إنتاج رأسمالي."كتاب "القضايا الاقتصادية للاشتراكية في الاتحاد السوفييتي".
فالتناقض بين المذهب الماركسي و المذهب البورجوازي يحتم وضع قانون الإقتصاد الإشتراكي الذي ينهال من صلب هذا التناقض من خلال التناقض بين :
ـ القانون الأساسي للإقتصاد الرأسمالي الذي يرتكز على الحد الأقصى للقيمة الزائدة ، عبر التحكم في وسائل الإنتاج من طرف البورجوازية ، وسائل الإنتاج ذات الصفة الخاصة.
ـ القانون الأساسي للإقتصاد الإشتراكي الذي يرتكز على توفير الحد الأقصى من حاجات المجتمع المادية و الثقافية، عبر التحكم في وسائل الإنتاج من طرف البروليتاريا ، وسائل الإنتاج ذات الصفة الإجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: اليمين المتطرف يتصدر الاستطلا


.. فرنسا: هل يمنع حزب التجمع الوطني مزدوجي الجنسيات من الولوج إ




.. هل يعتمد ماكرون استراتيجية تشوية اليسار في الدورة الأولة للت


.. مظاهرات بتل أبيب والقيسارية ضد نتنياهو هي الأضخم منذ بدء الح




.. الناصرية 1 حزيران 2024 - مشاركات الحضور - ندوة سياسية لمنظم