الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وبالمسنين إحسانا!

علي شايع

2010 / 11 / 22
حقوق الانسان


لعلّ من نافلة القول إن الأب راع لأبنائه بالفطرة، وأكثر الآباء يأملون عناية أبناء سيمضون بدورهم أيضا الى رعاية ورثتهم، وهكذا أبداً، حتى أن معظم الديانات قرنت رعاية الوالدين بالإيمان كلّه لكنها لم تجد كثرة المنصفين. ووفق هذا المنطلق جعلت البلدان المتقدمة من الدولة أباً راعياً لا يغفل عن صغيرة ولا كبيرة ألا وأحصاها أو حدّدها بقانون.
القانون في السياسة وعند أهل التشريع، مجموع قواعد تصرف تبيّن الإجازة من عدمها، وتسنّ حدوداً للعلاقات والحقوق بين الناس، وتضمن هذه الحقوق؛ تامة ومستوفية، بين الأفراد والدولة، ويبقى هذا القانون محط نظر وتمحيص ليكون على قدر توافق عال مع حاجة الإنسان، وثمّة سلطات قضائية في الدول المتقدّمة يمكن أن تغيّر قانوناً وفق هذا الشرط، ومن هذه السلطات محكمة العدل الأوروبية، وهي محكمة أقرتها دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة لحسم القضايا ذات الإشكال في الدول السبع والعشرين المنضوية تحت منظومة قانونية متقاربة، وهذه المحكمة كانت مؤثرة وفاعلة في صياغة قرارات مهمة تنتصف للمظلومين غالباً، فحماية حقوق الأفراد تحظى بأولوية اهتماماتها، حيث شكلت في الفترة الأخيرة ضغطاً على بعض الدول في ما يتعلق بقضية اللاجئين مثلا، وقضايا أخرى تبدأ أحيانا بقضية شخص أوروبي واحد بإمكانه رفع دعوى ضد بلده، فها هي المحكمة تنتصر لمهندس مسنٍّ تم طرده من العمل، بعد خدمة دامت ٢٨ عاماً، حين حكمت على بلده (الدنمارك) بتغيير القانون الخاص بكبار السنّ، الذي يتم استناداً له، حرمانهم من تعويض الاستقالة بسبب تقدمهم في العمر واقترابهم من سنّ الإحالة على التقاعد، وقد اعتبر القرار إدانة لممارسة التمييز ضد المسنين.
الحديث عن هذا الموضوع أو الكتابة عنه في أوروبا ربما يعتبر غريباً، فهو بديهي ولا يعدّ سابقة، فالحياة متحرّكة، ووفق آلية متغيراتها تسنّ القوانين.. قوانين وجدت أصلاً لأجل الإنسان، إنسان تدور في فلك رفاهيته أغلب أهداف السياسة، لأنه هو من يصنع الساسة، فهو الناخب، وهو المخيَّر بجعل تلك السياسة متداخلا يوميا مع حاجاته كمواطن.
في أوروبا التي يسميها البعض بالقارة العجوز – لأن معظم سكانها من كبار السنّ – ثمة ميزة منحت هذه الأرض حكمةٌ قارة وراسخة، فالمسنون أساس التوازن الانتخابي، وتفرض كثرتهم لوناً إنسانياً عطوفاً في غالب الأحيان، وهم أساس التخطيط التنموي لمن دونهم من أجيال، وتتم الاستعانة بخبراتهم والاستفادة من تجاربهم والانصياع إلى تراكم حكمتهم في معالجة الكثير من قضايا المجتمع، والقانون ضامن أول لحقوقهم، ومن يتحكّم به ويفعّل جدواه هو من يختارونه عبر صندوق الانتخابات، فهو منبع الحقوق والرحمة، وبوجوده لن نحتاج إلى القول وبالمسنين إحساناً، فمن يَنتـَخب يُحسن، ومُحسن الاختيار إنما يُحسن لنفسه ومستقبله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيتو أمريكي ضد منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم الم


.. هاجمه كلب بوليسي.. اعتقال فلسطيني في الضفة الغربية




.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال


.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال




.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان