الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستقلال رسمي لا شعبي في لبنان

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2010 / 11 / 22
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


عاماً بعد عام واحتفالاً بعد احتفال تتناقص أعداد اللبنانيين المهتمين بما يسمى عيد الإستقلال، الذي يقع تاريخه الرسمي في 22 تشرين الثاني من كلّ عام.

لست اليوم بعد مشاهدتي للبذلات الرسمية المستنفرة على منصات الإستعراض العسكري ودواوين التهنئة، وسماعي لأصوات الطوافات المتعاقبة، بصدد التقليل من أهمية هذا النهار "المجيد" بالنسبة لقسم من اللبنانيين. فالمسألة لديّ تختص بالقسم الآخر منهم، أولئك الذين وإن اهتموا يوماً ما وانتظروا هطول الأعلام من إحدى المروحيات وتسمّروا أمام الشاشات لرؤية الإستعراض، فإنّهم اليوم مشغولون بأمور أخرى بعيدة كلّ البعد عن الإحتفال والإهتمام حتى.

قد يعتبر البعض أنّ أزمة اقتصادية تقف خلف الأمر لكنّ ذلك لا يمكن أن يكون حقيقياً، فالمسألة تتجه أكثر نحو الشأن السياسي بامتزاجه بالواقع الإجتماعي الذي ترسّخ لديه منذ زمن طويل مفهوم البعد عن الدولة ونكران مؤسساتها وكيانها، وهيبتها التي تراهن عليها الفئات العسكرية والمقاطعجية غالباً حين تحقق الإستفادة القصوى منها.

يتخذ النأي عن الدولة ورموزها غالباً وفي إطار طبيعي، اتجاها نحو الأحزاب والقوى الفاعلة سياسياً. وفي هذا الإتجاه لا بدّ أنّ احتفالاً حزبياً ضيقاً سيشهد اهتماماً لدى المناصر أو الحزبي أكثر بكثير ممّا يفترض أنّه عيدٌ وطني.

وفي هذا الإتجاه قد يرى البعض أن يوبّخ الحزبي أو المناصر على اهتمامه الضيق البعيد عن روح الوطنية (ولو أنّ بعض المناسبات القومية والأممية أكبر بكثير من مجرد عيد وطني)، ويتخذ هذا البعض صفة الدفاع عن الوطنية، كقديس لها، رغم أنّ لكلّ "زقاق" حزبي عيده الخاصة وذكرى شهدائه الخاصة... وربما مناسبات استقلاله أيضاً!

حتى الآن ما زلنا نتكلّم عن حزبية وسياسات قائمة، أما مع امتزاج كلّ ذلك بالطائفية والمذهبية فلا بدّ أنّ الأمر يتجه أبعد بكثير من مجرّد ذكرى آنيّة. ويعود بنا إلى تأسيس لبنان كمقاطعة مارونية عنصرية سلخ الفرنسيون إرادة أبنائها الباقين في الإنضمام إلى الحكومة العربية في دمشق عام 1920 مع إعلان لبنان الكبير. ولا شكّ أنّ الأحداث التي تعاقبت منذ ذلك التاريخ قد أثّرت أيّما تأثير في الطوائف الإسلامية والمسيحية الأرثوذكسية المأخوذة عنوة إلى رعاية دولة لم تشأ قيامها ولم توافق على الإنضمام إليها.

هذا الأمر ينطبق تماماً على الطائفة الشيعية التي تمكنت دون باقي الطوائف، الواقعة في شباك نكتة "الإنصهار الوطني" الممالئ للسيطرة المارونية، من قلب السحر على الساحر ولو بعد وقت طويل. فمع تشكلها كطائفة حدودية لفلسطين المحتلة، ووقوعها في بؤرة النزاع الطويل مع الصهاينة اتخذت هذه الطائفة لنفسها كينونتها الخاصة، منذ قيام الأحزاب اليسارية والقومية في خمسينيات القرن الماضي بفك سطوة المقاطعجيين عن أبناء الطائفة، وانخراط هؤلاء في الحركات الفدائية الفلسطينية بعد العام 1967، وصولاً إلى انتشار الحالة الإسلامية للشيعة خاصة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وتجلّى ذلك بشكل أكبر بعد انتهاء الحرب اللبنانية عام 1992 وسطوة نموذج المقاومة ضد الصهاينة التي جسّدها حزب الله حتى يومنا هذا.

باتت الطائفة الشيعية هي الأكبر في لبنان، والواقع يشهد على ذلك. الواقع نفسه الذي يشير إلى أنّ ذكرى الإستقلال عن الفرنسيين عام 1943 قد لا تعني شيئاً لفئة قاومت الإحتلال الصهيوني طوال عقود وصدّت اعتداءاته المتواصلة -بالتعاون أحياناً مع فئات أخرى- وأجبرته على الإنسحاب عام 2000 وتسببت له بأقسى هزيمة عام 2006.

الواقع يقول إنّ أيّ ذكرى خصّوا بها الشيعة فحسب، دون أن يحتفلوا معه بانتصار على صهيوني، هي فخر لهم طبعاً كجزء من اللبنانيين.. أو ككيان خاص لا يملك من الممارسة السياسية أهمّ من هوية المقاومة مقاماً، وأعلى رتبة من استقلال تتناهشه مخابرات أميركية وصهيونية وفرنسية وبريطانية وغيرها فاعلة في لبنان، وقوات يونيفل تحتلّ جنوبه بقرار دولي صادر عن بوش وأولمرت دعماً لحكومة فؤاد السنيورة الرايسيّة عام 2006.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام