الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب من الأكاذيب صنعاء، اليمن

حنا زيادة

2010 / 11 / 23
الارهاب, الحرب والسلام


"ستتحول حالنا كما هو حال العراق" قالت “أمل الباشا”، الناشطة في حقوق الإنسان و ربما السيدة الأكثر شجاعة من بين نساءاليمن و هي تهز رأسها بشدة."اليمن أصبح مثل العراق، ليس عراق الآن، ولكن العراق كما كان في عهد صدام. شاهدت لتوي محاكمة مخزية للصحفي محمد المقالح ، وهو قد خطف وتعرض للتعذيب لعدة أشهر من قبل جهاز المخابرات قبل أن يواجه محاكمةزائفة. "جريمة المقالح هي أنه في أيلول/سبتمبر 2009 كتب مقالا ينتقد فيه القصف الجوي ضد المتمردين الحوثيين في محافظة صعدة، الذي قتل فيه 87 مدنيا واصيب اكثر من 100 اخرين. وقد أغلقت الحكومة أيضا واحدة من أقدم الصحف في البلاد ،صحيفة’الأيام’، لتغطيتها التظاهرات في جنوب اليمن، بينما تم سجن ناشرها ‘هشام بشاريل’l وتقديمه للمحكمة.الاتهامات هي ذاتها: أنشطة تهدد الأمن الوطني في اليمن.

لا ينبغي أن تمنح صفة “صدام” على أساس بعض الحالات الفردية، ولكن نتيجة لثقافة انتهاك حقوق الإنسان وحملة منظمة لاضطهاد المعارضين للنظام. سبب إضفاء”امل الباشا ”صفة العرقنة على اليمن هو نتيجة الاستخدام المتزايد من قبل الحكومة اليمنية لوسائل القمع على أيدي أجهزةأمن الدولة. تشدد الحكومة قبضتها على الصحافة، وتزيد مضايقاتها لنشطاء المنظمات غير الحكومية وتواصل إطلاق النار على المتظاهرين المدنيين في جنوب اليمن. ولكن المستهدف في المقام الأول من قبل الحكومة هي حرية الصحافة. فلقد أمرت الحكومة في اليوم نفسه الذي وقف ‘المقالح’ أمام المحكمة بمصادرة كاميرات ومعدات الإرسال لقناتي ‘الجزيرة’ و’العربية’. وكان هذا الأمر محاولة لوقف تغطية القناتين للاحتجاجات ضد الحكومةالتي تجري في معظم جنوب اليمن وتهدد بالانتشار الى المدن اليمنية الشمالية. لماذا الصحافة؟ لأن الصحافة هي من يكشف عن حرب الأكاذيب التي تقوم بها الحكومة.

لا يتطلب الكثير من الفن لوصف كيف تقوم حكومة عربية بإضطهاد مواطنيها. فهذا يحدث طوال الوقت في كل مكان في العالم العربي. الفن هو كيف يمكن للحكومة في اليمن تقويض حرية التعبير وقمع المجتمع المدني وتفكيك نظام اليمن المتعدد الأحزاب، في حين أن زعيمها في خلال ال30 سنة الماضية الرئيس عبد الله صالح ، لا يزال قادر على ضمان الدعم غير المشروط من الغرب لحكومته والمزيد من المال لجيشه وأجهزة الأمن؟ بسيطة : من خلال الانضمام، وبشكل كاذب، لحرب الغرب المقدسة على الإرهاب. بينما يزج وزير داخلية الرئيس عبدالله صالح الصحفيين في السجون، وبينما يعطي وزير دفاعه أوامره بإطلاق النار على المتظاهرين في جنوب اليمن، يقوم وزراء السيد عبدالله صالح لشؤون الخارجية والتعاون الدولي بتحصيل المليارات من الدولارات كمساعدات من واشنطن ولندن والرياض. من خلال الانضمام إلى الحرب الأميركية ضد تنظيم ‘القاعدة ‘تستحصل الحكومات العربية على صكوك الغفران الكامل لجميع انتهاكاتها لحقوق الإنسان وتتم مكافأتها علاوة على ذلك بمليارات دولار من المساعدات.

ولكن الحكومة اليمنية تفوقت على معظم الحكومات العربية في هذه اللعبة. في كل مرة يتم إلقاء القبض على صحافي أو إغلاق صحيفة ويظهر الخبر في وسائل الإعلام تقوم الحكومة بترتيب عمليةأمنية ضد عناصر تنظيم القاعدة. ترتيب هي الكلمة، لأن العمليات هي خيالية حقا، كما تم الكشف عن ذلك في 23 آذار/مارس الفاءت عندما ظهر عضو مزعوم في تنظيم القاعدة، كانت الحكومة أعلنت أنه قد قتل في واحدة من عملياتها الأمنية ضد تنظيم ‘القاعدة’، وأعلن انه لا يزال على قيد الحياة و في روح قتالية! مقابل هذه العملة المزورة من العمليات الخيالية تتلقى الحكومة اليمنية العملات الصعبة الغربية بينما تسمح للارهابيين العمل الحر في معظم البلاد. وكأن لا يكفي أن الحكومة اليمنية تستخدم الحرب على الإرهاب للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان والحصول على تمويل الغرب لمؤسساتهاالفاسدة تقوم الحكومة اليمنية في محاولة للقضاء على أي احتجاج ضد حكمها الفاسد بإتهام المحتجين بأنهم إرهابيون. وبالتالي تتم تسمية آلاف المتظاهرين المدنيين في جنوب اليمن بالمتعاطفين مع تنظيم القاعدة وقادتهم كأعضاءمتشددين في تنظيم القاعدة. هذه هي الأكاذيب التي تحاول الحكومة من خلالها تشويه سمعة الحركة الشعبية التي تحتاج إلى اعتراف دولي. اليمنيون في الجنوب يحتاجون لتفهم المجتمع الدولي لمطالبهم من أجل الحكم الذاتي أو أكثر إذا ما جعلهم القمع يطالبون الانفصال عن شمال اليمن واستعادة جمهورية اليمن الجنوبية القديمة.

ولقد طورت كل الحكومات العربية أسلوبها الخاص من الحكم السيئ. وكان الأسلوب العراقي يعتمد على استخدام العنف المفرط كوسيلة للبقاء في السلطة في عهد صدام. وقد طورت الأسرة المالكة السعودية أيديولوجية دينية ظلامية لتضفي الشرعية على أسلوب حكمها القرون-وسطى. ورفعت حكومة مصر الفساد الداخلي والتسول الدولي إلى أيديولوجية الدولة. والحكومة اليمنية تخصصت في فن الحكم من خلال الكذب والخداع. أكاذيب بشأن الحرب ضد ارهابيي القاعدة، الذين يسجنون لفترة قصيرة فقط ‘ليهربوا’ من بعدها أو يقتلوا فقط ليحيوا من جديد. أكاذيب حول إصلاح مؤسسات الدولة على نفقة الحكومات الغربية، التي تنتهي أموالها في خزائن الحزب الحاكم. أكاذيب بشأن وقف التوسع الإيراني في شبه الجزيرة العربية ، في حين أن الحكومة اليمنية تستخدم الدعم الدولي لشن حرب ضد تمرد محلي في صعدة، المقاطعة الأكثر فقرا في البلاد.أكاذيب حول قتال الانفصاليين والمتعاطفين مع تنظيم ‘القاعدة’، في حين يتم إخضاع شعب بأكمله للقمع العسكري في اليمن الجنوبي.

الرئيس’ عبدالله صالح’ تمكن من تمرير كل هذه الأكاذيب بسبب يأس الغرب الأعمى للعثور على حلفاء في ‘الحرب على الإرهاب’. كما هو الحال مع ‘الجلبي’ و’المالكي’ في العراق و’كرزاي’ في أفغانستان، سيدرك الغرب قريبا ان ‘عبدالله صالح’ هو جزء من المشكلة وليس الحل. يرجع إزدهارالإرهاب في المجتمعات العربية إلى سياسات الأنظمة العربية الفاسدة. سياسة الغرب لدعم القادة الفاسدين لحملهم على مكافحة الارهاب لا يخدم سوى قضية الإرهابيين. ولكن كما هو الحال في العراق وأفغانستان لن يكتشف الغرب ذلك إلا بعد فوات الأوان. بعد فوات الأوان بكثير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تجار السياسة
سلام هادي ( 2010 / 11 / 23 - 17:53 )
الاخ المحترم تحية طيبة ان في الدول العربية تجار وليس رؤساء او ملوك هولاء يتعاملون مع الناس على انهم بيادق شطرنج في سبيل مصالحهم او بقائهم في السلطة واعتقد ان مثال الرئيس اليمني والملك السعودي هي من افضل الامثلة على هذا الواقع العربي فعبر خلق الاعداء الوهمين وربما تشارك مخابراتهم بافتعال بعض الازمات او قتل رهائن او تفجير سفارات حتى ولو راح بها بعض من مواطنيهم لاضافة نوع من المصداقية على افعالهم او تمثيلياتهم من اجل البقاء في السلطة وللاسف فان الدول الغربية تدعم هذا التوجه وناسين مثلا بان القاعدة هي نتيجة حتمية للمدارس الوهابية السعودية وهي عبارة عن ماكينات لتفريخ الارهابين فبدون تجفيف هذه المنابع وتغير الحكام العرب سيبقى الارهاب موجودا ليستنزف دول العالم طالما ان الدعم هو من الحكام العرب وما نسمع عن مواجهات هي بالحقيقة جزء بسيط من مسرحياتهم التي يذهب بها الابرياء لان المجرمين الحقيقين هم مخابراتهم المحمين من حكامهم فاي لعبة خطيرة يقومون بها مثل هولاء بحيث يمكن ان تحول واحدة من مسرحياتهم الى حقيقة يفقدون بها سلطتهم وكراسيهم وهكذا هو حال العملاء الى مزبلة التاريخ وبئس المصير وشكرا


2 - اهلا بك في موقع الحوار
مكارم ابراهيم ( 2010 / 11 / 23 - 18:11 )
صديقي العزيز حنا
تحية طيبة واهلا بك في موقع الحوار لتثريه بمقالاتك القيمة التي تتناول الاوضاع المتردية في العالم العربي وفضح حكامها الفاسدون
في الواقع وانا اقرا مقالتك هذه ذكرتني بمقالة للكاتب الانكليزي روبرت فيسك الذي قال بان الولايات المتحدة مستعدة للتعاون مع العصابات والشيطان اذا كان يخدم مصالحها نعم فالولايات المتحدة تطلب المساعدة في محاربة الارهاب مع الحكام العرب المجرمون الذين يقمعون شعوبهم بكل وسائل الاضطهاد
انها معركة مخزية وهي ليست في صالح الشعوب العربية بل هي في صالح ازدهار الارهاب وديمومة الحكام العرب
احترامي وتقديري الفائق
مكارم


3 - الصورة نفسها في نظام المافيا الأسدية السورية
جريس الهامس ( 2010 / 11 / 23 - 21:23 )
حيث أتقن نظام المافيا الأسدية التي أوصاتها إسرائيل وأمريكا بالذات لكراسي الحكم قمع الشعب واغتيال قواه الوطنية الديمقراطية ومصادرة حرياته العامة وأبسط حقوقه والإمعان في تجويع الشعب والفساد ونهب المال العام والخاص ,, وخلق عدو وهمي له هو الإخوان المسلمين والإرهاب والعرقنة -- نشبيهاً بالعراق -- وتخويف الشعب به وحبك أسطورة : إذا سقط نظام المافيا الأسدي فالبديل هو هذا العدو الوهمي .... في نفس الوقت كشفنا في مقالات عديدة على هذا المنبر أن المافيا الأسدية ومخابراتها هي التي رعت ومولت الإخوان المسلمين جماعة عدنان عقلة / الكتائب المقاتلة / وهي التي افتعلت أحداث حماة وخرجت منها بأقل الخسائر بينما دمر المجرم حافظ الأسد مدينة حماة وقتل أكثر من ثلاثين ألفاً من سكانها الأبرياء العزل .. وبقي - العقلة - زعيم الإخوان سليماً تحرسه المخابرات .. كمافتح نظام المافيا مكاتب التطوع ومعسكرات التدريب للإرهابيين في سورية وزج بهم لذبح الشعب العراقي بمعرفة الأمريكان وإسرائيل ... في سبيل البقاء على الكرسي ونهب المليارات .. لقد تشابه المجرمون والمعلم واحد في النهاية --تحياتي


4 - هذاهواواقع اليمن شكرآاخ حناعلى مقالك
منصورهزاع عبده ( 2010 / 11 / 23 - 23:05 )
حكومةالريس صالح عبارةعن عصابات مافيامرحبآبك اخ حنافي الحوارالمتمدن يسعدني انااجدكتاب يمنين في هذاالصرح الشامخ ولايوجدسوخيارالعلمانيةلتتحسن دولتنااليمن


5 - بديل النفط هو الحل
محمد مفتاح ( 2010 / 11 / 24 - 07:43 )
القاعدة وانظام السعودي والنظام اليمني والقاعدة هم اضلاع مستطيل الارهاب في جزيرة العرب ولن تستطيع الحكومة الامريكية القضاء على ضلع واحد وابقاء الاضلاع الاخرى التي تنموكل يوم - بمساعدة امريكا نفسها - وتعوض الضلع المفقود وبالتالي فحرب الولايات المتحدة على ماتسميه الارهاب في المنطقة شبيهة بصب الماء في صحراء , على الولايات المتحدة ان كانت حصيفة انفاق المال الذي تنفقه في مكافحة الارهاب بان تنفقه في كتشاف بدايل للنفط , فبمجرد ظهور هذا البديل سينهار كل المستطيل الخبيث في بلدان البداوة والارهاب والذهب الاسود

اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس