الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة حلف شمال الأطلسي في لشبونة تكرس النزعة العسكرية للقرن 21

المناضل-ة

2010 / 11 / 23
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


اتولفو رييرا
أقدمت قمة منظمة حلف شمال الأطلسي بالبرتغال، التي جمعت رؤساء 28 بلدا عضوا، بتبني "إستراتيجية دفاع وأمن جديدة" (" ناتو 2010") لهذه المنظمة الإجرامية الدولية. إستراتيجية" للقرن 21 مكيفة مع ضرورات ومخاطر الحقبة العالمية الجديدة"، تكرس نهائيا دورها كدراع مسلحة للعولمة الرأسمالية و دركي عالمي لمصالح القوى الامبريالية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. الاحتلال والحرب في أفغانستان متواصلان بوسائل معززة. و سيجرى تبسيط آلية اتخاذ القرار الداخلية للقيام بعمليات و تدخلات عسكرية جديدة- على قاعدة تعريف لـ"الأمن" أقل ما يقال عنه انه مطاط- ليتم تسريعها و ستقام قواعد عسكرية جديدة عبر العالم.

من "الخطر الأحمر" إلى " التهديد الإرهابي": تبرير الحرب الدائمة
كان حلف شمال الأطلسي، لما أُنشا يوم 4 ابريل 1949 منظمة سياسية عسكرية موجهة ضد الاتحاد السوفييتي على الأرض الأوربية. وبعد سقوط جدار برلين في نوفمبر 1989، لم ينحل الحلف بل بالعكس وسع في الآن ذاته مناطق تدخله و نطاق أهدافه، التي تمتد من الدفاع عن " التمون بالموارد الحيوية" إلى محاربة "انتشار أسلحة الدمار الشامل" أو "الإرهاب". كما دمج الحلف تدريجيا بلدان حلف وارسو السابقة، التي كانت درعا للاتحاد السوفييتي، دافعا حدوده حتى أبواب روسيا التي شعرت على هذا النحو بالمحاصرة والتهديد. و بدءا من العام 1995 تدخل الحلف مباشرة في النزاع بيوغوسلافيا السابقة، و شنيوم 24 مارس 1998 حملة قصف كثيف ضد صربيا بلا تفويض من منظمة الأمم المتحدة.

و في ابريل 1999، تبنت القمة الخمسون لحلف شمال الأطلسي "المفهوم الاستراتيجي للقرن 21" الأول الذي يحول الحلف من منظمة إقليمية إلى منظمة عسكرية شاملة. و يوم 21 سبتمبر 2001، بعد هجمات 11 سبتمبر بنيويورك، جرى تطبيق البند الخامس من ميثاق حلف شمال الأطلسي حول " التضامن التبادل بين الدول الأعضاء"، و يوم 20 ديسمبر أسند مجلس امن الأمم المتحدة للحلف الأطلسي قيادة العمليات العسكرية في أفغانستان، مكرسا على هذا النحو أول عملية عسكرية كبيرة "خارج المنطقة" و بتفويض من الأمم المتحدة هذه المرة.

أفغانستان: حلف شمال الأطلسي مشكل وليس حلا
يوحل الحلف في نزاع يعجز عن الانتصار فيه بل هو يمتد إلى باكستان، مشكلا على هذا النحو بؤرة مزعزعة للاستقرار دائمة بالمنطقة، مبررا على هذا النحو حضوره الدائم، وذلك هدفه. لكن السكان المدنيون هم من يدفع الثمن الباهظ لهذه "اللعبة الكبيرة" للتحكم بمنطقة جيو استراتيجية أساسية في آسيا الوسطى و في مواردها. وحسب منظمة الأمم المتحدة، قتل منذ 2001 أكثر من 10 ألاف أفغاني بسبب الحرب منهم 2400 في العام 2009 وحده. وغادر البلد زهاء 300 ألف شخص منذ 2001، وتعيش أغلبيتهم في معسكرات بئيسة في باكستان. وقلة ضئيلة من هؤلاء المنفيين تجرب حظها في أوربا حيث ترفض تلك الحكومات ذاتها التي تخرب البلد منحهم حق اللجوء.

ورغم المهازل الانتخابية، وحده الاحتلال العسكري الدولي يتيح استمرار نظام الرئيس كرزاي الدمية. هكذا يفرض حلف شمال الأطلسي على السكان نظاما استبداديا، ورجعيا وفاسدا و اقتصاد سوق ليبراليا فشل كليا في الحد من البؤس. فحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تدهور الوضع الإنساني منذ بدء العمليات العسكرية، حيث يعاني 61 بالمائة من السكان من سوء التغذية المزمن، و لا يستفيد 65 بالمائة من ماء صالح للشرب. أما حقوق النساء، المستعملة مبررا للتدخل لعسكري في العام 2001 فقد تدهورت حالتها في أوجه عديدة. لكن من يهتم اليوم بالأمر؟

يعلن الحلف العسكري أنه يفعل كل شيء لإعادة إعمار بلد... هو من يعرضه للتخريب. لكن الاختلال بين الجهد العسكري و المساعدة المدنية هائل: جرى منذ 2001 إنفاق 140 مليار دولار على الحرب و فقط 7 مليار دولار "للمساعدة المدنية"... و40 بالمائة من تلك المساعدة مخصص للدفع لمقاولات رأسمالية أمريكية وأوربية فازت هكذا بعقود مربحة. لقد باتت هذه التقنية مروضة جيدا، حيث تقوم تلك المقاولات "بإعادة إعمار" ما قام الحلف الأطلسي بتدميره، وهي خلفه كآكلات جيف. و ليس للقرار المتخذ في لشبونة بتعزيز قدرات الحلف "المدنية" من هدف غير مأسسة قسمة الأدوار هذه.

رأس حربة الانتشار النووي و السباق إلى التسلح
يملك حلف شمال الأطلسي اليوم 580 صاروخ نووي منتشرة في 5 بلدان ( منها بلجيكا). ورغم معارضة السكان المعنيين، يطلق الحلف بنشاط السباق إلى التسلح النووي بين القوى العظمى، مع بناء درع مضاد للصواريخ في بولونيا و جمهورية التشيك سيكلف 800 مليون يورو.

وتبلغ النفقات العسكرية الإجمالية للدول الأعضاء بالحلف أكثر من 1000 مليار يورو، و رغم الأزمة التزم الأعضاء بتكريس 2 بالمائة من ميزانيتهم للآلة الحربية. هذا علاوة على أن مأسسة تمويل الحلف تستوجب أن يفلت ما تخصصه حكومات الدول الأعضاء من ميزانيات من أي رقابة أو معارضة من البرلمانات الوطنية.

تواطؤ الاتحاد الأوربي
كل الاتفاقات الأوربية تكرس حلف شمال الأطلسي إطارا مفضلا للتعاون العسكري. و يؤكد اتفاق لشبونة أن حلف شمال الأطلسي " يبقى بالنسبة للدول الأعضاء أساس دفاعها الجماعي و هيئة تطبيقه".

توافق الدول الأوربية على نشر النظام الأمريكي المضاد للصواريخ في بولونيا و في جمهورية التشيك، و كذا على التوسيع الجغرافي للحلف، وتقبل إضفاء طابع عالمي متزايد على مهامه ليصبح الأداة الرئيسة في خدمة سياسة السيطرة الاقتصادية و السياسية و العسكرية للولايات المتحدة و حلفائها. أرسلت 25 دولة عضو من 27 قوات إلى أفغانستان، وأكثر من نصف الجنود هناك أوربيون... ومن ضمنهم 600 عسكري بلجيكي وعدد من الطائرات المقاتلة "الإنسانية".

لذا فإن المطالبة، كما تفعل أغلب الأحزاب الاشتراكية و أحزاب الخضر، ببناء "سياسة أمن ودفاع أوربية حقيقية" مستقلة بوجه حلف شمال الأطلسي لأن هذا الأخير تحت السيطرة الأمريكية، مطلب عيثي. فما الذي يجعل الامبريالية والنزعة العسكرية الأوربيتين أكثر"ّديمقراطية " و "إنسانية" و " مقبولة" ؟ ليس المطلوب الدفاع عن كتلة امبريالية ضد أخرى، بل التعبئة ضد حلف شمال الأطلسي و ضد " أوربا الدفاع" و النزعة العسكرية التي يجسدها كلاهما لدرجة الكمال.

كفى من الأموال للحرب !
كما نرى يجسد حلف شمال الأطلسي خطرا حقيقيا على السلم. إنه أداة سيطرة غير ديمقراطية بتاتا و خارج أي رقابة من المؤسسات البرلمانية للدول الأعضاء. وقد رفضت الحكومة البلجيكية أن تخضع للنقاش البرلماني مضمون مذكرتها إلى قمة لشبونة مع أن قراراتها ذات عواقب جسيمة. فأين الديمقراطية يا تُرى؟

إن تبنى المفهوم الاستراتيجي الجديد يأتي في لحطة تؤجج الأزمة الرأسمالية التوترات التجارية و الاجتماعية و الحربية في العالم و الهروب إلى اأام في سباق التسلح لفائدة المركب العسكري الصناعي دون غيره. في العام 2009 جرى إنفاق 1531 مليار دولار في التسلح في العالم ( بزيادة 50 بالمائة قياسا بالعام 2000). والحال أن جزءا ضئيلا من هذه الوسائل كاف للاستجابة للحاجات الملحة. إن 15 مليار دولار كل سنة كافية لمد كل البشر بماء الشرب، وتكفي 20 مليار دولار للقضاء على الجوع وسوء التغذية و 12 مليار دولار لتعليم كل الأطفال. ان جنون الرأسمالية و لا عقلانيتها تتجليان بشكل مأساوي في هذه الأرقام. ان المعركة ضد الحرب وضد الامبريالية لا تنفصل عن النضال ضد نظام رأسمالي يولد هذه الأزمات و هذا البؤس و هذا الظلم الإجرامي.

ان حل حلف شمال الأطلسي ضروري أكثر من قبل. لا يمكن ضمان أمن لشعوب إلا بإجابات سياسية و اجتماعية، وعليه أن يستند الى التضامن و احترام الحقوق الديمقراطية الأوسع وعلى العدالة الاجتماعية و تلبية الحاجات الاجتماعية. هذا ما يعجز النظام الحالي عن تأمينه – و يؤمنه أقل فأقل مع الأزمة و تفجر تناقضاته- و لهذا يحافظ على أداة لها هذا القدر من الإضرار مثل حلف شمال الأطلسي و يعززها.

تعريب المناضل-ة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبرز القضايا التي تصدرت المناظرة بين بايدن وترامب


.. الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه ترامب يتبادلان الاتهامات بع




.. هل يتنحى بايدن؟ وأبرز البدلاء المحتملين


.. توثيق اشتباكات عنيفة في رفح جنوبي قطاع غزة




.. آيزنكوت: يجب على كل الذين أخفقوا في صد هجوم السابع من أكتوبر