الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستقلال لبناني منجز للغاية!!

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2010 / 11 / 24
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


مضى حتى اليوم تسعون عاماً على إعلان ما سمّي يومها بـ "لبنان الكبير". وكذلك مضى سبعة وستون عاماً على ما سمّي بـ "الجمهورية اللبنانية". الإعلان الأول أرسى القطعة المسلوبة من خاصرة سوريا الكبرى بموجب مؤتمر فرساي، قاعدة عسكرية فرنسية بريطانية اتفق على إدارتها فرنسياً. والإعلان الثاني فبركت له مسرحية وطنيّة، مليئة بالعواطف الجيّاشة، لنقل ملكيّة الـ10452 من فرنسا إلى الولايات المتحدة الأميركية، من بعيد لبعيد بادئ الأمر. لكنّه سرعان ما اقترب وأصبح ملموساً خلال سنوات لاحقة حماية لشمعون وحلفه البغدادي عام 1958 مع الإنزال الأميركي، مروراً بكيسنجر ومخططه، وبيغن واجتياحه، والقوات المتعددة الجنسية يتقدمها المارينز والمدمّرة نيوجرسي، واتفاق 17 أيار، وصولاً إلى كلّ كلمة ينطقها جيفري فيلتمان حتى يومنا هذا.

اللبنانيون "الأصيلون" الذين لم نكن منهم عام 1920، راضون منذ ذلك التاريخ. ولم نكن منهم، كوننا مع أراضينا كنّا مجرد "هدية" أضيفت إلى مطالب الوفود "اللبنانية" في مؤتمر فرساي عقب الحرب العالمية الأولى. فنحن كشيعة وسنّة ودروز -وقلة من المسيحيين- في جبل عامل والبقاع وطرابلس وعكار كنا من أهل ولايتي بيروت والشام اللتين لا علاقة لهما أبداً بالمتصرفية المسماة "جبل لبنان" سوى أنها جميعاً أراض عثمانية تابعة للدولة العليّة مع اختلاف أنظمة الحكم بين الولاية والمتصرفية، وكنّا حين هلّل من هلّل لقوات الإحتلال بقيادة غورو بعد هزيمة السلطنة ووقوع الإحتلال، ومن بعده إعلان "لبنان الكبير"، المقاومة الأساسية التي لم ترض يوماً بهذا الضمّ القسريّ إلى اللادولة العنصرية الناشئة وكان معنا كذلك جبل لبنان الجنوبي.

وحاربنا احتلالهم لنا منذ اللحظة الأولى، وكانت لنا وقائع عديدة ضد الفرنسيين وعملائهم من "الدرك والجندرمة" لا يذكرها أيّ كتاب تاريخ مدرسي، بل ويغيّب الحديث عن مقاومتنا ومعتقلينا وشهدائنا وانتفاضاتنا قبل عام 1920 وبعده، في مزرعة الشوف وعين تراز وتل كلخ وطرابلس ومرجعيون والخيام وحولا والخالصة وكفر كلا والعديسة والطيبة وهونين والنبطية والغجر وغيرها. ولم يهمّنا يومها كمقاومين للمحتلّ، كما في كلّ زمان ومكان، وصف الجرائد العميلة كـ "لسان الحال" لنا بالعصابات والعصاة والعابثين بالأمن والمفتنين، وتفاخرها بحرق بيوت مزرعة الشوف، وتباكيها على الفرقة "الفرنسوية" التي "أصيبت بخسائر بلغت الخمسين من الجرحى، وانها اضطرت إلى ترك ثلاثة مدافع رشاشة في مستنقعات الليطاني.." كما جاء في أحد أعدادها عام 1919.

وكانت لنا المقدمة كذلك في الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة سلطان الأطرش، فكنّا السبب المباشر فيها عبر أدهم بن خنجر، وكنّا المنتفضين في أراضينا مع كلّ قرار احتلال جديد بعدها، من اعتقالات وأحكام إعدام بحقنا وفرض غرامات علينا، ومن بعدها إنشاء الدستور وتعديلاته وتعليقاته ومعاهدة الذلّ عام 1936 التي رفضها البرلمان الفرنسي نفسه وقبل بها برلماننا!! وصولاً إلى استقلالي 1941، و1943 وصيغه التي اتفق على تسميتها وطنية بعدما اعتقلنا المقاطعجيون الجدد في طوائفنا من عملاء فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة اعتقالاً دام حتى ثورة العام 1958.

كنا كذلك، وكان لنا بعدها، كتاب تاريخ مدرسي يمجّد أبطال استقلال حصل، ويجعلنا نذرف الدموع فداء لهم، حتى أنّي وصلت في تمجيدي لهم، إلى التهام الكتاب التهاماً في امتحانات الشهادتين المتوسطة والثانوية، ما جعلني أحقق علامتين شبه كاملتين في التاريخ الذي لم يأتِ حتى اليوم على ذكرنا نحن الشعب، نحن المقاومين.

كلّ ذلك سقط اليوم.. ومن يدرس في كتاب المدرسة لا بدّ أنّه يكبر ليقرأ أبعد من صفحاته المزيّنة بأرزة رصاصية، ويكتشف حقائق أعمق بكثير من مجرّد احتفاء بيوم 22 تشرين الثاني، وبلده الأعجوبة الخضراء المتأزّرة بالأرز وصحون الحمّص والتبّولة الغينيسية.

كلّ ذلك سقط بعد حروب متواطئة علينا وسلام ينتهش من أكتافنا، واتفاقيات مع كلّ عدوّ ومحتلّ جديد علينا تحاول بوتقتنا أكثر، فهل بإمكانهم ذلك!؟

هو سؤال لن يملّوا من طرحه، ولن يستسلموا لفشله بعد تسعين عاماً. هو سؤال يردّهم إلى عام 1920 ليجعلهم يندمون مجدداً على ضمّنا إليهم سرقة وسلباً وهدية من احتلال فرنسي بائد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة