الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس من مصلحة السوريين مجابهة أمريكا لى طريقة صدام حسين

كامل عباس

2004 / 9 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ما من شك عندي في ان نظام البعث في سوريا والعراق ( على علاتهما وتناقضاتهما فيما بينهما ) كانا الأكثر عداء ومحاربة لمصالح امريكا واسرائيل في المنطقة من كل الأنظمة العربية . لقد شكل العراق ودولته المركزية ونهضته العلمية وجيشه خطرا حقيقيا على مصالح أمريكا واسرائيل ووفرت حماقة صدام حسين الفرصة لهما للتخلص منه , والآن يراد التخلص من الجيش السوري والدولة السورية القوية نسبيا لنفس السبب .
لقد بدأت الضغوط الأمريكية الحقيقية على سوريا بهذا الاتجاه بعد زيارة السادات للقدس وكان يراد من الرئيس الراحل أن يصلي في القدس مثله , ولما لم يفعل دعموا الاخوان المسلمين وحلفاؤهم في الداخل والخارج وعندما فشلوا في ذلك تحولوا الى لبنان وحاولوا تمرير اتفاق السابع عشر من أيار وفشلوا ايضا , والحق يقال كان السبب الرئيسي في نجاح السياسة السورية هو اتكاؤها على النظام العالمي السابق الذي كان قائما على توازن الرعب بين جبارين كل منهما يحاول كسب أصدقاء وحلفاء له من الأنظمة بغض النظر عما تفعله في الداخل من إذلال وقمع وتدجين لشعوبها , والآن سقط النظام العالمي السابق وحل محله نظام جديد لو لم يكن متقدما عليه من النواحي الاقتصادية والسياسية والانسانية لما فرض وجوده , وفي ظله تحول العالم الى قرية واحدة بفضل تطور العلم والتكنولوجيا وأصبحت مصلحة الشركات فوق القومية التي تقودها امريكا , تحتاج الى أنظمة غير السابقة كي تطمئن الى استثمار أموالها , بهذا المعنى لم يعد من مكان لوجود نظام وطني يعتمد العسكرة وتسييج حدوده ضد الخارج . إن وطنية أي نظام الآن تقاس بمقدار مايستطيع من الانخراط داخل هذا النظام ومنافسة بضائعه وفرض وجوده عليه بتنمية موجهة تعتمد على شعبها فيه من خلال مؤسساتها الديمقراطية .
لايبدو أن السوريين راغبون بالتخلي عن أجواء الحرب الباردة والتفكير بعقلية الماضي لا هم ولا حلفاؤهم من القوى السياسية في الداخل والخارج , الذين يروجون لخيار المقاومة ليل نهار ويرون ان امريكا مأزومة وتريد ان تصدر ازمتها عسكريا الينا وهي على بعد امتار من الهاوية واللحظة مناسبة لدفعها اليها , وقد غرهم وشجعهم على ذلك " انتفاضة الفلوجا المؤقتة " .
باعتقادي أن أي مقاومة مسلحة لأمريكا الآن هو خدمة لأمريكا كي تضربها باسم الارهاب وتوفر لها السيطرة على المنطقة , ربما يصح هذا الطريق مستقبلا في ما إذا تحول العالم الى نظام متعدد الأقطاب .
لماذا تصر القيادة السورية على السير في نفس الطريق السابق , لماذا لاتتعظ لما جرى لصدام حسين ؟ لماذا وقعت بنفس الفخ في لبنان كما قال حليفها وليد جنبلاط ؟. لماذا لاتدرك هذه القيادة أن عصر اللعب على التناقضات الخارجية قد ولى ولم يعد لديها سوى الالتفات الى الداخل كي تتقوى بشعبها ضد أمريكا ؟
يبدو ان هذا الطريق مؤلم جد1 للقيادة السورية بشقيها السياسي والأمني بعد ترويض لهذا الشعب عمره أكثر من أربعين عاما .
الأمثلة أكثر من أن تحصى قدمتها لنا سياسة القيادة في الفترة التي سمتها هي فترة التطوير والتحديث , ومنها على سبيل المثال لا الحصر .
1- تقديم أربعة عشر ناشطا ومثقفا ومهتما بالشأن العام وجرجرتهم أمام محكمة عسكرية لأكثر من عام , في حين قدمت في تلك الفترة كل التسهيلات لعشاق الرياضة وركوب الخيل ومعجبي رويدا عطية كي يزاولو هواياتهم بحرية .
2- استنفار القيادة من أجل قطع الطريق على اعتصام سلمي دعت اليه إحدى منظمات حقوق الانسان من أجل الغاء قانون الطوارئ واتهامهم بأنهم متعاونين مع الخارج الذي يضغط تهويلا على سوريا .
3- منع اعتصام سلمي دعت اليه المعارضة اليسارية السورية من أجل المعتقلين السياسيين السوريين وتفريق من تجاوب مع الدعوة بالقوة مع أن عددهم لم يتجاوز المئات في حين تغض القيادة النظر عن نشاط يميني مناصر لمسلمي الفلوجا يتجمع فيه عشرات الألوف .
4- عفو عام يشمل كل المجرمين في حين كان ينتظر السياسيون عفو من نوع آخر وبآلية مختلفة عن الآلية المعروفة والمتبعة في سوريا منذ ثلاثين عاما .
أعتقد لم يبق أمام القيادة السورية إذا كانت جادة في مجابهة الضغوط الخارجية سوى الانفتاح على شعبها ( ويبدو ان الضغوط القادمة الخارجية ستركز على الداخل لأنهم يعلمون مدى الهوة بين القيادة والشعب ) وأول جسور الثقة نحو هذا الشعب, هو أنصاف من تضرروا من المرحلة السابقة ودمرت عائلاتهم وتشتت شملهم لأنهم كانوا يحملون رأيا سياسيا مخالفا لرأي تلك القيادة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل