الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق بين المسرح التسجيلى و مسرح الكباريه السياسى

محمدعبدالمنعم

2010 / 11 / 25
الادب والفن


الفرو ق الجوهرية بين المسرح التسجيلى و مسرح الكباريه السياسى بقلم: د / محمدعبدالمنعم - قسم المسرح بكلية الاداب - جامعة الاسكندرية




ان عروض المسرح التسجيلى وعروض مسرح الكباريه السياسى تختلف فيما بينها فى أمر جوهرى، بينما تتفق فى عدة أمور؛ تتمثل نقطة الاختلاف فى:


أن العروض المسرحية التسجيلية تعود للوراء، فتتناول الظاهرة التاريخية باعتبارها حدثاً يتكرر فى الماضى وما يزال فاعل التأثير فى الحاضر، لذلك تتناول هذه العروض الظاهرة التاريخية التى تتكرر عبر العصور كالحروب والثورات والاستعمار وغيرها، ثم تعيد تصويرها بهدف مناقشة المشاهد من خلالها فى أحواله الحاضرة، تحريضاً على رفضها ومن ثمَّ تغييرها.


أما عروض الكباريه السياسى المسرحية فلا تعود للزمن الماضى، ولا تتناول التاريخ لتحاور من خلاله جوهر اللحظة المعيشة، وإنما تتناول القضايا الآنية المطروحة على الساحة وتحاورها بأسلوب مباشر جرئ، بحيث تلامس الواقع اليومى ملامسة حميمة عن قرب، وتشتبك مع الأحداث الدائرة فى الواقع الآنى، وهذا هو الفارق الذى يميز هذه العروض عن تلك.


أما نقاط الاتفاق بينهما:

فأهمها جوهر العلاقة التى ترسخها هذه العروض التحريضية مع الجماهير؛ إذ تطرح نوعاً جديداً من العلاقة التبادلية بين الممثل وجمهوره، يفرض إعادة النظر والتفكير فى العلاقة القديمة غير الوثيقة بينهما، بحيث تغدو أكثر تفعيلاً فى تغيير كل ما هو سلبى ومضاد لمصالح الوطن، باعتبار الجمهور جزءًا من العرض المسرحى، مشاركاً بيقظته مع ما يجرى أمامه، ليتحول من راضياً بالأمر الواقع إلى متمرد عليه؛ لأن المشكلات المطروحة هى مشكلاته المعبرة عن أرائه.

ومن هنا يتبلور دوره الفاعل فى العمل على تغيير الواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى نحو الأفضل؛ حيث أن القدرة على تغيير هذا الواقع موجودة داخل الإنسان (المتفرج)، هذه القدرة تُعتبر قوة أساسية مسؤولة عن تبديل الواقع، لذلك تستهدف هذه العروض السياسية تلك القدرة وتستثيرها.

ومن ثمَّ فإن العروض المسرحية التسجيلية والكباريهاتية لا تكتفى بأن تجعل المشاهد قاضياً، ناقداً، يستمع بهدوء إلى الجوانب المختلفة للقضية المطروحة، ثم يصدر حكمه بعد تأمل على نحو ما اتبعه بريخت فى مسرحه الملحمى، بل تطمح إلى ما هو أكثر من ذلك بحيث يصبح المشاهد أكثر إيجابية وثورية.


كما تتفق هذه العروض فى أنها لا تتوقف عند البطل الفرد، بل تتجاوزه إلى الشكل الجماعى؛ إذ تتسم بإحلال الجماعة محل الفرد، فلم يعد الفرد فى مقدرته المحدودة الآن أن يقوم وحده بما تستطيع أن تقوم به الجماعة.

ومن ثمَّ فإن البطولة معقودة على الجماعة، لذلك تخاطب هذه العروض جميعها الضمير الجمعى- لا الفردى- فى وضوح ومباشرة، بحيث تشتبك مع الإرادة الجماعية الواعية للمشاهدين الذين يمثلون مختلف فئات الشعب.


كذلك تتفق هذه النوعية من العروض المسرحية التحريضية على لغة مشتركة، هى لغة العرض المسرحى - باعتبارها اللغة الأكثر ملاءمة لفن المسرح، والأكثر تأثيراً وتعبيراً عن روح العرض المسرحى .



وهى لغة تنفر بالطبع من:

- تقديس النص المسرحى ومنحه الاهتمام الأكبر فى العرض؛ لأن ذلك يُعد من وجهة نظرها نوعاً من الجمود الذى يبدد روح المسرح وجوهره.

- كما تنفر من الشخصية المرسومة بحذق وحنكة.

- ومن الحبكة التقليدية المحكمة.

- وتلجأ إلى التقطيع النصى.

- وتتوشح بطابع التمسرح؛ حيث فضح أصول اللعبة المسرحية أمام الجمهور من منطلق أن الفن المسرحى ما هو إلا لعبة جماعية لابد وأن يشترك الجمهور فيها بوعى، بحيث يزول ذلك الإيهام التقليدى، حتى يستطيع الجمهور أن يضع يده على مفتاح الحقيقة.



لذلك فإن هذه العروض تسعى بشكل أساسى إلى إثارة خيال الجمهور، حيث تعرض أمامه الجزئيات الدرامية فى شكل لا يمكن أن يتخذ وضعه النهائى إلا بإضافة فاعلية المتلقى.



وأخيراً تتفق هذه العروض جميعها فى الإفادة من عدة روافد فنية متنوعة عند تجسيدها فوق خشبة المسرح مثل :

- الروافد الملحمية.

- والآرتودية.

- والجروتوفسكية.

- وملامح من المسرح الشعبى.

- والمسرح الاحتفالى.

- والكوميديا الفنية المرتجلة وغيرها.


بحيث يستلهم المخرج من هذا كله ما يحقق تصوره لمسرح المواجهة التحريضى.


وهكذا فإن هذه النوعية من العروض التسجيلية والكباريهاتية تُعد نموذجاًُ إيجابياً لما يمكن أن يؤديه مسرح اليوم، دون أن يقف عند حد الإقناع الفكرى الهادى؛ إذ تثير من الأسئلة أكثر مما تضع إجابات، تشحن وتُحرك أكثر مما تدفع للتعقل والإقناع، تسعى للمواجهة والتثوير جنباً إلى جنب التوعية والتنوير، وكلها سمات تلتقى عندها هذه العروض المسرحية السياسية التحريضية، مما يؤكد أن هدفها واحد مشترك.


بقلم: د / محمدعبدالمنعم

قسم المسرح بكلية الاداب - جامعة الاسكندرية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو