الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق مهربه ( ضحايا حسن النية ) ج7 لأبو غريب حكاية-

الاء حامد

2010 / 11 / 25
أوراق كتبت في وعن السجن


يضيق بنا المقام لو شأنا ذكر قصص السجناء ومظالمهم التي تبدوا أحيانا وكأنها من نسج الخيال لتفاهة التهم الموجة إليهم وقساوة الإحكام الصادرة بحقهم . وبناء على ما وردني برسائل القراء عبر البريد الالكتروني . ببرهة الحديث عن ((أبو غريب ))" والكثير منهم وصفه لي وصفا دقيق حيث يتكون هذا السجن من قاطعين الأول للاحاكم الثقيلة والثاني للخفيفة وكل قاطع يتكون من ردهات وأقسام والردهة عبارة عن قاعة كبيرة قسمت على شكل مربعات بواسطة أسرة فكل أربعة أسرة تشكل مساحة مربعة ينام فيها تسعة سجناء وهي لا تسع لأكثر من ثلاثة ينزوي البعض منهم تحت الأسرة ويفصل هذه الأسرة ممر ممتد بأمتداد القاعة لا يتجاوز عرضه المتر الواحد تنام فيه مجموعة كبيرة فمن ينام في أخر القاعة يجد الصعوبة في الوصول إلى المرافق الصحية إثناء الليل.

وبأختصار: إن النوم في (( أبو غريب )) بأستثناء أصحاب الأسرة إما إن يكون على ذات اليمين أو ذات الشمال فأذا حصل إن استلقى السجين على ظهره فلا يكون ذلك آلا على حساب من ينام عن يمينه وشماله, لذا يتعين على السجين إن يضغط فراشه ما أمكنه ذلك كي لا يشغل مساحة اكبر من المخصصة له , وقبل التعداد الصباحي يطوي السجين فراشه ويضعه على جانب الممر , إما الذين ينامون في الباحات الصغيرة فيضعون أفرشتهم تحت الأسرة , ولا يتمتع بالنوم إثناء النهار سوى أصحاب الأسرة الذين حصلوا عليها بعد معاناة طويلة بعد إن أطلق سراح أصحابها !!
فالسجين ينتظر سنتين او ثلاثة لعله يحصل على سرير وهذا مما جعل السرير يعادل القصر المنيف وينتاب صاحبه شعور طبقي حين يرى المحرومين من قيلولة الظهيرة يتملقون له ويتوددون إليه وأحيانا يباع ويشترى كما تباع وتشترى الأشياء الثمينة والنفيسة!!

هذا من جانب إما من جانب أخر فان المعارك في سجن (( أبو غريب )) لم تضع أوزارها والتي غالبا ما يكون السلاح المستخدم فيها آلات جارحة كما إن عمليات الثار مستمرة بين إفراد هذه المحافظة وتلك , فالولاء المطلق للمدينة فهي العشيرة والقبيلة التي يحتمي المرء بها وتدفع عنه شر العوادي.

وتزيدها سعيرا تجارة السكاكين والحبوب المخدرة الضالع فيها إفراد ( مديرية الأمن العامة ) الذين يشرفون على السجن فثمن السكينة ام الحلقة كما يكنونها مرتفع جدا ولقد مرت فترة منعوا فيها ارتداء الكوفية" لان مثلما موتورا قضى على احد السجناء ثم غاص بين الجموع الغفيرة التي تضيق بها الساحات الواسعة المتصلة فيما بينها بأبواب مفتوحة والتي تبدو وكأنها أسواق شعبية حيث اللحوم والأسماك والفواكه والخضر وتنانير الخبز المتنقلة وكل ما تدعو الحاجة إليه.

وقد ذكر مدير السجن السابق ذات مرة ( نقلها لنا احد السجناء )أنهم يرفعون أكثر من خمسين طنا من النفايات يوميه لكثرة النزلاء الذين يتزايد عددهم بأستمرار وليقولها صراحة بأنه لا أمل في تخفيف معاناتهم فالعدد إضعاف ما يمكن إن يستوعبه السجن المذكور بالإضافة إلى انسداد مجاري المياه الثقيلة وشحه مياه الشرب وانعدام العناية الصحية والنظافة بشكل كامل مما جعل الإمراض السارية متفشية كالجرب والسل وهذه الإعداد المتصاعدة بشكل غير مسبوق بمثيل تعكس حجم الجريمة في المجتمع في زمن الجهل والحروب العبثية والحصار وغياب كل ما يمت إلى الإصلاح بصلة.

وما يلفت النظر إن الأغلبية الساحقة ممن ارتبكوا جرائم بحق المجتمع هم أولئك الذين أكثروا وأدمنوا الفرار من الخدمة الإجبارية المكرهة والسبب في ذلك إن الهارب يصبح طاقة معطلة كون إن الجهات المعنية بهذا الشأن تلاحقه وتضيف عليه كما انه منبوذ من قبل أهله وذويه وعندما تضيف به السبل ولا يستطيع ان يوفر ما يمكن إن تستقيم به حياته ينحرف حينئذ نحو الجريمة مما يعني إن هناك ربط بين الجريمة وبين الإكراه على أداء هذه الخدمة التي ينفر منها الشبان ولا يجدون الخلاص منها سبيلا.

وأستميحكم عذرا في الخاتمة لأنقل لكم هذه المفارقة الغريبة التي رواها لي احد السجناء القدامى ممن شاهدها في (ابو غريب ) وهي ان احد النزلاء في ردهتهم يتصل به بعض السجناء بشكل مفضوح وكان الفتى حسن المنظر ولم يكن يدري ان قاتل شقيقته غسلا للعار الا حين تشاجر مع احد السجناء فعيره مستنكرا هذا التناقض حينها ادرك مدى فداحة الظلم الذي تتعرض له المرأة في مجتمعنا!!

فالحديث عن أبو غريب حديث ذو شجون وذات يوم اصدر مجلس الوزراء عفوا عام وشمل جميع المحكومين وبذلك انطوت صفحة من صفحات مر العذاب.

تمت









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نتأمل ان ينال كل ذي حق حقه
fadil rammo ( 2010 / 11 / 25 - 15:09 )
سلمت يداك ايتها الاخت العزيزة آلاء
لقد قمت بعمل جيد متمنيا لك التقدم في مسيرتك ، هنالك العديد من الصور المأساوية حدثت في ما مضى من سنوات عجاف عاشها شعبنا العراقي المسكين ، وخصوصا شريحة السجناء ، لكن المؤلم هو أختلاط الاوراق الذي اوصلنا الى يوم نرى به السجين السياسي المناضل في سبيل حرية الشعب والعدالة الاجتماعية وتحقيق الحقوق المشروعة ، نجده الان غير محسوب بنظر الاعتبار بينما المعترف به هو من تنطيق عليه شروط رسمها من سنحت لهم الفرص والتوافقات الاقليمية والدولية والمرحلية التي يمر بها البلد فقط .
نتأمل كما يتأمل الآخرين ان ينال كل ذي حق حقه


2 - الى آلاء حامد
عبد الرضا حمد جاسم ( 2010 / 11 / 25 - 16:52 )
تحيه وتقدير
اختيار جيد وموضوع سيكون ممتع وهو في بدايته
اذكر شيء لو سمحتم..اصطحبني صديق لزيارة نزيل يخصه وهناك وجدت لوحة حجر اساس مكتوب عليها بالحروف الكبيره ما يلي:
(في عهد السيد الرئيس القائد صدام حسين تم وضع حجر الأساس لتوسيغ سجن ابو غريب
هذا ما كان مكتوب
تقبلوا التقدير


3 - كيف يعطى لكل حق حقه وهنالك حكام اسلاميون
الاء حامد ( 2010 / 11 / 26 - 05:33 )
اخي فاضل شكرا جزيلا لك على تعليقك المعبر. بالطبع هنالك الكثير الكثير من المضحين والمتضررين وخصوصا شريحة السجناء ولازالوا مهمشين لا بل انهم يعيشون نفس الفاقة والحرمان!!وقد مضى على سقوط البعثيين ما يقارب ثمانية سنوات . وقد رأينا كيف عادت الاحزاب الاسلامية بعد سقوط النظام ليجنوا ويقسموا الغنائم ويحصلوا على المكاسب السياسية التي وفرتها لهم تلك الدماء الغزيرة وتضحايات السجناء الذين ذاقوا اشد وامر انواع العذاب.والغريب انهم يؤبنون الشهداء ويثنون عليهم كونهم فازوا بحضيرة القدس في الوقت الذي يتقاعسون عن نيلها ويزهدون فيها.وهكذا اضحت الشهادة والشهداء تجارة سياسية وقد مكنتهم الضروف من الاستحواذ على المال والنفوذ واصبحوا في ميسرة ولهم رساميل في البنوك بينما عوائل الشهداء والمعتقلين تأن تحت وطأة البؤس والحرمان والمضايقات في العراق. شكرا مرة اخرى لك وعظيم اعجابي اليك


4 - اخ عبد الرضا ابو غريب جرحا لا يدمى
الاء حامد ( 2010 / 11 / 26 - 08:22 )
من فيتنام الى ابو غريب الاله تنهض من جديد ومن اوروك حيث اكتشف السومريون الملابس الداخلية وغطوا مؤخرات الجميع ,يعود الامريكان ليثأروا من رسالة ابو غريب الفريدة في تاريخ الجنس العربي , الذي افهمتهم ان المؤخرات العراقية اشرف من مقدمات القمم العربية التي درج عليه(صنع في امريكا .وهي انصع لونا من وجوه ومؤخرات رؤساء العرب وملوكهم. على اية حال لا ننسى ما حصل في ابو غريب .في هذا الزمن او ذاك . كل الشكر لك اخ عبد الرضا مع الود

اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر