الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوتر اللبناني وعملية التسوية للصراع العربي الاسرائيلي

محمد سيد رصاص

2010 / 11 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


في أثناء زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد إسحق رابين لواشنطن،في أيلول1974،تمً التوصل،وفقاً لمذكرات كيسنجر:"سنوات التجديد"، إلى تفاهم بين كيسنجر ورابين على استراتيجية التسوية المنفردة التي سميًت ب"سياسة الخطوة خطوة" ،على أن يكون التركيز على تسوية مصرية- اسرائيلية منفردة،مع استبعاد"الخيار الأردني"الذي كان يفضله وزير الخارجية الاسرائيلي إيغال ألون صاحب "مشروع ألون".
كان الرئيس المصري أنور السادات في حالة ملاقاة لهذا التوجه الأميركي- الاسرائيلي.على هذا الأساس بدأ كيسنجر جولته المكوكية في الشرق الأوسط بيوم7آذار1975. اصطدم وزير الخارجية الأميركي بسدٍ مزدوج سعودي- سوري رافض للتسوية المنفردة بين القاهرة وتل أبيب.
تفصل ثلاثة أيام بين اعلان فشل جولة كيسنجر المكوكية واغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز في يوم الثلاثاء25آذار1975،كماأن ثلاثة أسابيع تفصل ذلك الفشل عن نشوب الحرب الأهلية اللبنانية في يوم الأحد13نيسان،التي وضعت سوريا في الزاوية اللبنانية المشتعلة هي ومنظمة التحرير الفلسطينية التي اقتربت خلال الربع الأول من عام1975من دمشق مبتعدة عن القاهرة التي كانت الراعية الأساسية لقرار القمة العربية في الرباط(28تشرين أول1974)بإعتبار"منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"في تكتيك من الرئيس السادات كان يهدف أساساً إلى افشال "الخيار الأردني" عند الملك حسين.
بدون ماسبق،ماكانت القاهرة تستطيع توقيع (اتفاقية سيناء الثانية)مع تل أبيب برعاية كيسنجر في يوم1أيلول1975،وهي ً في مضمونهاً لاتختلف كثيراً عن ماكان شبه متبلور في آذار الفائت.وعملياً،فإن عودة المصالحة المصرية – السورية في مؤتمر الرياض السداسي (16-18تشرين أول1976)،الذي أنهى حرب السنتين اللبنانية مع موافقة سعودية- مصرية على الوجود السوري في لبنان، كان متزامناً مع انتهاء المرحلة الكيسنجرية في يوم الثلاثاء2تشرين الثاني1976مع انتخاب الرئيس كارتر ومجيء أقطاب "تقرير معهد بروكينغز"إلى البيت الأبيض ،مثل زبيغنيو بريجنسكي،الرافضون لسياسة"الخطوة خطوة"،.
هنا،نجد كيف كان هدوء عام1977في بلاد الأرز مترافقاً مع إعادة الإحياء الأميركية لسياسة التسوية الشاملة للصراع العربي الاسرائيلي،بالتزامن مع توافق مصري- سوري،ومع وفاق بين واشنطن وموسكو حول أزمة الشرق الأوسط بلغ ذروته في البيان الأميركي- السوفياتي المشترك(1تشرين أول1977)المؤكد على القرار242وعودة مؤتمر جنيف والتسوية الشاملة.بالمقابل،كانت زيارة الرئيس المصري إلى إسرائيل في يوم19تشرين الثاني1977مؤدية ليس فقط إلى انقلاب أجواء "التسوية الشاملة" لصالح تسوية مصرية – اسرائيلية انفرادية جديدة،وإنما كان أيضاً أحد تداعياتها عودة لبنان إلى الإنفجار منذ يوم 8شباط1978مع حادثة ثكنة الفياضية وهو مااستمر عليه الوضع اللبناني حتى خريف 1978 مع توقيع اتفاقيات كامب دافيد في17أيلول بين السادات ومناحيم بيغن. وفي هذا الصدد ،فإن زيارة السادات لايمكن فصلها عن عملية إسرائيل في اجتياح لبنان لأول مرة في آذار1978،كماأن انتهاء انسحاب إسرائيل من سيناء في25نيسان1982،وفقاً للإتفاقية المصرية- الاسرائيلية في26آذار1979، لايفصله سوى أربعون يوماً عن اجتياح إسرائيل الثاني للبنان ،حيث يبدو أن الهدف منهما محاولة اسرائيلية(بعد اطمئنان تل أبيب إلى فصل وتحييد الرأس المصري عن الجسم العربي)من أجل صياغة هذا الجسم في آسية العربية لصالح إسرائيل عبر الخاصرة اللبنانية الضعيفة والمضطربة.
في اليوم التالي لخروج ياسر عرفات من بيروت(1أيلول1982)،إثر الإجتياح،طرح الرئيس الأميركي "مشروع ريغان" للتسوية،وهو مافضَلت تل أبيب عليه تسوية اتفاق17أيار1983الإنفرادية مع لبنان،والتي أدت إلى تفجير لبنان من جديد مع (حرب الجبل: أيلول1983)و(6شباط1984)،اللتان جعلتا مشهد (صيف الإجتياح- 17أيار)ينقلب لصالح مشهد لبناني جديد لغير صالح المشروع الاسرائيلي- الأميركي منذ اتفاق بيغن – ألكسندر هيغ (وزير الخارجية الأميركي)على اجتياح لبنان .هذا أدى إلى مرحلة انتقالية لبنانية كانت آلام مخاضاتها مؤدية إلى انتهاء مرحلة الحرب الأهلية اللبنانية في يوم13تشرين أول1990،في ظل توافق سوري- سعودي- أميركي تجَسد أولاً في اتفاق الطائف قبل عام من ذلك ثم تجسَد ثانية في أزمة مابعد اجتياح العراق للكويت في يوم2آب1990،وهو ماترافق منذ أيار1990مع عودة التوافق المصري- السوري:خلال عقد التسعينيات كان دخول لبنان في مرحلة"السلم الأهلي"متزامناً مع اتجاه مساعي التسوية للصراع العربي الاسرائيلي منذ مؤتمر مدريد(تشرين أول1991) نحو أطر شاملة ،لم يحجب فيها (اتفاق أوسلو)بين عرفات ورابين في13أيلول 1993الجهد المكثف الذي بذلته إدارة كلينتون من أجل اتفاق حول مرتفعات الجولان.وعملياً،فإن وصول التسوية السورية- الإسرائيلية إلى طريق مسدود في قمة جنيف بين الرئيسين السوري والأميركي(25آذار2000)،ثم فشل محادثات كلينتون- باراك- عرفات في كامب دافيد(11-25تموز2000)،قد عنيا انتهاءاً لمرحلة(تسوية مدريد).
خلال فترة(مابعد مدريد)،والتي استغرقت معظم العقد الأول من القرن الجديد،أشاحت الولايات المتحدة الأميركية بوجهها عن(التسوية)،التي بدأت الإهتمام بها كوسيلة لتنظيم سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط منذ عام1974. هذا أدى إلى جعل اهتمامات واشنطن منصبة على مواضيع أخرى غير(التسوية) في المنطقة من أجل تحقيق هذا الهدف ،وهو مابان في عهد بوش الإبن الذي تجاهل (التسوية)لصالح "إعادة صياغة المنطقة"من "البوابة العراقية"وهذا شيء كان واضحاً في الأشهر الثمانية الأولى من عهده قبل(11ايلول) ثم توضَح أكثر بعد ضرب برجي نيويورك:قاد اتجاه الولايات المتحدة إلى غزو واحتلال العراق إلى صدام سوري- أميركي بانت معالمه أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي كولن باول لدمشق بعد ثلاثة أسابيع من سقوط بغداد.بدون هذا الصدام،لايمكن تفسير القرار1559(2أيلول2004)الذي عنى اتجاهاً أميركياً إلى تحجيم الدور الإقليمي السوري عبر بلاد الأرز،وهو ماأدى إلى اشتعال لبنان من جديد،ولكن على خلفية ليس عنصرها الأساسي هو(التسوية)،كمافي أعوام1975و1978و1983،وإنما(العراق)،الذي كان يعتبره الرئيس الأميركي آنذاك"موضوع المواضيع"،ثم انضاف لعوامل الإشتعال اللبناني ماحصل،منذآب2005،من صدام ايراني- أميركي بسبب استئناف طهران لبرنامجها في تخصيب اليورانيوم.
خلال أعوام ستة،انقسم لبنان بين معسكرين،كان من الواضح في تلك الأعوام أن المواضيع اللبنانية هي مكثفات لمواضيع وقضايا هي أبعد من 10452كيلومتر مربع،كماأن التوازنات الاقليمية التي كانت في مرحلة مدِ المشروع الأميركي بالمنطقة،بدءاً من سقوط بغداد في 9نيسان2003،قد كان لها ترجمات خاصة في لبنان،تماماً كماكان هناك ترجمات معاكسة لبنانياً لمرحلة انتكاس وتراجع المشروع الأميركي منذ النصف الثاني من عام2006.
هنا،يلاحظ ،منذ تراجع المشروع الأميركي،بداية عودة واشنطن إلى استخدام(التسوية) من أجل لملمة هذا المشروع وإعادة ترميمه.يمكن تلمس هذا الشيء بوضوح في عهد أوباما،وصولاً إلى الذروة في ذلك مع تدشين مفاوضات بنيامين ناتنياهو- محمود عباس منذ2أيلول2010:خلال شهرين،سبقا تلك المفاوضات،عاد التوتر إلى لبنان- بعد هدوء مابعد (اتفاق الدوحة) في أيار2008- تحت عناوين محلية خاصة،ثم ازداد عقب بدء تلك المفاوضات وأيضاً تحت تلك العناوين ومتفرعاتها،وهو توتر غلياني يعكس كمرآة ماتتجه إليه منطقة الشرق الأوسط من منعطف نتيجة اصرار واشنطن على الإستمرار في مشروعها للمنطقة،البادىء ببغداد، عبر وسائل جديدة،ربما تكون الحرب احداها،والتي يمكن أن تكون (التسوية)،التي أوحت واشنطن بإمكانية حصولها عبر مايجري بين عباس وناتنياهو،هي مجرد غبار تمويهي للبعض،وارضائي للبعض الآخر،قبل حصول تلك الحرب الأميركية- الاسرائيلية. هنا،أيضاً،يلاحظ ،بعد اصطدام تلك المفاوضات بالحائط الاسرائيلي المسدود منذ أواخر أيلول،دخول لبنان، مثل تجربة1975،في توتر متزايد أكثر من الصيف السابق ترافق مع بداية ملامح لهجمة أميركية غير مسبوقة في المنطقة منذ النصف الأول لعام2006،وهو مايتزامن مع انتصار اليمين الأميركي في انتخابات الكونغرس النصفية على "اعتدالية"أوباما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبرز القضايا التي تصدرت المناظرة بين بايدن وترامب


.. الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه ترامب يتبادلان الاتهامات بع




.. هل يتنحى بايدن؟ وأبرز البدلاء المحتملين


.. توثيق اشتباكات عنيفة في رفح جنوبي قطاع غزة




.. آيزنكوت: يجب على كل الذين أخفقوا في صد هجوم السابع من أكتوبر