الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة السادسةعشرة من سيرة المحموم (16)

عبد الفتاح المطلبي

2010 / 11 / 26
الادب والفن


الحلقة السادسة عشرة من سيرة المحموم (16 )


لعنت الظروف التي تجبرك على فعل ما لا ترغب، ماذا اعمل اشعر انها امور قاهرة تجعلني افكر كثيراً بل وتجبرني على ان اتخذ قراراً صعباً.. انه الزواج الذي لابد منه كما يقولون، الشيب انتشر في رأسي، حتى اصبح لون شعري كالرماد لون منافق لا يبعث على الارتياح، صحتي اصبحت جيدة، كذلك هناك ضغوط اتعرض لها في اسفلي تسبب لي احياناً آلاماً، شجعني الاهل والاصدقاء لم تكن هناك من مشكلة سوى الصفيح الذي يكون قلبي.. لكن اخي الكبير عندما نتحدث عن هذا الامر يسكت سكوتاً لا يعني الرضا.. ولا الرفض، لكنه شعر بالاسف لانني بدوت جاداً في الامر، لا يريد ان يكون جزءا من مما سيحصل فهو مشغول بعمله مع لصوصه في المكتب ولا يستطيع حك رأسه ،السلع المسروقة متوفرة باثمان زهيدة، صفقات تدر الملايين التي يعشقها.. يرى ذلك فرصة لا تتكرر، السوق يزخر بالباعة اللصوص، وبطيبي القلب امثال اخي الذي يشتري تلك السلع باعشار اثمانها.. كذلك ان مجرد تفكيره بالموضوع سيجعله يشعر بالحزن لاحساسه بان نقوداً ستتاطاير من جيبه، ثم انه ينتظر وصول سياج الطريق الدولي السريع بين بغداد والاردن الذي تم نهبه ومازال يغذ السير الى مكتب اخي.. وعليه ان يجد له ملاذا في مكان ذي حصانة تشبه حصانة سفارة، ريثما يموهونه ويبيعونه وبالات حديد التسليح الذي نهب من الحكومة، التي انهارت كنمر من ورق، اثناء الهياج الجمعي والانفلات العام والخروج والدخول العام الى أي مكان.. لا يريد اخي ان يغيب يوماً واحداً عن مكتبه خوفاً من شريكه الذي ربما يقدم على اجراء صفقات سرية من دون علمه، وذلك يحصل فهم كلهم لصوص ، ان قراري أحزن أخي بدل ان يفرحه، وما أنا الا حلاق متواضع، فكرت ملياً كيف سأخبر العروس بقضية قلبي الصفيح، انا لا اعرف من ستكون لكن ذلك لا يمنع اشفاقي عليها فأنا مفطور قلب سابق وبقلب من صفيح حاليا، وكل الفتيات المعارف والاقارب يعلمن بقضية قلبي المفطور والمستبدل بعلبة من الصفيح، لذلك فهن مستبعدات جميعاً من ان تكون أي منهن زوجة مفترضة، شاءت الصدف ان التقي بصديق قديم بعد اربع سنوات من آخر لقاء لنا ، فضلت ان لا اخبره بما جرى لي لان ذلك سيجعله يشعر بالاسى والاسف وربما يذهب الى بيته حزيناً لن اخبره، تكلمنا عن الحياة والزواج، رشح لي واحدة، قال هي وحيدة ويتيمة اقارب والدته المرحومة وقد أوصته بها، فلا يجد كما يقول خيراً مني لها، اشاد بها وبجمالها وأدبها فوعدته ان افكر بالامر ، لكنني لم اتصور بعد كيف سأخبرها ويبدو ان صاحبي قد اخبرها ايضاً وامتدحني امامها، هي كانت تكبرني بسنتين ، ويبدو ان هذه فرصتها الاخيرة، اما انا فلا فرصة لي بقلبي المعدني فاتفقنا كل مع نفسه على تجاهل تلك الامور واتفقنا..
قالت الحمى: هي مفطورة القلب مثلك تماماً وقد التأم قلبها على عيب، صار سميكاً كجلد الجاموس التي تعمل منه الاحزمة، والاحذية وقالت، الذي لا تعلمه ان النساء جميعاً لا يملكن عيناً ثالثة منذ خلقهن الله من ضلع آدم الاعوج، ومع ذلك لم تنجح عينه الثالثة مع حواء لانها كانت بعضه، فكيف ينظر الانسان الى بعضه...
لقد تسببت ما تسببت نتيجة للمنظور المكسور كما ينكسر الضوء في الموشور حول قضية الشجرة، الذي اريد قوله انني مفطور القلب سأتزوج مفطورة قلبي مثلي من دون عين ثالثة تذكرت ندم الشاعر الذي بتر اصبعه ندماً ذلك الذي ذكره الفرزدق عندما طلق زوجته نوار،.. انا اعلم انكم لا تحبون الشعر لكنكم تدعون ان شعبنا عبارة عن اثنين وعشرين مليون شاعر وعليه سأوجز ما قاله الشاعر، عن ندمه حيث انه عضّ على السبابة فيبترها ندماً ولو ان نفسه تطاوعه لبتر اصابعه الخمسة ندما..
كانت العروس مغطاة بكيس من الساتان الازرق المائي لم اشاهد منها شيء سوى اثوابها الجميلة، ربما حذقاً منكم يقول الم ترها ايام الخطوبة، أي خطوبة كان كل شيء يجر الى ساحة الحدث قسراً وعلى عجالة واقول لهذا الحذق الملىء بالريبة، نعم انا كنت كالمغشي علي بتأثير شيء ما يدفعني لاقوم بما قمت به واتمم عملية الزواج وقد نسي هذا الحاذق المستريب انني املك قلباً من صفيح لا مشاعر فيه انما كنت مدفوعاً بامرٍ ما، كان ثائراً لا يهدأ يسبب لي وجعاً في الخاصرة وكأنني مرفوس عليها.. لكننا اذا أخذنا في الاعتبار قضية الشمال والجنوب الجغرافيين ويممنا شطر المسجد الحرام ستكون خاصرتي اليسرى، قُل اذن ايها الحاذق وماذا اضع.. اكان امامي خياراً.. أكانت خالتك تسعفني؟ لم يكن ندماً بالمعنى الصحيح عندما رأيت بعيني وبظرف مثالي من الحرية والاستقلال ولكنني كنت انظر الى الاسفل وكان يقودني تحت وسطي الى ما يريد وعندما انتبهت كان شعوري خيبة خالصة...


همست الحمى انها مفورة قلب مثلي لكن الفارق بيني وبينها انها لم تستطع نسيان فاطر قلب زوجتي، بينما انا استطعت ان انسى فاطرة قلب زوجها.. ونسيت حتى قلبي الذي ربما صار لقمة سائغة بفم كلب كان يبحث عما يأكله بمكب نفايات المشفى، كان ذلك بمجرد سماعها تتنصل عن مسؤولية سحق قلبي ، لذلك كرهتها وأكلها الكلب مع قلبي الذي عثر عليه ذلك الكلب في كيس زبالة المشفى.. ذلك ان ذاكرة النساء ليست في الدماغ ولا في القلب انها في اكبادهن المفضية الى اكياس عاطفية تنتشر في مكان ما اسفل خصورهن، لذلك تقول النساء عند المخاتلة والمراوغة والدلال، آه كبدي، وكبدي انفطر، وانت كبدي... الخ. انا لست طبيباً ولكن ذلك يبدو معقولاً اذا اجريت التعديلات التي طالبت بها لجنة النظر من طرف خفي للامور، فيما يتعلق بالانفطار والا نفصال المتعلق نوعاً ما بقضية الفصل بين السلطات، ربما ستقترح بعض الناشطات اضافة اقليم رابع للنساء، من يدري ربما، بدأت تعاستي تنتشر لكنني احمد الله ان قلبي من صفيح لا يتأثر بالتعاسة بيد ان روحي ترفرف كالطير المذبوح كلما دلفت الى البيت، اجدها تبكي دون دموع ، هل يعقل ان عروساً تبكي بدون دموع كأنها تبكي، لاحظت ان في يدها صورة مشرشرة الحافات كأنها من زمن قديم!
قلت: ما بك؟
قالت: لا شيء.
كنت اعلم ان تلك صورة فاطر قلبها شعرت بالود تجاهه لانه فعل ما لا استطيع فعله، لا استطيع التخلي عنها هي وحيدة ولا اتعاطف مع الخاذلين وبهذا تراجعت عن ودي لخاذل زوجتي وتمنيت له الموت...
قالت، انها تبكي لانني حلاق وهي مشفقة علي من هذه المهنة القذرة وقالت انها لا تليق بزوجي واعرف انها لا تعني ذلك وان ألم قلبها المختزن والعتيق انفتق الآن ولها الحق فأن قلبي لا يشعر بها.. هو من صفيح.
كان ألمها المنفتق مثل بقرة نافقة في العراء وقد انفتقت من التفسخ.. اقسمت لها انني لو اعرف غير هذه المهنة لفارقتها الآن.. الا انني وفي اللحظة ذاتهااكتشفت ان لهذه المهنة ميزة مختفية كلغز، انها عملت وستعمل على انقاذي من ورطة البقاء امام زوجتي الشبيهة بالصقر بعيونها الناتئة وفمها المقوس واصابعها التي تشبه مخالب جارح... اعتدت على بكائها واسبابه لذلك لم يعد مهماً، لاحظت ان سكوتي وعدم اكتراثي يثيرها هذه الايام فيكثر من تحولها الى صقر ويقلل من بكائها كبوم.. وهذا شيء ايجابي.. يفرحني كثيراً.. وعندما تتجمع انكساراتها القديمة والحديثة تتكاتف بداخلها فتنهمر دمعاً مصحوباً بزوابع من الصراخ والعويل عند ذلك اعرف ان شتاء قد حل وعلي ان اتدثر جيداً.
استلقيت على السرير بوهن واضح فأقتربت مني الحمى التي لازمتني طوال هذه المدة بعد غياب ليس بالطويل ، لكنها جاءت في وقتها لتخلصني من ليلة اخرى من العذاب بجانب هذا المخلوق الذي كان امرأة، رحبت بالحمى احتضنتني كحمى حقيقية لا تحابي أحداً في ذلك بدأ العرق يبلل جبيني وثيابي ورأيت آخر مشهد قبل ان تذهب بي الغيبوبة ماشية جناح مكسور على كتفها الايمن وغاب وعي انتظرته ولم يأت ، فبقيت مغيب الوعي وكان ذلك ممتعاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف