الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية العلاقة بين الأدب والجريمة.

ابراهيم حجاج

2010 / 11 / 26
الادب والفن


جدلية العلاقة بين الأدب والجريمة. بقلم : ابراهيم حجاج مدرس مساعد بقسم المسرح كلية الآداب جامعة الاسكندرية.
قصة " الإنسان والجريمة " فى تاريخ الإنسانية قديمة طويلة كتبها الإنسان بكل معاناته وإنسانيته ، ورواها بكل معرفته وخبرته . ولكل قصة بداية ويخبرنا القرآن الكريم بأول جريمة قتل ارتكبت فى عالم البشر ، ذلك عندما قتل قابيل أخاه هابيل وقد جاء ذلك فى قوله تعالى " فطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيه فَأصْبحَ مِنَ الْخَاسِرينَ " { المائدة 30 }
ومنذ أن وقعت الجريمة وهى تشغل الأذهان بهذا التساؤل المحير ما الذى دفع الإنسان إليها؟ وهل هى حقيقة صادره عنه ، نابعة منه ، أم أنها آتية من قوه خفية "فالإنسان القديم كان يعتقد بوجود أرواح شريرة تتقمص روحه وتدفعه إلى ارتكاب الجريمة.
" أما الإغريق فقد أبرءوا الإنسان منها لأنهم اعتبروا الجريمة قدراً من الآلهة . هى لعنه تصيب الفاعل قبل أن تصيب المفعول به ، هى إرادة الله التى شاء للإنسان أن يخطئ وان يذنب، والإنسان ـ أمام إرادة الله ـ ضعيف لا حول له ولا قوة. "
وهذا ما نجده بوضوح فى التراجيديات الإغريقية تحت مسمى "الحتمية القدرية " ففى مأساة "أوديب " للشاعر اليونانى "سوفوكليس " Sophocles نجد أن " أوديب" قاتل أبيه وزوج أمه لا يعد مسئولا ـ فى منطق عصره ـ عما أتاه ، ويأتى هذا المعنى على لسان أوديب حيث يقول :

"أوديب : إن هذا كله قد وقع منى بقضاء من غله قاسى "

وتأتى الجوقة لتؤكد هذا فى رثائها لأوديب

" الجوقة : أى أله قد انتهى بالقضاء فيك إلى أقصاه فصب عليك من الآلام ما يتجاوز طاقة الناس "
وفى هذه الكلمات يظهر بجلاء أن لعنة الآلهة لها وطء رهيب وعندما تحل بالإنسان فإنها تقوده إلى الهاوية .
ورويداً رويداً أخذ العالم القديم يطور أفكاره ويوجهها وجهة إنسانية تتفق مع واقع المجتمع والمثل السائدة فيه .
ومع تقدم الفكر الفلسفى اخذ البحث عن أسباب الجريمة بعداً جديداً فقد حاول الفلاسفة بدورهم تفسير الجريمة مثل إيبوقراط وسقراط وأفلاطون وأرسطو ، وقد أرجه هؤلاء الجريمة إلى فساد المجرم ، والى العيوب الخلقية والجسمية الكامنة فيه ، وظل هذا الاتجاه الفلسفى قائما حتى العصور الوسطى ، حيث سادة نظرية مقتضاها أنه يمكن الوقوف على طباع الشخص من فحص خطوط يديه ورجليه وتقاطيب وجهه ، ثم تلت هذه النظرية أخرى تربط الجريمة بالكواكب، وتعلق مصير الإنسان على الكوكب الذى كان متسلطاً عليه عند ولادته تبعاً لما إذا كان كوكباً طيباً أو كوكباً خبيثاً .
" وخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أصبحت الأخلاق هى محور الاهتمام فى تفسير السلوك الإجرامى ، وكانت محور اهتمام الفلاسفة المصلحين الاجتماعيين أمثال فولتير وروسو وغيرهما "
وفى النصف الثانى من القرن التاسع عشر ومع الثورة العلمية التى بدأت أولا فى نطاق العلوم الطبيعية ثم الاجتماعية بعد ذلك بدأ البحث فى أسباب الجريمة يأخذ طابعاً علمياً .
" كما أن النظريات النفسية ترجع السلوك المنحرف إلى أسباب خاصة بالتكوين النفسى للفرد مثل نظريات التحليل النفسى " لفرويد " Freud التى ترجع السلوك المنحرف إلى الصراع القائم بين مكونات الشخصية ( الهو والأنا والأنا العليا ) الذى ينتهى بخضوع الأنا والأنا العليا لرغبات الـ هو "

وفى ميدان الصراع القائم بين (الهو) ويعنى بها الشهوات والغرائز ، والانا العليا الممثلة للضمير والقيم المكتسبة تحاول الأنا ـ وهى التى تمثل العقل والواقع ـ التوفيق بين الطرفين المتعارضين فإن استطاعت التوفيق بينهما تكيف سلوك الإنسان مع مطالب الحياة الاجتماعية ، وإن أخفقت اضطرب السلوك وكانت الجريمة .
ويذكر فرويد عددا من الدوافع والقوى المحركة لهذا الصراع والكامنة فى اللاشعور ، ومن ذلك مثلاً عقدة النقص ، عقدة الذنب ، عقدة أوديب ، عقدة ألكترا .
وهذا يقودنا إلى أن التأكيد على أن أصحاب هذا الاتجاه لم يكونوا وحدهم فرسان هذا الحقل العلمى الجديد فى دراسة نفسية المجرم وتحليل شخصيته إذ سبقهم إلى ذلك عدد غير قليل من الروائيين العالميين .
فلقد لجأ " فرويد " ـ كما هو معروف ـ إلى تاريخ الأدب يستمد منه كثيراً من مقولاته ومصطلحاته فى التحليل النفسى فسمى بعض ظواهره العقد النفسية ـ مثلاً ـ بأسماء شخصيات أدبية معروفى كما سبق أن أوردنا .
بقلم : ابراهيم حجاج مدرس مساعد بقسم المسرح كلية الآداب جامعة الاسكندرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر