الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( مابين التايمز ودجلة..عاشقة لا تريد ان تصحو..) قراءة نقدية لديوان تحت سماء الثلج

خلود المطلبي

2010 / 11 / 27
الادب والفن


( مابين التايمز ودجلة..عاشقة لا تريد ان تصحو..) قراءة نقدية لديوان تحت سماء الثلج

بقلم الناقد ريسان الخزعلي


حينما ازور العراق سأحاول
ان اجلب معي لبريطانيا نخلة عراقية ازرعها
وأُكون لي عراقاً صغيراً لي هنا في حديقتي الانجليزية
.من رسالة الشاعرة.


(تحت سماء الثلج ) مجموعة الشاعرة المغتربة خلود المطلبي (يكشف نبضها الداخلي )
مقطع الرسالة اعلاه وقد اردت منه مفتتحا اضافيا في قراءة المجموعة التي جاءت باللغتين العربية والانجليزية في محاولة لتواشح مناخين متقاطعين ومتداخلين في ذاكرة الشاعرة وحضورها اليومي في المواجهة الشعرية التي ما كان مقدرا لها ان تكون بعيدة عن دجلة. ان مثل هذا البعد(الابتعاد) اضطراري في جوهره ولا يمثل الا المسافة التي تفصل بين نهرين حيث يشع البعد الروحي في اختزال هذه المسافة:
فرَّ الصبية في الاعظمية مني
وتناقلت النسوة حكاية الصغيرة..
التي نسيتها امها
في شوارع الاعظمية
راغبة خاتون بالتحديد
ان الصبية –الشاعرة الان, ما زالت سرة ولادتها مربوطة الى نخلة جنوبية تلوح لها تحت سماء ثلجي وهي تتمثل صوت الشاعرة السومرية انهيدوانا في تطمين روحي وانشداد مخفي بين حنايا الضلوع, يفضح هذا النداء ورنينه الايقاعي (يا ابنة اوروك):
يا ابنة اوروك
ايتها المرأة التي تشعل صباحات شموعها
في دمى الليل المحنطة ..
اراكِ تقفين بانتظار قطار (بوند ستريت )
وقد ادهشتكِ ستائر الثلج وكثرة العصافير
....
....
...
ستتنصت هناك
لمقاطع موسيقية لصوتي الطفولي
وستعرف بأن تلك الطفلة الجميلة
ستبقى الى الابد
داخل زهرة ثالوثك الغامضة




وأرى ان (الشاعرة الآن ) ما زالت الطفلة التي تحتمي بداخلها الاول,الداخل الساخن في مواجهة الثلج الذي يلون اصابعها وشعرها دون ان يمس حرارة نبضها المشدود الى ميسبوتاميا..طللية الذاكرة لا طللية المكان ..انها ملكة ميسوبوتاميا تمثلا واحتياجا الى فكرة الشعر ودلالة الاشارة التاريخية:



ملكة ميسوبوتاميا العاشقة
تعبر تلك الغابة
مغمضة العينين
فر الوطن المعشوق من بين يديها
وهي تفر الآن من الوطن العاشق
مغمضة العينين ستمشي بدثار محطات البرد


ورغم هذا الشعر الروحي الملوكي الّا ان الشاعرة تفيق على صحوة طفولة مفقودة ,طفولة مكتنزة باللاوعي حيث الاعماق التي تأتي بالشعري في لحظة الاشتعال الشاعري:


(من ميسوبوتاميا افيق.. واقاسمك السر مثل جنازة الاحتفال)
.
في مستوى الابداع الفني الجمالي فأن قصائد الشاعرة في (تحت سماء الثلج ) تمتاز بمقومات ابداعية متداخلة ضمن اشتراطات قصيدة النثر فالشاعرة ليست بعيدة عن فكرة الايقاع الداخلي , اللغة المتحركة الواضحة بعيدا عن السهولة , التركيز حول بؤرة القصيدة والدوران حول المحيط بابعاد تكاد تكون متساوية , الاختزال , الالتفات الى الرموز حيث دلالاتها...السرد في القصيدة لاسيما القصيرة منها , المشاكسة اللغوية, التسلسل التراتبي حيث يفضي كل ما قبل الى ما بعده :

محزن جداً أنك لن تقول لي
مرة أخرى
Hi
لأن بحر المانش الذي تجمَّدَ فجأة
قد ابتلع الخمسة عشر عاماً كلها
تلك التي كنا سنتبادلُ فيها الأدوار
مرةً تكون أنتَ أبي
ومرةً أخرى
أصيرُ بها
أمكَ

في (تحت سماء الثلج ) لا تتستر الشاعرة على صوت الجسد ولم تراوغ هواجس الانثى...انها منصتة الى نداءات الاعماق...تكشف المستور عنه في قيمة الشعر الجمالية الفنية دون حذر من وهم الحياء الاجتماعي الذي ترسب في دواخل بعض الشاعرات وقتل جذوة الشعر التي ما كان لها الا ان تنفلت والشاعرة على وعي بما تفعل حيث الاشارات الحادة المدببة التي تخترق الجدار المصطنع بعيدا عن فضائحية مزعومة لا يحتملها الشعر الصادق وقصائد مثل (الراهبة, اشتعالات الجسد ,لحبنا كل هذا الجنون, قبلة تيه, لاضرورة لاحمر الشفاه) تكشف عن مرموزية ذوقية في موضوعة الجسد والانثى: (ارفعي فستانك عن الأقدام قليلاً, عقاب الراهبات أن يمشين, على المسامير و لا يخدشن رائق أقدامهن , سأغمضُ عينيَّ , قبلني الآن" , أستغفر الله, أربكها القلب بخفقتين, واحدة له وأخرى للغياب) ومثل هذا الكشف بضروراته الشعرية الفنية يمنح الشاعرة توصيف الخصوصية:


هذه الليلة
لن أطالبكَ الّا بجنون أخير
غواية الغياب في
شغف الذاكرة
أُعري الليلة
بقبلتين
متاهة شوق على حافة الكأس
اشتهاء
يليق بعتمة صمتي
في أَبدية هذا االهروب
أُحبكَ أَكثر
والشاعرة رغم السماء الثلجيية الا انها محاطة بالاعتراض ولم يقوض هكذا اعتراض مجساتها الشعرية...( كم مرة اردت ان اكتب لك , ان افهمك , بأن مراسلاتي مع البروفسور , كانت لاجل استعادة لحظة ما بين بغداد وهولندا , اللحظة التي لا تزال انت تصر على التخلص منها ).
الشاعرة تحت السماء الثلجي تكتب القصيدة في بيت الشاعر( كيتس) في محاولة لعيش تجربته ولو لوقت قصير , وتمد جسورها مع الشاعرة سيلفيا بلاث و هوبكنز ومحمد شمسي والديجافو – احساس المرء بأن التجربة الجديدة التي مر بها كان قد مر بها من قبل والاحالة الاخيرة تكشف ما هو مضمر , ماهو مسكوت عنه...لان مابين دجلة والتايمز...عاشقة لا تريد ان تصحو:

اتركني أيها الحبيب
اتركني لثمالتي
وسكري
فثمة عاشقة لا تريد أَن تصحو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط