الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تصبح المقاطعة واجب وطني

محمود طرشوبي

2010 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


أفلحت بعض القوي السياسية المصرية بإعلانها مقاطعة الإنتخابات البرلمانية القادمة , و خسرت قوي أخري أعلنت مشاركتها , و كانت خسارتها في فقدان مصداقيتها لدي عدد كبير من طوائف الشعب المصري الذي تعتبر إن الإشتراك في الإنتخابات القادمة هو نوع من الصفقات السياسية مع النظام , و من الممكن أن يكو هذا حقيقي و أن تكون الأخبار التي تسربت في هذا الشأن صحيحة , لكن الجزء الأكبر داخل المجتمع المصري ينظر إلي الإنتخابات نظرة مختلفة , تختلف بإختلاف الهدف الدافع للإشتراك فيها , و هي تتمحور في مصر في ثلاثة دواقع أو أهداف :
أولاً : المصلحة الشخصية سواء للمرشح أو للناخبين الداعمين له و المثال الأوضح هو لنا هو الحزب الوطني .
ثانياً : الدافع الفكري و الأيديولوجي و هي تتمثل في جماعة الأخوان المسلمين و بعض الأحزاب التي تمتلك إيديولوجيا فكرية , بخلاف الأحزاب التي تتخذ من الليبرالية منهج فكري لها لأن الليبرالية في المنطقة العربلية تتحرك دائماً في موقفها السياسية علي ذهب المعز و سيفه و ليس لها أدبيات ثابته لا تتخلي عنها أو تدافع عنها .
ثالثاً : الدافع القبلي و هو الذي يسيطر علي الجزء الأكبر داخل العملية الإنتخابية في مصر إلي الآن , فإذا أجرينا إحصاء بسيط فسنجدده هو الدافع في إشتراك أكثر من 90% من المواطنين الذين لهم حق الإنتخاب , خاصة في محافظات الصعيد و سيناء و محافظة مرسي مطروح و كثير من محافظات الوجه البحري , و العشرة الباقيه تتركز في بعض مناطق القاهرة و الجيزة و عواصم المحافظات .
هذا بالإضافة إلي الدافع المادي و هي الظاهرة التي بدأت في الإنتشار في السنوات الأخيرة و هي دفع أموال و هدايا لشراء أصوات الناخبين و تزيد هذه الصورة كثيراً في الدوائر التي لا ينفع معها الدافع القبلي .
أنني اضم صوتي إلي دعاة المقاطعة ليس لإحداث بلبلة سياسية , و لكن لأن مصر بانتخابات مجلس الشعب 2010 وبالانتخابات الرئاسية 2011، تمر بلحظة فارقة قد تشهد انتقال السلطة الرئاسية إلى رئيس جديد. وقناعتى أن أخطر ما يمكن أن يحدث لمصر فى هذه اللحظة هو أن يتم هذا الانتقال دون أن يسبقه نجاح للمعارضة فى انتزاع بعض الإصلاحات الديمقراطية من نخبة الحكم. وحيث إن المشاركة فى الانتخابات وبالمجلس لم يكن لها خلال الأعوام الخمسة الماضية نتائج تذكر ولم ترتب إصلاحات ديمقراطية حقيقية، بل على العكس مهدت لتراجعات سلطوية خطيرة، يصبح من المشروع الدعوة لمقاطعة انتخابات 2010 عسى أن تحد «صدمة المقاطعة» من الجمود الراهن لحياة مصر السياسية ومن غياب آفاق التغيير.
إنني لا أريد أن أقف في المنطقة الرمادية و هي الطريقة السلبية التي يتعامل بها الشعب المصري مع ملف الإنتخابات بخلاف من لدية الدوافع السابقة .
إن لدينا الأسباب الكثيرة التي تجعلنا نقف في صف المقاطعة :
أو لاً : إن التحول المرتقب دائماً في الدول التي تمتع بنوع من الهيمنة الحزبية لحزب واحد و السماح بإشراك المعارضة في الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية , هو بروز هذا التحول تدريجياً نحو خلق أجواء من الحرية التنافسية في العمل السياسي وصولاً إلي تدوال سلمي للسلطة في الرئاسة و البرلمان و بالطبع الوزارة التي تحكم ، و لكن تجربة مصر منذ 1976 وإلى اليوم لا تقدم من الأدلة والبراهين ما يكفى لتوقع نجاح هذا التحول ويبرر لنا تحمل لمشقة المشاركة سواء كنا ناحبين أو مرشحين . فالحياة السياسية في مصر السياسية لا تختلف فى 2010 نوعيا عنها فى 1976، خاصة في استمرار غياب تداول السلطة وهيمنة نخبة الحكم وحزبها أو للعلاقة بين النخبة الحاكمة و المعارضة ( أحزاب و حركات ) , أو حتي علي مستوي العلاقة بين الدولة و مواطنيها , أو حتي بالنسبة للحضور القمعي للدولة و قدرة الدولة علي استخدامه في أي وقت و في أي ظرف . فاليوم كالأمس .
ثانياً : الذكراة التراكمية لدي الأحزاب و حركات المعارضة جراء التدخلات المتكررة فى سير كل الانتخابات التى أجريت بمصر خلال الأعوام الخمسة الماضية، وتلاعبه المنظم بنتائجها مستغلا فى ذلك مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والمال السياسى. هذه الخبرة السلبية، بالإضافة إلى غلبة الظن اليقيني التى تقطع بتوجه الحزب الحاكم نحو تكرار تدخلاته فى انتخابات 2010، يجعل من أمنيات بعض القوي السياسية بإمكانية إجراء إنتخابات نزيهة مجرد أوهام حالم .
ثالثاً : القيود القانونية والأمنية التى تواجهها أحزاب وحركات المعارضة فى سعيها للاستعداد للانتخابات بتقييد حركاتها من ما يمنع من تواصلها مع قواعدها وعقد المؤتمرات الجماهيرية وضمان حصول قياداتها ومرشحيها على تغطية إعلامية توازى أو على الأقل تقترب مما يحصل عليه الحزب الوطنى.
رابعًا : لم يكن حصول المعارضة علي عدد أكبر من المقاعد في إنتخابات 2005 إلا للحملة الدولية المنصبة علي - سواء علي مستوي الحكومات أو منظمات المجتمع المدني و الإعلام العالمي - قضايا الديمقراطية والإصلاح فى مصر والعالم العربى. و رغم هذا كان هناك من القمع المباشر تجاه المعارضة و خاصة الإخوان حتي لايزيد العدد , مما يجعل الحديث الرسمي عن التنافسية الإنتخابية و النزاهة مجرد كلام فاقد للمصداقية و خاصة اليوم وبعد انحسار الاهتمام الدولى بقضايا الديمقراطية والإصلاح فى بلاد العرب فيستحيل تمرير مشاركة المعارضة من بوابة «إظهار الحقيقة أمام العالم»، فالعالم هذا غير مهتم وغير راغب فى الظروف الإقليمية الراهنة فى الاهتمام. بل ربما ينبغى على المعارضة فى مصر قلب المعادلة رأسا على عقب ومحاولة لفت الانتباه الدولى عبر صدمة المقاطعة.
هذه هي بعض الأسباب التي تجعلني أقف في خندق المقاطعة , و قد يتفق الكثير علي رأي هذا و قد يختلف معه الكثيرون , و لكن يظل هذا جهد المقل , فخير لي أن أقاطع بدون تكلفة من الإشتراك بتكلفة من الجهد و الفكر و المال و أدخر من عندي من تحركات سياسية من أجل حصد مكاسب تشريعية نستطيع معها من تحجيم هيمنة الحزب الواحد , إضافة إلي التحرك القوي في الإنتخابات الرئاسية القادمة .

محمود طرشوبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام