الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داود تلحمي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإستعصاء الفلسطيني، والديمقراطية الشعبية البديلة، وآفاق اليسار والخيار الإشتراكي

داود تلحمي

2010 / 11 / 28
مقابلات و حوارات


داود تلحمي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإستعصاء الفلسطيني، والديمقراطية الشعبية البديلة، وآفاق اليسار والخيار الإشتراكي في القرن الجديد

أجرى الحوار : ضياء حميو

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا – 16 - سيكون مع مع الأستاذ داود تلحمي حول:  الإستعصاء الفلسطيني، والديمقراطية الشعبية البديلة، وآفاق اليسار والخيار الاشتراكي في القرن الجديد.
 

1- من المعروف إن استمرار الصراع العربي الإسرائيلي هو زاد لا ينضب ولا غنى عنه لليمين المتعصب من الطرفين على حد سواء،وكذلك لاستمرار دكتاتوريات عربية عتيدة،هل تعتقد أن هؤلاء ممكن أن يسلموا بخيار سلام عادل يفقدهم زادهم الذي هو سبب أساس لديمومة استمرارهم؟

** أعتقد أن من الضروري التمييز هنا بين الجانبين في الصراع. صحيح أن بعض الزعماء أو الأنظمة العربية استخدمت القضية الفلسطينية، في بعض الحالات وفي بعض المراحل، للتغطية على سياساتها الداخلية تجاه شعوبها ومحاولة كسب مشروعية معينة مفقودة على الصعيد الشعبي أو لتمرير سياسات إستبدادية داخلية ولتبرير تغييب الحريات الديمقراطية وعدم الإستجابة لمطالب واحتياجات شعوبها الأساسية. لكن ذلك لم يكن قاعدة عامة. وهو، في كل الأحوال، غير قائم حالياً الى حد بعيد.
فها هو الحكم في مصر، مثلاً، وقّع معاهدة مع إسرائيل منذ أكثر من ثلاثين عاماً وأنهى الصراع معها. وكانت قطاعات واسعة من فقراء الشعب المصري تنتظر في البدايات لترى إذا ما كان ذلك سينتج عنه تحسن في أوضاعها المعيشية بعد التقليص المفترض للنفقات العسكرية. لكن ذلك لم يتحقق. ولذلك عادت الغالبية الكبرى من الشعب المصري لتتخذ مواقف مناهضة لإسرائيل وسياساتها. خاصة وأن أصحاب القرار في إسرائيل استغلوا المعاهدة المنفردة مع مصر للإستقواء على الأطراف العربية الأخرى، التي بات وضعها أضعف في الصراع، بحكم الإختلال المتزايد في موازين القوى الذي أحدثه خروج مصر. فاجتاحت إسرائيل في العام 1982 لبنان واستهدفت قوى منظمة التحرير الفلسطينية هناك، وواصلت التنكيل بالشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وتشبثت ببقية الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وخاصة بالأراضي الفلسطينية والسورية، التي تزايد الإستيطان الإسرائيلي فيها بشكل كبير بعد المعاهدة مع الجانب المصري، كما سعت الى إحكام قبضتها على لبنان والإحتفاظ بأجزاء من جنوبه، لكنها اضطرت الى الإنسحاب التدريجي من معظم الأراضي اللبنانية المحتلة بفعل ضغط عمليات المقاومة عليها.
وفي الواقع، لم يعد عدد من الأوساط العربية الحاكمة يهتم بالقضية الفلسطينية بشكل جاد، تحت شعار أن الفلسطينيين هم المعنيون بالقرار الخاص بقضيتهم طالما أنهم اختاروا "القرار الفلسطيني المستقل". ويكاد البعض من الأنظمة العربية الحاكمة يدعو عملياً الى تحويل الإهتمام من قضية الإحتلالات الإسرائيلية للأراضي العربية الى مواجهة خصوم آخرين بديلين، من إيران الى "الإرهاب الدولي"...
لكن المناخ على الصعيد الشعبي العربي مختلف تماماً، حيث التعاطف واسع جداً مع الشعب الفلسطيني ومع معاناته ومعاناة شعب جنوب لبنان ومطالب الشعب السوري باستعادة أرضه، كما رأينا مؤخراً أبان الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أواخر العام 2008 وأوائل العام 2009، وقبل ذلك في العام 2006 ابان العدوان الإسرائيلي على لبنان. وهذا التعاطف الشعبي ليس مقتصراً على الشارع العربي، بل يمتد ليشمل شعوب البلدان الأخرى في المنطقة والعالم، ابتداءً من تركيا وبلدان آسيوية وإفريقية عديدة، وانتهاءً بشعوب بعيدة مثل شعوب أميركا اللاتينية، مروراً بأوساط يسارية وإنسانوية واسعة في أوروبا وفي بعض الأوساط المستنيرة في أميركا الشمالية وبلدان غنية أخرى، والتي بات يأتي منها بشكل متواصل متضامنون يشاركون في فعاليات مناهضة الجدار الإسرائيلي والإستيطان التوسعي في الضفة الغربية المحتلة، كما في مناهضة حصار قطاع غزة. ولا أعتقد أن أية قوى يمينية عربية في المعارضة هي التي تذكّي الصراع العربي- الإسرائيلي وتسعى لإدامته لأغراضها الخاصة، لأن الإستعصاء الحقيقي حالياً تجاه الحل ليس، حقيقةً، في الجانب العربي، بل في الجانب الإسرائيلي المقرّر. فكل القوى الصهيونية المقررة في إسرائيل، وفي المقدمة أولئك الذين استوطنوا في القدس الشرقية وبقية الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة والذين يدعمونهم، غير معنية بالإنسحاب منها وبـ"سلام عادل" في المنطقة.
ربما، في الجانب العربي، هناك وضع خاص لدى بعض قطاعات الشعب العراقي، وربما حتى في بعض دول الخليج العربية، لأسباب لها علاقة بالتجارب التاريخية الخاصة هناك. لكن أعتقد أن من الضروري أن يدقق الأشقاء هناك، عرباً وأكراداً، بكل طوائفهم، في المعطيات الحقيقية للصراع وتطوراته.
وما ينبغي التأكيد عليه هنا، تعقيباً على مضمون السؤال، هو أنه لم تتوفر، في أية مرحلة من المراحل منذ بدء الهجرة الصهيونية السياسية الى فلسطين قبل زهاء القرن من الزمن، أية فرصة حقيقية لـ"سلام عادل" أو حتى لـ"سلام مرحلي معقول وإن أقل من عادل"، ولم يستجب لها الشعب الفلسطيني. وينبغي هنا الحذر من حملة التضليل التي قامت بها الحركة الصهيونية وإسرائيل لإظهار الشعب الفلسطيني وكأنه، على حد تعبير وزير الخارجية الإسرائيلية الأسبق أبا إيبن، "لم يفوت فرصة لتفويت الفرصة"... لتحقيق السلام والحل. ويتم الإستناد هنا الى موقف قيادات الشعب الفلسطيني والدول العربية التي كانت قائمة آنذاك تجاه قرار التقسيم الذي صوتت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر العام 1947. وفي الواقع، وبمعزل عن رفض أو قبول قرار التقسيم، لم تكن هناك أية نية فعلية لدى الجهات المسيطرة آنذاك، وفي المقدمة بريطانيا والحركة الصهيونية، لتنفيذ الشق الثاني من القرار القاضي بقيام دولة عربية فلسطينية.
فالحركة الصهيونية، ولاحقاً إسرائيل، بعد الإعلان عن قيامها في أيار/مايو 1948، قامت باحتلال مناطق أوسع بكثير مما كان مخصصاً لها في قرار التقسيم، بحيث زادت مساحة إسرائيل من 56 بالمئة من مساحة فلسطين الإنتدابية، كما تحدد في قرار الأمم المتحدة، الى 78 بالمئة، بفعل الإجتياحات الإسرائيلية الواسعة للأراضي والمناطق المخصصة للعرب الفلسطينيين في القرار. وأبقت إسرائيل، بعد العام 1948، الباب مفتوحاً للإستمرار في التوسع اللاحق، عندما قررت عدم الإعلان عن حدودها في وثائقها الدستورية بعد قيام الدولة. وهو التغييب الذي لا زال قائماً حتى الآن.
وكان التوجه لدى التيار الصهيوني الرئيسي بقيادة دافيد بن غوريون، الذي أصبح أول رئيس لحكومة إسرائيل، هو العمل على السيطرة الكاملة، ولو على مراحل، على كامل مساحة فلسطين الإنتدابية حتى نهر الأردن، وفي كل الأحوال، منع قيام أية دولة عربية فلسطينية، وتحويل الأراضي الفلسطينية التي لم تسيطر عليها إسرائيل في مواجهات 1948-1949 الى الدول العربية المجاورة. وهو ما جرى فعلاً حيث تم ضم ما يُعرف الآن باسم الضفة الغربية الى المملكة الأردنية القائمة قبل ذلك شرقي نهر الأردن، وتم إيكال المسؤولية الإدارية عن قطاع غزة الى مصر المتاخمة له. أما التيار الصهيوني اليميني الأكثر تطرفاً، متمثلاً آنذاك بشكل رئيسي بمناحيم بيغن وتياره، فكان يدعو الى إقامة الدولة اليهودية على كلا ضفتي الأردن، وكان يرفع شعار "لنهر الأردن ضفتان، الأولى لنا والثانية أيضاً". وما زال بعض زعماء إسرائيل واليمين الإسرائيلي يتحدثون بين حين وآخر إما عن حقهم في الأردن، وهو ما أصبح نادراً الآن، أو عن كون الأردن هو الدولة الفلسطينية، وأن لا حاجة لقيام دولة فلسطينية أخرى غربي نهر الأردن. وقد وردت في الماضي تصريحات كهذه حتى على لسان رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق آريئيل شارون.
إذاً، كان جوهر المشروع الصهيوني، والإسرائيلي، بعد العام 1947 خاصة، يقضي بإلغاء وجود الشعب العربي الفلسطيني، كهوية وكيان، وإخراج غالبية العرب الفلسطينيين من المناطق التي أقيمت عليها دولة إسرائيل. وهو ما أوضحه بشكل مدقق عدد من المؤرخين الإسرائيليين اليساريين، ومن بين أبرزهم الأستاذ الجامعي إيلان بابِه، الذي أصدر في العام 2006 كتاباً توثيقياً مهماً بعنوان "التطهير العرقي لفلسطين". وربما نذكر تصريحات رئيسة الحكومة الإسرائيلية السابقة في أواخر الستينيات الماضية، غولدا مئير، التي قالت فيها أن ليس هناك شيء اسمه الشعب الفلسطيني. وذهب رئيس الحكومة الإسرائيلية بين العامين 1977 و1983 مناحيم بيغن في رفض الإعتراف بالحقوق الفلسطينية في المفاوضات مع الجانب المصري في كامب ديفيد وبعده الى حد رفض إيراد اسم الشعب الفلسطيني حيثما ورد في نصوص الإتفاقيات الموقعة بين الجانبين، والإصرار في النص العبري للإتفاقيات على تسمية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967 باسم "عرب يهودا والسامرة وغزة". ويهودا والسامرة هي التسمية الصهيونية ذات الجذور "التوراتية" للضفة الغربية المحتلة.
وبالرغم من كون المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير قد اتخذ منذ العام 1974 قراراً بالقبول بمبدأ الدولة الفلسطينية على جزء من أرض فلسطين، وهي الصيغة التي تم توضيحها بشكل أكبر في الدورات اللاحقة للمجلس الوطني الفلسطيني وخاصة في العام 1988 حيث تم تحديد الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بقي حكام إسرائيل يرفضون فكرة التخلي عن هذه الأراضي. وهم لا زالوا، في الممارسة العملية، يواصلون هذا الرفض حتى الآن، من خلال الإستمرار في التوسع الإستيطاني في القدس الشرقية وبقية الضفة الغربية، وإن كانوا قد اضطروا، بفعل الواقع الذي فرض نفسه عالمياً، للتوقف عن إنكار وجود الشعب الفلسطيني.
وحتى بعد توقيع إتفاق أوسلو في العام 1993، وهو الإتفاق الذي كان خلافياً في الأوساط الفلسطينية وكانت هناك معارضة ملموسة له حتى من قوى وشخصيات داخل هيئات منظمة التحرير نفسها، لم يتم التسليم من قبل الأوساط الإسرائيلية النافذة بمبدأ الدولة الفلسطينية المستقلة. وهذه الدولة الفلسطينية كان من المفترض، نظرياً، أن يتم التوصل إليها في العام 1999، وفق افتراض الجانب الفلسطيني الموقع على إتفاق أوسلو. لكن، باستثناء أقلية محدودة من الرموز الإسرائيلية الصهيونية التي توصف بـ"الحمائمية"، مثل يوسي بيلن، الذي كان في العام 1993 في حزب العمل ونائباً لوزير الخارجية، وانتقل لاحقاً الى حزب ميريتس، الأكثر "حمائمية"، وباستثناء طبعاً ما يسمى في اللغة الإسرائيلية الرسمية بـ"الأحزاب العربية" في إسرائيل، وأحدها هو في الواقع حزب أو جبهة يسارية عربية- يهودية، غير صهيونية طبعاً، فإن كافة القوى والتيارات الإسرائيلية الصهيونية الأخرى لم تقبل فعلياً بقيام دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي المحتلة عام 1967 ولا حتى بالإنسحاب من هذه الأراضي كلها. والأحزاب "العربية" المشار إليها كلها تؤيد ليس فقط حق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967 في تقرير المصير والإستقلال، وإنما أيضاً حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم، وهو الحق الذي ترفضه الغالبية الساحقة من القوى الصهيونية. أما حزب ميريتس الصهيوني اليساري- الليبرالي، فيؤيد عودة محدودة لبعض اللاجئين الفلسطينيين، وهو، على كل حال، بات حزباً ذا حضور محدود.
وقد صنّف أورِن يفتاحيل، الأستاذ الجامعي الإسرائيلي في جامعة بار إيلان بصحراء النقب، الكتل السياسية في الكنيست الإسرائيلي بعد الإنتخابات الأخيرة مطلع العام 2009 تصنيفاً مثيراً للإهتمام: الكتلة الأكبر تتشكل ممن أسماهم "المعسكر الكولونيالي"، أي أنصار استمرار السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعددهم في الكنيست حالياً في تقديره 65 نائباً، من أصل 120 هو مجمل عدد أعضاء الكنيست، وتتشكل غالبية الحكومة الإسرائيلية الحالية منهم، بمن في ذلك رئيس الحكومة نيتينياهو... والكتلة الثانية أسماها "معسكر التمييز الإثني" وتضم 41 نائباً، وتشمل حزبي "كاديما" و"العمل"، والأخير يشارك في الحكومة الحالية... والكتلة الثالثة أسماها "المعسكر الديمقراطي"، وتشمل برأيه حزب ميريتس الصهيوني اليساري-الليبرالي، الذي له 3 نواب فقط، و"الأحزاب العربية" المشار إليها أعلاه. ومجمل هذا "المعسكر" يضم، وفق حساب يفتاحيل، 14 نائباً فقط من مجموع 120.
باختصار، وللعودة الى السؤال المطروح، فإن الطرف المعارض فعلياً لأي "سلام عادل"، وحتى لـ"سلام واقعي أقل عدلاً" قبلت به أطراف فلسطينية رئيسية في منظمة التحرير وخارجها، هو الجانب الإسرائيلي، بغالبيته الساحقة. ومن الواضح أن أصحاب القرار في إسرائيل يعتبرون، على الأغلب، أن أي سلام عادل أو شبه عادل مع شعوب المنطقة، وخاصة الشعب الفلسطيني، قد يهدد تماسك الشعب الإسرائيلي المتنوع الجذور والثقافات، وقد يعيد، ولو بعد حين، فتح ملفات قديمة حول اضطهاد الشعب الفلسطيني، لا يرغب هؤلاء الحكام بفتحها، ويفضلون غياب السلام والحل على الإنهاء الفعلي للصراع في المنطقة.
طبعاً، هناك، الى جانب الإسرائيليين اليهود المنتمين الى تنظيمات مناهضة للصهيونية، حالات (فردية) متقدمة وجريئة، خاصة بين المثقفين وأساتذة الجامعات الإسرائيلية، الصامدين في مواقعهم أو الذين اضطروا الى العمل خارج إسرائيل بسبب الجو الخانق والعدائي تجاههم. وحتى الآن، مجمل هؤلاء الإسرائيليين اليهود عددهم محدود، ولكن لهم وزن معنوي كبير.
من بين هؤلاء أساتذة بارزون مثل إيلان بابِه، الذي أشرنا إليه أعلاه والذي يدعو الى إقامة دولة ديمقراطية واحدة في كل مساحة فلسطين الإنتدابية على قاعدة التكافؤ والمساواة في الحقوق، الى جانب أساتذة جامعيين آخرين مثل نيف غوردون، والراحلة تانيا راينهارت، والمؤرخ آفي شلايم، المقيم منذ عدة عقود في بريطانيا، وصحافيين بارزين مثل عميرة هاس وغدعون ليفي وأوري أفنيري وغيرهم، وفنانين في مجالات متعددة، بعضهم رفض مؤخراً تقديم عروض في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وتعرضوا لحملة عدائية واسعة من الأوساط الصهيونية. وأنا هنا أذكر فقط أشخاصاً يهوداً يحملون الجنسية الإسرائيلية، وبغض النظر عن تقييم مواقف كل منهم، وهي متنوعة: فبعضهم ضد استمرار الإحتلال القائم منذ العام 1967، وبعضهم يدعو الى دولة موحدة في كل فلسطين بحدودها الإنتدابية.
وهناك، بالطبع، العديد من المواطنين ذوي المنشأ الديني أو الثقافي اليهودي في بلدان العالم المختلفة الذين اتخذوا مواقف معارضة للإحتلال الإسرائيلي عام 1967، مثل المثقف الأميركي اليساري الكبير نؤام تشومسكي والحاخام والكاتب المنتقد لسياسات إسرائيل هنري سيغمان وغيرهما. وبعضهم اتخذ مواقف معارضة حتى للفكر الصهيوني ككل، وبينهم أسماء كبيرة في مجالات الثقافة والفن والعلم، مثل المؤرخ الشيوعي البريطاني الشهير إريك هوبسباوم والمستشرق اليساري الفرنسي الكبير الراحل مكسيم رودنسون والعديد غيرهما، بمن فيهم، طبعاً، أولئك الذين ينتمون لأحزاب يسارية جذرية مناهضة للصهيونية، ويشاركون في حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني.
وينبغي أن أشير هنا بشكل خاص، وبتقدير عالٍ، الى موقف المناضل المغربي اليساري الكبير أبراهام سرفاتي، اليهودي المنشأ والمعارض للصهيونية بشكل حازم والمؤيد للحل الديمقراطي الجذري في فلسطين بحدودها قبل العام 1948، وهو الذي رفض إبعاده عن المغرب بعد اعتقال دام عقدين تقريباً بسبب مواقفه اليسارية في الشأن المغربي، وأصرّ على العودة الى وطنه المغربي، وعلى مواصلة التضامن مع نضال شعب فلسطين وغيره من الشعوب العربية وغير العربية.
باختصار، غالبية الشعب الفلسطيني، كما تظهر بعض استطلاعات الرأي، مستعدة للقبول بحل للصراع على غرار الحل الجنوب- إفريقي، أي دولة موحدة في كل فلسطين الإنتدابية على أساس احترام كرامة وحقوق كل مكوناتها. ولكن هذا الحل يتعارض مع الفكر الصهيوني الداعي الى إقامة "دولة يهودية". ونضوج شروط تحقيق هذا الحل يتطلب، بالتالي، زمناً وجهداً كبيرين وتغيرات جدية في الوضعين الإقليمي والدولي. وتظهر الإستطلاعات أيضاً أن هناك غالبية فلسطينية تقبل بمبدأ دولة فلسطينية مستقلة فعلاً، وليست محمية إسرائيلية أو مجموعة "بانتوستانات" تسمى دولة، في الأراضي المحتلة عام 1967، بما يشمل القدس الشرقية، مع حل عادل لقضية اللاجئين وفق قرارات الأمم المتحدة.
وبما أن إسرائيل تعتبر أن شرعيتها الدولية نابعة من قرار التقسيم الصادر عام 1947 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع العلم بأن قرارات هذه الجمعيةهي، من حيث المبدأ، غير ملزمة، خلافاً لقرارات مجلس الأمن، فأعتقد أن غالبية كبيرة من الشعب الفلسطيني تقبل، لا بل تطالب، بتطبيق كافة قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن الصادرة منذ ذلك التاريخ، وليس بشكل إنتقائي، كما فعلت إسرائيل، التي ترفض تطبيق العشرات من قرارات مجلس الأمن والمئات من قرارات الجمعية العامة التي صدرت بعد قرار التقسيم. وهو ما تدعو له أيضاً الدولتان العربيتان اللتان لهما أراضٍ محتلة، أي سوريا ولبنان.
وما أرجوه من الأشقاء العرب، وخاصة في العراق وربما في بلدان خليجية وعربية أخرى، هو ألا ينظروا الى قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه من منظار سياسات بعض الحكام أو الأنظمة العربية في الماضي، والتي لا يتحمل الشعب الفلسطيني المسؤولية عنها، وكذلك بعض الأخطاء التي يمكن أن يكون هذا الفلسطيني أو ذاك قد ارتكبها. وأضيف للتذكير بأن الشعب الفلسطيني يحتفظ بتقدير كبير للدور الذي قامت به القوات العراقية في فلسطين في العام 1948 في دفاعها عن بعض المناطق الفلسطينية، بالرغم من أن هذه القوات كانت مكبلة بمواقف الحكم العراقي الملكي التابع لبريطانيا آنذاك. وهناك مدفن خاص لشهداء الجيش العراقي، الذين سقطوا في هذه الحرب، قرب مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة، تتم زيارته بشكل منتظم وتكريم شهدائه. كما يحتفظ الشعب الفلسطيني بعرفان للجميل لكل الأشقاء العرب الذي دعموه وشاركوا في الحروب المتعاقبة في مواجهة التوسع الإسرائيلي، الذي استهدف في غالبية هذه الحروب أيضاً بلداناً عربية مجاورة.
ولا بد من الإعتذار هنا لطول الإجابة على هذا السؤال، خاصة وأن الكثير مما أوردته في الرد معروف لدى الفلسطينيين أو المتابعين للشأن الفلسطيني، ولكني أردت أن أتوجه بشكل خاص الى الأشقاء في العراق، وربما بعض الدول العربية الأخرى، الذين لا تتوفر لديهم هذه الصورة كاملة، أو لديهم مواقف متأثرة بعض الشيء بتجارب شعوبهم الخاصة مع أنظمتهم.
وفي كل الأحوال، سأحاول بأن تكون إجاباتي على الأسئلة اللاحقة مختصرة أكثر.



2- موضوعة المرأة واستلاب إنسانيتها وحقوقها موضوعة كبيرة ولكن قلما نلاحظ أن هذه المسألة تأخذ حجمها الطبيعي والملح في أطروحات اليساريين واليسار العربي ،ما تعليلكم لهذا؟

** من الصعب إصدار حكم في هذا الصدد على كل مكونات اليسار العربي بمجمله. ولكن، بالتأكيد، هناك جهد متواصل على صعيد الدفاع عن حقوق المرأة في العديد من الأحزاب والقوى اليسارية العربية التي لديّ اطلاع على برامجها وأفكارها ونضالاتها. وهناك بعض الحالات التي وصلت فيها المرأة الى موقع المسؤولية الأولى: وأشير هنا، على سبيل المثال لا الحصر، الى نموذج المناضلة اليسارية الجزائرية لويزا حنون التي تقدمت لترشيح نفسها في الإنتخابات الرئاسية عامي 2004 و2009، وكذلك الى المناضلة عبلة أبو علبة التي تم انتخابها مؤخراً مسؤولة أولى عن أحد الأحزاب اليسارية الأردنية، حزب الشعب الديمقراطي. وهناك نساء غيرهما لعبن، وما زال بعضهن يلعب، أدواراً قيادية في عدد من الأحزاب والحركات اليسارية والتقدمية العربية، ومنها قوى فلسطينية. ومن الطبيعي، بالرغم من ذلك، أن يتم اعتبار المستوى الحالي من تطور دور النساء في قيادة القوى اليسارية العربية ومن حجم اهتمام هذه القوى بحقوق المرأة في مجتمعاتنا غير كافٍ، وأن يكون هناك تطلع الى دور قيادي أول لعدد أكبر من النساء، ليس فقط في الأحزاب، وإنما أيضاً في كل الحياة العامة لبلداننا، في الهيئات التشريعية، كما في قيادة البلد.
وهناك طبعاً شخصيات نسائية بارزة في العالم العربي في مختلف المجالات: وكنتم قد أجريتم في "الحوار المتمدن" حواراً مهماً مع المناضلة المصرية الكبيرة الطبيبة والكاتبة الطليعية نوال السعداوي، ومع غيرها. وهناك نساء عربيات بارزات في مختلف المجالات، بما في ذلك في مجالات الأدب والفنون وفي مجالات الثقافة والعلم المختلفة. وهناك، مثلاً، مخرجات سينمائيات مبدعات في مصر ولبنان وفلسطين، وغيرها من البلدان. لكن، ما زالت هناك مسافة كبيرة لا بد من قطعها لانتزاع حقوق المرأة وتحقيق تحررها الناجز، بعد قرون طويلة من التمييز والغبن والإضطهاد. فعملية انتزاع حقوق المرأة العربية وحريتها هي عملية مستمرة، وينبغي أن تكون، بالطبع، ضمن المهمات الرئيسية للقوى والحركات والأوساط اليسارية العربية.
والتأخر في انتزاع حقوق المرأة هو، بالطبع، ظاهرة عالمية وليست عربية فقط. لنتذكر أن نساء العالم لم ينتزعن حقهن في الإقتراع والترشح للإنتخابات العامة في الغالبية الساحقة من دول العالم إلا منذ بدايات القرن العشرين، وحتى، بالنسبة لبعض الدول الأوروبية، في زمن متأخر من القرن: فكما كنت قد ذكرت في مقالة سابقة، حازت المرأة في فرنسا على هذا الحق في العام 1944 فقط، وفي معظم كانتونات سويسرا في العام 1971، ولم يطبق هذا الحق في أحد كانتونات سويسرا، وآخرها، إلا في العام 1990.
ولنتذكر أن وصول أول إمرأة الى رئاسة اية حكومة في العالم المعاصر لم يحدث سوى قبل نصف قرن، وهي سيريمافو باندارانايكه، التي أصبحت رئيسة حكومة سريلانكا في العام 1960. وثاني إمرأة تتولى هذا الموقع كانت آسيوية أيضاً وهي إنديرا غاندي، التي أصبحت رئيسة حكومة الهند في العام 1966. أما أوروبا، فكان عليها أن تنتظر حتى العام 1979 حتى تكون لديها أول رئيسة حكومة، وهي البريطانية مارغريت ثاتشر. طبعاً، الأمور تطورت كثيراً منذ ذلك الحين في أوروبا، وهناك العديد من النساء في مواقع المسؤولية الأولى في البلدان الأوروبية، وهناك عدد من الدول الأوروبية التي لديها تمثيل قوي للنساء في مجالسها النيابية وفي حكوماتها. ولكن ليس ذلك هو الحال في كل البلدان الأوروبية، حيث ما زالت هناك بلدان أوروبية رئيسية ما زال تمثيل النساء في هيئاتها التشريعية ضعيفاً.
أما الولايات المتحدة، فلم تعرف حتى الآن أية رئيسة للدولة، وإن كان التمثيل النسائي في هيئاتها التنفيذية تحسن قليلاً في العقدين الأخيرين. وللمفارقة، نذكر أن التجربة السوفييتية التي دامت أكثر من سبعة عقود، وبدأت بإعطاء المرأة حق الإقتراع والترشيح في العام 1918 قبل العديد من الدول الرأسمالية المتطورة، لم تشهد حضوراً قوياً للمرأة في الهيئات المسؤولة الأولى، حيث لم يتم اختيار أية إمرأة كأمينة عامة للحزب أو رئيسة حكومة أو رئيسة دولة طوال هذه التجربة، وإن كانت ألكسندرا كولونتاي أول إمرأة في العالم تصبح سفيرة ممثلة لبلدها في بلد آخر، وذلك في العام 1923. أما في العقدين الأخيرين، فهناك حالات قيادية نسائية أولى في أحزاب يسارية جذرية في عدة بلدان أوروبية، مثل الحزب الشيوعي اليوناني والحزب الشيوعي الفرنسي، دون أن ننسى الحالة التاريخية البارزة المبكرة للقائدة اليسارية والمفكرة المتميزة، البولونية- الألمانية روزا لوكسمبورغ، وهي أحد أبرز مؤسسي الحزب الشيوعي الألماني في العام 1918.
وهناك، طبعاً، ظاهرة وصول النساء الى مواقع المسؤولية الأولى في عدد من دول أميركا اللاتينية في العقدين الأخيرين، وخاصة منذ أوائل القرن الجديد. لكن لا بد من التركيز على التميز الآسيوي على هذا الصعيد، والذي شمل بلداناً ذات أغلبية مسلمة، مثل بنغلاديش الفقيرة، التي كانت فيها خلال العقدين الأخيرين إمرأتان تسيطران عملياً على الحياة السياسية، إحداهما رئيسة للحكومة والأخرى زعيمة للمعارضة. وهناك بنظير بوتو في باكستان، وتانسو تشيلر في تركيا في التسعينيات الماضية. أما لماذا لم يتحقق ذلك ولم تصل أية إمرأة الى مواقع المسؤولية الأولى حتى الآن في العالم العربي، فهو ما يحتاج الى دراسة وتدقيق، خاصة وأن البلدان الثلاثة الأخيرة التي أوردناها هي، كما ذكرنا، بلدان ذات أغلبية مسلمة، وبعضها أقل تطوراً ثقافياً واجتماعياً من عدد من البلدان العربية.
يبقى أن نقول أنه، كما حصل في بلدان أخرى، فإن نضال النساء أنفسهن يلعب دوراً كبيراً في انتزاع حقوقهن واحتلال دورهن المستحَق في كافة مجالات العمل والنشاط المجتمعي والقيادي وفي تجاوز الغبن اللاحق بهن في مجتمعاتنا، وهو غبن متفاوت بين بلد عربي وآخر. وفي الوقت ذاته، لا شك أن النضال العام من أجل تحرر بلدان المنطقة وتطوير مجتمعاتها، على كافة الصعد، هو أرضية عامة تسهم بقوة في تقدم أوضاع المرأة في المنطقة العربية بمكوناتها القومية والإثنية والدينية المتنوعة.


3- هل تعتقد أن الاحتكام إلى صندوق الاقتراع الان في بعض البلدان العربية ذات الحد الأدنى من الديمقراطية ممكن أن يكون ذو فائدة للديمقراطية ولليسار العربي على وجه الخصوص؟ حيث خرجت قوى للاسلام السياسي غالبة القوى اليسارية والعلمانية بمختلف تياراتها , حائزة على الشرعية ما يعطيها مساحة أوسع للحركة والمناورة والتأثير، وكيف يمكن لقوى اليسار التعامل مع هذه الحالة؟


** هناك في حالات كثيرة اختزال للديمقراطية في العملية الإنتخابية السياسية وحدها، وهي عملية ليست محكومة، في حالات كثيرة، بمضمون ديمقراطي حقيقي. ففي قلعة "الديمقراطية" الرأسمالية، الولايات المتحدة، يتحكم المال بالعملية الإنتخابية في كل المجالات، سواء بالنسبة للرئاسة أو مجلسي النواب والشيوخ أو رئاسة الولايات وهيئاتها التشريعية: فالتمويل هو الذي يقرر، في معظم الحالات، نتيجة الإنتخابات، وبالتالي، فالممولون هم الذين ينتخبون فعلاً، أي انهم "ناخبون كبار"، وفق التعبير الذي يستخدم في الولايات المتحدة في مجال آخر. والطريف أن غالبية أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب هم، عادةً، من أصحاب الملايين، وهذا ما لا يشكل، بالتأكيد، تمثيلاً لواقع قطاعات الشعب المختلفة. فالقطاعات الشعبية الواسعة يكون دورها في العمليات الإنتخابية، هكذا، أقرب الى الديكور، وهو ما يجعل نسبة عالية منها تمتنع عن المشاركة في العملية الإنتخابية. وفي بعض الحالات وصلت نسبة الإمتناع عن المشاركة الى زهاء الثلثين من المقترعين المفترضين. وهي مسألة قام العديد من المثقفين اليساريين والمتنورين الأميركيين بتوضيحها بالتفصيل والأرقام. كما أوضحوا هيمنة أصحاب الثروات والشركات الكبرى على "اللوبيات" المؤثرة على القرار السياسي والإقتصادي، وكذلك على وسائل الإعلام والتأثير الجماهيري الرئيسية هناك.
ولذلك من المثير للإستغراب إدعاء الولايات المتحدة، التي لديها مثل هذا النظام السياسي العجيب، بأنها تعمل على "نشر الديمقراطية" في أنحاء العالم، أو إنها قامت، مثلاً، باحتلال العراق وأفغانستان لتحقيق هذا الهدف... وكأنها جمعية خيرية، وليست نظاماً تتحكم به وبهيئاته التنفيذية والتشريعية ومراكز القرار السياسي والإقتصادي فيه تكتلات إقتصادية ومالية كبرى تستخدم جهاز الدولة وجيشها لتحقيق مصالحها.
وقد كتب العديد من المثقفين والباحثين المستنيرين الأميركيين عن الأهداف الحقيقية لاحتلال العراق (وأفغانستان)، ولمجمل السياسات التوسعية الأميركية، العسكرية وغير العسكرية، أي عبر الضغوط أو ما بات يسمى بـ"القوة الناعمة" أو "القوة الرخوة". وبالإمكان المقارنة مع بعض "تدخلاتها" الماضية، مثل احتلالها لليابان بعد الحرب العالمية الثانية، ولكوريا الجنوبية بعد الحرب الكورية في مطلع الخمسينيات، حيث عملت على دعم تطور البلدين إقتصادياً لحسابات لها علاقة بالـ"حرب باردة" ووجود النماذج المجاورة لأنظمة التحول الإشتراكي. ولكن هناك العديد من البلدان التي سيطرت عليها الولايات المتحدة عسكرياً ولم تعمل على تطويرها إقتصادياً واكتفت باستغلال ثرواتها وأيديها العاملة وربطها بالإقتصاد الأميركي. ويمكن هنا ذكر الفيليبين، التي احتلتها الولايات المتحدة في العام 1898، وكذلك بلدان أميركا اللاتينية وبحر الكاريبي، التي كانت تسمى بـ"حديقة الولايات المتحدة الخلفية". والمنطقة الأخيرة تشمل دولة هاييتي القريبة جداً من شواطئ الولايات المتحدة، والتي تعد حالياً من بين أفقر دول العالم.
لذلك، نحن كيساريين، لسنا معنيين بهذا النمط من الديمقراطية الشكلية، وإنما بديمقراطية شعبية حقيقية تخدم مصالح الشعوب وتعبر عن تطلعاتها. وبما ان تطلعات الشعوب تتضمن رغبتها في السيطرة على موارد بلدانها والحؤول دون استمرار استغلال القوى الخارجية لهذه الموارد، فمن الطبيعي أن الولايات المتحدة، وقبلها، والى جانبها أو وراءها الآن، الدول الإستعمارية الأوروبية القديمة، لا ترغب بمثل هذا النوع من الديمقراطية. وهو النوع الذي تسعى التجارب اليسارية الجديدة في أميركا اللاتينية الى ممارسته.
لنتذكر ماذا فعلت الولايات المتحدة وبريطانيا عندما قام محمد مصدق، رئيس حكومة إيران الشرعي في مطلع الخمسينيات الماضية، بتأميم النفط الإيراني. جرى التدخل المباشر من قبل الدولتين وأجهزتهما للتخريب عليه والإطاحة بنظامه وإعادة الشاه محمد رضا بهلوي الى السلطة في العام 1953 باعتباره رجلاً متواطئاً ومطواعاً، ومن ثمّ جرى إلغاء تأميم الشركة النفطية في إيران. وتم التغاضي بعد ذلك من قبل كافة الإدارات الأميركية المتعاقبة عن البطش والقمع الدمويين اللذين مارسهما نظام الشاه طوال ربع القرن اللاحق. وعندما "أخطأ" جيمي كارتر، الرئيس الأميركي في أواخر السبعينيات الماضية، ووجه انتقادات خفيفة لتجاوزات حقوق الإنسان في إيران، تم اعتباره رجلاً "ساذجاً" وجرى الحؤول بينه وبين تجديد رئاسته لولاية ثانية في العام 1980، والمجيء مكانه بواحد من الرؤساء الأكثر يمينية في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر، رونالد ريغن. وكانت إيران قد شهدت في هذه الأثناء، أي في زمن رئاسة كارتر، ثورة شعبية هائلة، تمت فيها الإطاحة بنظام الشاه والإنتقام من قبل الشعب الإيراني للإنقلاب الذي قام به الأميركيون والبريطانيون في الخمسينيات. وبما ان القوى اليسارية الإيرانية كانت تتعرض للقمع والملاحقة، وكذلك أنصار محمد مصدق وتياره الوطني الإستقلالي، ليس فقط من قبل شاه إيران ونظامه وإنما أيضاً من قبل الولايات المتحدة وأجهزتها، فقد نمت المعارضة الأكثر تنظيماً داخل البلد في المساجد وتحت مظلة رجال الدين، الذين لم تكن تعيرهم الأجهزة الأميركية الاهتمام الكافي في تلك الحقبة.
طبعاً، الوضع تغير الآن، بعد غياب الإتحاد السوفييتي، الذي كان وجوده و"الحرب الباردة" عليه المبرر لتشديد ملاحقة القوى اليسارية في إيران كما في المنطقة العربية وسائر أنحاء العالم، حيث أصبحت الأجهزة الأميركية تهتم بكل الأوساط التي يمكن أن تمس أو تهدد سياساتها التوسعية ومصالحها الكونية. من جانب آخر، كما هو معروف، دعمت واشنطن بقوة "المجاهدين الإفغان" ذوي النزعة الإسلاموية المعارضين للنظام اليساري الذي سيطر على السلطة في أفغانستان في ربيع العام 1978، ومن ثمّ لتدخل القوات السوفييتية لحماية هذا النظام ومنع انهياره في أواخر العام 1979. ولكن واشنطن، من جهة أخرى، وفي العقد الأخير، دعمت الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006، بل هي التي حرّضت على هذه الحرب، لتوجيه ضربة لقوى المقاومة في لبنان، وبشكل خاص لـ"حزب الله"، القوة التي تنامت في العقدين الأخيرين في لبنان، وباتت خصماً قوياً لإسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء، وتعتبرها الإدارات الأميركية حليفاً مهماً لإيران على حدود دولة هي حليفة وثيقة لواشنطن.
إذاً، الإدارات الأميركية ليست مع أو ضد هذا الطرف السياسي، الديني أو غير الديني، في منطقتنا أو غيرها من المناطق. هي مع مصالحها، مصالح شركاتها واحتكاراتها الكبرى، أولاً وأخيراً، وعلى أساسها تحاكم هذه القوة أو تلك، ترعاها وتدعمها، أو تحاربها وتؤلب عليها.
وفي عودة للسؤال المطروح، من المهم بالنسبة للقوى والتيارات اليسارية في المنطقة العربية كشف زيف إدعاءات الديمقراطية من قبل الولايات المتحدة وامتداداتها المحلية، والعمل على طرح مشروع ديمقراطي حقيقي بديل. ويمكن أن يقوم مشروع كهذا على التركيز على أهمية ضمان حرية التعبير والمعتقد واحترام كافة الحريات الديمقراطية بمضمونها الحقيقي، وتشجيع تنامي مكونات المجتمع المدني، أي الأحزاب والقوى المنظمة والنقابات، المستقلة عن الخارج وعن مراكز الهيمنة الإقتصادية المحلية، والمعبرة عن مصالح شرائح وقطاعات المجتمع، والهيئات المجتمعية المختلفة المدافعة عن قضايا فئات الشعب الواسعة، عن قضايا المرأة والطفولة والتعليم والصحة والبيئة، والعاملة على محاربة الفقر والجوع والجهل.
ويتضمن مشروع كهذا طرح صيغ للممارسة الديمقراطية المباشرة بالعودة المستمرة الى الشعب في مختلف القضايا التي تهم حياته، وليس كل أربع أو خمس سنوات عبر انتخاب هيئات تمثيلية محدودة العدد ويمكن التأثير بسهولة على أعضائها من قبل مراكز الضغط النافذة، كما هو الحال في الولايات المتحدة. وهذا ما يتطلب إتاحة الفرصة لقيام تشكيلات محلية منتخبة على مستوى القرية أو الحي ومكان العمل، ومن خلال اعتماد الإستفتاءات في القضايا الهامة، بما في ذلك الإستفتاءات الخاصة بالقضايا المحلية أو المتعلقة بمنطقة معينة من البلد، الى جانب الإستفتاءات الوطنية في القضايا الأساسية. وهذه الصيغ للديمقراطية الشعبية الفعلية هي قيد التداول والتطبيق في بعض بلدان أميركا اللاتينية في السنوات الأخيرة.
أما إذا برزت القوى ذات الطابع الديني أو السلفي في المراحل الأولى من ممارسة العمليات الإنتخابية، وهذا يعود إما الى الإضطهاد والتغييب اللذين تعرضت لهما قوى اليسار في الماضي من قبل الولايات المتحدة والأنظمة المتحالفة أو التابعة لها والمرتبطة بسياساتها، أو لقصور في برامج هذه القوى وأساليب عملها وتعاطيها مع القطاعات الشعبية، فليس من المنطقي الإعتراض على ذلك. فالأمر يحتاج الى طول نفس من قبل القوى اليسارية والعمل على تصحيح أشكال الخلل لديها أولاً.
طبعاً، لا ننسى أن السياسات الإحتلالية الخارجية أو ممارسات الشرائح الفاسدة الداخلية هي التي تدفع قطاعات واسعة من الشعب الى أحضان الطائفة أو القبيلة والعشيرة "الدافئة والطبيعية"، والأسهل اختياراً بحكم الروابط التقليدية. وعلى قوى اليسار، بنفس طويل، أن تعمل على إبراز كون الخيار اليساري هو "الحضن الدافئ" الحقيقي، والموحد للشعب بكل تكويناته القومية والإثنية والدينية، والمدافع عن مصالح الشعب وعن ضرورة انتزاعه لسيادته الكاملة على ثرواته الطبيعية ومقدراته وتسخيرها لصالح تطوير أوضاعه ومستوى معيشته. خلافاً لسياسات القوى اليمينية التي لا تسعى إلا لتحقيق ثراء وسطوة شريحة صغيرة من أصحاب النفوذ والمال، المتواطئين عادةً مع القوى الخارجية، وخلافاً للسياسات التي تدعو عملياً الى الهروب من مواجهة الواقع الفعلي نحو حلول غيبية أو ماضوية.
وهناك كلمة أعتقد أن استخدامها مفيد في هذا السياق، وهي كلمة الإبداع. فكما فعل اليساريون في أميركا اللاتينية، لا يفيد اليسار شيئاً أن يتوقف عند التحسر على الأيام الماضية، وعلى انهيار الإتحاد السوفييتي، وعلى المراحل التي كان فيها لبعض اليسار العربي حضور قوي في هذا البلد العربي أو ذاك. بل عليه أن يبحث عن أساليب عمل جديدة لاستقطاب الجمهور الواسع واستعادة ثقة الشعب، بحيث يتم بشكل تدريجي تجاوز الإنحيازات الغريزية باتجاه الدين أو الطائفة أو الإثنية أو القبيلة والعشيرة.
وبالطبع، ليس في جعبة أحد أية حلول سحرية وعامة صالحة لكل زمان ومكان. فكل طرف يساري من المفروض أن يتعمق في فهم واقع بلده وشعبه ويشتق الطرق المناسبة لتجديد حضوره في وسط القطاعات الشعبية، قطاعات الشغيلة والمسحوقين، التي يفترض أنه يدافع عن مصالحها. والتضامن بين كافة قوى اليسار على المستوى الإقليمي، أي أوسع من البلد الواحد، هو بالتأكيد عامل مهم للإستفادة من تجارب أطرافها المختلفة. وإذا كان من قلة حظنا أن ليست لدينا مرجعية إقليمية للتشاور معها على غرار دور كوبا في أميركا اللاتينية، فبإمكاننا، كيساريين، في كل بلد عربي وغير عربي أن نقيم أشكالاً من التشاور والتنسيق على مستوى إقليمي، بما يساعد على الإستفادة من خبرات ودروس كل طرف وكل تيار، ومن تجارب الماضي.
ومن المؤكد أن اليسار يحتاج أيضاً الى بناء تحالفات داخل كل بلد مع مختلف القوى التحررية والوطنية الإستقلالية لتحقيق أهداف مرحلية معينة متفق عليها، مع الحفاظ على خصوصية برنامجه واستقلاله التنظيمي في إي إطار جبهوي. فالمهمة الأولى لقوى اليسار ومجمل القوى الوطنية التحررية في منطقتنا هي إنهاء كل أشكال الإحتلال المباشر أو غير المباشر والوصول الى وضع تكون فيه ثروات كل بلد ومقدراته بيد شعوبه، وتأمين تنمية داخلية لصالح قطاعات الشعب الواسعة وليس لصالح شريحة محدودة أو مصالح أجنبية.
طبعاً، هذا برنامج طموح وليس سهل التحقيق، ولكن لا بديل عنه في المرحلة التي تمر بها منطقتنا. وقد سبق لقوى يسارية في المنطقة أن طرحت مثله.


4- في ظل الأزمة العالمية وازدياد الهوة بين الفقراء والأغنياء لاحظنا نمو مضطرد لقوى اليسار في أمريكا اللاتينية وعلى العكس تماما تراجع لليسار العربي ،الى ما تعزوا ذلك؟ وهل لماهية الدين ودوره سبب أساسي في هذا الفارق؟


** هناك أسباب عديدة لتقدم قوى اليسار في أميركا اللاتينية، وعدم وجود تقدم مشابه، ليس فقط في المنطقة العربية، وإنما في مناطق العالم الأخرى، بشكل عام، بما في ذلك في معظم القارة الأوروبية.
فقد شهد اليسار الجذري، أي المناهض للرأسمالية والإمبريالية، في القارة الأوروبية، مثلاً، تراجعاً متواصلاً منذ بداية الثمانينيات وبدء الهجمة "الليبرالية الجديدة" على قوى اليسار والنقابات في أوروبا الغربية والولايات المتحدة. وزاد هذا التراجع في التسعينيات بعد انهيارات تجارب التحول الإشتراكي في أوروبا الشرقية والإتحاد السوفييتي، وهجمات "نهاية التاريخ" الأيديولوجية التي رافقتها. ومنذ مطلع القرن الجديد، لم تظهر بوادر لنهوض ملموس ومتجدد لليسار الأوروبي، باستثناءات قليلة تحتاج الى مزيد من المتابعة، مثل تجربة حزب اليسار في ألمانيا. صحيح أن اليسار الجذري حافظ على حضور ملموس له في بلدان مثل اليونان والبرتغال وتشيكيا وقبرص، ولكنه بقي محدود الحضور في بلدان كان اليسار فيها قوياً في مراحل تاريخية سابقة مثل فرنسا وإيطاليا، وهما بلدان لاتينيا اللغة، كما هو معروف. لذلك، لا تبدو هناك أية علاقة للدين في ضعف تقدم اليسار في هذه المنطقة أو تلك. فالدين المنتشر في أميركا اللاتينية هو نفسه الموجود في بلدان مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا. ربما، مع الزمن، ومع إجراءات التقشف الحكومية التي يتم تطبيقها في الآونة الأخيرة على حساب القطاعات الشعبية، ومع نهوض الحركة النقابية في بلدان مثل فرنسا واليونان وغيرهما على أرضية الأزمة الإقتصادية الرأسمالية المستمرة، يمكن أن تظهر هناك آفاق جديدة لنهوض يساري. خاصة وأن الجدل الفكري حيوي جداً في هذه البلدان وفي عموم البلدان المتطورة إقتصادياً وبعض بلدان "العالم الثالث".
أما أميركا اللاتينية، التي شهدت في العقد الأخير صعوداً مثيراً لليسار، بتلاوينه المختلفة، بما في ذلك اليسار الجذري، فتتوفر لديها عوامل تمايز عدة مقارنة بالمنطقة العربية وبمناطق أخرى في العالم، سبق واستعرضناها في مقالات سابقة منشورة على هذا الموقع. لكن يمكن الإشارة الى بعض الجوانب بشكل مكثف لإبراز أسباب القصور أو التأخر في المنطقة العربية والشمال والشرق إفريقية والشرق متوسطية.
ففي أميركا اللاتينية، لم تنقطع عملياً حركات التمرد والثورات متعددة الأهداف طوال القرنين الأخيرين، واتخذت معظم هذه الحركات طابعاً أكثر وضوحاً يسارياً بعد ثورة أكتوبر 1917 الروسية. وبات لها، منذ زهاء نصف القرن، مرتكز محلي حافظ تاريخياً على درجة معينة من الإستقلالية تجاه المركز السوفييتي، والمقصود المرتكز الكوبي، بحيث لم يقد انهيار التجربة السوفييتية الى انهياره، كما حدث مع تجارب أوروبا الشرقية. فالثورة الكوبية التي انتصرت في مطلع العام 1959 كانت مزيجاً من ثورة وطنية تحررية ضد النفوذ الإمبريالي الأميركي وفساد الطغمة الحاكمة المحلية التابعة له ومن مشروع يساري له سماته الخاصة، وإن كان اتجه، بعد بعض الجدل لدى بعض قادته، الى التحالف مع الإتحاد السوفييتي.
أما في منطقتنا العربية، وبالرغم من أن بعض قوى اليسار كان لها حضور قوي في مراحل تاريخية معينة في بعض البلدان، ومن ولوج بلد عربي، صغير وفقير في آن واحد، هو اليمن الجنوبي، في محاولة بناء تجربة يسارية جذرية، انتهت، للأسف، في ظروف مأساوية، وتأثرت مباشرة بانهيار الإتحاد السوفييتي، فلا يوجد حالياً مرجع إقليمي لليسار يمكن أن يدعم عمليات الإستنهاض في عموم المنطقة، كما تفعل كوبا في القارة اللاتينية.
وربما كان من نقاط ضعف منطقتنا، ومناطق أخرى في العالم، أنها ارتكزت كثيراً في الماضي على الدعم الخارجي، سواء بالنسبة لليسار، الذي اعتمد بشكل رئيسي على المركز السوفييتي، أو بالنسبة للقوى الأخرى، اليمينية أو الوسطية، التي راهنت، وما يزال معظمها، على دول غربية. وكانت هناك طبعاً بعض التجارب الوطنية التحررية الشجاعة، كمعركة تحرر الجزائر وغيرها من بلدان المنطقة، بما في ذلك حركة تحرر الشعب الفلسطيني الراهنة المستمرة. ولكن، في حالات عدة، تمكّن الإستعمار الجديد، وخاصة الأميركي، من مدّ خيوطه ليعود من النافذة بشركاته ونفوذه الإقتصادي وتدخلاته السياسية، بعد أن كان الإستعمار القديم، الأوروبي خاصة، قد خرج، ولو شكلياً، من الباب. ففيما ترتخي قبضة الولايات المتحدة على القارة اللاتينية، تزداد قوة سيطرتها على المنطقة العربية والهيمنة على مقدراتها منذ السبعينيات الماضية بشكل خاص.
ولا بد هنا من الإشارة الى عنصر هام من خلفيات هذه السطوة الإمبريالية، الأميركية بالدرجة الأولى في عصرنا، وهو كون المنطقة العربية والشمال والشرق إفريقية والشرق متوسطية منطقة غنية بمصادر الطاقة، وتحديداً بالنفط والغاز الطبيعي، بحيث تحتوي على نسبة عالية من الإحتياطي المكتشف لهاتين المادتين في العالم. صحيح أن منطقة الخليج هي الأغنى والأوفر حظاً، لكن هناك شمال إفريقيا أيضاً، الجزائر وليبيا، وهناك مؤخراً السودان، حيث الإكتشافات النفطية المثيرة لاهتمام الشركات الغربية الكبرى، خاصة وأن القوى العالمية الصاعدة الجديدة هي التي دخلت على خط هذه الإكتشافات، وفي المقدمة الصين. ولكون المنطقة بهذه الأهمية الإستراتيجية في مرحلة استمرار غلبة استهلاك النفط والغاز الطبيعي على مصادر الطاقة الأخرى، فإن القوى الإمبريالية الرئيسية استهدفت القوى اليسارية في هذه المنطقة بشراسة خاصة، حيث كانت تعتبرها امتداداً للخصم السوفييتي ابان "الحرب الباردة"، وكذلك استهدفت القوى والحركات التحررية الإستقلالية مثل تجربة محمد مصدق في إيران وتجربة جمال عبد الناصر في مصر والمنطقة العربية، وغيرهما.
ووجود قوة ضاربة محلية، مثل الحليف الإسرائيلي المتمتع بدعم إقتصادي وتسليحي غير محدود من قبل الولايات المتحدة، هو عامل مساعد في هذه العملية. لكن الولايات المتحدة وجدت بعد الثورة في إيران في العام 1979 وخسارة حليفها شاه إيران، الذي اعتمدت عليه كثيراً في ضبط منطقة الخليج عسكرياً والتأثير على حركة أسعار النفط من خلال دوره في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، حاجة الى التدخل التدريجي المباشر من قبلها. فبدأت بتوريط العراق وإيران في حرب دموية مدمرة طوال الثمانينيات، ثم أدخلت قواتها على نطاق واسع الى منطقة الخليج تحت يافطة تحرير الكويت من القوات العراقية منذ النصف الثاني من العام 1990، وصولاً الى احتلال العراق في العام 2003. وهذا، في وقت لم يعد هناك وجود للخصم اللدود في "الحرب الباردة"، الإتحاد السوفييتي، ولكن هناك شبح القوة الصاعدة، الصين، التي أخذت توسع حضورها الإقتصادي والتجاري في أنحاء العالم، وصعود عدد من الدول الأخرى في آسيا وأميركا اللاتينية، وبدايات تراجع القوة النسبية للولايات المتحدة على الصعيد العالمي.
من المهم هنا أن نشير الى أن مقتل اليسار الجذري في تجارب عالمية عديدة كان الإرتباط التابع من موقع الضعف سواء بالطرف المسيطر على السلطة في البلد المعني أو بطرف معارض قوي آخر. هذه القاعدة صالحة في منطقتنا، كما في مناطق أخرى من العالم: فقد بدأ العد التنازلي لقوة الحزب الشيوعي الفرنسي، الذي كان له حضور شعبي وانتخابي بارز في فرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى أوائل الثمانينيات، عندما قرر المشاركة في حكومة فرانسوا ميتيران (يسار الوسط) الأولى في العام 1981 من موقع محدود التأثير، وهي مشاركة اضطر الى وقفها بعد ثلاث سنوات لتلمسه لحجم التأثير السلبي عليه في العمليات الإنتخابية، خاصة في ظل سياسات التقشف ثم تطبيقات "الليبرالية الجديدة" التي بدأ ميتيران بممارستها. وكذلك الأمر بالنسبة للتيارات اليسارية الجذرية في إيطاليا التي شاركت من موقع الضعف في حكومات يسار الوسط في التسعينيات الماضية ومطلع القرن الجديد. وهكذا تحول الحزبان الشيوعيان الكبيران بين الأربعينيات ومطلع الثمانينيات في هذين البلدين الأوروبيين الى قوتين محدودتي التأثير.
وقد يكون مثل هذه السياسات في منطقتنا أفدح، لأن الأنظمة الحاكمة في حالات كثيرة هي أنظمة تابعة و(أو) منخورة بالفساد بأشكاله المختلفة، مما يجعل نظرة القطاعات الشعبية الواسعة تجاهها شديدة السلبية، ويؤثر، بالتالي، على أية قوة يسارية تتحالف معها من موقع الضعف وعدم التأثير، أو تحتمي بها وتغطي على سياساتها، وهو سلوك أسوأ طبعاً من حيث النظرة الشعبية لهذه القوة. عنصر الإستقلالية بالنسبة لليسار الجذري العربي هو عنصر أساسي في تنمية دوره الإستقطابي الشعبي، وهي تشمل الإستقلالية تجاه القوى غير اليسارية في المعارضة أيضاً. وإن كان من الضروري والحيوي أن ينسج اليسار الجذري تحالفات وطنية واسعة، ما أمكن، على قاعدة مناهضة الإمبريالية وامتداداتها الداخلية والعمل على دعم توجهات سياسية واقتصادية استقلالية تدافع عن مصالح القطاعات الشعبية الأوسع.
وكما سبق وذكرنا، فإن الوضع العالمي الجديد بعد انهيار التجربة السوفييتية وغياب أي مركز أو نموذج جديد، في المنطقة أو خارجها، لما يمكن أن يكون عليه المشروع اليساري المتحقق، سيما وأن تجارب أميركا اللاتينية بعيدة، وما زالت في بداياتها في معظمها، يتطلبان إبداعاً من جانب القوى اليسارية في إيجاد روافع وأساليب عمل جديدة تعيد الثقة الشعبية بالخيار اليساري وتفتح المجال لإعادة بناء حضور ملموس ومؤثر له في منطقتنا. فالإكتفاء بتكرار خطاب الماضي وبمواصلة أساليب العمل السابقة لم يعد يجدِ، ولا بد من البحث عن مداخل عمل جديدة، وبالضرورة عن خطاب جديد، دون التخلي طبعاً عن المضمون الأساسي للمشروع اليساري، مناهضة الإحتلالات والتدخلات الإمبريالية وامتداداتها والعمل على تجاوز النظام الرأسمالي، أو الأنظمة ما قبل الرأسمالية في بعض البلدان، وإن بأفق طويل النفس ومتدرج، تتكون فيه قاعدة شعبية واسعة مؤيدة في كل مرحلة، على غرار ما يحصل مع التجارب اليسارية في أميركا الجنوبية.
ومن المهم الإشارة هنا الى كون تعاطي بعض اليسار في المنطقة العربية، وغيرها، مع التراث والتاريخ، العربي الإسلامي، ومع الثقافة والوعي الشعبي المنبثقين عن هذا التاريخ، كانت تشوبه في الماضي أحياناً نظرة إستعلائية تغريبية منبثقة عن فهم مشوه للماركسية، كانت تقوم على اعتبار أن لا شيء تقريباً مهم في التاريخ ما قبل الماركسي، ولا اغتناء معرفياً بعد تبلور الماركسية إلا من خلال الإشتقاقات النابعة منها، وخاصة تلك الإشتقاقات الرسمية خلال المرحلة السوفييتية. هذه النظرة هي، في الجوهر، وللمفارقة، تتعاطى عملياً مع الماركسية، أو الماركسية – اللينينية، كدين جديد وعقيدة "معلبة"، لها كتبها المقدسة، ومرجعياتها المنزهة عن الخطأ، وحتى طقوسها ولغتها "الخشبية"، كما يقال. وفي منطقتنا، قادت هذه النظرة قوى اليسار، أو عدداً منها على الأقل، الى ترك قضية التاريخ والتراث والثقافة الشعبية لتكون حكراً على قوى اليمين والسلفية، ودفعتها بالتالي الى عدم إيلاء الإهتمام الضروري لفهم خصوصية مجتمعاتنا، ببعدها التاريخي والحضاري، والمداخل المؤثرة المنطلقة من هذا الفهم في عملية تغييرها باتجاه المشروع اليساري. ومن الواضح أن التجارب التي نجحت وصمدت كتجارب آسيا الشرقية وتجربة كوبا كانت أكثر إنغراساً في تاريخ وثقافة شعبها، أي انها اعتمدت التغيير من مداخل مفهومة للقطاعات الشعبية وصالحة لاستقطابها وتعبئتها. ومن المفيد هنا الإشارة أيضاً الى الإهتمام الذي أعطاه القائد والمفكر الإيطالي اليساري البارز انتونيو غرامشي في كتاباته للثقافة الشعبية وللواقع الملموس للوضع الإيطالي وخلفيته التاريخية والمجتمعية.

5- كيف ترى وضع اليسار عالميا وعربيا؟ وهل هناك أفق لانبعاث جديد؟


** بات من الواضح الآن، بعد عقدين على انهيار الإتحاد السوفييتي وتجارب أوروبا الشرقية والجنوبية الأخرى في التحول الإشتراكي، واستطراداً لما سبق وذكرناه، ان هذه الإنهيارات لم تكن نهاية المطاف بالنسبة للمشروع اليساري وللأفق الإشتراكي في العالم.
فها قد انهارت كل إدعاءات منظّري النظام الرأسمالي في مطلع التسعينيات الماضية بأن هذا النظام الرأسمالي يشكّل، إقتصادياً وسياسياً، "نهاية التاريخ" ومنتهى الكمال والإستقرار، وذلك مع انفجار الأزمة الإقتصادية الرأسمالية العالمية في العامين 2007-2008، والتي لا زالت معظم الدول الرأسمالية تتخبط فيها ولا تتمكن من الخروج منها. وحتى إذا تمكنت من الخروج منها، كما فعلت في مراحل تاريخية سابقة، وأمام أزمات أقل حدة أو حتى أمام أزمة 1929 والثلاثينيات الماضية الكبرى الأشد حدةً، فهي لن تتأخر في العودة الى مواجهة أزمات جديدة ناجمة عن التناقضات الكامنة في ما آل إليه النظام الرأسمالي في مراحله الأكثر مركزة للثروة ورأس المال، والأكثر اعتماداً على نهب القطاعات الشعبية، في العقود الأخيرة: فعلى سبيل المثال، يجمع حتى المحللين الإقتصاديين اليمينيين أنه حتى لو جرى تجاوز الأزمة الراهنة، فإن مشكلة البطالة ستبقى قائمة لفترة زمنية طويلة، ومن الصعب جداً تقليص حجمها. وهذا هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة التي اقتربت نسبة البطالة الرسمية فيها من الـ 10 بالمئة من القوة العاملة، وفي واقع الأمر، إذا تم احتساب أولئك الذين يئسوا من تسجيل أنفسهم لطلبات العمل أو أولئك الذي يقومون بعمل جزئي لا يوفر لهم احتياجاتهم الحياتية العادية، فإن النسبة الفعلية للبطالة تتضاعف.
وعموماً، فيما ثروات كبار الأغنياء تواصل تناميها، حتى في ظل الأزمة، فإن الفقر يزحف ويضم الى صفوفه ملايين إضافية من الشغيلة وحتى مما يسمى بالطبقات الوسطى. وفي أوروبا، تصل نسب البطالة الرسمية في بعض البلدان، مثل إسبانيا، الى أكثر من 20 بالمئة من قوة العمل، مما أوجد هناك أيضاً مستويات أوسع من الفقر. أما الفقر في "العالم الثالث"، المستنزفة ثرواته منذ عدة قرون، وخاصة في إفريقيا وبعض بلدان آسيا، بما في ذلك بعض الدول العربية، فحدث ولا حرج: رئيس البنك الدولي نفسه، الأميركي روبيرت زوليك، تحدث مؤخراً عن تزايد غير مسبوق لنسب الفقر في العالم خلال سنوات الأزمة الأخيرة، بالرغم من النجاحات التي تحققها بعض البلدان التي حافظت على نسب نمو عالية في السنوات الأخيرة مثل الصين وفييتنام والبرازيل وغيرها.
ألا يوفر هذا الوضع الشرط الموضوعي الأهم لاستعادة اليسار الجذري، الداعي الى تجاوز النظام الرأسمالي، وإن على مراحل وبإجراءات متدرجة، لدوره الفاعل والمؤثر، في منطقتنا، كما في مناطق العالم الأخرى؟ طبعاً. ولكن الشروط الذاتية، أي الجاهزية وتوفر الإطر التنظيمية الملائمة والقدرة على استقطاب القطاعات الشعبية المفقرة والمتضررة، وابتداع أشكال العمل الجديدة المناسبة لتوسيع هذه القاعدة الشعبية باستمرار، فهذه الشروط ليست متوفرة في معظم مناطق العالم، على الأقل حتى الآن، باستثناء أميركا اللاتينية، وربما بلدان أخرى محدودة العدد.
في منطقتنا العربية والشمال والشرق إفريقية والشرق متوسطية، وبالرغم من كون بعض القوى اليسارية حافظت على توجهها الجذري ولم تتجه يميناً نحو الأفكار النابعة من نظريات "نهاية التاريخ" أو المفترضة ضمناً لصحتها، وهي قوى تُقدّر على موقفها هذا، إلا اننا لا نلمس، على الأقل حتى الآن، نهوضاً جديداً قوياً وعودة لصعود يساري والتفاف شعبي حوله. وبالرغم من كون العمليات الإنتخابية في منطقتنا تشوبها الكثير من الإشكاليات علاوة على محدودية تمثيلها الفعلي للمناخ الشعبي، إلا ان الإنتخابات التي جرت في الآونة الأخيرة في بلدان مثل لبنان والعراق والبحرين وغيرها لا تعطي الإنطباع بوجود مثل هذا الصعود.
طبعاً، هناك الكثير من الحراك الشعبي في عدد من بلدان المنطقة، بدءً بمصر، البلد الأكبر في العالم العربي، لكن ليس من الواضح بعد الى أين يمكن أن يقود، وكيف يمكن أن تؤطر هذه الحركة الشعبية. أما وضع اليمن، فالحراك الناجم هناك عن تردي الأوضاع المعيشية والحياتية يهدد حتى تماسك البلد ووحدته. وأمامنا كذلك النموذج المأساوي للصومال، الذي كان قبل عقود قليلة بلداً غنياً بالثروة الزراعية والحيوانية، وكذلك وضع السودان المهددة وحدته بسبب قصورات وأخطاء داخلية وتدخلات خارجية على حد سواء. وأمامنا العراق الذي لا زال يعاني من ذيول الإحتلال الخارجي، المستمر بأشكال متعددة ظاهرة وغير ظاهرة، ومن التناقضات والإنقسامات التي خلّفها في صفوف الشعب، بمكوناته المختلفة، القومية والدينية والمذهبية، والتي كان من الممكن أن تكون مصدر غنى له، وهو البلد الذي ورث بعض أهم الحضارات الأولى المعروفة في تاريخ البشرية. وهناك، طبعاً، الوضع الفلسطيني المأساوي وغياب الأفق في الأمد المرئي. وهناك المشكلة المستمرة في المغرب الغربي بشأن الصحراء الغربية. أما الإفقار المتزايد للقطاعات الشعبية الواسعة في معظم هذه البلدان فلم يَصُبّ بعد باتجاه تنمية وعي سياسي شعبي واسع لصالح الخيار اليساري، وربما، في حالات كثيرة، بسبب عدم جاهزية القوى اليسارية الموجودة لإيجاد الصيغ الإستقطابية المناسبة. مما ترك المجال أمام البدائل الأخرى، وخاصة البدائل الدينية والقبلية- العشائرية، طبعاً الى جانب تسليم قطاعات شعبية واسعة، من منطلق الإحباط، بالقدر وبالبطش الحكومي، المدعوم في معظم الحالات من قبل القوى الخارجية ذات المصلحة في بقاء هذه الشرائح الحاكمة التابعة لها في مواقع القرار والسلطة.
في أوروبا، هناك تحركات عمالية وشبابية وهناك حراك فكري هام. لكن، حتى الآن، كما ذكرنا أعلاه، لم نشهد صعوداً ملموساً لبديل يساري يحظى بالتفاف شعبي واسع في معظم بلدان القارة، التي تشهد بعضها، بالمقابل، نمواً لتيارات فاشية وعنصرية، تستوعب الغضب الشعبي وتوجهه نحو خصم داخلي أو خارجي مفتعل، وهو ما سبق وحصل ابان الأزمة الكبرى السابقة في ثلاثينيات القرن الماضي. علينا ربما أن ننتظر بعض الوقت لنشهد التغيرات المنشودة، دون أن نغفل أن بنى الإتحاد الأوروبي والترابط الأطلسي مع الولايات المتحدة هي عوامل كابحة وضابطة لأي تحرك شعبي قوي بهذا الإتجاه، وهو ما رأيناه مع اليونان، وبلدان أخرى.
طبعاً، تجربتا الصين وفييتنام للتنمية المتسارعة وفق صيغة من إقتصاد السوق المفتوح نسبياً مع الإحتفاظ بدور مركزي للدولة على صعيد السلطة السياسية ودور القطاع العام هما تجربتان مثيرتان من حيث نسب النمو التي تحققانها. ونأمل، كيساريين، أن تنجح التجربتان في انتشال كل مواطني البلدين من الفقر وبناء قاعدة إقتصادية قوية في كل منهما، وفي الوقت ذاته الحفاظ على الأفق الإشتراكي اللاحق. لكن، طبعاً، هناك عوامل عديدة تتحكم بعملية التطور في البلدين، خاصة مع تنامي حجم شريحة من كبار الأثرياء في البلدين وتنامي الفروقات في المداخيل، وظهور عناصر سلبية أخرى ناجمة عن نمط التطور، تحتاج كلها الى حكمة كبيرة من قبل القيادتين ودور نشط، ما أمكن، للقطاعات الشعبية ذات المصلحة في إنجاز الخيار الإشتراكي. وهناك إشكاليات جديدة يعاني منها اليسار الجذري ذو الحضور التاريخي في الهند مع تزايد الهوة في المداخيل في البلد، الذي يتطور إقتصاده الإجمالي بسرعة أيضاً، ومع تنامي الفقر والإدقاع، خاصة في الريف، الذي تجتاحه الشركات عابرة الحدود مسيطرةً على أراضي الفلاحين الفقراء التي هي مصدر عيشهم، مما يحولهم الى احتياطي لحركات التمرد المسلحة المتنامية في عدد من المقاطعات الهندية.
باختصار، اليسار والخيار الإشتراكي باقيان على جدول أعمال البشرية ومطروحان بملحاحية متزايدة كطريق خلاص حقيقي لا بديل عنه على الأمد الأطول، مع تفاقم مأزق النظام الرأسمالي وتناقضاته وفساده وظلمه. ولكن مهمة اليساريين هي التعجيل في عملية توفير الشروط الذاتية لتنظيم القطاعات الشعبية الواسعة المتضررة من هذا النظام الظالم والمتوحش، وبلورة المداخل وأساليب العمل المناسبة لتحقيق هذا التعجيل.
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اي من الدول العربية؟
نادر علي ( 2010 / 11 / 28 - 13:39 )
اي من الدول العربية ترى انه مهىء لبروز اليسار فيها من جديد وبشكل قوي؟


2 - رد الى: نادر علي
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 28 - 16:54 )
طبعاً، هناك حضور تاريخي لليسار (وأقصد اليسار الجذري) في العديد من البلدان العربية، وهو مستمر في معظمها بمستويات متفاوتة، وهناك نشاط فكري مهم في بعض هذه البلدان، سواء في المشرق أو في المغرب. ولكن لا يبدو لي واضحاً أن هناك بلداً محدداً تظهر فيه ملامح نهوض قوي لليسار في الزمن الراهن. هناك مخاضات اجتماعية وسياسية في عدد من البلدان العربية، مصر مثلاً، وبشكل مختلف ولأسباب أخرى هناك اليمن، لكن في الحالتين ليس واضحاً بعد بأي اتجاه ستؤول الأمور اليه في هذين البلدين، وكيف ستتبلور الحركات الإجتماعية والإتجاهات السياسية الجديدة المحتمل تطورها في الأمد القريب. ربما سنحتاج لوقت أطول حتى تنضج الأمور بشكل أفضل. وعموماً، ليس هذا حال المنطقة العربية وحدها. وشكراً للزميل نادر.


3 - اللقاء اليساري الاخير في بيروت
جاسم علوان ( 2010 / 11 / 28 - 19:01 )
ما رأيك في اللقاء اليساري الاخير في بيروت ,وخاصة انه كانت الكثير من القوى بعيدة من اليسار؟


4 - رد الى: جاسم علوان
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 28 - 20:25 )
بمعزل عمن شارك أو لم يشارك، ومن تمت دعوته أو لم تتم دعوته، أعتقد أن اللقاءات بين قوى اليسار واستماع بعضها الى البعض الآخر، مع تجاوز للمواقف المسبقة والتاريخية، أو القديمة، هي شيء مفيد، خاصة بعد كل الذي جرى في العالم خلال العقدين الأخيرين. طبعاً، يمكن أن تكون هناك ملاحظات حول من ينبغي أن يشارك أو لا يشارك، وبعضها قد يكون مصيباً، ولكن أعتقد أن الرفاق في الحزب الشيوعي اللبناني اجتهدوا وبادروا، وربما في دعوة قادمة سيأخذون، هم أو غيرهم من المبادرين الآخرين، بعين الإعتبار أية ملاحظات على صيغة الدعوة الأولى هذه.
ومن المؤكد أن مشاكل اليسار العربي لن تحل في اجتماع واحد أو في عدة اجتماعات، لكن الحوارات، وحتى الخلافات في وجهات النظر، تساعد على التفكير، لمن يرغب في إيجاد الحلول، في سبل ابتداع أشكال وآليات جديدة للخروج من حالة الإنكفاء العام لقوى اليسار في منطقتنا. ومن هذه الزاوية، ليس، بالضروري، أن يخرج اجتماع واحد باستخلاصات موحدة، ويمكن حتى الإشارة في أي بيان ختامي الى القضايا التي بقيت عالقة أو موضع اختلاف حولها. وليس في ذلك نقيصة. فقد بات ضرورياً أن نتجاوز صيغ الإجماع والتطابق القديمة، حتى نستطيع أن نخرج بأفكار جديدة. ولذلك لا أرى أنه من الضروري دائماً أن يخرج بيان عليه اتفاق جماعي كامل، بحيث يمكن أن يصبح غائماً، لضرورة ترضية كل الأطراف المشاركة أو أخذ رأيها بعين الإعتبار. وشكراً للزميل جاسم.


5 - مستقبل السودان والاستفتاء على تقسيم السودان
عثمان طه ( 2010 / 11 / 28 - 19:05 )
كيف ينظر الاستاذ غازي الى مستقبل السودان والاستفتاء على تقسيم السودان


6 - رد الى: عثمان طه
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 28 - 20:49 )
من الطبيعي أن نشعر جميعاً بقلق الى وضع السودان الشقيق والتطورات الجارية بشأن الجنوب، كما ومجمل التحديات التي تهدد السودان ووحدته واستقلاله. فالمشكلة هنا لا تتعلق بالسودان وحده، وإنما أيضاً بعدد من البلدان العربية الأخرى التي تتواجد فيها تشكيلات إثنية أو قومية أو دينية-مذهبية متعددة. طبعاً، نحن نتمنى أن يكون السودان، ويبقى، موحداً ومتماسكاً ومتحرراً من التدخلات الأجنبية، ولكن، من خلال ما يصلنا من أخبار، يبدو أن احتمال التصويت الجنوبي لصالح الإنفصال هو احتمال وارد بعد أن قامت قوى رئيسية هناك بالدعوة الى هذا الإنفصال. ولا أدري إذا ما كان هناك مجال بعد لتغيير المناخات السائدة، نظراً لأن الوقت ضيق جداً. واستبدال الإستفتاء بأية صيغة قسرية أو أحادية الجانب ليس فكرة جيدة، ولا لصالح السودانيين بكل أطيافهم.
ومن الواضح أن المشكلة مزدوجة: هناك تدخلات خارجية واضحة ومرئية جداً، حيث رأينا كيف سارع ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي الى زيارة المنطقة بمبادرة من الجانب الأميركي، بينما في مناطق أخرى من العالم، ومنها بلدنا فلسطين، لا يحرك الأميركيون ساكناً لتأمين ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير، عبر الإستفتاء مثلاً، رغم الإختلاف بين الوضعين، حيث لدينا هنا احتلال، وهو ما يجعل السلوك الأميركي أدهى. ولكن الى جانب التدخل الخارجي، ينبغي التدقيق من قبل الأشقاء في السودان في الأخطاء الداخلية التي ارتكبت في الماضي، والتي سمحت للأطراف الداخلية بأن تدفع بهذا الإتجاه، وذلك للحؤول دون تفاقم الأمور في المستقبل القريب والأبعد. وكل التضامن مع أشقائنا في السودان كله في هذه المرحلة الصعبة من مسيرتهم.


7 - ضرورة التنسيق الفكري بين القوى الديمقراطية
رأفت طنينه ( 2010 / 11 / 29 - 07:36 )
رأفت طنينه
ضرورة التنسيق الفكري بين القوى الديمقراطية


8 - رد الى: رأفت طنينه
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 29 - 15:32 )
الزميل العزيز رأفت، لا أدري ماذا تقصد بالضبط بالتنسيق الفكري، لأن الفكر يتطلب دائماً الوضوح والدقة، حتى لو كان هناك اختلاف في التحليلات ووجهات النظر، وهو ما يمكن أن يحدث حتى داخل التنظيم الواحد. ونذكر وجهات النظر المختلفة في إطار الحزب الذي كان يقوده فلاديمير لينين عشية الثورة البلشفية في روسيا القيصرية وفي السنوات الأولى للسلطة السوفييتية. ولا أعتقد أننا في الساحة الفلسطينية أو الساحات العربية أو غيرها يمكن أن نكون جميعاً، على الصعيد الفكري، وبالتفصيل، على مواقف متطابقة. أعتقد أن الإجتهاد ووجود وجهات نظر مختلفة في عدة قضايا لا تتعلق بجوهر الفكر هما مفيدان ويغنيان البحث عن الحلول للقضايا المطروحة. ونموذج -الحوار المتمدن- هو مثل إيجابي على هذا الصعيد، أي بمعنى ضرورة التفاعل في الأفكار والإجتهادات.
أما إذا قصدت وحدة العمل ووحدة التحرك والتنسيق في النشاطات والعمليات الإنتخابية، النقابية وغير النقابية، بين القوى اليسارية، فأنا هنا أتفق معك، وأعتقد انه، من حيث المبدأ، هناك ضرورة للعمل المشترك، حيث أمكن ذلك بين القوى اليسارية في أي بلد. وفي الساحة الفلسطينية، هذا ممكن في بعض المجالات، ولا يتعارض ذلك مع الحرص على الوحدة الوطنية التي تشمل كافة القوى المناهضة للإحتلال، بغض النظر عن خلفياتها الفكرية. لكن من الواضح أن هناك أحياناً عقبات في التنفيذ العملي تحول دون هذا التنسيق، وهو ما يضعف اليسار في بعض الحالات، مثل انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات، مثلاً. مع تحياتي لك.


9 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 11 / 29 - 08:33 )
الأخ العزيز والصديق الودود أخي داود المحترم . تحية لك .أسعدتني جداً هذه المقابلة الحوارية معك .ومع تقديم شكري للإخ ضياء حميو في إعداد هذه المادة . عموماً ليس لدي نقاط خلافية حول مضمون الإجابات الواضحة والتي تتصف بقدر كبير من خطابية عقلانية متفتحة ونقدية في إتكاء الماضي على وهم الدعم الخارجي ودوره في إنقاذ المنطقة .
هناك نقطة أعتقد أنها تحتاج الى مزيد من التوضيح ، جاء في ردك على السؤال الأول بأن ( الإستعصاء الحقيقي حالياً تجاه الحل ، ليس حقيقية في الجانب العربي ، بل في الجانب الإسرائيلي ) ورغم أني أتفق معك في هذا الطرح لكن ألا تعتقد أن حالة الإنقسام وتشرذم الحالة الفلسطينية ، وتشيعها بين قبائل حماس وفتح . وسياسة المحاصصة ، وعملية طلبنة المجتمع الفلسطيني في غزة هي عوامل أخرى تشكل الوجه الأخر للإستعصاء في الجانب الفلسطيني . ربما إذا جرى قراءة ما يمكن تسميته - بالخطاب السياسي الفلسطيني - الراهن يقود الى فكرة أن حالة التنازلات والتراجعات الدراماتيكية للسلطة هو نوع من الشعور بالعجز على مواجهة الواقع وتعبير عن حالة إستعصاء حقيقية في الجانب الفلسطيني الذي بات غير قادراً على إفراز بديل وطني تحرري حقيقي وبديل عن عقلية دكننة الشارع الفلسطيني .وتوظيفة لصالح مشاريع حزبية أصبحت نوع من البزنس السياسي الحلال .هناك العديد من القضايا الداخلية التي أفقدت السلطة ومعها العديد من القوى لمصداقيتها وكشفت عورتها. وفي مقدمتها قضية الحوار الفصائلي ، وملفات الفساد ، وضعف الخطاب السياسي . في مواجهة الخطاب العنصري للإحتلال . أخي داود تحية لك وأشكرك


10 - رد الى: سيمون خوري
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 29 - 15:53 )
الرفيق والصديق العزيز سيمون، أشكرك على ملاحظاتك، وأنا آسف لتأخري في الإطلاع عليها، وإنزالها على الصفحة، لانشغالي في قضايا أخرى. فأنا أتحمل مسؤولية التأخير وليس المشرفون على الموقع.
بالنسبة لمضمون التعليق، فنحن متفقون على ضعف الوضع الفلسطيني وانقساماته المحزنة وانحشاره في ما أسماه الأستاذ الجامعي الفلسطيني الأميركي البارز رشيد الخالدي -القفص الحديدي- في عنوان أحد كتبه الأخيرة. ولكن لا أعتقد، كما ذكرت في ردودي على أسئلة الزميل ضياء حميو، أن هذا الضعف هو العنصر الذي تسبب في غياب الحلول للصراع حتى الآن. فعندما كان الرئيس الراحل ياسر عرفات حياً، كانت الحكومات الإسرائيلية تعتبره متشدداً وغير راغب في الوصول الى حل، وأنا لا أعتقد أن ذلك صحيح. وبعد رحيله، المدبر على الأغلب من قبل إسرائيل وفق العديد من المؤشرات، تم انتخاب الرئيس الحالي محمود عباس في مطلع العام 2005، الذي كان يعتبره المسؤولون الإسرائيليون (والأميركيون) معتدلاً، ورغم ذلك لم يتحقق أي تقدم باتجاه الحل طوال العام 2005 وقبل انتخابات المجلس التشريعي التي حصلت في مطلع العام 2006 وجاءت بأغلبية لحركة -حماس-. ونحن نعلم من خلال العديد من التحليلات والمعلومات المسربة، بما فيها الوثائق الأخيرة التي نشرتها -ويكيليكس-، أن المسؤولين الإسرائيليين لا يريدون حلولاً، ولا يريدون الإنسحاب من الضفة الغربية وهضبة الجولان السورية، وهم يناورون عندما يتحدثون عن التفاوض أو عن -الدولة الفلسطينية- أو عن استعدادهم للقاء بأي زعيم عربي للتفاوض حول الحل. إسرائيل، باختصار، لا تشعر حتى الآن بأي ضغط عليها لتغير شيئاً في الوضع القائم راهناً. والولايات المتحدة تقدم الغطاء الكامل للسياسات الإسرائيلية، بما في ذلك في عهد أوباما، الذي كان البعض يراهن على أن أصوله الإفريقية ستجعله يغير شيئاً في هذه السياسة المتواطئة مع إسرائيل. وهناك في الوثائق الجديدة المسربة معلومات إضافية على هذا التواطؤ المستمر.
شكراً لك، وكل التقدير لحرصك الدائم على مستقبل شعبنا الفلسطيني ومصير قضيته.


11 - اسئلة اولية
احمد صالح سلوم ( 2010 / 11 / 29 - 09:40 )
تحياتي لك رفيق داود
دائما نصيب في التحليل ونخطأ بالممارسة وهذا ليس عيبا اذا راجعنا الاخطاء واعترفنا بالبحث عن حلول مؤسساتية لتلافيها
- ما تقييمك لمشاركة الجبهة الديمقراطية بحكومة فيشي الفلسطينية واليست اخطر من كل خطايا الاحزاب الشيوعية التي تراجعت شعبيتها عندما شاركت احزاب ليبرالية وحتى اشتراكية ببرامج ليبرالية لا سيما اننا في مرحلة تحرر وطني
- لاشك انك تتذكر حادثة مقر الحرية في ساحة الشهبندر كيف تفسر هجوم عربجية الامن الذين هم تحت امرتك على طاقم الحرية الاعزل وهل هذه من شيم الديمقراطية وحرية التعبير لدى عصابة حواتمة التي تتشبث بالكراسي
نلاحط ان الجبهة الديمقراطية وفدا اصبحوا تحت حكومة فياض موظف البنك الدولي والمدعوم من المؤسسات الارهابية والافقارية في العالم هل هذه خواتم وروائع الماركسية اللينية لدى الرفاق ام لزوم بيع فلسطين براتب هزيل


12 - رد الى: احمد صالح سلوم
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 29 - 16:21 )
تحياتي لك رفيق أحمد.
ترددت قليلاً قبل الرد على رسالتك، لان فيها بعض التعابير غير اللائقة وغير الحوارية، وبعض المعلومات غير الصحيحة. ولكن فضلت أن يتم نشرها والرد عليها تجاوباً مع المناخ الديمقراطي الذي يسود -الحوار المتمدن- والذي أعتقد أن علينا أن نحرص عليه، مع الدعوة الدائمة الى الإبتعاد عن بعض التعابير المهينة والمؤذية.
أنت تشير هنا الى حادثة وقعت قبل عقدين من الزمن أبان الخلاف الداخلي الذي قاد الى الإنشقاق في الجبهة الديمقراطية في تلك الفترة. المعلومة الخاطئة هي حديثك عن عناصر الأمن -تحت إمرتك-، وهو، في الواقع غير صحيح: فأنا فوجئت بحضور هذه العناصر وبسلوكها، كما فوجئت أنت. وأعتقد أنني تضررت شخصياً من هذا الحادث أكثر مما تضررت أنت، بالرغم من أنك استهدفت أنت بشكل مباشر، مع زميلين آخرين، بهذا المسلك الخاطئ. ولا ضرورة لكي أدخل في تفاصيل تتعلق بردة فعلي الداخلية، بحكم موقعي المسؤول في تلك الفترة، على هذا الحادث، الذي جرى في سياق مناخات غير صحية وفي مرحلة محزنة، أعتقد أنها كانت فترة من بين أسوأ الفترات التي عشتها أنا، وربما أنت ورفاق وزملاء آخرين. ونحن، حتى الآن، ندفع ثمن ما حدث وترتباته اللاحقة، التي أشرت أنت لها في مداخلتك.


13 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 11 / 29 - 10:45 )
الأخوة في إدارة الموقع صباح الخير ، سجلت صباح اليوم تعليقاً ، ففي حال عدم وصوله لأسباب ربما تقنية، أتمنى إعلامي لكي يصار الى إرسالة مرة أخرى


14 - رد الى: سيمون خوري
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 29 - 15:54 )
أعتقد أني أوضحت الأمر في الرد السابق. مع التحيات.


15 - ماذا تعني باليسار الجذري؟
احمد خلف الجعافرة ( 2010 / 11 / 29 - 11:00 )
اشكر الرفيق داود تلحمي على تكرمه بالمشاركه بهذا الحوار الحيوي على صفحات الحوار المتمدن ؛
لقد لفت نظري رفيقي العزيز تكارارك لعبارة اليسار الجذري؛ تلك العباره التي توحي للقاريء وكان هناك يسار آخر غير جذري وفي نفس العباره يوجد تفضيل لهذا اليسار على غيره وكأنك بذالك تعمنح شهادة حسن سلوك لجهة وتطمس جهة اخرى بهذا التفرد بتكرار عبارة اليسار الجذري؛
السؤال الذي اتمنى ان اسمع اجابه وافيه عليه هو
ماذا تعني باليسار الجذري بالضبط؟


16 - رد الى: احمد خلف الجعافرة
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 29 - 16:01 )
اليسار الجذري في الصيغة التي استخدمتُها هو اليسار المناهض للرأسمالية والإمبريالية، أي اليسار الذي يعتقد أن من الضروري، في نهاية المطاف، استبدال النظام الرأسمالي بنظام آخر أكثر عدلاً وإنصافاً للبشر، يُطلق عليه عادة تعبير النظام الإشتراكي. ولكن الى جانب هذا اليسار الجذري، هناك قوى تُطلق على نفسها صفة اليسار، ولكنها تكتفي بالمطالبة ببعض التحسينات الجزئية في النظام الرأسمالي لصالح الفئات -الأضعف- إقتصادياً واجتماعياً، مثل الضمانات الإجتماعية. وفي بعض البلدان، أطلق على هذه القوى تعبير -الإجتماعية الديمقراطية-. ومن بينها، على سبيل المثال لا الحصر، حزب العمال البريطاني، والحزب الإشتراكي الفرنسي والأحزاب الحاكمة حالياً في اليونان وإسبانيا والبرتغال. مع الشكر والتحيات لك


17 - اليسار الجذري مره اخرى
احمد خلف الجعافرة ( 2010 / 11 / 29 - 18:11 )
رفيقي داود تلحمي
اولا انا اعتقد ان كلمة يسار ويمين مضي على استخدامها اكثر من قرنين من الزمن وخلال هذه الفتره اعتقد انه جرى تحت الجسر مياه كثيره بحيث اصبح هذا المفهوم متداخل مع غيره من المفاهيم بحيث اصبح ضبابي وغير واضح المعالم كي نقول ان هناك يسار محدد ضمن حدود ايدلوجيه معينه؛
فمثلا في فتره من تاريخ هذا المفهوم كان يطلق على اصحاب التوجهات الحديثه دون ان يحصر نفسه بالاشتراكيه او محاربة الامبرياليه بل على العكس فان الامبرياليه كانت احد حاملي التوجه اليساري وليس من العدل اللصاق اليسار فقط بالتوجه الاشتراكي؛ لان الاشتراكيه اخذت من الفكر اليساري ما يلائم توجهاتها الماركسيه ولم تحوي جميع الفكر اليساري؛
ثانيا : القول ان هناك يسار متجذر انا برأي لايختلف عن قول ابن لادن انه مثلا انه وفكره الممثل الوحيد للاسلام وما عداه فهم عباره عن جاهلين في الدين الاسلامي يجب ردعهم وعودتهم للدين الابن لادني الصحيح؛


18 - رد الى: احمد خلف الجعافرة
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 29 - 20:23 )
الزميل العزيز أحمد، في ردي السابق أجبت على سؤالك المحدد وهو: ماذا تقصد باليسار الجذريِ؟ وقلت في الرد وجهة نظري ووجهة نظر الأوساط اليسارية التي تستخدم مثل هذا التعبير. لكن هناك من يستعمل تعابير أخرى مثل اليسار المناهض للرأسمالية، لأنه، كما ذكرت في الرد إياه، هناك يسار غير مناهض للنظام الرأسمالي من حيث المبدأ.
أما أن تكون هناك وجهات نظر أخرى تقول أن لا يسار ولا يمين، فهذا رأي، ومن الممكن مناقشته. صحيح أن تعبير -اليسار- بحد ذاته ليس محدداً بدقة كاملة وأن مضامينه تغيرت بعض الشيء خلال القرنين الأخيرين (ولكن طبعاً لم يتم اعتبار الإمبريالية حاملة للفكر اليساري). لكنه مجرد مصطلح ويمكن إصباغ أي مضمون يتم الإتفاق عليه حوله، وأنا استخدمت المضامين الرائجة حالياً في الأوساط اليسارية، ولذلك أضفت كلمة -الجذري- للتمييز بين مدارس اليسار المختلفة الموجودة في العالم.
أما أن تكون هناك اجتهادات أخرى، فهذا أمر مشروع. لكن التشبيه مع بن لادن غير صحيح، لأن المسألة لا تتعلق هنا بدين أو بعقيدة أو بمرجعية إيمانية، وإنما تتعلق بنظام إقتصادي سائد حالياً في العالم له مواصفاته المعروفة، ويمكن أن يعتبره إنسان ما نظاماً مقبولاً والتسليم بكونه غير قابل للتغيير، وفقط قابل لبعض التحسينات الجزئية، وهذا هو رأي مدرسة يسار الوسط، أو التيار -الإجتماعي الديمقراطي-. ويمكن، من جانب آخر، أن تعتبره نظاماً مجحفاً وظالماً يزيد الأثرياء ثراءً والفقراء فقراً ولا يحل مشاكل غالبية الناس، وبالتالي فأنت من أنصار تغييره، ولو على أمد طويل، ومن خلال سلسلة من المحطات. ومدارس التغيير هنا متعددة، ولا يجري الحديث لا عن كتابات مقدسة ولا عن مرجعيات إيمانية ثابتة. هناك اجتهادات عديدة جارية حالياً بالممارسة وعلى الأرض في عدد من بلدان أميركا اللاتينية وآسيا الشرقية، وربما تنشأ هناك اجتهادات أخرى. مع تحياتي لك.


19 - حول المفاوضات والجالية
فيصل البيطار ( 2010 / 11 / 29 - 18:20 )

إستعصاء الحل العادل أوحتى ما دونه ، هو بسب التعنت الإسرائيلي وعدم قدرة الإدارات الأمريكية(لأسباب عدة) على دفع إسرائيل بإتجاهه، هذا أحد طرفي المعادلة لا أكثر.
الطرف الآخر يكمن في السياسة التفاوضية الفلسطينية التي حصرت فعلها على مائدة المفاوضات دون أن تمتلك أية أوراق تمكنها من إنتزاع حقوق شعبنا بالإستقلال الوطني .
نعتقد أن الطرف المفاوض بحاجة إلى تعديل قواه عن طريق إشراك الجماهير الفلسطينية في الشارع الفلسطيني بما يعزز دور ممثليه المفاوضين، أما كيف، فهذا ما ستكتشفه الحركة الجماهيرية نفسها بعد قليل من حراكها ، قد يستحيل هذا الأمر في القطاع، لكنه ممكن في الضفة كبداية، لو رسمت قوى اليسار وحددت بدايات الطريق .
الجبهة الديموقراطية وقوى أخرى تكتفي بالمناشدة والمطالبة، بالخطاب اللفظي وحده ، وهو الأمر الذي ليس من شأنه أبدا أن يدفع حركة فتح لتعديل موقفها لإشراك القاعدة الجماهيرية بعملية التفاوض، وستبقى تحتكرها حتى نهايتها وفق تصورها الخاص، مراعية في هذا الجانب الضغوطات العربية وتأثيراتها في الشأن الفلسطيني .
على عاتق اليسار الفلسطيني تقع مسؤولية إستنهاض الحالة برمتها ولن يتم هذا بمواقف لفظية صائبة ونحترمها .
وضع الفلسطينيين في العراق تحسن كثيرا بعد زيارة فريق كرة القدم الفلسطيني والرئيس أبو مازن لبغداد ... ما تحدثت عنه أصبح في ذمة التاريخ، مع إعتراضنا على نسبة ما تعرضت له الجالية هناك لسياسات بعض الحكام، وربما قصدت تحالف أبو عمار مع القيادة العراقية السابقة، هذا سبب لم يكن تأثيره حاسما، لكن الجوهري يكمن في توجهات الجالية السياسية إبان الحكم السابق، والأهم، هو إنخراط عرب وفلسطينيين على نطاق واسع في عمليات الإرهاب وقيادته التي طالت دماء وممتلكات العراقيين بشكل غير مسبوق، ويجب ملاحظة أن من فر بإتجاه الحدود من الفلسطينيين في اللحظات الأولى لسقوط النظام وقبل أن تظهر أية ملامح للإرهاب القادم بعد قليل، كانوا من البعثيين، ومن تعاون مع إجهزتهم الإستخبارية، وظلت معظم الجالية في أماكنها... بقيت في بغداد حتى نهاية الشهر السادس من عام 2005 ولم تكن الجرائم التي تعرضت لها الجالية بالحجم الذي صورته وسائل الإعلام والقوى التى عاشت على فتات مائدة النظام السابق ولا يمكن مقارنتها بما تعرض لها العراقيون أنفسهم ... شاهد من أهل الدار يحدثك سيدي .
تقديرنا الفائق .


20 - رد الى: فيصل البيطار
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 29 - 20:51 )
الزميل العزيز فيصل،
أنا لا أختلف معك حول إخفاقات ومصاعب الوضع الفلسطيني والعملية التفاوضية، وحول المسؤولية المفترضة لليسار في الإطار الوطني العام. طبعاً، هناك نقاشات واسعة تجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها حول الوضع الفلسطيني وسبل الخروج من المأزق الراهن، وهناك آراء حول إمكانية تحقيق دولة في أراضي 67 أو حول شعار الدولة الواحدة في كل فلسطين بحدودها الإنتدابية، وغيرها من الأفكار، التي أعتقد أنك ملمٌ بها ومتابع لها. وأنا متفق معك على أن دور اليسار ينبغي أن يكون دوراً ملموساً للناس، أي أن يكون عملياً وليس برنامجياً أو لفظياً فقط، وأننا بالتالي لم نصل بعد الى مرحلة نهوض كبير ملموس لدور اليسار لا في الساحة الفلسطينية، ولا في الساحات العربية عامة، على حد علمي ومتابعتي، بالرغم من وجود جهود بهذا الإتجاه. كما أتفق معك حول أهمية تفعيل دور القطاعات الشعبية الفلسطينية في كافة المجالات للمساهمة في تشكيل وضع مؤثر على الإحتلال لتغيير موقفه المتعنت الحالي. وهذا ضروري أيضاً على الصعيد العربي. وهي مسألة حيوية، وتتطلب اهتماماً كبيراً من كافة القوى الوطنية الفلسطينية والعربية. وكذلك هناك أهمية للتضامن الدولي.
وأشكرك على التوضيحات بشأن وضع الجالية الفلسطينية في العراق. في الواقع، عندما تحدثت عن خصوصية الموقف الشعبي العراقي تجاه القضية الفلسطينية، لم أكن أتكلم عن الموقف العراقي تجاه الجالية الفلسطينية في العراق وإنما تجاه الشعب الفلسطيني ككل، الذي أبدى في مراحل سابقة، وخاصة في فترة حرب الخليج الثانية، موقفاً معيناً، قد يكون أثر على مواقف قطاعات من الشعب العراقي، وهو ما توحي به بعض التعليقات التي أقرأها على موقع -الحوار المتمدن-. ربما أكون مخطئاً، وأتمنى أن أكون كذلك وأن نجد كل الشعب العراقي، بكل قومياته ومكوناته المختلفة، متفهماً لمعطيات قضيتنا الفلسطينية ومتضامناً معها. وللشعب العراقي ككل مكانة خاصة لدى الشعب الفلسطيني، كما أوردت في ردودي الأولى، بسبب دوره التاريخي في نصرة الشعب الفلسطيني منذ العام 1948. ولا ننسى كذلك أن محرر القدس من الإحتلال الصليبي في القرن الثاني عشر، وهو أحد أهم شخصيات التاريخ العربي الإسلامي والتاريخ العالمي، هو صلاح الدين الأيوبي، الكردي المنشأ. مع التقدير لك وأطيب التحيات.


21 - اليسار النتجذر مرة اخرى
احمد خلف الجعافرة ( 2010 / 11 / 30 - 07:00 )
مع ذالك اقول رفيقي داود تلحمي
اتفق مع حضرتك ان هناك يسارات وليس يسار واحد وهذا واضح من خلال ردك وكذا الدين الاسلامي او اية ايدلوجيا فكريه في الكون حيث تتفق على الفكره الرئيسيه وتختلف في التفصيبلات لذالك عندما عدد اختلافات المسلمين يأتيك الرد تمسك بالنص المزل وكذا الاستاذ داود تلحمي يدعونا للتمسك باليسار الجذري اي اليسار الاشتراكي وان كان يخشى من ذكر الاشتراكيه بشكل صريح؛
وما ادعاء الرفيق داود تلحمي بان هناك فرق بين النهج السياسي الايماني الغيبي والنهج السياسي المادي الا منح شهاده لنهجه على اعتبار انه لايأتيه الباطل ؛
والا كيف نفهم قوله(ان المسألة لا تتعلق هنا بدين أو بعقيدة أو بمرجعية إيمانية
انا اعتقد انه آن الاوان لفك الاشتباك الحاصل بين مايسمى بيمين ويسار بصالح العوده الى الفكر التحرري قبل هذا الانشقاق التاريخي الذي حصل لاحقا لفكرة التحرر ذاتها؛ ونحن في عالمنا العربي نعترف بأننا لازلنا نطالب بتلك الفكره اعني التحرر فلما ذا نقغز الى ما بعدها من تقسيمات؛
علينا ان نتمعن في الفكر التحرري كونه يخاطب الانسان الفرد اولا ومن ثم ينطلق لتكون جماعات يساريه او جماعات يمنيه؛
نحن بحاجه الى التحرر والعلمانيه والعقلانيه كمتطلبات لذهاب الى كلتيتي اليسار واليمين بعدها وليس قبلها.



22 - رد الى: احمد خلف الجعافرة
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 30 - 14:55 )
الزميل العزيز أحمد،
لا أختلف معك بأن المهم هو المضمون وليست التسمية. فإذا كنت مع التحرر والعلمانية (أو حرية العقيدة) والعقلانية، فأنا أقف معك، وأعتبر ذلك هو جوهر المضمون الذي ينبغي أن ندافع عنه. بقي أن نحدد التحرر وما هو المقصود منه: إذا كان المقصود هو التحرر من العدوان الخارجي والإحتلال والإضطهاد والعسف والظلم، الخارجي والداخلي على حد سواء، واستغلال أقلية من الناس لقدرات وطاقات الغالبية في أي بلد لصالح هذه الأقلية، فأنا أتبنى هذا المفهوم للتحرر، ولن أتوقف عند التسمية التي نطلقها عليه. فالمهم دائماً هو المضمون الفعلي، العملي، الممارس على الأرض، وكما يقول المثل الشعبي: -المهم العنب وليس رأس الناطور-. مع تحياتي وكل التقدير لك.


23 - الوضع الفلسطيني في الاردن
احمد خلف الجعافرة ( 2010 / 11 / 30 - 07:20 )
سؤال أرجو الاجابه عليه رفيقي العزيز بكل صراحه ووضوح
انت تعرف ان اللاجئين الفلسطينين في الاردن مضى على وجودهم في هذه البلد قرابة الستين سنه اما النازحون فمضى على وجودهم اكثر من ارعين سنه ومع ان كل انهم منحوا الجواز الاردني والرقم الوطني الاردني الا انهم لا زالوا يعاملون كمواطنون من الدرجه الثانيه ؛ وانت تعرف ان الظلم هذا لا يتحمله النظام الاردني لوحده رغم اقراري بمشاركته في ذالك الا انني اعتقد ان هناك منظمات فلسطينيه عملت على تجذير فكرة الهويه الفلسطينيه هذا وان كان الهدف المعلن لهذا الهويه انها مقابل الهويه الاسرائيليه الا انا من جهة اخرى حوصلت الفلسطينين حول هويتهم بحيث ابتعدوا كثيرا عن همهم المعاشي داخل الاردن مما شكل حاله من حاللات النكوص وعدم المشاركه لهذه الفئه من المواطنيين الاردنين بحث بدت الامور خصوصا في الانتخابات الاخيره وكاننا نعيش في دولتين وليس في دوله واحده احدهما تريد انتخابات والاخرى رافضه ذالك؛
السؤال الى متى يبقى فلسطينو الاردن تحت مطرقة النظام وسندان منظمة التحرير الفلسطينيه بدعوى حق العوده؟
وهل هناك تعارض بين ان تكون مواطن اردني ومن احد حقوقك الخاصه ان تعود لارضك متى حانت لك الفرصه؟
اما بالنسبه لابناء قطاع غزه فحدث ولا حرج ؛
حيث يعانون الامرين ؛
مر اللجوء ومر عدم الحصول على ابسط مقزمات الحياة الكريمه للانسان؛
حيث انك تعرف يا سيدي انهم لا يحصلون على جواز سفر اردني سوى المؤقت الذي يمنحهم حق اصدار وثيقة تأمين صحي او رخصة بناء او حتى عمل في دوائر الدوله الاردنيه؛
فالى متى تبقى الامور بهذا الشكل الاعوج؟
سؤالي ما مدى مسؤولية منظمة التحرير عن هذا الوضع؟


24 - رد الى: احمد خلف الجعافرة
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 30 - 15:34 )
الزميل العزيز أحمد،
أنا أتابع وأتفهم تماماً الإشكالية التي تتحدث عنها بالنسبة لوضع الفلسطينيين في أقطار اللجوء العربية المجاورة، بدءً بالأردن المجاور الشقيق، الذي شارك الشرق أردنيون وذوو الأصول الفلسطينية أو اللاجئون منهم في بنائه معاً، خاصة منذ العام 1948، وربما حتى قبل ذلك، لأن الحدود بين فلسطين والأردن وبقية البلدان العربية المجاورة لم تكن قائمة قبل الحرب العالمية الأولى وصفقة سايكس- بيكو البريطانية الفرنسية أثناء الحرب لتقاسم منطقتنا، كما تعلم بالتأكيد. (ربما تعلم كذلك بأن مدينة رام الله، مثلاً، أنشأها مواطن أردني من عائلة حدادين قبل قرون قليلة، وجميع أهل رام الله الأصليين هم من نسله).
أعتقد أن عدداً كبيراً من الوطنيين الأردنيين (وأقصد هنا ذوي الأصل الشرق أردني) يتبنون حقوق المواطنين الفلسطينيين المقيمين في الأردن، سواء منذ العام 1948 أو منذ العام 1967 أو بعد ذلك، وكذلك يتفهمون وضع أهلنا اللاجئين من قطاع غزة، والفلسطينيين الذين اضطروا الى مغادرة الكويت وبعض البلدان الخليجية الأخرى أبان الأزمة والحرب في العامين 1990-1991، ثم هناك طبعاً مأساة أهلنا الذين لجأوا ابان النكبة الى العراق، والذين اضطر عدد منهم ومن نسلهم الى مغادرة العراق، وبعضهم وُلد فيه، بعد الإجتياح الأميركي للبلد في العام 2003. أعتقد أن كل المواطنين الأردنيين المخلصين والأطراف الفلسطينية المسؤولة، بما في ذلك هيئات منظمة التحرير، بالتعاون مع الجهات الأردنية المعنية، مطالبون ببذل كل الجهود لوضع حد لمعاناة المواطنين الذي يفقدون حقهم في الإقامة الدائمة أو المواطنة.
والمشكلة ربما تكون أكبر، من جانب معين، بالنسبة لأهلنا الفلسطينيين في لبنان الذين عانوا لفترة طويلة من غياب الحقوق المدنية والحق في العمل في مجالات متعددة والحق في التملك والتنقل الحر. وهنا نستحضر مأساة أهلنا في مخيم نهر البارد، الذين فقدوا منازلهم وينتظرون منذ عدة سنوات بأن يعاد بناؤها. ولا أريد أن أستعيد مآسي شعبنا العديدة السابقة في لبنان خاصة ابان الإحتلال الإسرائيلي عام 1982 ومجازر مخيمات بيروت. وهنا لا بد من التنويه الى التضامن الهائل لقطاعات واسعة من الشعب اللبناني الشقيق مع مواطنينا الفلسطينيين في كل المراحل، وامتزاج دماء االمواطنين والمناضلين الفلسطينيين واللبنانيين في مراحل تاريخية متعددة.
وأنت على حق: من واجب كل الهيئات الفلسطينية المعنية أن تبذل أقصى جهدها لتأمين حياة كريمة ولائقة لكل المواطنين الفلسطينيين في كل مكان، سواء خارج فلسطين أو في الأراضي المحتلة. وهنا نستحضر أيضاً مأساة شعبنا في قطاع غزة، خاصة بعد عدوان 2008-2009، وعدم تمكن المواطنين من إعادة بناء منازل لائقة لهم بسبب الحصار الإسرائيلي ومنع توريد مواد البناء.
ما أحب أن أشير له هنا هو أن كل هذه المصائب هي نتئجة الإحتلال والعدوان الإسرائيليين بالأساس، ولا يجب أن تدفعنا مشاكلنا في هذه المنطقة أو تلك الى تغليب تناقضات ثانوية على هذا التناقض الرئيسي مع الإحتلال. ولكن هذا لا يلغي طبعاً واجب المسؤولين الفلسطينيين والأقطار الشقيقة المجاورة لتأمين حياة كريمة وحرة للاجئين والمقيمين الفلسطينيين، الى أن تتوفر ظروف حل شامل لقضية شعبنا الفلسطيني، تضمن في ما تضمن، حق اللاجئين في العودة الكريمة الى وطنهم، وفق قرارات الشرعية الدولية، وإن كان هذا الحل لا يبدو الآن قريباً، للأسف. مع كل التقدير والمودة لك.


25 - حول الديموقراطية الشعبية !!؟؟
سليم نصر الرقعي ( 2010 / 11 / 30 - 09:21 )
الأستاذ المحترم -داود تلحمي- بعد التحية بخصوص تعويلكم على ما يسمى بالديموقراطية الشعبية المباشرة فأعتقد أن هذا الصنف من الديموقراطية المثالية كما نظر لها -روسو- وغيره هي مجرد فكرة طوباوية جميلة ولكنها غير قابلة للتطبيق بل إن محاولة تطبيقها سيجعل منها في الواقع العملي مجرد غطاء خادع ورداء شكلي جميل يخفي تحته قباحة الحكم الشمولي والفردي المقيت والمدمر وأنا لا أنطلق في هذا الرأي من فراغ بل بإعتباري -إنسان- من ليبيا عشت في ظل نظام شمولي يتسربل بنظام حكم شعبي يدعي بأنه نظام شعبي بديع يقدم النموذج في الديموقراطية الشعبية !!؟؟ حيث حرّم -القذافي- كل مؤسسات وإجراءات الديموقراطية -التقليدية- المعروفة في الغرب وحرّم وجرّم الحزبية وحكم على الحزبيين بالإعدام بزعم أن الشعب أصبح يمارس السلطة بنفسه بلا نيابة بشكل مباشر عن طريق مؤتمرات شعبية محلية في كل حي تقرر ولجان شعبية إدارية تنفذ قرارات الشعب !.. ويقول القذافي بأننا في ليبيا تجاوزنا النظام الديموقراطي البرلماني التقليدي التافه والخادع وأننا وصلنا لنهاية التاريخ وقمة الديموقراطية!.. بينما ظل القذافي كما تعلم يدير كل شئ في ليبيا وهو من يحكم تحت ستار (الشرعية الثورية) وشعار (الثورة المستمرة)!!؟؟ .. عزيزي -داود- لقد أصبحت الدعوة للديموقراطيات الشعبية ترعبنا وتذكرنا بأقصى وأعتى النظم الشمولية البوليسية البابوية التي تلحفت بشعار الديموقراطيات الشعبية وجرت الشعوب إلى عالم إفتراضي مجهول لا يمكن الوصول إليه أبدا كما حدث في تجارب سابقة ومنها ما حدث بدعوى إقامة المجتمع الشيوعي النموذجي الحر السعيد!.. مع إقراري بأن -الشيوعية- كفكرة فكرة مثالية جميلة تعبر عن شوق البشر للعدل والمساواة ولكن أشد أنواع الشر هو ما يأتيك بثوب الخير !.. لذا فالديموقراطية الليبرالية الحزبية المطبقة في الغرب بكل قصورها وبكل عيوبها وشرورها تبدو لي ولكثيرين من عقلاء البشر أرحم من ذلك العالم المثالي الإفتراضي الذي يعد به -الثوريون- الجماهير بدعوى أنه -النعيم المفقود- لتكتشف هذه الجماهير المخدوعة بعد أن يقع الفاس في الراس أنها تصطلي بنار الجحيم الموجود!.. إنها أقل كلفة من كافة النظم السياسية الأخرى خصوصا ً فيما يتعلق بمسألة حقوق الإنسان وكرامة الشعوب ثم إنني أعتقد أن العيب ليس موجودا ً في الديموقراطية الغربية كمؤسسات وإجراءات وآليات ديموقراطية تمكن الشعوب من إنتخاب قيادتها السياسية من بين عدة خيارات ولكن العيب وأصل الخلل موجود في هذه الرأسمالية المتوحشة وشبه المطلقة!!.. وفي الحيل المالية الخبيثة التي تضخم أموال -الشطار- أضعافا مضاعفة بلا إنتاج حقيقي المسمى بالمشتقات المالية!.. هذه الرأسمالية التي وإن كنت أعتقد بضرورتها خلال هذه المرحلة من نمو البشرية إلا أن الإعتراف بضرورتها لا يعني تركها بلا قيود ولا حدود تحد بشكل كبير من التدخل في مسار العملية الديموقراطية .. أعتذر لك إن أطلت في تعليقي ولك مني خالص التقدير والإحترام .. أخوكم سليم الرقعي / كاتب ليبي يعيش في المنفى الإضطراري (بريطانيا) مع تحياتي


26 - رد الى: سليم نصر الرقعي
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 30 - 17:50 )
الأخ الكريم سليم الرقعي،
شكراً لملاحظتك التي أعتقد أنها، في الجوهر، لا تختلف كثيراً عما أدعو إليه. ستستغرب هذه الكلمات، ولكن سأوضح ذلك أكثر.
فأنا لم أدافع لا عن فكرة إلغاء الأحزاب، والأهم فكرة إلغاء التعددية الحزبية والفكرية وحرية التعبير والتحرك الشعبي المستقل عن السلطة: فهذه حقوق أساسية ينبغي التمسك بها والعمل على تحقيقها وصيانتها في مجتمعاتنا العربية. وقد رأينا، طبعاً، النتائج الكارثية لتجارب -الحزب الواحد-، سواء في الإتحاد السوفييتي السابق أو في عدد من الدول العربية. التعددية ضرورة لتكون هناك مساءلة ورقابة على السلطة، أية سلطة، ولتكون هناك مشاركة شعبية فعلية، وليس شكلية وغطاء لسلطة خفية هي سلطة أجهزة الأمن والمخابرات والجهة أو الشخص المسؤول الذي يوجهها كما يشاء.
في سياق الديماغوجيا، يمكن قول أي شيء واستخدام اسم الشعب في الوقت الذي يتم فيه قمع هذا الشعب وإذلاله. حدث ذلك في بلدان عديدة في العالم، بما في ذلك في منطقتنا العربية.
وحتى جمال عبد الناصر الكبير، أحد أهم الشخصيات العربية في التاريخ المعاصر، كانت نقطة الضعف في نظامه، الذي حقق عدداً من الإنجازات المهمة، هي تغييب الدور الفعلي للشعب، في سياق من الحريات العامة، بما في ذلك حرية التنظيم والتعددية، مع أننا، أو بعضنا الذي عايش تلك الفترة، نتذكر كم كان عبد الناصر محبوباً ومقدّراً وصاحب شعبية كبيرة في مصر وفي عموم المنطقة العربية، ومناطق أخرى في العالم، لأنه كان مخلصاً ونظيفاً على الصعيد الشخصي وكانت له رؤية طموحة لمستقبل المنطقة. كان تغييب دور الشعب المستقل عن النظام، وهو الشيء الذي نسميه الآن المجتمع المدني، بما في ذلك تعدد الأحزاب والإنتخابات الحرة، هو الذي سهّل على القوى المعادية للمشروع الوطني التحرري لعبد الناصر، سواء إسرائيل أو الإدارات الأميركية المتعاقبة، كما كشف الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل مؤخراً، الإطاحة بالمشروع الوطني من خلال الإطاحة بشخص الرئيس وإحلال بديل له من داخل النظام نفسه. وكلنا نعرف الآن ماذا حدث بعد ذلك. كما نعرف ماذا حدث في جمهوريات الإتحاد السوفييتي بعد انهياره.
أنا أتفق معك بأن الديمقراطية، حتى المشوهة أو المنقوصة الممارسة في أوروبا الغربية وفي الولايات المتحدة وغيرها من البلدان، أفضل من غياب أي شكل من أشكال الديمقراطية والحريات. ولكن هناك الكثير من الكتابات من مثقفين ومفكرين بارزين من أوروبا والولايات المتحدة وبلدان أخرى أبرزوا الجوانب المخادعة في الممارسة الفعلية لهذه الديمقراطية والإلتفاف على الحريات من خلال سيطرة الشركات الإقتصادية والمالية الكبرى على وسائل الإعلام في هذه البلدان.
الديمقراطية الشعبية التي تحدثتُ عنها أنا في ردودي أعلاه قد تكون الآن مثالية، كما جاء في كلامك، وغير موجودة بشكل متكامل وواضح في أي بلد في العالم، ولكن هناك محاولات للإقتراب منها، خاصة في بعض بلدان أميركا اللاتينية، مثل فنزويلا وبوليفيا، ونحن ننتظر كيف يمكن أن تتبلور هذه التجارب في المستقبل القريب. طبعاً، هذه الديمقراطية الشعبية المباشرة لا يمكن أن تلغي وجود الأحزاب والتعددية الفكرية وحرية التعبير، بما في ذلك لمن هم مختلفون حولها. هناك كتابات كثيرة حول هذا الموضوع. وبما أنك مقيم في بريطانيا، وعلى الأغلب تجيد اللغة الإنكليزية، فهناك الكثير من الكتابات بهذه اللغة، الأكثر انتشاراً في العالم حالياً. عموماً، أشكرك على توضيحاتك بشأن تجارب عايشتها أنت. وأبعث لك بأطيب التحيات.


27 - الوضع الفلسطيني في الاردن مرة اخرى
احمد خلف الجعافرة ( 2010 / 11 / 30 - 18:08 )
دعنا نفصل رفيقي بعض الشيء في الوضع الفلسطيني في الاردن لاني اعتبره حجر الرحى في القضية الفلسطينيه ان كان على صعيد الدوله الفلسطينيه المستقله او على صعيد الدوله الاردنيه العلمانيه؛
الفلسطيني في الاردن كما تعرف تم تعبئته بمى يسمى بالهويه الوطنيه الفلسطينيه والتي قهمت في حينها على انها نقيض للهويه الاسارائيليه وان كان لا نختلف على صدقية هذا الهدف الا انه حقيقة جر على هذه الفئه بلاوي كان بعنى عنها فيما لو استمرت الوحده بين الشعبين غربي النهر وشرقي النهر بما يسمى بالمملكه الاردنيه الهاشميه في سنة 1952 تلك السنه التي تم بها اقرار الدستور الاردني المعمول به حاليا لنصف المملكه على الرغم من ان هناك نص صريخ في الدستور الاردني يقول ان ملك المملكه لا يتجزأ ولا يتنازل عن شيء منه وهذا الكلام بالتأكيد موجه لرأس النظام في الاردن؛ ومع ذالك فان لعبة فك الارتباط اربكت الجميع ووقفنا منها حائرين فمن قائل بضرورة دسترتها ومن قائل بانها تعليمات يجب الغاؤها وابقاء الارتباط قائم بين الشعبين؛
مشكلة منظمة التحرير في هذه المسأله عندما قبلت هذا الفك بدأت وكأنها تتكلم عن مجموعه مناضله تريد ان تستقل دون ان تفكر بتداعيات فك الارتباط على مصير الشعب الاردني كاملا في شرقي النهر وهذا ما نلاحظه اليوم من ركوب موجة النظال والكفاح من قبل اناس كانوا بالامس مع طرد الشعب الفلسطيني من الاردن والآن عادوا ليزاودوا حتى على الشهداء معتبرين انفسهم اكثر تجذرا في مقارعة العدو الصهيوني كما يسمونه؛
ما اريد قوله ان قبول منظمة التحرير بهذا الفك ترك الفلسطينين في الاردن تنهشهم الاقليميه والعصبويه بخيث بدات الامور في فترة ما انها على شفا خرب اهليه؛
فلماذا لا تتراجع منظمة التحرير عن القبول بهذا الفك او لماذا لا تخارج الجبهه الديمقراطيه لتحرير فلسطين بمشروع جديد - وهي اي الجبهه ام المشاريع الواقعيه كما تعرف- لماذا تخرج الجبهه بمشروع جديد يعيد اللحمه الحقيقية للشعبين الشفيقين على قاعدة المواطنه وليس على قاعدة الكفاح المسلح كما يروج له البعض؟.


28 - رد الى: احمد خلف الجعافرة
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 30 - 20:26 )
أشكرك، أيها الرفيق العزيز، على هذه التفاصيل والمعلومات حول وضع الفلسطينيين في الأردن، أو ذوي الأصول الفلسطينية كما يُسمَون. وأعتقد أن هذه مسألة مهمة جداً للشعبين الفلسطيني والأردني، وينبغي التفكير بحلول لها.
تعلم طبعاً أن قرار فك الإرتباط اتخذ من قبل الملك الراحل الحسين في صيف العام 1988، على خلفية تطور الإنتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة والدعوات الفلسطينية آنذاك للتحضير لشكل من أشكال إعلان مبدأ -الدولة-، وهو ما حصل في تشرين الثاني/نوفمبر 1988 حين أصدر المجلس الوطني الفلسطيني إعلان الإستقلال وأعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات من على منصة المجلس -قيام دولة فلسطين-.
وحصل ما حصل بعد ذلك من ألاعيب إسرائيلية لتضييع الوقت وإعادة عقارب الساعة الى الوراء وتنفيس مكاسب الإنتفاضة والنضال الفلسطيني كله، مع الإستمرار في التوسع الإستيطاني في أنحاء الأراضي الفلسطينية (والسورية) المحتلة. ومع أن بعض الأوساط الفلسطينية كانت تراهن على إمكانية الوصول الى إنهاء الإحتلال وقيام الدولة الفلسطينية الفعلية على الأرض في الأراضي المحتلة عام 1967 خلال سنوات قليلة، إلا ان الألاعيب الإسرائيلية، ومسلسلات التواطؤ الأميركي جعلت هذا الهدف الآن صعب التحقيق أكثر من تلك الفترة، بعد أن أكل الإستيطان معظم القدس الشرقية المحتلة وجزءً كبيراً من الضفة الغربية المحتلة. وتعلم، بالتأكيد، أن المجلس الوطني الفلسطيني أعلن منذ العام 1983 على أن الدولة الفلسطينية الموعودة سترتبط بعلاقة خاصة مع الأردن بعد الإستقلال، وذلك لتداخل الشعبين وتاريخهما المشترك، وهي الصيغة التي تبنتها أيضاً السلطة الأردنية والمسؤولون فيها خاصة بعد قرار فك الإرتباط. وطبعاً، قرار فك الإرتباط هو قرار سيادي أردني أعلنه المرجع الأول في الأردن آنذاك بنفسه، فليس من صلاحية الجانب الفلسطيني أن يتدخل في قرار سيادي لدولة عربية أخرى. أما ما يمكن عمله من أجل حل إشكالية الوضع الراهن بالنسبة للمواطنين المقيمين في الأردن، فهو ما ينبغي التفكير فيه جدياً من الجميع. وأعتقد أن ما ورد في مداخلتك مفيد لكل من يريد أن يتعامل مع هذا الموضوع الحساس على قاعدة ضرورة إيجاد الحلول التي تساعد المواطنين وتؤمن حياة طبيعية وكريمة لهم. مع التقدير والمودة.


29 - مجرد تساؤل
عذري مازغ ( 2010 / 11 / 30 - 18:46 )
الأستاذ داود تلحمي: أحييك تحيى رفاقية
كثيرا ما يخالجني سؤال دائم كلما كان هناك اجتماع يساري في بلد ما من بلداننا العربية، في ظل انكفاف احزابنا الشيوعية، في ظل تدهور ادائها تاريخيا ، في القطيعة الإجتماعية بينها وبين جماهيرها، أقصد انعزال اطرها عن الجماهير الشعبية وفي إطار فقدان بوصلتها الإيديولوجية، الا ترى ان البيانات التي تخرج بها هذه الأحزاب هي بيانات فقط تعبر على وجودها الغير الحقيقي اجتماعيا من حيث تفاعلها السياسي في محيط الدول التي تشتغل بها، إذ في ماذا تهم هذه البيانات المتكررة وبنفس الصيغ عندما لا نلامس حركية هذه الاحزاب وتقوية جبهاتها الداخلية وصنع قوتها الذاتية التي وحدها في نظري تعطي للحزب قوة تصريحات بياناته، وبكلمة، في غياب تقوية أبنيتها الداخلية ومحتوى تلاحماتها الجماهيرية، قوتها السياسية هذه، في غيابها لا قيمة لبياناتها، لماذا لا تجتمع هذه الأحزاب وتقر صراحة انها اضعف من أن ترفع شعارات كبيرة وتبدا في اجتماعاتها بدراسة أشكال انبنائها وأسباب فشلها وكيفية الخروج من انحطاطها المهول، بدل أن تنفثنا بشعارات نعرف مسبقا انها لا تتحقق إلا إذا هيمنت هذه الاحزاب في بلدانها مما يعطي إمكانية واقعية لتاثيرها في الوضع المحلي وبالتالي في الوضع الدولي، ما يعطيني هذا الإنطباع هو واقع هذه الأحزاب، هي حية فقط بالبيانات، وبرنامجها الداخلي والخارجي الذي هو حبر على ورق اما على ارض الواقع، فهي أحزاب لها ترخيص رسمي من الدولة التي تنتمي لها، وفقط هي هكذا تبغي (من الببغاء)وهو وضعها المر والذي يزيدها تهميشا اكثر؟


30 - رد الى: عذري مازغ
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 30 - 20:51 )
نعم، أيها الرفيق العزيز عذري، الوضع الحالي للقوى اليسارية في المنطقة العربية ليس باعثاً للرضا والسرور. وهو كذلك في مناطق أخرى من العالم، مع بعض الإستثناءات. اليسار العربي هو أيضاً يدفع ثمن انهيار التجربة السوفييتية والعلاقة غير المتوازنة التي كانت قائمة بين بعض أطرافه والمركز السوفييتي، وطريقة تعامل هذا المركز أحياناً مع بعض هذه القوى في منطقتنا وفي مناطق أخرى. وفي حالات معينة، سببت بعض المواقف الدبلوماسية السوفييتية، ذات الطابع التكتيكي أو البراغماتي، إرباكات لبعض الأحزاب اليسارية. وأعتقد أن البعض يتذكر مثل هذه الحالات. بمعزل عن كون الإتحاد السوفييتي كان، في الوقت نفسه، عنصر دعم مهماً لحركة التحرر العربية في مواجهة المشاريع المعادية. وهذه مسألة باتت ملكاً للتاريخ، لكن التدقيق فيها مهم بالنسبة للمستقبل.
ولا شك أن المطلوب الآن بالنسبة للقوى اليسارية العربية هو فعل على الأرض، وليس كلاماً وبيانات فقط. والفعل على الأرض هو وحده الذي يمكن أن يعيد ثقة القطاعات الشعبية، وخاصة الشغيلة، بقوى اليسار، عندما تراها تدافع، بالفعل وليس بالقول، عن مصالحها وتحقق إنجازات لها.
وبالطبع، في وضع كهذا، ليس مطروحاً إطلاقاً الوصول الى السلطة، وإنما تشكيل قوة ضغط ميدانية لتحقيق إنجازات معينة أو الحد من سلبيات ومسلكيات معينة للقوى المعادية أو الأطراف الداخلية التابعة أو الفاسدة. وقوة الضغط قد تتطلب تحالفات على قضايا معينة مع قوى وطنية أخرى أوسع إطاراً من اليسار، وهذا أمر مشروع، ولا بل هو ضروري. الحزب الشيوعي الياباني، وهو حزب كبير في العالم الرأسمالي، وربما هو الأكبر حالياً في البلدان الرأسمالية المتطورة، لديه برنامج مرحلي من هذا النوع، الى جانب البرنامج طويل الأمد لتجاوز النظام الرأسمالي. شكراً لمداخلتك، وأطيب التحيات.


31 - تقليد ام ابداع
سامي صالح ( 2010 / 11 / 30 - 20:39 )
ما يحيرني هو هل نحن - المجتمعات العربية - في حاجة الى انماط سياسية غربية كانت ام شرقية ؟ ، فالمتفق عليه أن الاحزاب على اختلاف انواعها انما جاءت استجابة لحاجة اجتماعية اقتصادية مع بداية النهضة الصناعية وجاء كل حزب للدفاع عن مصالح المنتمين له دون النظر للجماعات الاخرى

احزاب اليسار والشيوعية بشكل خاص لا دور لها في مجتمعاتنا العربية إلا إذا اردنا تقليد الاخر لمجرد التقليد ، فالبناء الاجتماعي يختلف والثقافة تختلف والتاريخ يختلف ، سنكون جادين في طرحنا متى ما تمكنا من صياغة مشروع سياسي يستجيب لمتطلبات محلية وليس ترديدا لافكار ومشاكل الاخرين

واعتقد أن هذا احد الاسباب وراء شلل الجماعات السياسية العربية على إختلاف مسمياتها في إحداث أي اثر حقيقي في أي مشروع نهضوي


32 - رد الى: سامي صالح
داود تلحمي ( 2010 / 11 / 30 - 22:52 )
الزميل الكريم سامي صالح،
أتفق معك على ضرورة الإبداع، أي أن تكون حلولنا نابعة من دراسة جادة لواقع مجتمعاتنا ومعرفة جيدة بها وبسبل استنهاضها وتحقيق حاجات ومتطلبات مواطنيها، وابتداع الأساليب الجديدة لإحداث النقلة المطلوبة في وضع شعوب منطقتنا. وهذا ينطبق علينا في المنطقة العربية، كما ينطبق على غيرنا في كل مكان من العالم. ليست هناك قوالب جامدة صالحة لكل زمان ومكان، وحلول جاهزة ووصفات دوائية شاملة للكون، على غرار الأدوية الطبية التي يجري تصنيعها في بلد معين ويتم توزيعها في أنحاء العالم لمعالجة أمراض وعلل بشرية موجودة في كل بلد ومكان.
صحيح أن تركيبة الجسم الإنساني واحدة مهما كان لون البشرة أو مكان التواجد والخلفية الثقافية أو الحضارية. لكن في التعاطي مع قضايا بناء وتطوير المجتمعات، هناك حاجة لفهم خصوصيات كل مجتمع وخلفياته التاريخية والحضارية، للإنطلاق منها لوضع رؤية للنهوض بمهمة البناء والتطوير.
المسألة هنا ليست أن ننسخ تجارب أو نماذج آتية من بلدان أو مناطق أخرى. المسألة هي إذا ما كانت عملية إبداع الحلول الخاصة يمكن أن تستفيد أو لا، وإن بشكل جزئي وكخلفية معرفية، من تجارب شعوب أخرى أو مناطق أخرى أو حضارات أخرى. في العصور الذهبية للحضارة العربية الإسلامية، استوعبت هذه الحضارة الكثير من الحضارات الأخرى التي سبقتها، سواء من فارس أو من الهند أو من اليونان، وخرجت من خلال عملية الإستيعاب هذه بإبداعات أضافت للمعرفة البشرية والثقافة والعلوم، التي تصبح بعد ذلك مصدر إثراء للبشرية كلها. ونحن نعرف كم كان مهماً ما تم نقله من إبداعات المفكرين والعلماء والمثقفين في إطار الحضارة العربية الإسلامية الى أوروبا عبر الأندلس، مما ساعدها وهيأها للخروج من مرحلة السبات والتخلف التي كانت تعيشها والبدء بنهضتها الكبرى قبل زهاء الخمسة قرون، والتي أعطت ما نراه راهناً في مختلف المجالات، والأمر نفسه ينطبق على المناطق التي تطورت لاحقاً مثل أميركا الشمالية واليابان ومؤخراً الصين. ألم يكن هناك دور للعلوم والمعارف التي نقلها وطورها العرب والمسلمون في هذه النهضة الأوروبية؟ أليست هناك مكانة خاصة لعلماء ومفكرين كبار في هذه النهضة، مثل ابن خلدون وابن رشد والعديد من الأطباء والعلماء الذين عاشوا في تلك العصور الذهبية للحضارة العربية الإسلامية؟ في عصرنا، وسائل انتشار المعلومات السريعة جداً طورت كثيراً عملية النقل هذه من مكان ما في العالم الى مختلف الأماكن الأخرى. هذا يساعد كثيراً طبعاً، ولكنه غير كافٍ طبعاً للإبداع في مجتمعاتنا. مع الشكر لمساهمتك وأطيب التحيات.


33 - للعرب مواجه جديده
محمد الساعدي ( 2010 / 12 / 1 - 05:56 )
الى الخوه الذين يدافعون عن الحكام العرب بصورة مباشره او غير مباشرة واقصد بالغير مباشرة هي الافكار التي يحملونها لذلك فالحكام العرب توجهوا لعدوا اخر حسب مايعتقدون هو ايران وكسبوا التاييد من رجال الدين في هذه المواجهة ووثائق ويكيليكس ابسط دليل على ما اقوله وحسب اعتقادي البسيط سبب هذه المواجه مع ايران هو اغراض طائفية من رجال الدين وحفاظا على السلطة من قبل الحكام وبالتالي فان العرب قد غظوا الطرف عن اسرائيل وما تقوم به من جرائم انسانيه وان كانت هذه الجرائم موجوده في كل البلدان العربيه فالان وامر اخر اود المروور به الا وهو قضية اللاجئين فانا في العراق من المرحبين بالاجئين سواء كانوا فلسطينين او عرب ولكن في نفس الوقت ان لا يحترموا مشاعرنا وان لا يشتركوا في عمليات قتل الابرياء من العراقيين كما حدث قبل وبعد سقوط صدام حسين والادهى من ذلك انه لا زال بعض اللاجئين الفلسطينين حتى هذه اللحظة هم اعظاء في تنظيم القاعدة ويقومون بالتفجيرات ضد المواطنين ويدعون بانهم مقاومه للمحتل الصليبي حسب مايدعون اليست اسرائيل تحتل بلدكم فلما لا تذهبون الى فلسطين وتقاومون كما يفعل اولائك المقاومون الابطال في غزة والضفة رغم خذلان الاخوه العرب منهم ومواقف حكامهم الداعمه لاسرائيل وشكرا


34 - رد الى: محمد الساعدي
داود تلحمي ( 2010 / 12 / 1 - 14:45 )
الأخ الكريم محمد الساعدي، أشكرك على مداخلتك التي تعبر عن قناعاتك. وأعتقد أن القضايا التي طرحتها تستحق النقاش من قبل كل الأطراف المعنية. أما ما ذكرته عن تسريبات موقع -ويكيليكس-، فالأمور، على ما أعتقد، باتت واضحة، وأكدت تقديرات كانت موجودة في السابق. وبشأن سلوك هذا المواطن الفلسطيني أو ذاك في هذا البلد أو ذاك، فما أرجوه هو ألا يتم الحكم السلبي نتيجة ذلك على كل الشعب الفلسطيني وحقه في التحرر والخلاص من الإحتلال، وهو حق أكدت أنت عليه في مداخلتك. ففي كل شعوب العالم، هناك مواقف وسلوكيات متعددة ومتنوعة لأفراد أو حتى مجموعات، وهي يجب ألا تنسحب في الحكم على كل الشعب المعني. مع أطيب التحيات.


35 - فرنسا
نايلة ل حنا ( 2010 / 12 / 1 - 20:36 )
الرفيق داوود تلحمي تحية رفاقية وبعد، ذكرت في نهاية موضوع المرأة واستلاب إنسانيتها وحقوقها بأن ـــ نضال النساء أنفسهن يلعب دوراً كبيراً في انتزاع حقوقهن واحتلال دورهن المستحَق في كافة مجالات العمل والنشاط المجتمعي والقيادي وفي تجاوز الغبن اللاحق بهن في مجتمعاتنا ــــ
أقول بأن التخلف الثقافي لا يعد الجبهة الوحيدة التي يجب على المرأة مواجهتها من أجل نيل تحررها وانتزاع حقوقها، فالتعصب الديني المتصاعد، برأيي، يُعتبر من أصعب المواجهات الراهنة التي لن تستطيع مواجهتها بمفردها. والغريب أن يتمّ تغافل العامل الديني من طرفك، وتناسيه من قِبل معظم التقدميين خلال مناقشتهم لموضوع تحرر المرأة،


36 - رد الى: نايلة ل حنا
داود تلحمي ( 2010 / 12 / 1 - 21:42 )
الزميلة الكريمة نايلة، النضال من أجل حقوق المرأة وتحررها هو، بالتأكيد، نضال جماعي تشارك فيه كل مكونات المجتمع، وهو ما كنت قد ذكرتُه في العبارة التالية التي أوردتها في ردودي بعد العبارة التي أشرتِ لها حول نضال النساء، أي ان نضال النساء مهم لأنه يبرز قدراتهن على خوض الكفاح المباشر من أجل حقوقهن. وهو ما حدث في أوروبا، كما تعلمين، حيث كانت النساء البريطانيات في مطلع القرن العشرين، -سوفراجيت-، هن اللواتي يتحركن من أجل حق النساء في الإقتراع والترشيح. وكذلك هناك حركات تحرر المرأة الشهيرة في الستينيات والسبعينيات الماضية في أوروبا وقارات أخرى. ولكن، بالطبع، هذا أيضاً واجب الرجال كذلك وكل المجتمع، من خلال الحركات السياسية والإجتماعية التي تستطيع أن تحول كل النضالات الميدانية الى مكاسب راسخة في القانون وفي الدستور وفي الممارسة.
أما مسألة التعصب الديني، أو تنامي نزعات التطرف والإنغلاق الديني والإجتماعي، فهي، بالتأكيد، تلعب دوراً سلبياً على هذا الصعيد. ولكن هذه الظاهرة مرتبطة، بتقديري، بتطورات وأوضاع سياسية ومعيشية وباعتداءات خارجية تدفع المجتمعات المستهدفة للجوء الى أشكال من الدفاع عن الذات لها طابع سلفي، أي عبر محاولة الإحتماء بالجذور والسعي الى العودة الى الماضي، الفعلي أو المتصور. ومن هذه الزاوية، نحن لا نختلف. لكن النقاش يمكن أن يدور حول كيفية التعامل مع ظاهرة تنامي التعصب والتطرف الديني في مجتمعاتنا ومجتمعات أخرى، ومن أين نبدأ. وهذا موضوع مهم وحيوي، وأعتقد أنه يحتمل وجهات نظر مختلفة: باختصار، وحتى لا أطيل عليك، أميل الى الإعتقاد بأن البداية ينبغي أن تكون عبر مواجهة أشكال العدوان والظلم والإجحاف العام، سواء من الخارج أو من الداخل، خاصة بما يؤثر على كرامة الناس ومصدر عيشهم. فتدهور الأوضاع الحياتية والمعيشية يلعب دوراً كبيراً في تنامي التطرف عندنا وعند غيرنا. وأعتقد أنك تتفقين معي بأن مظاهر التطرف اليميني والتعصب ضد الأجانب، ضد الغجر والمسلمين والأفارقة وغيرهم، في أوروبا التي تنامت مؤخراً لها علاقة بتدهور الأوضاع الإقتصادية. مع الشكر لمداخلتك وكل التقدير.


37 - جبهة اليسار
سامر أبو رحمة ( 2010 / 12 / 1 - 23:29 )
مرحبا رفيقنا وكل الاحترام لتحليلك ..
قوى اليسار بخطابها تتفق في القضايا الجوهرية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وتدعو للوحدة في جبهة موحدة لليسار ، لماذا تنزع في التنفيذ إلى الفئوية وعادة لا تنجح في تنسيق مواقفها وردود الفعل كما حدث في الموقف من العودة للمفاوضات المباشرة؟
إذا كان التناقض الرئيسي مع الاحتلال والامبريالية، هل ترى اطراف الصراع الداخلي الانقسام من التناقضات الثانوية؟ومن جهة أخرى ما رأيك فيمن يستغلون تفشي الاصولية والواقع العربي للدفاع عن الصهيونية والتحالف معها باعتبار التناقض الرئيس مع الاصولية لا مع الاحتلال مبررين ذلك بالانسانية التي تتطلب القبول بدولة يهودية حسب الرواية الاسرائيلية التي تنفي الحقوق الفلسطينية؟
كل الاحترام ،


38 - رد الى: سامر أبو رحمة
داود تلحمي ( 2010 / 12 / 2 - 01:03 )
الرفيق العزيز سامر أبو رحمة، شكراً لملاحظاتك. أعتقد أن التوافق في الخطاب السياسي النظري لا يكفي لإنجاز وحدة بين أية قوى يسارية. فهناك عوامل أخرى لا تخفى عليك لها علاقة بالخلفيات التاريخية وأساليب العمل والتنظيم، وغير ذلك من الإعتبارات، -العملية- جداً أحياناً. والأمر أدهى عندما يكون هناك خلاف من النوع الذي أشرت إليه في مداخلتك، إذا وجد: أي أن يتم اعتبار التناقضات الداخلية في صفوف الشعب لها الأولوية على التناقض الرئيسي مع الإحتلال والإمبريالية الأميركية التي تسنده. هذا موقف غير مقبول طبعاً بأي منطق، ومهما كانت الإختلافات بين القوى المناهضة للإحتلال في قضايا أيديولوجية فكرية، أو إجتماعية، أو حتى صراعات على النفوذ والسيطرة، هي مؤسفة خاصة تحت ظروف استمرار سيطرة المحتلين. فكلنا تحت الإحتلال، ونحتاج لصدر واسع في ما بيننا لنحافظ على وحدة شعبنا الحيوية في مرحلة التحرر الوطني.
نحن، في الواقع، كيسار فلسطيني، وكحركة تحرر فلسطينية، في أزمة منذ فترة من الزمن، تفاقمت مع انسداد آفاق أي زوال قريب للإحتلال عن الأراضي التي احتلت في العام 1967، ناهيك عن المعضلات المتعلقة بوضع شعبنا في مناطق 1948 وبالآفاق الصعبة لقضية اللاجئين وحقهم في العودة. نحن نحتاج الى رؤية جديدة تتعاطى مع الوضع الراهن على قاعدة تعزيز صمود المواطنين على أرضهم في القدس والضفة والقطاع، وحتى في مناطق 48، في ظل محاولات التهجير التدريجي الصامت الإسرائيلية عبر التضييقات والإضطهاد والتجويع، خاصة بالنسبة لغزة، وعلى قاعدة إعادة رسم طريق جديدة أمام شعبنا في الوطن وخارجه لاستعادة وحدة الشعب ككل وتحديد هدف واضح أمامه ليتحد تحت رايته.
أما بالنسبة لليسار، فنحن نحتاج الى -إبداع-، كما ذكرت في إجاباتي على أسئلة الزملاء في -الحوار المتمدن-، وربما تفيدنا إبداعات اليسار المختلفة في بعض أقطار أميركا اللاتينية، ليس من خلال النسخ طبعاً، فهو لا يصبح إبداعاً آنذاك، وإنما من خلال التفكير بآليات عمل خلاقة جديدة، كما فعلوا هم لأوضاعهم الخاصة، تعيد الثقة بهذا اليسار الذي كانت له في ساحتنا مكانة مهمة ومؤثرة حتى ما قبل عقدين من الزمن. النقاش حول كل هذه القضايا مفيد جداً للإستنارة بكل الأفكار. وكل التقدير وأطيب التحيات لك.


39 - الشعوب العربية والمقاومة الفلسطينية
ابو احمد راجح ( 2010 / 12 / 2 - 09:07 )
وكما ذكرتم سيادتكم ان المناخ العام للتجارب الامريكية فى افراز رئسمالييين يسيطرون على القرارات السياسية فى امريكا فان هذا الوضع مطبق ايضا فى الحكومات العربية التى يسيطر على مجالسها التشريعية والنيابية من يمتلكون المؤسسات الاقتصادية الكبرى داخل وخارج هذه الدول العربية لذلك سيدى فان ارادت الشعوب العربية مكبوتة ولاتستطيع ان تشارك فى اى قرار حتى لو كان هذا القرار مرتبط بمصائرهم ومصائر ابنائهم لان من يتخذ القرار ويصدق عليه ويطبقه هم هولاء الرسماليين الذين يتلاعبون بمصائر شعوبهم التى لم تنتخبهم ولكنهم وصلوا الى هذا التمثيل النيابى فى البرلمانات العربية بدفع اتاوات لتزوير الانتخابات لمصلحتهم للوصول الى تحقيق اهداف شخصية لهم دون النظر الى المصالح العامة او مصالح الشعوب التى من المفترض انهم يمثلونها لذلك فان الشعوب العربية فى كل الدول العربية مهتمة بالقضية الفلسطينية بغض النظر عن الصراع الداخلى لقادتها لان الشعوب العربية من ما يهمها هو الشعب الفلسطينى المغلوب على امره تحت قيادات مفتته ايضا تنظر الى مصالحها الشخصية


40 - رد الى: ابو احمد راجح
داود تلحمي ( 2010 / 12 / 2 - 13:45 )
الأخ الكريم أبو أحمد راجح، شكراً لمداخلتك ولمواقفك الصادقة. ولا يسعني إلا أن أوافقك الرأي بأن شعوب المنطقة العربية، بمختلف قومياتها وثقافاتها وانتماءاتها، تقف، في غالبيتها الساحقة، مع حقوق الشعوب المظلومة والمغلوب على أمرها، ومنها الشعب الفلسطيني، وأن غياب الحريات الديمقراطية والتمثيل الحقيقي للشعوب وتغييب دورها في تقرير سياسات بلدها هو الذي يجعل هناك هوة بين مواقف وعواطف هذه الشعوب وسلوكيات وسياسات حكامها. ومن مصلحة القوى الخارجية الطامعة في ثروات منطقتنا والساعية للتحكم في مقدراتها أن تبقي الوضع كما هو، وأن تحول دون أي تغيير يعطي هذه الشعوب حقوقها في السيطرة على موارد بلدانها ورسم وإدارة سياساتها. مع كل التقدير وأطيب التحيات.


41 - المقاومة العراقية
نادر حسين ( 2010 / 12 / 2 - 15:26 )
ماهو موقفك من المقاومة العراقية حيث ان معظم اليسار العراقي ضدها ويعتبرها مجاميع ارهابية في حين يؤيدها معظم اليسار العربي؟
الا يعتبر ذلك تجاوزا على اليسار العراقي ودعما للنظام البعثي المنهار؟


42 - رد الى: نادر حسين
داود تلحمي ( 2010 / 12 / 2 - 16:03 )
أعتقد أن من حق أي شعب تتعرض أرضه للإحتلال أن يقاوم المحتلين ويعمل على تحرير أرضه. وهذا يشمل العراق طبعاً، طالما أن المستهدف هو المحتلون أنفسهم. لكن التعرض للمدنيين، وخاصة إذا اتخذ طابعاً إثنياً أو دينياً أو مذهبياً أو قبلياً، لا علاقة له بالمقاومة، وهو عمل مسيء للطرف الذي يقوم به ويضعه في خانة تسعير حزازات وعداوات داخلية في صفوف الشعب، بينما الإحتلال وأعداء الشعب العراقي، بكل مكوناته القومية والدينية والثقافية، هم وحدهم المستفيدون من أعمال كهذه. ولدى كل محبي الشعب العراقي واشقائه المتضامنين مع كل مكوناته تساؤلات مشروعة حول هوية وأهداف من يقومون بمثل هذه الأعمال البشعة ضد المدنيين، كل المدنيين بدون تمييز.


43 - موقف اليسار العراقي من المقاومة الوطنية
التيار اليساري الوطني العراقي ( 2010 / 12 / 2 - 20:28 )
المحور الاول : تنظيم المواجهة الوطنية للعدوان والاحتلال والسيطرة الامبريالية والصهونية*

مداخلة الوفد

لم نكن من الواهمين الذين توهموا احتلال العراق تحريرا ،او جاء المحتل الامبريالي من اجل اقامة الديمقراطية في العراق .. فقد كان موقفنا واضحا ومعلنا من على صحفات جريدة اتحاد الشعب التي اصدرناها في بغداد 8تموز 2004 -الموقف الذي مثل بداية انطلاقة المقاومة اليسارية الوطنية السياسية للاحتلال واذنابه ،وقد تداخلت مهماتها على مدى الاعوام 2003-2010مع المهام التنظيمية المفضية لولادة يسار جديد على ارض المعركة الطبقية والوطنية التحررية،وقد تمحور هذا الموقف اليساري الوطني على المحاور الكفاحية التالية:


المحور الاول : رفض وادانة ومقاومة الاحتلال الامبريالي للعراق وتحميل النظام البعثي الفاشي المهزوم المسوؤلية الاولى عن هذا الاحتلال.

المحور الثاني : رفض وادانة العملية السياسية الاحتلالية وفضح القوى الطائفية والعنصرية والانتهازية المشاركة فيها.

المحور الثالث : دعم المقاومة الوطنية العراقية وتحديدا كتائب ثورة العشرين التي تضم خيرة ضباط الجيش العراقي المناوئين للنظام البعثي المهزوم .

المحور الرابع : ادانة وفضح الاعمال الارهابية المرتكبة بحق شعبنا العراقي على يد قوات الاحتلال وشركاته الامنية والمليشيات الطائفية العنصرية وفلول البعث الفاشي وتنظيم القاعدة الارهابي
*رابط المداخلة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=233793
------------------------------------------------------------------------------------
**الموقف من الاحتلال والقوى السياسية العراقية المعارضة سابقا المتعاونة مع الاحتلال راهنا

وقد كنا كيسار وطني قد اعلنا ومن على صفحات جريدتنا - اتحاد الشعب - الصادرة في بغداد بتاريخ 08/07/2004 وباللغتين العربية والانكليزية المواقف المبدئية االمفصلية التالية :


اولا: ان الاحتلال ، بعبارة واحدة، وواضحة ننظر إليه كاحتلال، وكل احتلال، وكما هو معروف تاريخيا، يولد المقاومة بشكل آلي كرد فعل طبيعي من قبل الشعب المحتل وطنه، ولن تكون تجربتنا منعزلة عن التاريخ، وهذا ما جرى عندما دخل الإنكليز إلى العراق عقب الحرب العالمية الأولى وجوبهوا بمقاومة عنيفة من مختلف فئات الشعب العراقي في ما عرف بعد ذلك بثورة العشرين، فالإنكليز بدورهم أعلنوا، كما يعلن الأمريكان الآن، بأنهم محررون وليسوا محتلين، واليوم لا بد وان يستمر ميراث المقاومة ضد الأمريكان كما كان في السابق ضد الإنكليز.

ثانيا : ان القوى السياسية الفاعلة في المجتمع العراقي وبشكل خاص المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، والحزب الديمقراطي الكردستاني ،والاتحاد الوطني الكردستاني، وحزب الدعوة، والحزب الشيوعي العراقي، والحزب الإسلامي العراقي، ارتكبت خطأ استراتيجيا بدخولها في اللعبة الأمريكية واشتراكها في مؤسسات الاحتلال ، وان عدم معالجتها الفورية لهذا الخطأ سيفقدها هويتها الوطنية ويسقطها في طريق الخيانة الوطنية, ويعزلها عن الشعب العراقي.

ثالثا : ان المقاومة الموجودة اليوم لا تمتلك برنامج واضح ولم تعلن القوى المشاركة فيها عن حقيقة هويتها، مع الإشارة هنا إلى أن هناك قوى تخريبية محلية وإقليمية ودولية تشارك في أعمال العنف الجارية بهدف تقسيم العراق، لذلك نحن مع مقاومة الاحتلال بكل الأشكال بما فيه الكفاح المسلح شريطة أن تكون وفق برنامج سياسي واضح ومعلن، ونحن في التياراليساري لسنا من الذين يصدقون الوعود الأمريكية بمغادرة العراق وجلب الرخاء والديمقراطية له، هذه الخدع لن تنطلي علينا لان هناك شكلا واحدا ووحيدا للاستقلال والسيادة، وهو ان ألا يبقى جندي أمريكي واحد في العراق.

رابعا : ان الآلية التي نقترحها للوصول إلى الاستقلال التام ،هي تشكيل جبهة إنقاذ وطني كرديف سياسي للمقاومة المسلحة ،تضم جميع القوى الوطنية والإسلامية والديمقراطية لتجري مفاوضات مباشرة مع المحتل بإشراف الأمم المتحدة للوصول إلى اتفاقية علنية لاستقلال العراق.

خامسا: وفي غضون كل ذلك سنواصل المقاومة اليسارية السياسية للاحتلال وندعم المقاومة الوطنية المسلحة كما سنعمل على فضح أي عملية لتبديل الوجوه شكليا والادعاء بتحقيق الديمقراطية
**رابط ورقة التيار اليساري العراقي المقدمة الى الى اللقاء اليساري العربي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=233690
-------------------------------------------------------------------
الموقف من المقاومة الوطنية العراقية***

اليسار الوطني الذي أسسناه إثر سقوط النظام ،باعتباره تيارا يساريا ديمقراطيا ،يعمل لأجل مجموعة من الأهداف أهمها: إقامة دولةالقانون والعدالة الاجتماعية، بكل ما ينطوي عليه هذا الشعار من حقوق للعمال والفلاحين والمرأة، وإتاحة الحريات في مجالات الفكر والإبداع والصحافة وتأمين الحياة الكريمة للمواطن وفق الشعار التأريخي ( وطن حر وشعب سعيد)...، وفي تصورنا لا يمكن تحقيق ذلك إلا بتحرير العراق تحريرا كاملا من المحتل، وهو الهدف الرئيس في المرحلة الحالية، فالاحتلال احتلال، والاستقلال استقلال ، وليس لدينا أي تسويات أخرى أو أية حلول وسط.
***رابط ورقة التيار اليساري العراقي المقدمة الى الى اللقاء اليساري العربي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=233690
-------------------------------------------------------------------

التيار اليساري الوطني العراقي
لجنة المتابعة
بغداد المحتلة


44 - رد الى: التيار اليساري الوطني العراقي
داود تلحمي ( 2010 / 12 / 2 - 21:35 )
شكراً لتقديمكم لموقفكم. وأفترض أن القضايا المثارة فيه مطروحة من قبلكم لمناقشتها بالدرجة الأولى من قبل مختلف الأطراف اليسارية العراقية المناهضة للإحتلال. وهي مطروحة لاطلاع قراء اللغة العربية في البلدان العربية والمهاجر للتعرف على مختلف الأفكار والتيارات والنقاشات الواسعة التي تشهدها الساحة العراقية بشأن مواجهة الوضع الناشئ عن الإحتلال. مع التقدير.


45 - انه سرك الشرق الاوسط
محمد البدري ( 2010 / 12 / 3 - 04:30 )
حفل المقال بلفظ عربي - عربية - العربية لتوصيف، نظم وحكومات وشعوب وطوائف وفئات وتنظيمات. وفي نفس الوقت حفل بالتصنيف - فلسطينية، سورية، مصرية، عراقية، يمنية .. الخ كتنويعات الهوية في الشرق الاوسط. فما هي حقيقة الصراع وتحت اي فكر تجري سجالاته ومع من (لاحظ اتساع الجغرافيا من المحيط الي ما هو ابعد من شرق الخليج) ؟ حفل منتصف القرن الماضي بتسمية الصراع عربي اسرائيلي وتحول الان الي صبغة دينية اي باضافة تصنيف جديد كان كامنا طوال الحرب الباردة وينتظر اصحابه الاعلان عنه ورغبت قوي خارجية في تاجيجه، غالبا لان نتائجه ستكون اوفر حظا لمن حقق مكاسب في ظل تلونات الصراعات السابقة. اليسار الان في منطقة العتمة او في احسن الاحوال شبه الظل حيث توارت شعاراته لا لسبب سوي ان طبيعة الهوية العربية التي تمسك الجميع (بما فيهم اليسار) بها سابقا تعادي هذه الفكرة اليسارية بل وتعادي الفكرة الليبرالية وتعادي ايضا الفكرة العلمانية وتعادي الديموقراطية وتعادي الاشتراكية والشيوعية والفكر الماركسي عموما. باستعراض بانوراما الخطاب العام بل والخاص الداخلي منذ اكثر من خمسين عاما تجعل المشاهد يعتقد انه في سيرك وليس كمنطقة بها صراع حقيقي رغم نزيف الدم والاموال والسفة السياسي والثقافي والفكري والمعرفي بكل انواعه. آخر العروض في هذا السيرك هو حماس وحزب الله. انها إذن سدرة المنتهي حيث سنري الايه الكبري لنتحول جميعا الي انبياء مصطافين للشهادة اثناء الجهاد واما علي الصليب اي بالخروج من التاريخ، فهل الرابح الجديد هو نفسه الرابح القديم طالما ان فكرة عربية هي المظلة التي تحكم الجميع؟


46 - رد الى: محمد البدري
داود تلحمي ( 2010 / 12 / 3 - 13:58 )
شكراً للزميل الكريم محمد البدري على مداخلته. وأعتقد أن ما طرحه بشأن النزعة -القومية- الشوفينية هو أمر لا نختلف عليه. فإذا كان صحيحاً أن هذه المنطقة الواسعة -من الخليج الى المحيط-، كما يقال، هي منطقة تغلب فيها اللغة العربية والثقافة العربية، فإن هناك قوميات وإثنيات وثقافات أخرى في هذه المنطقة ينبغي احترامها واحترام حقوق أصحابها: فهم في أوطانهم وليسوا ضيوفاً على أحد. وأحياناً، هم سكان البلاد الأصليون. وبقدر ما نحرص على وحدة بلداننا في هذه المنطقة والقدر الأكبر من التعاون والتعاضد والتلاقي في ما بينها، والتوحد حيثما أمكن ذلك، ولكن برضى الشعوب طبعاً وليس بقرارات فوقية تفرض عليها قسراً، بقدر ما يجب أن نؤمن بأن احترام حقوق المجموعات القومية والإثنية والثقافية الأخرى، من الأكراد والتركمان شرقاً الى الأمازيغ غرباً، هو الضمانة لبقاء وتعزيز هذه الوحدة وهذا التفاعل. والعكس صحيح: أي ان إغفال حقوق هذه الشعوب والمجموعات واضطهادها يدفعان في الإتجاه الآخر. ولدينا أكثر من مثل في منطقتنا، وفي مناطق أخرى من العالم، على تفكك بلدان بسبب مثل هذا السلوك الخاطئ. فالتنوع القومي والإثني والثقافي والفكري هو مصدر غنى وإثراء وليس العكس.
والأمر نفسه ينطبق على الجانب الديني. فالتعصب والعداء للأديان والمذاهب والعقائد والأفكار الأخرى هو مصدر إفقار وتراجع، إن لم يكن مصدر حروب أهلية وصدامات دموية لا تنتهي. وبالرغم من تنامي التيارات والنزعات الدينية السياسية في السنوات الأربعين أو الثلاثين الأخيرة في منطقتنا، لأسباب أعتقد أنها باتت معروفة، فإن الصراع العربي- الإسرائيلي، وضمنه وفي قلبه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، هو، بالأساس، صراع ضد مشروع إحتلالي إجلائي ظالم، شبيه بما كان قائماً في جنوب إفريقيا ابان نظام الفصل والتمييز العنصري المنهار، وبالعديد من المشاريع الإستعمارية الإستيطانية المماثلة في التاريخ المعاصر. والصراع ليس دينياً، وإن كان الجانب الصهيوني عمل على تعميم مشروعه والتحدث باسم كل اليهود في العالم، بحيث يستنفر ردة فعل دينية من الجانب الآخر. فقد أوردت أعلاه في ردودي أسماء أطراف وشخصيات يهودية، وبعضها من الإسرائيليين اليهود، مناهضة للمشروع الصهيوني ومتضامنة مع الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة الأخرى. وأود هنا أن أعيد الإشارة الى الراحل الكبير المناضل المغربي اليساري أبراهام سرفاتي، الذي أوردت اسمه في ردودي أعلاه، وهي كُتبت قبل وفاته، والذي أصر حتى نهاية حياته بأنه مغربي أولاً وأخيراً، وان كون منشأه الديني يهودياً لا يجعله يتماثل مع إسرائيل بل العكس، دفعه لمزيد من التضامن مع الشعب الفلسطيني ومع شعوب المنطقة العربية وشعوب العالم المضطهدة. مع كل التقدير، وأطيب التمنيات.


47 - تحية طيبة لكم ولاهلنا في فلسطين المحتلة
التيار اليساري الوطني العراقي ( 2010 / 12 / 3 - 04:54 )
الاستاذ داود تلحمي

تحية طيبة لكم ولاهلنا في فلسطين المحتلة

نعم هذا هو بالضبط الهدف من المداخلة .. ونرد بها ايضا على كل من يعمل على تبرير انتقال بعض - اليسار- الى الضفة المعادية بحجج واهية لا تصمد امام الوقائع , ناهيكم عن تناقضها على طول الخط مع المبادئ اليسارية الثورية

شكرا لكم

لجنة المتابعة
بغداد المحتلة


48 - رد الى: التيار اليساري الوطني العراقي
داود تلحمي ( 2010 / 12 / 3 - 14:04 )
شكراً لكم، وكل التضامن مع أهلنا والشعب الشقيق في العراق العزيز علينا، آملين أن يحقق أهدافه بإنهاء الإحتلال وذيوله، وتعزيز وحدة العراق وشعبه، بكل مكوناته القومية والإثنية والدينية والعقيدية، وتراثه الحضاري الغني والمتنوع، باعتباره وطن بعض أهم الحضارات الأولى في التاريخ البشري.


49 - أسئلة
السّموأل راجي ( 2010 / 12 / 3 - 19:53 )
تحيّة رفاقيّة لك:
اليسار والخيار الإشتراكي باقيان على جدول أعمال البشرية ومطروحان بملحاحية متزايدة كطريق خلاص حقيقي لا بديل عنه على الأمد الأطول، مع تفاقم مأزق النظام الرأسمالي وتناقضاته وفساده وظلمه. ولكن مهمة اليساريين هي التعجيل في عملية توفير الشروط الذاتية لتنظيم القطاعات الشعبية الواسعة المتضررة من هذا النظام الظالم والمتوحش، وبلورة المداخل وأساليب العمل المناسبة لتحقيق هذا التعجيل:هذا ما جاء رفيقي في خاتمة حوارك وهنا أتساءل أمام تصاعد الهجوم البورجوازيّ المافياوي على طبقات بأسرها وتفاقم الفاشيّة وإنغلاق النّظم القائمة وإحتكامها لمنطق الإحتواء الأمني مسنودة بمراكز قوى الرّأسمال الدّولي العابر للحدود هل الحلّ فقط في الإحتكام لبرنامج النّضال الدّيمقراطي أم هو في عقد تحالفات مع كلّ متضرّر من فاشيّة وطغيان واقع على الأرض؟
في موضوع القضيّة الفلسطينيّة التي تحوّلت لسلعة لدى البعض ومشجب لتعليق كلّ أنماط القهر لدى بعض آخر:هل ما زالت أطروحة تحرير كلّ فلسطين قائمة وما المطالبة بإعلان الدّولة على حدود ما قبل حزيران1967 إلاّ نقطة إنطلاق أم إنتهى ذلك الموضوع وتلك الحدود نهائيّة مع مطالبة موازية بحقّ العودة والتّعويض؟

سؤال آخر:هل يتابع الرّفيق داود ندوة الماركسيّين العرب التي تضم سوريين والجبهتين الفلسطينيتين(شعبية وديمقراطية)وتونسيّين؟وإلى أين وصلت تلك الإجتماعات وهل ما تزال تنعقد؟


50 - رد الى: السّموأل راجي
داود تلحمي ( 2010 / 12 / 3 - 20:55 )
شكراً للرفيق العزيز السموأل راجي على ملاحظاته.
أتفق معك على أن الهجمة الحالية الجارية في بلداننا وفي بلدان أوروبا ومناطق العالم الأخرى على القطاعات الشعبية من قبل أولئك الذين تسببوا بالأزمة الإقتصادية بهدف إلقاء أعباء هذه الأزمة وأثمانها على هذه القطاعات. ونحن نرى التحركات الواسعة الجارية في بلدان مثل اليونان وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا وغيرها احتجاجاً على هذا التمادي في إفقار الناس حفاظاً على امتيازات وثروات القلة الغنية المسيطرة فعلاً على زمام الأمور في هذه البلدان، كما في معظم بلدان -العالم الثالث-، الذي ننتمي إليه. الديمقراطية مهمة، ولكن الديمقراطية ليست فقط وضع الأوراق في صناديق الإقتراع، بل هي قبل كل شيء الدور المباشر للقطاعات الشعبية الواسعة في تقرير مصير البلد وتوجيه ثرواته وأمواله لتلبية احتياجات كل الشعب، وليس فقط شريحة صغيرة منه. لذلك أوافقك الرأي على أهمية قيام تحالفات في كل بلد، وعلى صعيد إقليمي حيث أمكن، تشمل كل متضرر من الفاشية والطغيان، كما ورد في كلامك. نعم، هذا هو التحالف الوطني الواسع المطلوب في هذه المرحلة: ضد الإحتلالات وامتداداتها الداخلية، ضد المستغلِّين من الخارج والداخل، ضد من يسطون على حق كل مواطن بأن يعيش حياة كريمة تتوفر له ولعائلته مقومات العيش الأساسية. الديمقراطية الفعلية هي أداة لتحقيق هذا الهدف، وليست غطاء لخداع الشعب، كما يريدها الغزاة المدافعون عن مصالح شركاتهم الكبرى.
بالنسبة للسؤال الخاص بالخيارات الفلسطينية، فالإتجاه العام الفلسطيني في غالبيته كان يدعو منذ أكثر من ثلاثة عقود الى دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967 الى جانب حل قضية اللاجئين وتأمين حقهم في العودة. علماً بأن هذه الصيغة لا تحل كافة جوانب القضية الفلسطينية، وإن كانت تخفف المعاناة وتحقق تراجعاً في التوتر والإحتقان في المنطقة. الحل الديمقراطي، على غرار جنوب إفريقيا، ليس حلاً مرئياً في أمد قريب، ولذلك جاء طرح فكرة الدولة الفلسطينية. لكن الإحتلال الإسرائيلي يقوم عملياً بتدمير متعمد لاحتمال قيام هذه الدولة من خلال مضاعفة الإستيطان في القدس الشرقية ومعظم الضفة الغربية المحتلة، مما يتطلب، ليس التخلي عن هذا الهدف، خاصة بعد أن بات يلقى تفهماً عالمياً واسعاً، وإنما إعادة التفكير بسبل مواجهة استراتيجية التدمير الإسرائيلية باستراتيجية مواجهة جديدة تستنهض الطاقات الفلسطينية في كل مكان، الى جانب الطاقات العربية والأممية والدولية المؤيدة، لإحداث التغيير المطلوب.
بالنسبة للسؤال الأخير، لا تتوفر لديّ معلومات أستطيع أن أفيدك بها حول الموضوع.
مع كل التقدير لك وأطيب التحيات.

اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع