الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى التّقسيم ... تقسيمات

محمد أبوعبيد

2010 / 11 / 29
القضية الفلسطينية


فلسطين ،التي لم تكن تقبل القسمة على اثنين ، أمست تقبلها على ثلاثة ، والخشية على أكثر . يبدو أن المعادلات الحسابية متغيرة لا ثابتة في اللوغاريتمات الفلسطينية بأسّها وأساسها .فالتقسيم المشؤوم الممثَل بالرقم 181 الصادر عن الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 ، كرر شؤمه بعد مرور ستة عقود ، ليزيد التعقيد عقدة .
ما تبقى من فلسطين التاريخية ، وهو أقل أصلاً من مساحة التقسيم المفترضة ، يصدر بحقه قرار تقسيم ،لكن ليس أممياً ، إنما بفعل مصالح فئوية وتدخلات عربية وأعجمية ، آلت بفلسطين الصغرى إلى "فلسطينات صغريات" كل منها محكومة بحكومة بزي "أيديولوجي" معين . هذا التقسيم الطارىء ،كما لو كان إرثاً يتقاسمه الأبناء من بعد اقتتال على ما تركه الأب لهم ، أساء أيما إساءة للنضال الفلسطيني على مدى عقوده بكل ما حمله من تغيرات طارئة وغير طارئة .

الفرق في هذا الإرث ، أن فلسطين لم يتركها أب لإبنائه كاملة ، بل ربْع هذا الإرث تقريبا ً ، على أمل الحفاظ عليه من الضياع وتغيير الهوية والكيان ، لكن الربع ضاع في فوضى صراعات النفوذ وما يلتصق بها من تجاذبات وشراء بالمال وإغراء بالسلطة والمناصب وإنْ بطرق غير شرعية ، وبتدخلات غير مشروعة البتة .

صحيح أن الحديث عن حقيقة ما آلت إليه فلسطين الصغرى من انقسام قطّع عرى الأخوة وفصم وشائج الوحدة ، سيزيد من طينة الجدل بلة ، باعتبار أنّ كل امرىء سيجادل وفقاً لانتمائه العقائدي أو حتى البراغماتي ، وحينها سيدعي كل فلسطيني أنه المحق . لذلك ، فلتكن ذكرى التقسيم الأممي مناسبة يتحلل فيها الفلسطيني من إجرام الإنقسام ، ويعود إلى زيه الوطني الأصلي ، ليس بمفهوم القماش ، إنما بالمفهوم النضالي الوطني والسلوكي وحتى الخطابي ، لعل فلسطين تسترد بعضاً من صورة نضالها التي تشوهت بالألوان الداكنة الطارئة عليها فجعلتها مجرد لوحة مجردة من كل التفاصيل التعبيرية والواقعية والانطباعية وحتى الرومانسية .

في حساب المتغيِّر ، من المحتمل أن هناك من لم يتذكر أن التاسع والعشرين من نوفمبر هو ذكرى تقسيم فلسطين ، نظراً لما طرأ على الإنسان الفلسطيني ،وحتى العربي ، من أحداث جعلت كتابه الذهني غاصاً بالذكريات ، لدرجة قد تجعله يعتقد أن اليوم العادي الآمن ، والمطْمئن الساكن ، هو الذكرى باعتبار أنه مر بلا تراجيديا ، أو حتى من دون كوميديا سوداء . لكن في حساب الثابت ، فعلى الفلسطيني أن يتذكر أن فلسطين الكبرى التي قُسِّمت ، بين اليهود والفلسطينيين، بمعول حكم القوي على الضعيف ، لا يمكن أن يُقسّم قِسْمها من جديد، هذه المرة بين الفلسطينيين والفلسطينيين ، حتى صار الفلسطيني غيره منذ التقسيم الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج