الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوق المُرة

إلهامي الميرغني

2010 / 11 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


السوق المُرة
هذا هو الأسم الذى أطلقه أهل بورسعيد علي مدينتهم بعد الانفتاح وتحويلها إلي منطقة حرة وقد تذكرته وأنا أتابع تحركات أسعار السلع الضرورية والحيوية وغياب الرقابة الحكومية وتحول السوق المصري إلي سوق مٌرة تفتك بالفقراء.
منذ سنوات رفعت الدولة يدها عن تنظيم السوق وخرج علينا التجار ورجال البيزنس بمقولة كاذبة تقول " أن السوق يصحح نفسه " ولا يمكن للتاجر ان يستمر في رفع الأسعار لأنه لن يجد من يشتري منتجاته وسيضطر لتخفيض الأسعار لتصريف المخزون . واصدرت الدولة قانون لمنع الاحتكار وشجعت قيام جمعيات رجال الأعمال وصفت المجمعات الاستهلاكية. وهلل بعض السذج منا وسجدوا لله شكراً لأنه نقلنا من عصر مجمعات النيل والأهرام وطوابير الفراخ والزيت إلي عصر السوبر ماركت والهايبر فأصبح الكاتشب متوفر بعشرات الأصناف والمسطردة اشكال وألوان وانتقلنا من عصر المكرونة اللبان ( كانت تحتاج وقت أطول لطهوها لارتفاع النشا بها ) إلي عصر الأندومي سريع الطهي ومن عصر سلاطين الزبادي الفخار إلي عصر علب الزبادي بالفواكه والنكهات وتحولت اللحوم والدواجن والأسماك إلي سلع ترفيهية لا يقدر عليها سوي شرائح معينة من الطبقة الوسطي.وانتقلنا من عصر اكل الفراخ الي عصر طبخ رجول الفراخ ومن عصر السمك البلطي إلي عصر السمك الفيتنامي السام فهذه هي سوقهم الحرة!!!
لذلك بعد ثلاثين سنة علي فتح الأسواق ورفع يد الحكومة وإلغاء وزارة التموين وتحولها لوزارة تجارة هل انصلح الحال وتوفرت السلع.
1. بعد استحداث تعدد اسعار بيع الخبز البلدي اصبح لدينا رغيف سعره خمسة قروش لا يأكل وعيش آخر باسعار تبدأ من عشرة قروش وحتي خمسين قرش. هل حلت السوق الحرة مشاكل رغيف الخبز؟ علي العكس وقفنا طوابير للحصول علي الخبز وعرفنا تعبير شهداء الخبز.واصبحت الدولة المنفتحة تتحدث عن جشع اصحاب الأفران وبيع حصص الدقيق بينما ترفض عودة الرقابة. وعندما تفجرت الأزمة استخدمت الدولة المنفتحة أفران القوات المسلحة والشرطة لتوفير الخبز للمناطق الشعبية والريف!!!!
2. ارتفعت اسعار الدواجن وبرر التجار ذلك بانتشار انفلونزا الطيور وارتفاع اسعار الاعلاف في السوق العالمي . ثم قامت الدولة باغلاق محلات بيع الطيور واجبرت المربين علي التعامل مع المجازر الخاصة . فقفزت أسعار الدواجن فوق قدرة المواطن المتوسط الدخل وليس الفقير الذي يزيد وجوده علي 43% من السكان. وبدلا من دعم المنتج المحلي فتحت ابواب الاستيراد لنجد سيل اعلانات عن دواجن مستوردة فالمهم هو المكسب واضطر المنتج المحلي لرفع السعر ليعوض خسارته واستمرت الاسعار في الارتفاع ولم يصحح السوق نفسه كما وعدونا بل انطلقت الاسعار واصبحت خارج السيطرة. فتحولنا من أكل الدواجن الي عصر شوربة الدواجن المجففة وعصر أكل رجول الدواجن فهذه هي نتائج سياسات سوقهم الحرة!!
3. نفس الوضع حدث مع اللحوم البلدية بل وتابعتها اسعار اللحوم المجمدة المستوردة ولم يصحح السوق نفسه ووصل سعر كيلو اللحوم الي 100 جنيه وهو ما يعادل دخل موظف واسرته يعمل في مركز معلومات اي محافظة لمدة شهر. ولم تستطيع السوق تخفيض الاسعار أو مواجهة جشع التجار فاضطرت الي فتح منافذ تابعة للقوات المسلحة لبيع لحوم باسعار تتراوح بين 40 جنيه و60 جنيه وفتح منافذ بيع تابعة للحزب الوطني أي عودة للدولة ودورها الذى فرطوا فيه.
4. ادعوا ان اسعار الخضر والفاكهة تخضع لتعدد حلقات التجار واصبحنا نعيش عصر بلغ فيه كيلو الجوافة ثلاثة جنيهات وكيلو المانجو عشرين جنيه وكيلو الموز خمسة جنيه واخيرا الطماطم التي وصل سعرها إلي عشرة جنيهات فتحولت بفعل التجار إلي هدايا يحملها الفقير الي المريض ويقول له " وغلاوتك عندي جايبلك طماطم من ام عشرة جنيه ترم عظمك " فهذه هي قوانين السوق .
5. نفس الوضع ينطبق علي انتاج الحديد والاسمنت واحتكار كبار الشخصيات للسوق حتي قفز سعر طن الحديد من ألفين جنيه الي ثمانية الآف جنيه وحدث نفس الشئ مع اسعار الأسمنت وتواكب مع ذلك رفع يد الدولة عن الاسكان الشعبي فسمعنا عن شقة يصل ثمنها الي مليون جنيه وترحمنا علي عصر مساكن العمال ومستعمرات العمال بجوار المصانع الكبري وسكن الناس المقابر والعشش الكرتون وبنو المجمعات العشوائية التي يعيش فيها أكثر من 12 مليون مصري. وعندما ارادت الدولة الحد من انفجار الاسعار فتحت باب الاستيراد لتغلق مصانع ابوزعبل وتقلص انتاج الحديد والصلب والدلتا للصلب لصالح القطاع الخاص . هذه هي قوانين السوق.
واذا تتبعنا أسعار مختلف السلع والخدمات سنجد انفلات تام باسم حرية السوق وانحدار ملايين المصريين لتحت خط الفقر حدث ذلك مع الزيت الذى وصل سعره الي 12 جنيه للزجاجة ثم الأرز والمكرونة والآن السكر الذى ترتفع اسعاره كل اسبوع.
لكن علينا ان ندقق في دروس التجربة الماضية .لكي تنهي الدولة الازمات اضطرت لاستخدام القوات المسلحة والشرطة وشوادر الحزب الوطني لتغطية العجز . ألم يكن ذلك الدور أصلا في يد الدولة قبل أن تتركه لرجال البيزنس وتجار الفراخ المضروبة والاسماك المسمومة. الا يدعونا ذلك للمطالبة بعودة الرقابة علي الأسعار لكبح جشع التجار وعودة وزارة التموين ؟! الا يدعونا ذلك للتأكيد علي التمسك بزيادة الدعم العيني وزيادة السلع المربوطة علي البطاقات التموينية؟!ألا يدعونا ذلك للتوسع في إنشاء المجمعات الاستهلاكية التي تغطي الاحتياجات الضرورية لغالبية السكان الغير قادرين علي ارتياد السوبر والهايبر والذين يشترون بالأجل من البقال؟! الا يدعونا ذلك لزيادة الانتاج الزراعي والصناعي وتقليل حلقات التجارة من المنتج الي المستهلك للسيطرة علي الاسعار؟!
أما حان الوقت لتعلن الحكومة ولو مرة إنها كانت مخطئة وأن السوق المفتوحة لم تكن حرة ولكنها كانت مٌرة!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد اغتيال نصر الله، ما مستقبل ميليشيا حزب الله؟ | الأخبار


.. اختيار صعب بين نور ستارز وبنين ستارز




.. نعيم قاسم سيتولى قيادة حزب الله حسب وسائل إعلام لبنانية


.. الجيش الإسرائيلي: حسن نصر الله وباقي قادة حزب الله أهداف مشر




.. ما مستقبل المواجهة مع إسرائيل بعد مقتل حسن نصر الله؟