الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الشعر في غزة ، الموت في غزة
زياد خداش
2004 / 9 / 19الادب والفن
غريبة هذه الغزة ، غريبة بشعرائها وشاعراتها وفنانيها الذين لا يسكتون عن الغناء والرقص والكتابة ، في غزة يكتب الشعر على ايقاع الدم ، يكتب حزينا وقويا ، كأنه رقصة الوجود الاولى ، كأنه ارادة الحياة ، لغزها ، تجليها الاكبر ، وبرهانها الاكيد ، في غزة يموت الناس كل يوم ، نساء ورجالا شيوخا واطفالا ، يموتون بصخب او بصمت ، مقاتلين او عابرين ، في غزة يكتب الشعر كل يوم يكتب رائيا و عميقا وشفافا وانسانيا جدا ،ا مقابل كل طفل يموت تولد في غزة قصيدة ، كلما قصف الاعداء مدينة او جرفوا ارضا يقام في الصباح التالي معرض فن تشكيلي ، كلما ارتكب اعداء الحياة مجزرة جماعية ، نوقشت رواية او مجموعة قصصية او ديوان شعري في ندوة ما، غزة تقصف الاعداء بالرقص و الغناء و القصائد ـقد يبدو هذا الكلام مضحكا ومثيرا للسخرية لكن تخيلوا انفسكم بلبلا ، وهو يتعرض لعاصفة غبار همجية ، انه يبدأ بالغناء حتى الرمق الاخير ، حتى خفقة الجناح الاخيرة قد يموت البلبل ويندثر ، لكن الغناء يبقى يقض مضجع العاصفة ، ويخلخل يقينها ، حين شاهدت اوبريت الطلائع على شاشة تلفاز فلسطين لم اصدق اني امام عمل فني فلسطيني من غزة ، كان ا الاطفال وعددهم خمسون يغنون : كانوا يتمايلون مع ايقاع اللحن ومعاني الكلمات بذكاء وعفوية وحساسية خاصة تتلاءم تماما مع روح غزة المتألمة وروحها الاخرى المتحدية، في غزة و بينما يتحول الموت ا لى جار اليف ا و بائع سجاد متجول ، تكتب و وتمثل المسرحيات ، وتقام معارض الفن التشكيلي ،وتكتب القصص والروايات والندوات والامسيات الشعرية ،
ليس في يد الغزيين سوى الشعر وفتات بحر والكتابة ، كما ليس في يد الرصاصة المحتلة سوى خيبتها
وتكراريتها المملة ، ويأسها وغبائها
وهكذا اذن تدور حرب ضروس بين الخيبة والغناء
بين اليأس و الشعر
في رام الله ثمة موت خفيف ومتقطع ، ثمة استقرار ما وليل هاديء ومع ذلك الشعر هنا يكتب ببطء و بخل غريب ، الثقافة في رام الله ثقافة شكلانية عابرة سطحية و ديكورية ، في غزة التي تموت كل يوم ، يتنفس الناس الثقافة كما يتنفسون دخان الدبابة ، شبان غزة يحبون المسرح و الشعر بينما يحب شباب رام الله البوظة والشات ،
في غزة ثمة شبان وشابات طالبات وطلاب ، يعودون الى البيوت مرهقين مساء من تعب الدرس وارهاق الامتحان ، وبعد اغفاءة قصيرة ، ينهضون على صوت قصف او دم
يخرجون الى الشرفات ،
يجلسون ويمدون ارجلهم للطائرات
ويبتسمون طويلا
وفي الليل يكتبون الشعر
وقد يغنون
ويرسمون
ويرقصون
هكذا يفعل يوسف القدرة ومحمود ماضي ونصر شعث ، شعراء غزة الشبان الذين لا يسمع بهم احد ،
وسط ضجيج الطائرة المغيرة ودوي الاستكبار المؤسساتي ،
مالذي يجبر مدينة فقيرة و صغيرة وضيقة على حب الشعر ؟
مالذي يحول الدموع الى قصائد في جنازات الشهداء؟
كيف تستطيع نساء غزة الرائعات ان يحولن الحصار البيتي الفظيع والحصار الاحتلالي الجهنمي الى نص سري
يمتلك كل الغاز و براءات العالم ، وكل نضارته وطفولته وبطولته ونبله ؟؟؟
كيف تموت امراة مع اولادها في الجوار؟
وتنفجر فجاة اغنية حب جماعية في حناجر اطفال مخيم مجاور؟؟
احبك غزة
احبك مدينة الشعر والموت
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تايسون وداليا البحيرى وخالد عليش يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم
.. إلى أي مدى ساهمت السرقات الفكرية في نهضة الصين التكنولوجية؟
.. السيناريست وائل حمدى: تجربة فيلم 6 أيام صادقة ومالك مجتهد وآ
.. وزارة الثقافة تكشف تفاصيل إطلاق مبادرة -المليون كتاب- من معر
.. الفنان السوري جمال سليمان من الطائرة المتجهة إلى دمشق: والله