الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى نعيد حقوق الأقباط المهضومة؟!

أشرف عبد القادر

2010 / 11 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بعد أحداث العمرانية الأخيرة،مازال مسلسل "الفتنة الطائفية" البغيض يطل علينا برأسه من آن لآخر حتى مللناه،ففي كل محاولة لإخوتنا في الله والوطن الأقباط لبناء أو ترميم كنيسة جديدة تقوم القيامة، لماذا؟ لأن الأقباط يرممون ما تهدم من كنائسهم التي مرت عليها قرون وهي في حاجة إلى الترميم. وسؤال بديهي جداً: ماذا لو لم ترمم الكنائس التي بنيت منذ قرون وتهدمت أجزاء منها؟
الإجابة المنطقية أنها مع الزمن ستنهدم، وإذا ما انهدمت فلن تقام. فهل هذا منطق؟أم أنه منطق اللامنطق؟ لماذا سمحنا لأنفسنا ببناء جوامع وزوايا للصلاة في كل شارع وفي كل مكان،حتى في المدارس والجامعات وأماكن العمل والمحطات، وعلى الأراضي الزراعية التي لا يجب البناء عليها، ونفرش الحصر في الشوارع يوم الجمعة ونوقف حركة المرور وحركة العمل في بلد فيه 40 في المائة منه يعيشون تحت خط الفقر لإتمام صلاة الجمعة، فكل ذلك ليس فيه أي غضاضة طالما أنه للمسلمين، الذين فضلهم الله على جميع البشر بـ"الدين الحق"؟!.
عدد المسيحيين يتزايد مع الزمان،ومن الطبيعي أن يحتاجوا إلى كنائس جديدة، الأقباط لا يطالبون ببناء كنائس مقارنة بعدد مساجد مصر،ولكن فقط بناء بعض الكنائس الجديدة بعد أخذ تصاريح من الأجهزة الرسمية،فما الضرر في ذلك؟ أمام هذا الظلم الفادح الواقع عليهم يطالبون بقانون موحد لدور العبادة ينطبق على المسلمين والأقباط حتى لا يكون هناك"خيار وفقوس" من حق الأقباط ترميم ما تهدم من كنائسهم ودور عبادتهم،كما لهم الحق في بناء كنائس جديدة تتناسب مع تعدادهم السكاني المتزايد.
للأقباط حقوق دينية ومدنية نصت عليها الشرائع والقوانين الدولية،والتي وقعت عليها مصر وكل الدول العربية والإسلامية،فما يطالب به الأقباط ليس استجداء منا، بل حقوق دولية منصوص عليها بنص القانون الدولي ووقعت عليها بلدي مصر،والمطلوب فقط هو تفعيلها.
للأقباط حقوق دينية متمثلة في إلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية منعاّ للتمييز بين أبناء الوطن الواحد، وإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن"الشريعة الإسلامية المصدر الأول لسن القوانين"،لأن مصر دولة مدنية وليست دولة ثيقراطية دينية،لأننا لسنا وحدنا في هذا البلد،بل لنا شركاء فيه .خانة الديانة والشريعة كمصدر أول للتشريع ورثتها مصر المستقلة عن الحلافة العثمانية عندما كانت تستعمرها. تركيا العلمانية والإسلامية تخلصت من هذا التراث العثماني ونحن في مصر مازلنا متعلقين به رغم إضراره بالوحدة الوطنية.
للأقباط حقوق مدنية يجب أن يحصلوا عليها أسوة بإخوتهم في الله والوطن المسلمين،حيث يجب ألا يحرم أي مواطن مصري من أي وظيفة مهما كانت حساسة بما فيها رئاسة الدولة بدعوى أنه مسيحي،لأنه مصري قبل أن يكون مسيحي،علينا ألا نعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية، أي أننا أفضل منهم، بل يجب أن نعاملهم على قدم المساواة كالمسلمين حيث لا فرق بين مصري مسلم ومصري مسيحي إلا بالتقوى والعمل الصالح، يجب أن تكون لهم نسبه تتناسب مع عددهم في الوزارات ،ورئاسة الجامعات، وقيادة الجيش،لأنه لم يثب حتى الآن أي خيانة لهم لمصرنا الحبيبة، فكانوا دائماً صمام أمان مصر،فعندما حاول الإنجليز استمالتهم بحجة الدفاع عن حقوقهم،وقف القمص سرجيوس على منبر الأزهر وخطب: "إذا كان الإنجليز يقولون أنهم جاءوا لحماية الأقباط فليمت الأقباط وتحيا مصر". هذا هو الشعور الوطني المصري الأصيل لشعب مصر، وأذكر في حديث مع زميل مصري مسيحي أن قال لي"أنا مسيحي،لكن لا أقبل أن تحتل إسرائيل ذرة من تراب مصر".
في حديث مع مهندس مسيحي هنا في فرنسا قال لي إنه كان يشعر بغصة في حلقة عندما كان يتقدم لشغل وظيفة فينظر له الموظف نظرة خاصة عندما يجد أن اسمه مسيحي،أو مكتوب في خانة الديانة "مسيحي"، أوليس في حرمانه ،هو وأمثاله كثيرون، من هذه الوظيفة بسبب الدين شعور بالنقص وأنه مواطن من الدرجة الثانية؟ ولماذا كل الرتب العسكرية المسيحية عند رتبة معينة تتقاعد لا لسبب سوى أنه مسيحي، فهل ثبت تواطئ المسيحيين مع أي جهات أجنبية ضد مصر؟ أفلا يكفي المسلمين شرفاً أن البابا منع حج المسيحيين لبيت المقدس طالما هو تحت سيطرة الصهاينة أحتراماً لمشاعر المسلمين وإحتلال فلسطين؟ أفلا يكفي هذا الموقف فقط لإحترام الأقباط؟!،أفلا يكفي احترام الأقباط لنا في شهر رمضان،حيث تجد الأخ المسيحي لا يأكل ولا يدخن أمام زملائه المسلمين احتراماً لمشاعرهم ،أما نحن فلا نعرف حتى أعيادهم ولا نهنئهم بها كما يقول الاخواني الممتاز محمد عبد القدوس.
الأقباط ما كانوا أبداً طابوراً خامساً، أو خنجراً في خاصرة مصر لأنهم أصحاب الأرض الحقيقيين،ومن يعترض على ذلك فليقرأ التاريخ،فمصر قبل أن يفتحها عمرو بن العاص كانت دولة قبطية،وبعد الفتح أسلم غالبية أهلها وبقى من بقي منهم على دينه عملاً بالآية الكريمة"لكم دينكم ولي دين".
الأقباط مصريون مخلصون لبلدهم ولدينهم وللمسلمين،أريد فقط أن أرد على نقطة أثارها معي اليوم زميل مسلم حيث قال لي"أن كنائسهم عبارة عن مخازن للأسلحة والذخيرة"،وهي والله كذبة كبيرة أشاعها الاخواني المتعصب محمد سليم العوا لإيقاظ الفتنة النائمة لعن الله من أيقظها كما يقول الحديث النبوي،فأنا لا أعتقد أن الأمن في مصر ولا القانون يسمحان لا لجماعات إسلامية ولا لجماعات مسيحية بحمل السلاح وتخزينه،فمن أين أتتهم هذه المعلومة؟ وهل مصر نائمة وأمنها في العسل وتترك الأقباط يخزنون القنابل والأسلحة في دور العبادة؟ فيحب عدم الكذب واختلاق الأكاذيب لنجد المبرر للعدوان على اخوتنا في الله والوطن وهم يصلون في دور عباداتهم،كما فعل الارهابيون المتأسلمون طوال سنوات الرصاص والإرهاب في مصر.
في حواري معي مؤرخ مصر الحديثة د. رفعت السعيد قال لي"إن الأقباط هما الحيطه الواطية في مصر" بمعنى أنها ورقة تلعب بها الجماعات المتأسلمة مع نظام الحكم،فإذا شددت الحكومة قبضتها على رموز "المحظورة" يقومون بالاعتداء على الأقباط لشغل الرأي العام المحلي والعالمي بما يحدث،حتى ترفع الحكومة يدها عن رموزهم الموضوعة في السجن.
أقباط مصر إخوة لنا في الله والوطن،ويجب على كل مسلم شريف،جدير بهذه الكلمة، أن يقف معهم لنيل حقوقهم الدينية والمدنية كاملة غير منقوصة طبقاً للإتفاقيات الدولية التي وقعت عليها بلدي مصر،وطبقاً لديننا الاسلامي الحنيف،الذي أوصى بأقباط مصر خيراً،ويعمل بغيرهذه الوصية المتأسلمون بقيادة هتلرهم الجديد محمد بديع،فالأقباط ليسوا أهل ذمة،ولا مواطنين من الدرجة الثانية، بل يجب أن يتساووا معنا في كافة الحقوق والواجبات، كما كان عهدنا بهم دائما،وكما عشنا سنيناّ طويلة في أمن وأمان دون أن يراق بيننا نقطة دم واحدة،إن ما يحدث الآن في مصر جديد عليها وعلى أبنائها،فالله أسأل أن يكون ساحبة وتمر ليعود الوئام والسلام والمحبة بين أبناء مصر ويحتضن الهلال الصليب، ويكون "الدين لله والوطن للجميع" اللهم آمين.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالة اكثر من رائعه بما تحمل من رسالة انسانية
مـينا الطـيبى ( 2010 / 11 / 30 - 21:21 )
اننى اقدم حبى واحترامى وتقديرى الى كل انسان يملاء قلبة المحبة لكل انسان خلقة اللة لأن اللة احب كل خلقتة وجعل منا جميعآ اخوة واخوات من اب واحد وأم واحدة ليعرفنا ان نحب بعضنا البعض وملأ الدنيا بالخيرات لنا جميعآ دون آخر هكذا خلقنا اللة فلماذا نحن العبيد نتعالى على عبيد مثلنا ونحن فى الأخير عباد اللة الواحد الوحيد فى كل زمان ومكان اليس هذا جهل وتخلف عقلى مننا
عزيزى انك تتكلم بما يحملة قلبك الأنسانى وبيتك النقى وتعليمك الراقى اكثر اللة من امثالك لأننى اؤمن بالحب وحدة نحيا معآ
اتذكر منذ 6اسابيع فى لندن عندما قام اهل السيخ بأفتتاح اكبر معبد لهم فى العالم لم يوجد بحجمة فى بلادهم الأصلية وكم هم كانوا سعداء المعبد الرائع فى رسوماته الهندسية وانة ليس مكان للعبادة فقط بل ايضآ لتبادل الثقفات مع الأخرين وكانت البهجة والفرحة تظهر على وجوههم الرقيقة عندما رأيت هذا العدد الهائل يتهلل بالفرحة اننى فرحت لفرحهم ربما اكثر منهم رغم انهم يختلفون معى فى الأعتقاد ولكننى ارى الدين هو المعاملة التى وجدتها فى مشاعرهم واسلوبهم مع الآخر كم استمتعت بوجودى معهم لأننى مثلك احب البشر اجمع دون تفرقة.لك كل احترامى


2 - الأستاذ أشرف عبد القادر
تارا مشرفي ( 2010 / 12 / 1 - 10:03 )
أحييك على مقالك , نقطة واحدة أرجو أن تسمح لي بها : أرى أنه لا يحق لأي انسان حتى لو كان رأس الكنيسة القبطية البابا أن يمنع المسيحيين من الحج إلى القدس هذا خلط الدين بالسياسة برأيي ومبالغة مرفوضة أعتقد أنه موقف اضطراري لمسايرة الطرف الاسلامي كما ذكرت حضرتك في شأن امتناع المسيحي عن الأكل والشرب أمام المسلم في رمضان , كل هذا مرفوض ولا يعبر عن وعي برأيي الشخصي وشكراً


3 - أساندك استاذ أشرف
احمد شريف ( 2010 / 12 / 1 - 16:07 )
احيك استاذ اشرف علي ماقلت
أخوتنا الاقباط اكثر وطنية منا نحن الاشاوس الجبناء
وتمسكهم بالبقاء بالمخروبه ( التي خربها الاخوان المسلمون وقعدوا علي تلها ) لاكبر دليل علي حبهم لهذه الارض رغم معانتهم المتواصله علي ايدي الاوغاد الاخوان المسلمون
ولكم فرحت لعدم فوزهم بأية مقاعد في المرحله الانتخابيه الاولي وعقبال الهزيمه النهائيه
عن قريب


4 - الأستاذ أشرف عبد القادر الفاضل
نرمين رباط ( 2010 / 12 / 1 - 23:01 )
تحية لصوتك القوي أخي أنا كمسلمة لا ننصور كم أشعر بالخجل عندما أرى مسيحي لا ياكل ولا يشرب من أجل صيامي برمضان يعني لا يحز بنفسي موقف مثل هذا الموقف أصوم متعبدة لربي وهو ؟ لماذا أحرمه ؟صدقني أننا هاضمين حقوقهم أخجل من هذا كثيراً وشكرا لك

اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات