الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لو أنَّ عبد الرزاق عبد الواحد

كمال سبتي

2004 / 9 / 19
الادب والفن


عندما بدأ عبد الرزاق عبد الواحد مديحه العموديّ في العام الأخير للبكر، وزاده في عامِ صعودِ صدام إلى الرئاسة، والدهرِ الذي تلاهُ ، لم يشأ أن يمضي وحيداً في طريقه النفعيِّ ، بل ربّى صبياناً في بغداد على كتابة الشعر العموديّ ، ليرافقوه طوالَ ذلك الدهر في طريقه ولمّا يزالوا، وقد شاء مصيرنا أن يكونوا أسوأ الخلق خُلُقاً..
كانوا يفتخرون بمعرفة حرس حماية صدام، ويدخلون علينا في اتحاد الأدباء ببدلة حرس الحماية وبمسدس مهدىً من الرئيس أو من حرسه.
وكانوا لايقرون بأيّ احترام لأديب أسنَّ منهم ومنا "شخصاً وتجربةً أدبية"، كما هو حال أبناء المدرسة الأدبية العراقية، بل كانوا يهددونه أحياناً بالرئيس وحرس حمايته..
وكانوا يفهمون الشعر، وبخاصة ماكان عمودياً منه، مديحاً لكسب المال.
قالوا لي ذات مرة: لو كنتَ كتبتَ قصيدة عمودية واحدة ، لكنتَ غادرتَ فندق الصياد إلى الأبد.{ وقد كنت أؤجر فيه سريراً بغرفة ذات سريرين.}
وفي مرة أخرى قالوا لي مازحينَ بمكر ، وكنتُ جالساً مع صديقي حسب الشيخ جعفر: سنبقى نحوم حولك حتى تكتب شعراً عمودياً..
ضحكتُ وأسمعتهم بيتين لأبي نؤاس ،عدَّهما أبو العتاهية أعظم ما قالته العرب في الهجاء :
وما أبقيتُ من عَيــْلانَ إِلاّ كما أبقتْ من البظْرِ المـواسي
وما حامتْ عن الأحسابِ إلاّ لترفـعَ ذكـرَها بأبي نـُواسِ
فلم يفهموا البيتين تماماً. ذهبوا إلى عبد الرزاق عبد الواحد وأخبروه بقافية البيتين وما علقَ منهما في أذهانهم ، فضحك هو الآخر، كما أخبرني حينها ، وأمرهم ألاّ يتحرّشوا بي ثانية..
كان عبد الرزاق يقول بأنه لا يعرف كيف يفسّر اِختياري طريقَ الحداثة ، فلا أكتب الشعر العموديّ في وقت غلاء سوقه، وقد كنت أعيش فقيراً !!
وأحسب أنه كان يعرف!
حصل عبد الرزاق عبد الواحد من صدام على ما لم يحصل عليه شاعرٌ مادحٌ ، من مالٍ وجاهٍ وبيتٍ على نهر دجلة، وكنّ له صدام حباً ليس أدلّ عليه من الصور التي بثتها شبكات التلفزيون لصدام وهو ينهي خطابه بعد فوزه في آخر زحف كبير "انتخابات" قبل الحرب، فينزل من المنصة إلى القاعة ، ليبادرَ إلى السلام على شاعره في الخطّ الأول من الجالسين. وحصلَ صِبيانُ عبد الرزاق في الشعر العموديّ ،من صدام،على ما لم يحصل عليه أقرانهم في الشعر وفي العمر عبر القرون من مال وبيوتٍ وسياراتٍ ، وحصلتُ أنا من صدام على حكمٍ بالإعدام ومنفىً وحنينٍ فيه إلى سرير فندق الصياد في ساحة الميدان!
* * *
لو أنَّ عبد الرزاق لا يقول الآن في مقابلاته الصحافية: بأنه كان يعارض صدام أحياناً فيقول فيه شعراً لا يرضيه ، فيزعل صدام!
لو أنه يقول : بأنه أحبَّّ صدام حقاً ، وأنه يبكي لحاله الآن.
لو أنه كتب الآن في صدام السجين ، ربعَ ماكتبه عنه عام 1981 في قصيدةٍ ، بعد معركة الخفاجية ، تلك التي وقعت قبل معركة المحمرة :
يمضي الزمانُ وتبقى أنتَ والصوَرُ يمضي الزمانُ ويبقى اللهُ والذكَرُ
لكتبتُ بياناً عنه ، ولآقترحتُ على الصديق سعدي يوسف، الذي يتذكره عبد الرزاق في المقابلة الصحافية الأخيرة،أكثر من مرة،أن يشاركني توقيعه.
سنقول في البيان:{ لقد أثبت الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد بأنه كان صادقاً في حبِّ بطله الذي هو عدونا نحن الإثنين ، فلم يقم بخلعه على رؤوس الأشهاد بعد أن خسرَ دولته ، واقتيدَ إلى السجن.
ولأننا شاعران ، ولسنا سياسيَّين ، فإننا نعدّ بكاءَ الشاعر بطلَهُ السجينَ ذروةَ التراجيديا في الشعر والحياة . إنَّ ما فعله الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد هو مثار إعجابنا..إلخ}
لو أنه كتب في صدام ، يؤاسيه حقّا..

هولندا 12-6-2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل


.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض