الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصرية ضد الذات

خالد صبيح

2010 / 12 / 2
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


هي قبول وتبنّي نظرة الآخر للذات التي تنتقص من جوهرها الإنساني وتضعها في إطار محدد وبنية مغلقة وتصدر عليها حكما قاطعا ونهائي لانقض فيه ولا رجعة عنه. وهي القبول كذلك بتراتبية فوقية تمليها وتشحنها نظرات فيها استعلاء عنصري أو ثقافوي. وهي أيضا تبنّي استلابي لهذه النظرة وإسقاطها على معايير النظر إلى/ وفي تقييم الذات والآخر في نفس الوقت.

وهي تنتج بالمحصلة موقفا من الذات والآخر يتجسد في مواقف وممارسات عديدة؛ في السلوك الشخصي، وفي طريقة اللبس، وفي النظرة والممارسة الاجتماعية، وفي النظر والموقف السياسي، وكذلك في تقييم الآخر المختلف.

وهذا الموقف الإستلابي من الذات والممارسة التي تتبعه له ميادين ممارسة وانكشاف بحسب البيئة والظرف. ففي مجتمعاتنا( الشرقية!) يُمارس استعلاءا على الذات الجماعية بالنقد ألعدمي الكلي وبرفض كل ما يمت للذات بصلة، وبنفي اي عنصر ايجابي ينتج عنها أو يجسدها. وفي نفس الوقت يمارس استعلاءا على الآخر الشريك في الوطن والبيئة الثقافية المختلف دينيا أو قوميا أو مذهبيا أو طبقيا، الذي تصنفه هذه النظرة جوهريا، بحكم تكوينها، في سلم اجتماعي أو حضاري أو عقائدي أدنى درجة وبالتالي اقل مكانة.

بيد أن أكثر ميادين انكشاف هذا الموقف من الذات والآخر وتحوله إلى مأزق وجودي وسلوكي هو في المهاجر والمنافي الأوربية. لان الذات المنتهكة لنفسها بهذه النظرة الاستلابية تكون في تلك المنافي والمهاجر في محك عملي تطبيقي لأفكار التراتب والتدني الحضاري الذي تشعر به وتتبناه وتتماهى معه. وذلك يعود إلى أن أوربا، في جانبها غير الإنساني، كانت تاريخيا مهد الأفكار التأسيسية، أو قل أنها أكثر من وضع أسس نظرية وعقلية لفكرة التراتب والتمايز العرقي العنصري والثقافوي، وذلك بمركزتها العالم والحضارة والتاريخ حول ذاتها الأوربية أولا، ثم الغربية لاحقا، بعد خلق تمايز خاص لها. ولأنها ـ اي أورباـ كمجتمعات وثقافة ومؤسسات، أكثر من أطر وأطلق التباينات الطبيعية والاجتماعية والحضارية القائمة بين البشر والمجتمعات في مؤسسات ومنظومات أكاديمية واقتصادية وسياسية بُنيت على قواعد عقلية وخطابية استندت إلى عقل المركزية الأوربية الذي رفع خاصهُ الحضاري والعرقي والثقافي(والديني ضمنا) إلى مصاف المطلق العام الصالح لكل البشرية وفي كل الأزمنة. فيكون وفق هذه النظرة (كل ماهو ليس مطابقا لما نحن عليه لايساوي شيئا).

لقد ارتبطت فكرة العنصرية المقنونة والمؤطرة بأطر نظرية ومؤسساتية تاريخيا بنشأة الاستعمار مع صعود الرأسمالية على مسرح التاريخ بعد الثورة الصناعية في أوربا، وكنتيجة وامتداد للكشوفات الجغرافية والتوسع في طلب المواد الخام والبحث عن الأسواق الجديدة أو (المجالات الحيوية) كما تسمى في لغة الرأسمال، وبعد سلسلة طويلة من الحروب الأوربية - الأوربية الطاحنة. وقد تشكلت ووظفت لخدمة هذه الأهداف مؤسسات سياسية وأكاديمية وفروع علمية كالانثربولوجيا والاستشراق، التي أخذت تبحث في أصول الشعوب وثقافاتها على ضفاف الأرض الأخرى، وتجّد في إيجاد التبريرات (العلموية) في اصل الفروق بين الحضارات وبالتالي بين البشر وقدراتهم الجسمانية والعقلية واستعداداتهم الفطرية لتغطي، بقصد وبغير قصد، على أهداف التوسع الجغرافي والسياسي الذي يستهدف استغلال ثروات الشعوب الأخرى وتوظيف مجتمعاتها وربطها بالمؤسسة الاستعمارية، اي إلحاقها بنيويا بالمنظومة الرأسمالية عبر آليات تبعية محكمة.

ونتج عن هذه العملية الطويلة والممتدة في المكان والزمان خطابات فلسفية وأدبية وفنية، وكذا بحوث علمية وانثربولوجية رعتها ودعمتها مؤسسات الاستشراق. وقد تغلغلت هذه النظرة التي تعامل الآخر على انه اقل شانا وقيمة، وانه قاصر بالفطرة والتكوين الذاتي، الذي يتحول وفق ذلك إلى جوهر كلياني غير قابل للتعديل، مما يبرر منطقيا الاستيلاء على مقدراته بحكم قصوره المزمن بادعاء الأخذ بيده لنقله النقلة الحضارية المطلوبة. ــ أقول لقد تغلغلت هذه النظرة التقييمية إلى كل أنسجة العقل الأوربي وانبثت في خطاباته الفكرية والجمالية، وصارت بحكم ذلك واحدة من المستبقات التقليدية في الذهن الجمعي للفرد الأوربي، وأخذت تنعكس في سلوكه بالية لاواعية إذا لم يستطع أن يحصن نفسه بنظرة نقدية ورؤية عقلية تناقض البنية الجوهرية للخطاب ألتمايزي والتفوقي الأوربي.

لهذا، فان المنفي من بلدان الشرق، الآخر المختلف للأوربي، يواجه صدمته الأولى في تجربة المغتربات بهذه النظرة التي تعامله بتجريدية تنميطية تسحب منه اي خصوصية فردية. وهنا يأتي الامتحان العسير لذات المنفي. فهذه الأفكار التي تنتقص من جدارته الإنسانية وتقلل من شانه الحضاري تتسرب إليه عبر الأفكار المبثوثة نسغيا في كل ثنايا الخطابات والأفكار والممارسات الاجتماعية التي يواجهها في حياته اليومية فتماهيه قدريا مع صورته التي رسمتها له إن لم يحصن نفسه بنظرة نقدية. وهنا تكمن جدارة الاختبار الحقيقي للفرد الذي يعيش وسط هذه المجتمعات في كيفية التعامل مع هذا الواقع ومواجهته بطريقة مثمرة لا انطوائية ولا استلابية. ويتحقق هذا الاختبار للشخصية المستلبة بوضوح اكثر في تجارب العلاقات الاجتماعية والعاطفية وعلاقات الصداقة والعمل وغيرها من أنماط العلاقات وأشكال الاحتكاك بالمجتمع الأوربي. حيث تصير هذه العلاقات هي ميدان ممارسة الذات المستلبة لاغترابها عن نفسها وممارستها (لعنصريتها) ضد نفسها بتبنيها الصورة النمطية التمايزية عنها سواء كان ذلك بشكل فردي، من خلال نظرة وسلوك الشريك بالعلاقة، أو من خلال الإيحاءات التي يبثها المخيال الاجتماعي الذي يحمله الطرفان بطريقة لاواعية في داخلهما.

ولكن ينبغي الإقرار هنا إن مسالة مواجهة الذات لضغوط تبنيها النظرة الدونية لنفسها ليست بالأمر الهين، وتتطلب وعيا وبالتالي مرانا مستمرا ليتمكن الفرد من تحصين نفسه إزاءها، لان درجة الضغط الذي تمارسه آليات بث هذه النظرة، كبيرة، كما أن مجموع الممارسات والمواقف التي تحيط بها عديدة لحدود تشوش النظر في أحيان كثيرة.
ورغم إن لظاهرة الاستلاب مظاهر عديدة تجسدها حتى وان بدت قليلة الشأن والتأثير من مثل تغيير الأسماء الشخصية بأخرى أوربية وتسمية المواليد الجدد بهذه الأسماء تملقا واستلابا أمام الآخر الأوربي، أو في التنصل من الانتماء القومي أو الديني ولذات الدوافع( هناك، على سبيل المثال، من يقول بانه بابلي وليس عراقي) أقول رغم هذا إلا انه يمكننا هنا الإشارة إلى واحد من ابرز مظاهر هذا الموقف والسلوك الذي ينتج عنه في النظرة الدونية للذات وهو الإفراط في مديح الغرب، كل الغرب وفي كل الظروف، وجعله معيارا مطلقا لتقييم كل شيء، دون تمحيص ولا نقد، والسعي للتماهي العقلي والنفسي معه. فكل شيء في الغرب هو صحيح وجميل وقابل للنقل. لكن يمكن الاستدراك بالقول هنا إن بعض من هذا الامتداح المفرط للغرب هو في احد جوانبه نقد للذات أكثر منه إعجابا بالآخر (الغرب)، وكلما اشتدت حدة نقد الذات، المعبرة عن خيبة أمل كبيرة في كل شيء، في الماضي والحاضر وقلق من المستقبل، التي تصنع أرضية للتشاؤم ،ــ أقول كلما ارتفعت حدة هذا النقد كلما ارتفعت معها بالمقابل صورة الآخر الممدوح للحد الذي تصنع منه مثلا أعلى يتجاوز كثيرا النظرة الواقعية إليه ليسقط في دائرة النظرة العدمية والانبهار المطلق.

ولدى المستلب المفرط بمديح الغرب تنقلب كل المقاييس، الثقافية والأخلاقية وكذلك العادات الاجتماعية ومقاييس الجمال وكل المظاهر الأخرى، لتتطابق مع النظرة الغربية، فيكون الجمال الجسدي ـ مثلاـ وهو من أكثر الأشياء نسبية وتفاوتا في التقدير، وربما يلحقه الذكاء ودرجة التحضر، متجسدا عنده، كما هو في العنصرية الغربية، بالبشرة البيضاء وزرقة العينين. فـ (نقص الحضارة ينتج سواد البشرة) كما يدعي (بوفون)، أو أن ( الجنس الأبيض مستأثر أصلا، بالجمال وبالذكاء وبالقوة) كما كان يجزم (جوبينو*) بثقة. هكذا هي نظرة الخطاب العنصري الغربي والتي تجد أصدائها استلابيا لدى المتغربنين (من غرب) ممن يواجهون مفردات هذا الخطاب في حياتهم اليومية أو انه يتسرب إليهم عبر الخطاب الثقافي أو المفاهيم الاجتماعية والفنية وغيرها، ويأخذون بها كمعايير تقييمية شاملة.

ومن المظاهر السلوكية الأخرى المعبرة عن هذا الموقف هو التكيف ألقسري لكل ماهو أوربي والذي يفضي بدوره إلى التخلي الطوعي عن كل خصوصية فردية أو جماعية. ويكون السلوك الأوربي عندها هو القدوة والمثال، ليس لأنه سلوكا سليما وصادقا بني الموقف منه على أسس عقلية، وإنما لمجرد انتمائه ومصدريته. اي بالتحديد لأنه أوربي. وقد نجد احد أهم تجسدات هذا الموقف، كمثل آخر للاستلاب،في طريقة اللباس. فالمستلب يقلد الأوربي في تقليعاته وطريقة لباسه لأنه يعتبرها مثالا مطلقا للذوق الرفيع وللأناقة. صحيح أن الأزياء وطريقة ارتدائها هي من المكونات الحضارية الشمولية، وان اللباس الأوربي هو نمط شامل وعملي يحضى بالقبول العام، بغض النظر عن كونه سلعة للربح وطريقة لتصدير الثقافة ونمط الحياة، إلا أن ذلك لايبرر الطريقة الاستلابية التي تتعامل معه دون أن تخضعه لخصوصيتها الاجتماعية والفردية. فالفرد، كل فرد، يختلف بتكوينه الجسماني والاجتماعي عن الآخرين مما يفرض عليه نوع من إعادة الصياغة والتشكيل للباس الشمولي لكي يجعله مناسبا ويحمل بصمته الشخصية والثقافية الخاصة. فالناس يختلفون عن بعضهم في القوام ولون البشرة وأشياء أخرى تفرض نوع من التطويع والتكييف للباسهم. ولا ينبغي أن تؤخذ الأشياء والعادات وكذلك اللباس كما هي بغير ما تحوير وتعديل مناسبين.

على الضفة الأخرى من هذا الموقف ألاستلابي يقف المتعصبون للخصوصية الثقافية والاجتماعية للحد الذي يرفضون فيه، بتطرف، اي شكل من أشكال القبول والتعاطي مع معطيات الثقافة الأوربية، ليس لأنها غير مقبولة، وفق معيار نقدي، وإنما أيضا، وللمفارقة، بسبب مصدريتها، اي لكونها أوربية على وجه التحديد. وهكذا نجد لدى هؤلاء انعدام للقدرة على التكيف الضروري والمناسب لما تقدمه الحضارة الغربية ببعدها الشمولي الكوني من مقدمات مهمة للتقدم العقلي والاجتماعي. وينغلق هؤلاء حتى وهم داخل البيئة الأوربية، بل إنهم داخل هذه البيئة يمارسون انغلاقا أكثر تشددا، أقول يمارس هؤلاء انغلاقا اجتماعيا وامتناعا عصابيا لكل ماله علاقة بالعادات الاجتماعية والثقافية الأوربية ذات الطابع الشمولي من آداب مائدة وطرق تنظيم العلاقات الاجتماعية وطرائق الملبس (يندرج بعض من الحجاب تحت تأثير هذا الموقف) وغيرها من الأشياء الخارجية التي يعكس الموقف منها والتعامل معها الجوانب الحقيقية لموقف الشخص المتشدد أو المستلب أو المتفاعل بايجابية، وهذا الاخير، المتفاعل بايجابية ووعي مع مفردات الحضارة الأوربية، هو، برأيي، النموذج الجيد لإنتاج الموقف المناسب والعقلاني الذي يتعامل مع معطيات الحضارة الغربية بمفرداتها المتعددة بايجابية، بمعنى انه يقبل جوهرها العقلاني والمتحضر ويعيد تشكيله بحسب قدراته وخلفيته وتشكله النفسي والأخلاقي والثقافي. وكذلك هو يأخذ العناصر الجوهرية من البيئة الأوربية المتحضرة ويعيد تشكيلها نقديا بما يتناسب وضروراته الحياتية دون أن يغفل أو يتجاوز على القيم الايجابية التي تتحلى بها ثقافته الأصلية وعاداته الاجتماعية. ولكن ينبغي عليه، برأيي، في الوقت الذي ينقد فيه الجوانب السلبية في المجتمع الأوربي الذي يعيش فيه ـ عليه أن ينقد بنفس الشدة والوضوح العناصر السلبية والمتأخرة في ثقافته، وعليه أن يفعل ذلك بغير ما خجل أو اي إحساس بالنقص الذي يتبعه غالبا شعور داخلي بالعار الشخصي، وهذا الشعور بالعار الشخصي من خلفية الفرد الاجتماعية والحضارية، هو في الحقيقة إفراز يكاد يكون حتمي ناتج عن الشعور بالإحباط الذي تشيعه الأجواء السلبية للنظرة الغربية والمتغربنة للذات وللآخر معا. وحين يقوم المنفي والمهاجر بممارسة نقد الذات فإنما يقوم بها من اجل أن يتمكن من التخلص من مايثقل خطواته من عناصر كابحة في التقاط الأساسي في مسيرة تحوله الاجتماعي والثقافي الذي تفرضه عليه معايشته واحتكاكه بثقافة جديدة مختلفة نوعيا عن حضارته وثقافته وتقاليده الاجتماعية. وبهذا النقد والرؤية السليمة للذات وللأخر، فهو يحقق ذاته ويصير فردا فاعلا في بيئته الجديدة ومنسجما معها لا يخضع لها باستلاب وشعور بالدونية، ولا يهرب منها بالتطرف والانغلاق.

***
بوفون و جوبينو اللذان أوردت اسميهما في المقال هما مفكران فرنسيان من عصر الأنوار وقد وردت عباراتاهما في كتاب ( تزفيتيان تودرورف) (نحن والآخرون) الذي ناقش فيه، بل انه حاكم، عقل الأنوار الفرنسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
كريم كطافة ( 2010 / 12 / 2 - 22:29 )
العزيز خالد.. ما زلت كلما اقرأ لك يراودني ذات السؤال، يا ترى متى يتخلص هذا الرجل من كسله ويواضب على الكتابة.. يا أخي لديك قدرة مذهلة على التنظير واختصار الأفكار التي تبدو عويصة وتقديمها بصيغ مفهومة .. هذا الموضوع أخذ من الراحل إدوارد سعيد مجلدات ليفضح بها بنية الوعي الاستشراقي واسقاطاته على المواطن الأوروبي (الغربي) العادي.. وهذا أنت تتناول الضفة الأخرى من الموضوع.. اعني (الشرقي) ضحية الوعي الاستشراقي وكيف يتعامل مع نفسه ومع الآخر إن كان شبيه له أو (غربي) مختلف كلياً.. هذا موضوع مغري لتواصله وأظنك قادر ولديك رؤية غير مشوشة تستطيع تناوله من زوايا كثيرة.. ما أريد قوله لا يمكن اختزاله بهذا الحيز الصغير المتاح للتعليق.. سنتواصل حتماً.. لك تقديري واعتزازي


2 - المسألة الجزئية للملبس
حميد خنجي ( 2010 / 12 / 3 - 00:19 )
اكادُ اتفق معك يا اخي فيما ذهبتَ اليه من تحليل وتشخيص عميقين، عدا مسالة الملبس، إذا ما فهمتك في هذه الجزئية بالشكل الصحيح!.. فاللباس المعاصر العام هو وليد العصر ولباس العصر، ولو انه ايضا وليد الرأسمالية!..لأن التشبث بالملبس القومي في غير اوانه ( المناسبات) ومكانه يعتبر نوعا من التعصب الرجعي والتمايز المغالي به.. وهذا لايعني بالطبع التبرير للبساطة المفرطة الزائدة والدروشة والزهد المتقشف في اللباس إلى درجة القيام بخرقه وافتعال الثقوب به كما يفعل الشباب الغربي، كنوع من التمرد السلبي


3 - المسألة الجزئية للملبس
حميد خنجي ( 2010 / 12 / 3 - 00:19 )
اكادُ اتفق معك يا اخي فيما ذهبتَ اليه من تحليل وتشخيص عميقين، عدا مسالة الملبس، إذا ما فهمتك في هذه الجزئية بالشكل الصحيح!.. فاللباس المعاصر العام هو وليد العصر ولباس العصر، ولو انه ايضا وليد الرأسمالية!..لأن التشبث بالملبس القومي في غير اوانه ( المناسبات) ومكانه يعتبر نوعا من التعصب الرجعي والتمايز المغالي به.. وهذا لايعني بالطبع التبرير للبساطة المفرطة الزائدة والدروشة والزهد المتقشف في اللباس إلى درجة القيام بخرقه وافتعال الثقوب به كما يفعل الشباب الغربي، كنوع من التمرد السلبي


4 - تحية للكاتب
مكارم ابراهيم ( 2010 / 12 / 3 - 09:48 )
تحية طيبة استاذ خالد وشكرا على طرح الموضوع الهام جدا بالنسبة لنا كمغتربين في الواقع ذكرت ثلاث نماذج للشخص المغترب المسلب والمتشدد والمتفاعل وبرابلاايي المتفاعل ياتي تغيره المتناسق تدريجي وببطا خلال سنين عديدة وليس بسرعة وذلك من خلال قدرته على النقد الذاتي فهو برايي ينتقد ثقافته الشرقية بنفس الدرجة التي ينتقد الثقافة الغربية ولهذا كان تفاعله ايجابيا ووصل الى ماوصل حافظ على المعايير الايجابية من ثقافته واكتيب المعايير الايجابية من المجتمع الغربي الجديد ولهذا نجح في مواجهة حديات الفجوة الحضارية اما سلوك المغترب تناولته انا في مقالة يعتمد على اي جيل نتحدث الاول ام الثاني ونوعية الجيل ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا في مواجهته للعنصري مستشهدة بالبروفيسورالنيجيري الامريكي العالم جون اغبو بروفيسور في علم الانسانيات
احترامي وتقديري
مكارم


5 - العزيزة مكارم
خالد صبيح ( 2010 / 12 / 3 - 14:52 )


شكرا لاشارتك ولعلك تتفقين معي، واكيد انك قد لاحظت ذلك في تجربتك الاجتماعية،من ان حياة المنفيين او المهاجرين وتجاربهم هي حياة وتجارب مليئة بالكثير مما يثير الانتباه ويتطلب المعالجة او التوقف عنده على اقل تقدير. فلم يعد المنفيون والمهاجرون حالة عابرة لا في مجتمعاتهم ولا في المجتمعات التي هاجروا اليها. بل ان ظاهرة التعدد الثقافي في المجتمعات، التي يشكل المهاجرون جزءا حيويا منها، باتت ظاهرة عالمية. واود ان اشير هنا الى ان الاستلاب او الشخصية المستلبة التي تخضع لمنطق عنصري ينتهك انسانيتها وتتبناه وتحترمه هي كظاهرة اجتماعية وثقافية لاتقتصر على من يعيش في الغرب، بل هي موجودة باشكال مختلفة وفي بيئات متعددة ولكن تجربة الغرب هي الابرز والاقرب للنموذجية.

تحياتي لك واتمنى لك نجاحات متواصلة في نقاشاتك الحامية مع.... نقطة راس سطر.


6 - العزيز ابو امل
خالد صبيح ( 2010 / 12 / 3 - 14:54 )


فعلا ان الموضوع فيه مدى واسع للتامل والمعالجة وهو موضوع مشوق، ولعلك تتفق معي ان الكثير من مظاهر حياة المنفيين مغطاة باطر من الصيغ العامة التي لاتستطيع ان تغطي مدياتها واغوارها، واظن ان الاعمال الادبية، وبالذات الروائية، وانت خير من يفهم هذا، هي من بين افضل ادواة تناول هذا الواقع المشوق.

بالتاكيد حين نتحدث بصورة مباشرة فان حميمية النقاش ستاخذنا كالعادة لمديات اخرى. امل ان نتواصل.


7 - الاخ العزيز حميد
خالد صبيح ( 2010 / 12 / 3 - 14:56 )


حسنا فعلت باثارتك لهذه النقطة، وفي الحقيقة كنت اتصور منذ البداية انها ستكون موضع انتباه ونقاش. لاوضح فكرتي اكثر؛ ان ماعنيته واردت ايصاله هو ان مشكلة الاستلاب لاتخص نوع اللباس( الزي) وانما طريقة التعاطي معه، اي طريقة استخدامه والدوافع الخفية، النفسية والاجتماعية، التي تقبع وراءه. واتفق، بل اؤكد، على ان اللباس الغربي، او قل اللباس الحديث، هو الانسب والاكثر حيادية وانه افضل من اي لباس قومي يفقّع الهوية المحلية الضيقة. (كم اتمنى ان اهل الخليج العربي يتخلصون من قيود الزي التقليدي). وبالمناسبة فان مسالة اللباس وطرائق التعامل معه هي من الموضوعات التي تختزن الكثير من الاشارت الدلالية وتزخر بالكثير من المعاني النفسية والاجتماعية. وهناك من يذهب ابعد ويعتبرها، كما اي شيء اخر، منبعا واداة سلطة..
(والله اعلم.)

تحياتي لك


8 - معيارُ ذو معنى
حميد خنجي ( 2010 / 12 / 3 - 17:03 )
في الواقع يا اخي ورفيقي العزيز.. لقد اثرتَ ما حاولتُ تحاشيه: أي ما يسمى باللباس أو الزي العربي الخليجي الذي تستخدمه الثقافة السلفية السائدة بخبث -ما بعده خبث-منطلقا من الفكر الرجعي التقليدي العربي بُغية المحافظة على الخصوصية العربية -ظاهرا- والتشبث بالمؤسسة التقليدية لنمط الحكم العشائري القبلي غير الديمقراطي والمؤسساتي-باطنا !! وهو بتقديري الشخصي ، واحترامي اللانهائي للإنسان الخليجي البسيط في ملبسه العادي والمناسب لقيظ الاجواء الخليجية الحارة، يشكل نوعا من الموروث الرجعي المفروض-بغير مباشر- على المواطنين..خاصة عندما يتفنن أصحاب الجاه ومريديهم من الاتباع والتبع وحتى الفئة المتعلمة في الفخر والاعتزاز( النفخة) بالزي الذي يميزهم عن باقي البشر! في تقديري ان هذه الظاهرة الشكلانية( في حاجة الى دراسات سوسيوجية) تمثل قمة التشبث بالماضي التعيس لدنيا العرب


9 - تحية للكاتب من جديد
مكارم ابراهيم ( 2010 / 12 / 3 - 17:19 )
عزيزي خالد
تحية من جديد اكيد اتفق معك بان تناول موضوع المغتربيين مهم جدا وهو ليس ظاهرة عادية بل تتطلب البحوث العلمية من علم الاجتماع كما فعل العديد نت الباحثين الغربيين وحتى في الدنمارك يحاول الباحثيين تسليط الضوء على التسامح واحترام الثقافات المتنوعة بسبب المشاكل العديدة التي يواجهها المجتمع من تهميش للافراد الذي ادى الى نشوء جيل من الشباب الغاضب من تهميش المجتمع له وتسقيطه اعلاميا واتصور من الاهمية ان يتعاون الجميع لمواجهة الخطر هذا وذلك من خلال الاعتراف باهمية هذا الجيل واعطاءه الفرصة الحقيقية في الدراسة وفي التطبيق العملي واحترامه من جهة الاعلام كمواطنين حقيقيين في المجتمع وحالهم حال المواطنيين الاصليين .
ولكن اتصور ان الموجات السياسية الحالية في الغرب من خلال الاعلام والحكومات النيوليبرالية البرجوازية تساعد على ازدياد الضغط على الاجانب خاصة على الشباب الذي يفكر بالهجرة للخارج والذي لم يعد يعرف اية هوية يمتلك!
اما عن نقاشاتي صدقني عزيزي احيانا أيياس لان النقاش لايكون على مستوى حضاري يليق بمثقفين.
احترامي وتقديري الفائق
مكارم

اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل