الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضحكات لم تكتمل/قصة قصيرة

محمد عبد الله دالي

2010 / 12 / 3
الادب والفن



قد امتلكت جمالاً رائعاً ، احتار العشاق بوصفها ، حتى استحوذت على قلوب الكثيرين من زملائه ، والكل يريد أن يكسب مودتها .. وهي في الحقيقة تملك قلباً بسيطاً وشفا فاً ، الضحكة لا تفارقها ، خفيفة الظل ، تدخل إلى القلب بدون استئذان ، صاحبنا ،كان يرفض أي تعليق ، ولا يسمح لغيره ، بوصفها أو حتى التمتع بالنظر إليها ، لا أدري هو الحب أو الغيرة ، لكنه يقف بعيدا ، يسترق النظر ، ثم يتنهد ، ولا شيء سوى ذلك ، ليس لديه الجرأة للتقرب منها ، شاءت الظروف ، أن يلتقيا ، في أحدى حفلات التعارف التي أقامتها عمادة الكلية ، هي استقرت في قلبه ، ولا يدري هل شغل أحدٌ قلبها ، كان قلقاً من ردة فعلها ، التقت عيناهما مباشرةً استمرت لبرهة من الزمن ، شعر هو برجفة هزة كيانه ، فقدَ القدرة على النطقِ ، ولم يتمكن على ردِ تحيتها ، أما هي التفتت على استحياء ،مع نظرت غنج ودلال ..
استمرت اللقاءات واستمرت السنون تطوي أيامها ، ولم يسلما من حسد الحساد ، ،.. ما عاد حبهما سرا حتى بدأ يُعِدُ نفسهُ لحياة جديدة .. حاصرهما شظف العيش ،أثناء الحصار المفروض على البلد من كل مكان ، عاش مع أهلهِ، وبعد التغيير، جاء يوم من الأيام يزفٌ لها خبر تعينهما .. هي في احد الوزارات ، وهو على ملاك إحدى الدوائر القريبة .
كانت فرحتهما بالوظيفة كفرحتهما بالوليد القادم ... حبهما ينمو وطفلهما ينمو كانت الأيام تتسابق بإضافة خطوة على خطوات الطفل ، ليصبحا طفلين، الغرفة ضاقت بأثاثها، وساكنيها.. تناغمت الحياة معهما.. ضحكات وأنغام تتراقص على كفين صغيرين ، وفرحة الأبوين الفرحين بهما.. أخذ الحصار منهما أجمل أيام المتعة ، هو يرافقها صباحاً إلى عملها ، الطفلة برفقة الأم تسلمها لدار الحضانة في الوزارة ، وهو يصطحب الطفل إلى روضة قريبة لعمله ... هكذا كانت خطة حياتهما اليومية بعد تغيير النظام ، حياة تمتاز بالهدوء ، والأمل لبناء مستقبل جديد .
وفي غفلة من الزمن ، حدث انفجار مروع ، هزً المدينة ،اندفع عليه زجاج النافذة كالرصاص التصق بوجهه ويديه ، لقرب الانفجار من الدائرة ،هرع مرعوباً ، رغم جراحه نسي حالته ، تخلص من أيدي المسعفين بصعوبة .. صاح أنا ولا هم ، انتصب واقفاً في وسط الشارع رأى نفسه ، أمام كارثة حقيقية ، كان هذا المكان على الخارطة منذ دقائق ، وبأجمل حلة ،اندفع بدون وعي رغم تحذير رجال الأمن .. ناداه احد إفراد رجال الإسعاف
ـــ أخي أنت مصاب .. انتظر ؟
فلم يلتفت لندائه ، ودخل الوزارة ، كان الدخان يحجب المكان وصراخ النساء والرجال ،كأنهم في ساحة قتال ، أحدهما يحمل الآخر .. السليم يحمل طفل أو طفلين ، وجرحى وشهداء .. أطفال كالزهور لا زالت رائحتهم تعبق في المكان ، كل مشغول بنفسه وبغيره ، دخل مسرعاً ، رأى زوجته تزحف وهي تحمل آلامها وجراحها ، تبحث أيضا بين ركام الروضة عن طفلتها .. إحتظنها وهما يبكيان...شاركها البحث بين مقاعد الدراسة ..صراخ الأطفال تحت الأنقاض .
صاح على زوجته ، هذه .. لآلا.. هذه وأخيراً صرخت .. ما ما .. سحبتها من تحت مقعد الدراسة،بصعوبة وهي تشارك ابنتها بالبكاء ، تفحصتها ، يدُ مكسورة وجروح في الرأس والدماء تسيل منها ، لفتها رغم ألآمها وجراحها .. احتضن الاثنين، حمل الطفلة ، وتعلقت هي بكتفه وَهَمًا بالخروج ،وهما في اسؤ حال ، وهو يقول (حسبي الله)هل هذا جهاد ... ! أدركهما المسعفون، التفت لزوجته قائلا :ــ
ــــ الولد انتهى دوامه ، سأذهب وأعود به ، خوفا من مجاهد آخر .. كرر عليه رجل الإسعاف ..
ـــ يا أخي أنت مصاب انتظر .. إصابتك بليغة وتحتاج إلى علاج ..
ـــ سأعود .. سأعود، والدموع تأخذ طريقها على خديه وتحجب عنه الرؤيا .. وهو يهرول مسرعا بغير اتزان ، نظر إلى المكان .. إلى الخراب الذي خلفه الانفجار ، لم يقوى على الوقوف .. جثا على ركبتيه .. انتبه وهو على سرير سيارة الإسعاف ،ونظره مثبت في السماء، وقد فارقت الضحكة فمه...!! .

محمد عبد الله دالي الرفاعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل