الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يهودية الدولة بين بؤس الخيار الواحد وآفاق الخيارات المتعددة

محمود جلبوط

2010 / 12 / 4
القضية الفلسطينية


"إن إعلان الولايات الأميركية بشكل واضح تبنيها لموقف "إسرائيل" الذي يشترط التجميد المؤقت للاستيطان مقابل اعتراف السلطة الفلسطينية "بإسرائيل كدولة يهودية" يدلل على أن الرهان على الولايات المتحدة كراعي ووسيط نزيه لتسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي ما هو إلا سراب، عشعش في ذهن المفاوض الفلسطيني منذ أوسلو حتى اليوم. فالولايات المتحدة منذ إدارة بوش الابن، ولاحقاً إدارة أوباما، تتمسك بدولة "إسرائيل" كدولة للشعب اليهودي، بل ووصل الأمر بأوباما لأن يصفها أخيراً الوطن القومي للشعب اليهودي، وإن كان الاعتراف بيهودية الدولة من الناحية الإجرائية، شطب حق العودة للاجئين وإمكانية الترانسفير لما تبقى من مواطنين فلسطينيين على أرضهم التاريخية، فإنه يعني من الناحية الوطنية والسياسية إعادة صياغة التاريخ لتتبنى بالكامل الرواية الصهيونية للصراع العربي ـ الفلسطيني ـ الإسرائيلي ، وما يعنيه ذلك من أحقية اليهود بفلسطين التاريخية وهو ما يجعل المطالبة الإسرائيلية بضم أكبر قسم ممكن من مساحة الضفة الغربية، مشروعاً ضمن هذه الوجهة، وإن أي تسوية للصراع ولو لم تلبي أي من المطالب المشروعة الدنيا للشعب للشعب الفلسطيني، وكأنها نهاية لهذا الصراع. فقانون المواطنة في "إسرائيل" أو ما يعرف بالولاء للدولة اليهودية هو في حقيقته استكمالا للمشروع الاستعماري الذي تم البدء في تطبيقه فعليا في أوائل القرن الماضي وأخذ الموافقة الدولية بعد حرب 1948 بحيث أصبح واقع يُبنى عليه ما بعده من اتفاقيات وقرارات دولية .. ومن هنا بدأ شكل الصراع يأخذ منحنى آخر .. فمن طريق أن هؤلاء اليهود جاءوا ليستولوا على أرض ليست لهم تحت شعار " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض " .
قانون الولاء "لإسرائيل" والدولة اليهودية يعني مسح ذاكرة الأجيال من حقهم الطبيعي في أرض فلسطين التي لم تغب عنها شمس الحقيقة ومجازر عصابات الصهيونية في بدايات الاستعمار للأرض العربية الفلسطينية بمساعدة الاستعمار البريطاني ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية ..
إن كل الروايات الإسرائيلية حول الحق التاريخي لوجودهم هي روايات مهزوزة ومطعون في مصداقيتها ،لذلك يجد الإسرائيلي نفسه اليوم أمام حقيقة واحدة أن الوجود العربي الفلسطيني يزداد عددا وقوة برغم كل مراحل الهجرة اليهودية وغير اليهودية للأرض المغتصبة فلسطين .. فهذه المراحل من الهجرة أرادوا بها أن يلغوا قوة الوجود العربي مما يسمونه بالدولة الإسرائيلية أو الكيان العبري .. ومع كل هذا بقي العرب الفلسطينيون بقوة الحضور ولم يستطيع المحتل أن يحولهم إلى أقلية أو يخضعهم للولاء للدولة اليهودية أو يسلخهم عن امتدادهم العربي في فلسطين أو الوطن العربي وكافة الدول بالعالم .. فمن قانون منع لم الشمل إلى التهم بالإرهاب إلى الولاء للدولة اليهودية يمر الشعب العربي الفلسطيني بمراحل خطيرة جدا وحساسة .
هذا الحلم الذي لم يحدد واقعيا حدود "إسرائيل" .. بل أنهم يقولون أن حدودهم عند حافة جنزير الدبابة الصهيونية في أي بقعة تصل لها .. فالحدود هي جزء من الحلم الصهيوني .. فكل ما يحدث اليوم هو خطوات للمستقبل .. وربما ما يحدث يبدو كمناورة إسرائيلية مقصود بها إحداث فرقعات سياسية .. ولكن عندما يقول نتنياهو أن إنهاء الصراع يبدأ بالاعتراف بيهودية دولة "إسرائيل" .. فهذا يعني أن كل ما يحدث يمهد في حقيقة الأمر إلى المعركة القادمة وهي معركة دينية بحتة لا مجال فيها للسياسة لتكون طرفا أو وسيطا .. إذن على فرض أن قانون المواطنة والولاء لدولة "إسرائيل" هو مناورة ، لكنها في واقع الأمر يقصد بها استحداث وسيلة لتبرير طرد "إسرائيل" للعرب في إطار الإستراتيجية الكبرى وهى تهويد "إسرائيل"، ثم فلسطين في مرحلة تالية، وبداية الحديث عن حق الفلسطينيين في دولة ولكن خارج فلسطين، في الوطن البديل وهو الأردن الذي يصبح المملكة الفلسطينية الهاشمية...
علينا ألا نهرول إلى الأمم المتحدة مذعورين متباكين ، بل علينا التسلح بقوة الحق ووسائله قبل عرض مشاكلنا .. فـ المجتمع الدولي تعامل مع "إسرائيل" متفهما طموحاتها منذ إعلان التقسيم حتى إعلان الدولة ، ومع العرب بنفاق وخداع ظاهرين، و ما يحدث اليوم ليس مفاجأة ،، وليس من المفاجآت أيضا إن أعلنت "إسرائيل" صراحة أكثر من ذلك .. فهذا الإعلان تم منذ اليوم الأول لصدور قرار التقسيم.
إن الديمقراطية التي تنعت "إسرائيل" بها نفسها هي ديمقراطية المحتل .. فالديمقراطية في مفهومها الحقيقي هي العدل والمساواة .. ولكنها ديمقراطية صهيونية تقود إلى إلغاء الآخر وإبادة وجوده وطرده وتفضيل اليهودي القادم من بلاد بعيدة على العربي المتجذر في الأرض والثابت فوق أرضه التاريخية ..
إن "إسرائيل" اليوم لا تثبت أنها مستعدة للدخول في مرحلة السلام الشامل أو الجزئي ... بل أنها تريد الانقلاب على مفاهيم السلام والبقاء متقوقعة معزولة كما بدأت .. وفي هذا إشارة منها أنها تؤمن بالحلول العسكرية أو الحلول السياسية هي نقاط مؤقتة في طريق الوصول إلى الحلم الصهيوني الكبير ..
الفلسطينيون أمام محنة تاريخية مرة أخرى. ولا ينقذهم منها "مرونة" زائدة، أو لغة ضبابية، أو تفريط بحقوقهم. "إسرائيل" ترى في الانقسام الفلسطيني، كما في "موت" منظمة التحرير كحركة قومية فلسطينية، وأيضاً من خلال تبني خيار المفاوضات كأسلوب وحيد لحل الصراع،واعتماد القيادة الفلسطينية كلياً على الإدارة الأميركية ومعسكر الاعتدال العربي، فرصة للحصول على تنازلات تاريخية ما كان بإمكان القيادة اليمينية في "إسرائيل" أن تحلم بها لو أن منظمة التحرير بقيت متماسكة وموحدة وعلى أرضية المشروع الوطني الفلسطيني، الذي يعني توائم المصالح بين جغرافيا الانتشار الفلسطيني، بحيث لا تتقدم مصالح جغرافية معينة على حساب الأخرى، ولا تقايض مصالح فئة على أخرى.
مرة أخرى؛ ما يجري هو بؤس الاعتماد على الخيار الواحد، فالخيارات كلها يجب أن تبقى مفتوحة ولا سيما خيار المقاومة الشعبية الشاملة، لأن المطلوب إزالة الاحتلال لا تشريعه وتلوينه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أريد جواباً مقنعاً من العرب والمسلمين.
مريم رمضان ( 2010 / 12 / 5 - 01:39 )

أنا ضد أية دوله تقوم على أساس الدين والعرق.لكن الدول العربيه والإسلاميه تصرخ وُتزبد وتنتقد إسرائيل لقيامها بدوله يهوديه.هل المسلمين يحق لهم بقيام دول إسلاميه ودستورها الشريعه ودين الدوله الإسلام والإسلام هو الحل؟علنا نحصي هذه الدول التي تحكم وتدين بالإسلام.السعوديه،إيران،باكستان،إندونيسيه،أفغانستان،الصومال،مصر،السودان،وجميع الدول العربيه المتبقيه دستورها الشريعه الإسلاميه بما فيهم غزه الحماسيه الإسلاميه ولبنان على الطريق .
المسلمين يحق لهم ما لا يحق لأية ديانه على الوجود هل من عالم سيكلوجي أو دكتور نفساني يفسر لي ظاهرة التناقض السلوكي والفكري والأخلاقي عند المسلمين.
عندما ترفض فكره يجب أن لا تعمل مثلها أو تحللها لك وتحرمها لغيرك.
على الدول الإسلاميه أن تتخلى عن الدين وتطبق الديمقراطيه قبل أن تطالب إسرائيل بعدم الإعلان بيهوديتها..


2 - فلسطين حق يهودي بصك اسلامي
سالم احمد ( 2010 / 12 / 5 - 06:43 )
إن كل الروايات الإسرائيلية حول الحق التاريخي لوجودهم هي روايات مهزوزة ومطعون في مصداقيتها .....
هذه اذا كانت رواياتهم فقط وماذا عن روايات المسلمين ؟؟ الم تقرأ الاية الكريمة: على لسان موسى لبني اسرائيل عند خروجهم من مصر
(قال ياقوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم)
القوم هم بنوا اسرائيل والارض المقدسة هي فلسطين!!! ادعوا الكاتب أن يراجع التفاسير الاسلامية كتفسير ابن كثير وغيره ... ويتأكد بنفسه أن فلسطين قد اهديت لاسرائيل بصك سماوي اسلامي...

اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله