الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسباب فشل المسيرة الخضراء في شقها الوطني

عبدالحق فيكري الكوش

2010 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



بالغ المغاربة كثيرا في الاهتمام بفكرة المسيرة الخضراء، وخلع صفات القداسة عليها، إلى حد الغرور في اعتبار المسيرة كفكرة نوعا من الإعجاز الذي قام به الملك، ولم تصاحبها مطلقا أي قراءة نقدية، بل لم تكن المسيرة مرتبطة بمخطط بعيد المدى، لحسم الملف عن طريق مخطط إعادة توزيع نخبة الصحراء على مختلف مناطق المغرب، وإسناد مهام متنوعة لها، وبعث نخبة قريبة من فكر أهل الصحراء إلى أهل الصحراء، تم تنفيذ المسيرة الخضراء وتم بذل جهد من أجل العمران في الصحراء وتم نسيان أن للصحراء أهل وأنه ثمة إنسان مغربي يحتاج إلى إعمار قلبه وعقله وروحه، وهته مجمل اخطاء العالم الثالث تنبهر بالحضارة الغربية ولا تدرك أن وراءها إنسان مدرب تم تأهيله على كافة الأصعدة والمستويات، وله مجموعة مهارات، فأنجزت البناءات المتعددة ونسيت الإنسان البناء، بل تأسفت كثيرا لو أن الراحل محمد الخامس كان حيا لكان للمسيرة مسار آخر، مسار أعمق وهو الرجل الذي خبر واستوعب حجم الاستعمار وذاق مرارته، والرجل الاستثنائي الذي نعت يوما عظيما في تاريخ المغاربة بجملة صغيرة، وهؤلاء هم الرجال الإستثنائيون في تاريخ الشعوب، قال والمغرب يحتفل بيوم استقلاله المشهود، هو يوم عرس" خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر،"، رغم أن المغاربة خرجوا لتوهم من صراع دام أربعين عاما ضد الاستعمار الفرنسي، وقدموا النفس والولد والمال طوال تلك المدة والحقبة المؤلمة من تاريخ مغرب تقهقهر وقزم إلى أن أمسكت به الامبريالية الغاشمة إمساك الوحش بفريسة.
خرج المغاربة بالمسيرة الخضراء كفكرة أكبر ودخلوا في متاهة فكرة أصغر، فأفسدوا المسيرة باقتصاد الريع والامتيازات عوض ترقية أهل الصحراء للاستئناس بمفهوم الوطن، ونحن لا نقلل من وطنيتهم مطلقا، بل نحن اليوم أحوج إلى وطنيتهم، وأنا معتز بوطنيتهم وبمغربيتهم القحة، والتاريخ وحده يشهد على نقاء مغربيتهم وصفائها، وان لأهل الصحراء أنقى أهل المغرب حبا للمغرب وأشرفهم مغربة وأنبلهم رجالا، وكانوا دوما أهل غيرة على امتداده وكانوا دوما قوم كبرياء قومي وإباء وطني وكانوا قادة هذا الكبرياء وسفرائه منذ عهد المرابطين ...
كما أن دخول ضباط الجيش على الخط ومجموعة من الأمنيين، أفسد ما تبقى من حبل الود الرابط بين الصحروايين ووطنهم..
لا نريد تحميل المسؤولية لأي كان، فثمة خطأ جسيم تم اقترافه عن حسن نية، ولا ننبش في الماضي لإعادة إنتاج المشكلة ولكن للوصول إلى جذور هذا الفيروس ومسبباته.
المشكلة اليوم لا توجد مطلقا بين المغاربة، بل توجد بين أطراف دولية تغذي الصراع عن بعد، وهته القوى تتربص بالمغرب منذ أمد بعيد، واستغلت ظرفا تاريخيا حساسا وتراكم أخطاء الدولة المغربية لتحويل حالة زكام عرفتها الدولة فغذتها بأدوية مسمومة فاستشرى المرض في الجسد، والعلاج وكلفته ستكون مؤلمة، لكنها ستكون مفيدة.
نحن في صراع مع الآخر مع الغرب المسيحي، وانه لم نسجل أن هذا المسيحي كان يوما في راحة بيولوجية وهو يخوض صراعه ضد هذا المسلم الذي يريده ان يكون عدوا لا صديقا ولا جارا ولا شريكا، انه ينشط جسد دولته من خلال ترويض خلايا جسده على مهاجمة هذا العدو، ويعود خلايا جسده من خلال حقنها بهذا الوهم الميت "المسلم" ليهاجمه، وفي قمة هؤلاء جزء كبير من الإسبان الذين تحول "الموروو" إلى عقد أوديبية في دواخلهم.
وهناك صنف منهم يجسده الحزب المتمثل في الحزب الشعبي الاسباني أو الصليبي الجريح، الذي يؤرقه وجود هذا المغرب، وكل الوساوس الشريرة التي تلازمه ينسبها إلى هذا المغرب، انه دائم التهيؤ أن المغربي قادم من البحر وسيلحق به جميع أصناف الشرور والأذى، حتى أن قاربا صغيرا به حفنة مهاجرين مغاربة صار يشكل تهديدا حقيقيا لاسبانيا وامن ووجود الشعب الاسباني ، لقد جعل المغاربة من القارب عقدة تلازم الإسبان، انه – هذا الاسباني- دائم التهيؤ إن القوارب آتية من جنوب بلده ومن المغرب العدو التاريخي طبعا، وان المارق المغربي دائما يتربص به بل ولا شغل له غير أن يتربص به، لقد غرس المغربي من خلال مجموعة معارك كان آخرها أنوال عقدة القهر في نفسية الاسباني، ولا علاج لهذا مطلقا، اللهم في حالة سلم طويلة بعد علاج شاق لكل المشاكل بين البلدين، لكن ثمة أشرار في هذا العالم وأشرار من المجتمع الاسباني مهووسون بتغذيه هته العقدة وإبقائها حية ..
بل إن المسيرة الخضراء بعد نجاح شقها الأول، جعلت الإسبان مرة أخرى ينكسون أعلام حسن الجوار، مرة أخرى، فهم يشعرون انه تم خداعهم مرة أخرى بفعل تأثير هته التعويذة والطلسم الذي جعلهم يغادرون الجنوب المغربي ودون أن يحتفظوا ولو بحبة واحد من رمل هته الأرض، وكأن هذا المورو طور أساليب الخداع والمكر وعوض هزمهم بالأسلحة التجأ إلى السحر !
نحن واجهة العالم العربي والإسلامي وامتداده، وواجهته الأخرى التي توجد في قلب المؤامرات والمكائد الدولية، والشرق العربي مريض، ولا بد للعدوى أن تنتقل إلى غربه، وللأسف إننا اليوم أمام نظام عربي يساهم في تسهيل مهمة المخططات الغربية ويقدم لها خدمة مجانية لهدم ودك ما تبقى من أسوار الكرامة العربية.
الجزائر بلد فتي وغر، وبدون تجربة إستراتيجية وبدون ذاكرة وحواسها الخمس معطلة، وهي تشكل خطرا على العرب وعلى نفسها، إنها بيد مجموعة من السفهاء والبلهى الذين يتعلمون قواعد تسيير بلد لأول مرة، ونحن ملزمون بتفهم طبيعة تهورهم، وهنا تصبح أمام مجموعة غير مقيدة بأي شيء لا بالمستقبل ولا بالتاريخ ولا بالماضي ولا بالأخلاق، وحدها القوة قد تلجمهم أو قد تضاعف من سعارهم.
ريثما تصبح للجزائر ذاكرة، وتستعيد حواسها الخمس ، علينا بالصبر، ولا شيء غيره، هذا كل العلاج.. !
أن المغرب اليوم مطالب بإطلاق الشق الثاني من المسيرة الخضراء، وهذا عمل تتحمله الدولة والمجتمع المدني والنخبة المغربية، شريطة أن يكون مرتبطا بإستراتيجية جديدة تتم بعد إحداث رجة قوية في الجسم السياسي المغرب، ونحن الآن أمام صدمة غير مسبوقة لهذا الجسد، وهته الصدمة يجب استغلالها جيدا لإنعاش هذا الجسد وتدليك مفاصله، لعله يستعيد ذاكرته وهويته الحضارية المفقودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التحام الشعب
محمد الناجي احمد ( 2010 / 12 / 5 - 11:16 )
على اغنياء المغرب مراعاة اوضاع فقرائهم.و الكف عن استغلال النفوذ.و اعادة النظر في مجموعة من الاشياء مثل مغرب الفرص.و في المغرب لا تستغرب.و حك جيبك.و شحال عندك شحال تسوا.هذه مقولات شائعة يجب مسحها من الذاكرة الجماعية للمغاربة بالعمل و العمل و العمل.

اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان