الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد العقل الجزائري

عبدالحق فيكري الكوش

2010 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


نقد العقل الجزائري؟ انه سؤال يبق الجواب عنه مفتوحا، قد تهم الإجابة عن جزء منه وقد لا تهم، بل نحن أمام الإشكالية لسؤال التالي:
هل نحن أمام عقل جزائري؟ أم لاعقل جزائري؟ خاصة وأننا أمام سنوات معدودة من ولادة الدولة الجزائرية بعد مخاض عسير وعملية قيصرية لطرد هذا الجنين -الذي تأخر وقت خروجه- من رحم الدولة الفرنسية إلى جحيم العرب الشيء الذي يصعب معه الحديث عن وجود شيء اسمه "العقل الجزائري" !
نحن لا نملك بعد وسائل قراءة هذا العقل، وهل يتمتع بخاصيتي التمييز والتدارك، بل ولا نملك أي دليل على وجوده، نحن أمام سنوات قليلة من ولادة الجزائر، وكل تصرفات هذا العقل قد نصفها بتصرفات طفل في سنواته الأولى، وتتميز بميله - أي هذا الطفل وكبقية الأطفال- برغبته في حب التملك والبكاء الشديد و الغيرة من ابن الجار وسرقة ما بيده من العاب والنظر إلى ملابسه بعين غيورة، أي أنه عقل صبياني لا يجوز مهما كان التعامل معه بعنف أو لغة عنف وتهديد، فالدولة الجزائرية من خلال هذا العقل الذي يتحكم في أجهزتها وأعصابها عقل صغير، مازال رهين مرحلة مناقشة الشخص الدولة، وليس الفكرة الدولة، والدليل هو حضور المغرب كدولة –شخص- في جميع تصرفاتها وحركاتها وإشاراتها ولغتها البيزنطية، وانه لم تكن الجزائر يوما تناقش المغرب أفكارا وتصارعه وتنافسه أفكارا..
نقد العقل السياسي الجزائري هو محاولة بسيطة لسبر أغوار هذا العقل، الذي هو في طور النشوء والتشكل وطبقاته الصخرية معرضة لجميع أنواع الفوالق والانزلاقات والاهتزازات المفاجئة، إلى درجة تشبيه ما يحدث بمرض الصرع العنيف لطفل حديث الولادة، الذي يحتاج إلى معالجة كيميائية وطويلة المدى، وانه لا تلوح في الأفق القريب بوادر تغير مفاجئ في استقرار هذا العقل مادام في مراحل تشكله الأولى، ومادمنا أمام مرحلة أولى من بداية الوعي الجزائري، أي أن الجزائر تعيش رغم أنها أصبحت دولة ، طفولة غير سوية بحكم الولادة الشاقة التي نتجت عن عملية قيصرية خطيرة من رحم الاستعمار الفرنسي.
لقد وجد النظام الذي وقعت الجزائر بين يديه في مرحلة ما بعد الاستقلال نفسه بدون هوية إستراتيجية وحضارية وتاريخية.. بل إن غسيل الدماغ الذي قامت به فرنسا لهذا العقل الجزائري كانت وراء فقدان الجزائر لذاكرتها التاريخية وقضى على ملكة التمييز لدى هذا العقل ولتتعطل حواسها الخمس وعها تفقد واحدة من حاستي بصرها ،، فأصبحت بحكم هته الإعاقة، لا ترى إلا بعين أحادية لمحيطها وتتعمد أن ترى جارها "المغرب " بعينها المعطلة، وكل حركة يقوم بها هذا البلد ولو كانت حركات خلعه لمعطفه تنتج ظلالا تشوش على العين الأخرى للجزائر، فتتوهمها الدولة الجزائرية حركة عداء، وتربص ومحاولة إلحاق أذى من هذا الجار، تماما مثل من تعرض الاغتصاب يلازمه هوس الاغتصاب، ويرى في حركة أي كان محاولة ثانية لاغتصابه، لقد كان للاستعمار الفرنسي الطويل الأمد الذي لا زم الجزائر إن احدث خلالا في قدرة هذا العقل على التفكير بطرق سليمة، وان يتخلص من مجموعة عقد باطنية تلازم هذا العقل.
طبعي جدا أن يتصرف عقل الطفل هكذا، ومقبول أن تتصرف الجزائر من المنطلق الصبياني والطفولي في علاقتها مع المغرب، لكنه أمر غير سوي مطلقا، هنا تحتاج الجزائر إلى طبيب نفسي لتقويم سلوكها، والمغرب مدعو إلى تفهم المرحلة الحرجة لتشكل الدولة الجزائرية الحديثة، تماما مثلما نتفهم سلوك أي فتاة مراهقة، ستكبر الجزائر يوما و ستضحك كثيرا على أفعالها السابقة وسيكبر الحبيب المغرب في عينيها ذات يوم، فما الجزائر تستطيع العيش دون هذا المغرب ذو العضلات القوية الذي يحميها من الصليبي الاسباني ويضع صدره مباشرة في مواجهة هذا الغريب الشرير المترب بهما معا...
لقد نالت الجزائر استقلالها ومعها كانت بداية اشتغال عقلها المتعثرة تتخللها ظهور شوفينية مفرطة هلامية لدى الإنسان الجزائري وخشيته المفرطة من ضياع الجزائر مرة أخرى، إن حب الجزائر لدى المواطن الجزائري تحول من هوس إلى مرض، غذاه النظام الجزائري عن طريق حقن المواطن المتكرر وبطريقة مرضية "حقنة الجزائر" في حال أي أزمة أو نوبة صحية تمر منها الجزائر، وغرس هته الشوكة في جلده كجميع أنواع التلقيح الطبية، وبسبب حالة خوف مزمن من ضياع الجزائر مرة أخرى، ويبق المغرب اكبر تهديد بالنسبة إليه، انه دائم التهيؤ مثل جاره الاسباني بان المغرب يريد ضم ارض واستعادة مجده القديم، وألم تكن الجزائر تسمى المغرب الأوسط؟
وقد يبدو للعيان إن شقاوة نحو جارها المغرب أيضا، تشبه قصة طلاق مؤلم حث بين زوجين، بسبب تقسيم الممتلكات وسنوات الزوجية الطويلة وان هذا العداء والكراهية استيقظ في نفس الزوجة فجأة والجزائر تمر بمرحلة فراغ عاطفية عنيفة، جسده هذا الحنين العنيف إلى المغرب بشكل أبوي إلى درجة انه تحول إلى عقدة أوديبية للتخلص من هذا الأب ولو عن طريق اغتياله..
إن الجزائر وتفسير سلوكها العدائي نحو المغرب: سلوك ممزوج بالحب والكراهية، بالغيرة والحسد، بالرغبة في النوم في أحضانه والرغبة في قتله، بالرغبة في تقبيله وإهداء نفسها إليه ولكننها تتمنع بهته الطريقة للانتقام من هجره التاريخي له...
بل وهذا ما يحدث لبلدان المغرب العربي الأربع كافة التي تتعامل مع المغرب كزوج سابق، أكثر مما تتعامل معه كدولة كان للمغرب فضل تاريخي عليها، وان تطوي صفحات الماضي وقصة طلاقها التاريخي منه، وان كان قد لعب طوال تاريخه فعلا دور دركي المغرب العربي أكثر مما مارس مهمة الزوج، بل لا وجود لقصة الزواج إلا في العقل الباطن لتلك الدول، وأنها نالت استقلالها وحق تقرير مصيرها وصارت مسئولة عن مستقبلها، وأنها اليوم مدعوة إلى بناء محور استراتيجي لا محيد عنه،.
نحن ملزمون بقراءة ونقد العقل الجزائري الناشئ، ورصد مساره، عقل يبق صغير لكنه سيكبر، رغم انه مؤسف بالنسبة للمغرب أن يقود عقل صغير بلدا له إمكانات واعدة،، عقل ينظر إلى احد جيرانه بعين واحدة، لأنه لا يملك غيرها حاليا، وبصريح العبارة فيمكننا نعث هذا النظام بالنظام الأعور، ليس من باب القذف والشتم والتهكم، ولكن من باب الحقيقة وتحليل طبي وعلمي لشخصية الدولة الجزائرية الحديثة.
في احد مقالاتنا السابقة نعتنا النظام الجزائري بأنه نظام نشأ من حالة فراغ تاريخية، و انه خبطاته العشوائية، انه أعمش ولا يبصر إلا في العتمة، وتبق الجزائر كبلد فتي وغر، مقبول منها هذا التصرف الطائش ضد تاريخها، بحكم أن مرحلة ما بعد الاستقلال أنتجت دولة حديثة العهد بعالم جديد لم يسبق لها قط أن كان لها حظ الوجود كدولة بين الأمم..
الجزائر اليوم هي بدون أي تجربة إستراتيجية وبدون ذاكرة وحواسها الخمس معطلة، وهي قد تشكل خطرا على العرب، على جيرانها وعلى نفسها، إنها بيد مجموعة صغار العقول الذين يتعلمون قواعد تسيير بلد لأول مرة، ونحن ملزمون بتفهم طبيعة تهورهم، وهنا تصبح أمام مجموعة غير مقيدة بأي شيء لا بالمستقبل ولا بالتاريخ ولا بالماضي ولا بالأخلاق، وحدها القوة قد تلجمهم أو قد تضاعف من سعارهم.
إن العقل الجزائري الناشئ سيبق أسير مصطلحات حق تقرير المصير، بسبب حالة الخوف المزمنة التي تلازم الجزائري وبشكل مقيت النظام الجزائري، انه من خلال دعمه للبوليساريو يحاول إعادة إنتاج نفسه وتكرار التجربة الجزائرية المجيدة، ثورة المليون شهيد، انه لا يملك غير هته التجربة يجترها ويلوكها طوال العام في وسائل إعلامه وأناشيده وأغنياته وحديثه اليومي، والمغرب-فوبيا، في محاولة للقفز على كل عقد نقصه، والأزمات الداخلية وفي محاولة للعملقة السريعة، والإحساس بالكبر، وكأنها تريد أن يصبح لها شنب مثل شنب المغرب الذي يعود تاريخه إلى 1200 عام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شعب واحد وانظمة فاقدة للشرعية
haider ald ( 2010 / 12 / 5 - 20:48 )
الشنب التاريخي لشمال افريقيا يمتد الى اكثر من ثلاثة آلاف سنة وحصره في ألف ومائتين فقط هو وهم عروبي عنصري يقرأ التاريخ بإديولوجية وعقدة الشرفنة المبتدعة.
كيف سمحت لنفسك ان تمحي حقبا تاريخية بأكملها وتنزلق الى مطاوعة الرواية الدعائية الرسمية،اين ماسينيسا وسيفاكس وممالكهما وتهيا واكسيل ومقاومتهما...نحن شعب امازيغي واحد على طول شمال افريقيا ولن يستطيع اي كان ان يستدرجنا الى مؤامرات انظمة لا شرعية لها


2 - معا
انسان مغاربي ( 2010 / 12 / 6 - 10:58 )
نعم يا تعليق رقم1 (مع اني لااوافقك في طرحك الاقصائي تجاه اخوانك العرب) اننا شعب واحد امازيغي وعربي ولا يمكن لهده الانظمة التلاعب بنا


3 - رد
زاوي ( 2011 / 6 / 21 - 20:59 )
أعتقد انك على غير دراية بحقيقة الاختلاف الذي بين الجزائر و المغرب و الذي تعتقد كغيرك أنه بسبب اصرار الجزائر على دعم الصحراء الغربية اطلع على حقيقة الأمر أولا ثم تكلم سيدي فالنقد لا يعني أبدا تحقير الذات
كما أنصحك بقراءة تاريخ الجزائر قبل أن تعطي أحكام لا أدري كيف أصنفها.

اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل