الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يكن القمع يوما غريبا عن ادوات الانظمة المستبدة

طلاب شيوعيون

2002 / 8 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لبنان

   لم تكن صورة السلطة القمعية يوما لتتآلف مع صورة الشباب المتمرد.

   لم يكن القمع يوما غريبا عن ادوات الانظمة المستبدة.

   لذلك لم ينتظر الشباب المجتمعين امام قصر العدل نهار التاسع من آب2001 ورودا او اعتذارات من سجاني الحرية.

   لم يكن قد مضى إلا اياما قليلة على حملة اعتقالات السابع من آب، الذي لم يكن بدوره المحطة الاولى في تاريخ طويل من القمع و مقاومة القمع، تاريخ يمتد على مدى اثنتي عشر عاما كان يفترض بها ان تطوي صفحة الحرب و تفتح صفحةالمصالحة الوطنية.

   المشهد المتلفذ و المخذي الذي رسم معالم الكارثة في نهار "التاسع" لم يكن الا نسخة مطورة عن ما جرى قبلها في نيسان امام حديقة الصنائع مع مجموعة  من المعتصمين فاجأتهم افواج مدنية من عصابات السلطة، لا لذنب إلا لانهم تجراؤا على ذكر الثالث عشر من نيسان في دعوة لدفن الحواجز العديدة الموروثة عن تلك المحطة. تلك الحواجز التي ترتسم اليوم مجددا برعاية "سلطوية" و تحت مظلات دينية و مدنية يفترض بها ان تكون مسؤولة بالحد الادنى عن اللياقة، ان لم نقل عن شعارات كبيرة ك"الوحدة الوطنية".

   مفارقة ثانية تتمثل بتزامن احداث آب الماضي مع ما عرف بالمصالحة التاريخية في الجبل. و كأن السلطة تدرك بحدثها ان كل اجتماع لطرفين متباعدين انما هو غرز لمسمار جديد في نعش هذه السلطة التي تقوم و تتغذى على ابشع انواع التفرقة التي تستنفر لاجلها اسوء اشكال الغرائزية و المذهبية. سلطة ترد على الانفتاح بدعوة الى التقوقع، فما ان يغادر احدهم موقعه المعزول او المنعزل حتى تسعى جاهدة لدفعه اليه مجددا،فهي تستسيغ لغة حملة السواطير اللذين ينعمون بعطفها شبه العلني.

السابع من آب بدى كغيره من ايام الصيف المشمسة، نهار جيد للتوجه الى البحر او الى الجبل هربا من حر هذا الشهر الملتهب.

    و واقعة اعتقال عدد من ناشطي احد التيارات الشبابية لم تكن لتخرج عن المألوف في روتين التعاطي الامني مع الشباب.

    و لو ترك للمجتمعين في مكاتبهم ذلك اليوم حرية الاجتماع لكانوا ربما اصدروا بيانا او دعوا الى اعتصام، لكن عقلا امنيا قرر باشارة سياسية ان يحول ذلك النهار الى ذكرى جديدة، او ربما من حيث لا يدري الى احتفالية كبرى و لكن حزينة.

   ابعاد آب لا تتمثل في الاعتقال فهو لم يكن بالجديد، و لا بالضرب فالسجون اللبنانية تشهد في كل شهر اضعافه، ولا حتى ضخامة عدد الموقوفين و المعتدى عليهم شكلت فرادة الحدث، اذ سبق ان نظمت حملات تأديب جماعية بحق المعارضين. الحقيقة ان آب المحطة شكلت محاولة صريحة لاغتيال الحريات و حكم القانون. محاولة لكسر المعارضين و تعميم الارهاب الفكري عن طريق التلويح بتهم جاهزة كالعمالة و الخيانة، و عن طريق تحكيم المحاكم العسكرية برقاب المعارضين، و لا يمكن هنا اعفاء القضاء المدني من مسؤولية كبرى عن احكام جائرة قضت بحبس ابرياء، يكف مثال واضح على ذلك ان يحكم اولئك الذين سيقوا امام اعين الشاشات بالضرب و الرفس بعد ان استفردوا، ان يحكموا بالسجن لمدة اسبوع بتهمة الاعتداء على قوى الامن! كيف تحول ضحايا الاعتداء الوحشي الى معتدين و كيف تحولت الزمر المدنية الى قوى امنية، و اية شدة عومل بها اولئك. يا ترى هل جاءت الاجراءات المسلكية او التأديبية التي اتخذت كما زعم بحق اولئك على شاكلة تلك الاحكام القضائية؟

   مهزلة آب استكملت بتفكيك لآليات العمل الدستوري فشهدنا مجلس النواب يتقهقر بعد ان تقهقرت الحكومة، فيصبح المرفوض مقبولا و يمحي المجلس الكريم مقرراته بيديه دون ان يراعي ولو بالشكل هيبته التشريعية. وزير يتبراء من مسؤوليته و لا يحاسب، رئيس حكومة ينعي دوره و يتنصل،  مجلس وزاري ينقسم على نفسه كما في قضيةالخليوي اليوم، و مجلس نيابي يتحول الى ما يشبه صف الحضانة، والقضاء يرتبك ...كل ذلك صحيح لكن في آب ابطال و لا نعني هنا بطولة الموقوفين او اللذين اعتدي عليهم و هذا دور كانوا قد ارتضوه لانفسهم، انما نعني و بشكل خاص بطولة استثنائئية حملت الكثير من التعزية انها بطولة القاضي رالف رياشي، الذي انقذ الامل بجرأته و شهادته للحق.

   شرعت احداث آب الباب واسعا للحديث عن مشروع امني برئاسة رئيس الجمهورية و آخر اقتصادي برئاسة رئيس الحكومة، الاول يلقي مسؤولية الازمة الاقتصادية على الثاني، و الآخر يحمل الاول مسؤولية الاعتداءات على الحرية، و نحن اذ نجد صعوبة بالغة في تبرئة اي فريق من التهم التي ينسبها اليه الفريق الآخر، نجد لزاما علينا تحميل جميع المسؤوليات مشتركة الى الفريقين، علما ان لكل منهم حصة وافرة في تجاوزات الآخر.

  و بينما تمر البلاد بفترة من الهدوء النسبي على مستوى التعديات الامنية، تطل الازمة الاقتصادية برأسها و معها اكثر من ملف، فبعد ان مررت الاجراءات الضريبية مطلع العام الحالي، تتفاعل اليوم ازمة اجتماعية بعضها ناتج عن سوء ادارة قضية المازوت، اذ يأتي الحل البيئي بفاتورة مرهقة يدفعها المواطن و اصحاب سيارات النقل الصغيرة، و المعلمين يشكون بدورهم من اهمال مزمن و متمادي لقضيتهم المحقة، اما الخليوي فحدث ولا حرج عن ملف تفوح منه روائح كريهة تسمى احيانا خصخصة و احيانا اخرى حصحصة. كل ذلك يبشر بازدهار موسم الهجرة و هو ازدهار يسبق بشكل اكيد الازدهار الموعود لموسم السياحة.

 عام يكاد ينقضي على ذكرى آب، خلاله استعاد الطلاب نبض الشارع بعد فترة من عدم الاتزان، وهي فترة ربما بالغت السلطة في الرهان عليها. يعود الشباب الى الساحة و في رزنامتهم امور كثيرة: الحريات، السيادة، الملف الاقتصادي، و الملفات الاجتماعية. لكننا نحمل ايضا بندا لم يسقط منذ عام وهو بند السابع من آب الذي لن يسقط قبل ان تتم محاسبة فعلية و علنية للمسؤولين عن اعتداءات آب 2001 ، محاسبة تبدأ بتجريم المنفذين الصغار اللذين تمكنا من كشف الكثير من اسمائهم، و تتوج بأقالة وزير الداخلية.  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس