الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحصاء السكاني بين واجب الحكومي والوطني ومزاج الكتل السياسية

صباح قدوري

2010 / 12 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


من المعروف ان عملية احصاء السكان العام ، اصبحت اليوم نظاما حضاريا تتبعها كل بلدان العالم على اختلاف مستوياتها ودرجة تطورها. اصبحت من وظائف الدولة الاساسية، وواجب وطني ايضا. ويتم اعدادها وفق المعاير الفنية والعلمية والمهنية القياسية التي تعتمدها بلدان العالم، وكذلك الامم المتحدة.وتنفذ عن طريق الاجهزة المختصة التي تكون مسئولة عنها، الجهاز المركزي للاحصاء،كجهاز مستقل او ضمن وزارة التخطيط والانماء، بعيدا عن التدخلات السياسية. يجب الاهتمام بها واجراءها على الاقل مرة كل عشرة سنوات، وهذا ما اقره ايضا الدستور العراقي الجديد. يقع على عاتق الدولة وبالتعاون مع المواطنين انجاز هذه المهمة، ووضعها في اولويات واجباتها، وذلك لاهمية هذا الموضوع في تزويد الدولة بالبيانات الاساسية والمهمة عن المواطن والمجتمع.وتساهم ايضا في توعية المواطن تجاه مسؤليته والشعور بالمشاركة الوطنية في بناء الوطن،من خلال ادائه بالبيانات المهمة والاساسية والصحيحة لهذه العملية.
ان البيانات التي تنتجها عملية الاحصاء السكاني تكون اساسا للدولة ومؤسساتها وعلى ضوءها تبني خطط وبرامج في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والامنية والثقافية، وكل اوجه نشاطات الدولة والخدمات التي تقدمها الى المواطنين. يجب ابعاد هذه المهمة عن تاثيرات السياسية والحزبية،حتى لن تكون رهن المحاصصة الطائفية والمذهبية والدينية والحزبية والقومية الضيقة، كما هو الحال في رئاسات الثلاث، البرلمان والحكومة والدولة،وفي تشكيلة الحكومة الجديدة المرتقبة ايضا.
فرض هذه الصفات على عملية الاحصاء السكاني المزمع اجراءها في وقت لاحق، ستنسحب بلا شك اثرها على نتائجها سلبا، مما يترتب عليها من خسارة مادية ومعنوية واخلاقية، وتصبح في الاخيرالنتائج والبيانات التي تنتجها عديم الاهلية، ولا يمكن الاستفادة منها بشكل صحيح في عملية اعداد الخطط والبرامج الاستراتجية والمرحلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية المستدامة، والتي نحن بامس الحاجة اليها في وضعنا الراهن. وبالعكس من ذلك فيجب ان تنصب نتائجها ايجابيا في صالح العراق والعراقيين باختلاف مكوناتها واطيافها الطائفية والدينية والقومية.
منذو عام 2007 هناك طلب بضرورة اجراء عملية الاحصاء السكان العام ، وذلك لاعادة بناء الهيكلية الادارية الجديدة والاعمار في العراق الجديد بعد سقوط الديكتاتورية.كان من المزمع اجراء هذه العملية في هذه السنة. وحدد لها يوم 24 تشرين الاول/اوكتوبر الجاري، وتم تاجيلها الى 5 كانون الاول/ديسمبرالجاري، وقد اجل هذا التاريخ مرة اخر الى اجل غير مسمى، من دون اعطاء اية مبررات مقنعة لذلك، في الوقت الذي تشيركل المعلومات الرسمية، بان جميع المستلزمات المادية والادارية والبشرية والتعبوية والامنية الى حد ما، عدى السياسية والحزبية الضيقة متوفرة لذلك.
المحاججة في تاجيل هذه العملية مرة تلو اخرى، ومحاولة جرها وتدويلها سياسيا.افتعال اشكاليات في معناها ومحتواها واهدافها التطبيقية، وابعادها عن اهدافها الحقيقية، واللعب بها حسب مزاجية الكتل والاحزاب السياسية المهيمنة في حكم العراق الجديد ، وفرض مصالحها الفئوية الضيقة،من خلال انتهاج المحاصصة الطائفية والمذهبية والقومية الضيقة على هذه المسالة، وتفريغها من اهدافها الحقيقية، ووضع الصعوبات والعراقيل لا ضرورة لها امام تاخير انجازها.هذا بالاضافة الى عدم امكانية الاعتماد الكلي على البيانات الاحصائية السكانية السابقة، والتي اجريت في ظل الحكم الديكتاتوري السابق في اعوام 1987 و1997، وفي الاخيرة لم تشارك كردستان العراق فيها لظروف حروب النظام المجنونة في حينه، اوالاستعانة ببطاقات التموين وفي بعض الحالات الالتجاء الى التخمين، وهي مقايس ايضا غير دقيقة لا يمكن تعويل عليها لتعداد السكاني الصحيح .
وفي نهاية المطاف ستعكس كل هذه الامور نتائجها على تاخير في حل كثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والامنية والبيئية والثقافية والهيكلية الادارية للدولة المتراكمة منذو فترة طويلة تمتد جذورها الى النظام الديكتاتوري السابق ، وتركها بدون ايجاد حلول ايجابية لها لحد الان.ان الاسراع في انجازالعملية الاحصائية باقرب فرصة ممكنة كاحدى الادوات المهمة، قد تساهم بلا شك في مساعدة حل هذه المعضلات في المستقبل المنظور. تعبية الجماهير من خلال الحملات الدعاية على الصحف وقنواة التلفزيون والراديو، واصدار البوسترات واشكال دعاية اخرى ، لتوعية الجماهير للمشاركة الفعالة بالتعاون مع الجهات الحكومية المسئولة في انجاح هذه العملية، لما لها من مردود اقتصادي، اجتماعي، سياسي، معنوي وثقافي على المواطن العراقي ، وفي بناء عراق ديمقراطي فيدرالي مزدهر، من خلال التنوع واحترام هذا الموزاييك المتنوع لاطياف الشعب العراقي، وتنميته وتطويره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح