الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شئ من أنا والكتابة

حاتم سالم عبدالله

2010 / 12 / 6
الادب والفن


النزوة : قبل سنوات عندما كنت في الصف الخامس , أهدتني المدرسة دفترين. لم يكونا أي دفترين فرائحة صفحاته تُخبر عن أصالة المادة التي صُنعت منها أوراق تلك الدفاتر. لا أعلم في الحقيقة كيف يصنعون الورق , لكنني أعرف رائحة أسلافه. منذ أن نزعت الغلاف المزركش عن الهدية , لم يلفتني الغلاف الذي يشبه غلاف دفاتر الكبار , لم تلفتني أحجامها المئوية التي لم اعتد عليها , انما تلك الجزيئات التي تنشرها تلك الدفاتر في الهواء !

وياللرائحة !. هل تتذكرون كيف تشتهون الطعام ؟. فقد قيل ان الانف تعشق قبل العين أحيانا. ورائحة الكاكاو لن تجعلك تفكر بهدنه جديدة مع الكعك وقضبان الشوكولاته. ولطالما جرتني تلك الرائحة الورقية الفاخرة إلى استخدام نوع آخر من الملاعق , يدعى أقلام. كتبت على المائدة عتابي الأول على النشاط التصالحي لياسر عرفات مع الاسرائيليين , قصتي مع مدرس الرياضة السادي وخواطر مجنونة فيها سحاب وعصافير وضياء !

الحلم : على أية حال لم تكن الكتابة حُلما , فكلٌ يكتب بطريقته الخاصة , ولكن حُلم الكاتب هو الذي كان يتملك مخيلتي في كل مرة أقراء فيها مقالا على الحوار المتمدن أو أقلب فيها صفحة المقالات السياسية في جريدة عُمان. بالنسبة لطفل صغير أو حتى مراهق , كان مجرد عرض كتاباته يعني ان هنالك ضحكات وأيدي تحاول أن تقبض وتكتم على الانفجار الساخر. ولذا تجنبت فعلها. كان يموت حلم الكتابة في كل مرة ارى إلى جانب مقال ما رجل بشنب أو امراءة ناضجة. سألت حينها ابي عن ما اذا كان يلزمني ان اكبر حتى اكتب , فقال هات رسوماتك لنرسلها للمجلة لتنشر في صفحة البراعم !!

نمت عن الكتابة , واكتفيت بالقليل من الأحلام العجوزة !

البداية : في المراهقة وبالنسبة لفتى خجول منعزل لا يعرف اسم عمته التي تسكن بعيدا , كنت محتاجا أكثر لأشرح شئ من الأنا , ولأتكلم عن أي شئ يقف في وجه رغباتي حتى ولو كان من أقرب الناس لي. امتازت هذه الفترة بكثرة الأحلام التي تصطدم مع بعضها , أحلام لاتصلح أن تكون معا. أخذت هذه المرحلة بعدين في الكتابة البعد الأول الشخصي الذي أميل فيه للكتابة حول احاسيسي وهي أخذت شكل خواطر ويوميات لا تتجاوز الأسطر القليلة والبعد الثاني هو الأدبي , وتشكل عقب تكثيفي للاطلاع على المواد الأدبية وخصوصا السرد.

الجبهة : أخبرت الكثير من الأصدقاء عن قصة القلم الذي قرر يوما ان يمشي بدرب ما فوجد سيدة شريرة اسمها فكرة مناقضة , فقرر ان يتابع المسير لا مباليا وفي رواية انه توقف هنالك خوفا منها. هذا ما حدث لي بالتحديد بالسنة الجامعية الاولى , ان هنالك أناس يختلفون معك وقد لا يتفقون مع ما تكتب , ولذلك يقومون باثارة المتاعب بين حين وآخر , للأسف قلمي قرر التوقف , فلست معتادا لا انا ولا هو على الصدام مع المجتمع.

في مرحلة متقدمة أدركت ان المجتمع والافراد الذين يختلفون معك ليسوا هم العائق الوحيد. فالاحباط الذي ينشأ من معاملتك على انك كاتب غير حقيقي بالأخص في النشر اعتبره مشروع ابادة حقيقية للموهبة. واجهت الكثير من المتاعب بهذا الخصوص لأنهم لا ينتظرون المادة اللامعة , بقدر ما ينتظرون مادة الكاتب اللامع , وكما ان خوف البعض من فقدان بريقه , يدفعهم لعرقلة مشروعك. قررت بعدها التحول للكتابة في الانترنت لأنه طريق يختصر عليك في أحايين كثيرة , يختصر عليك قرف التواصل مع أباريق التحرير !

ستعلم حتما يا صديق , بأن اعظم جبهة قتالية يخوضها الكاتب في جمهورية الأباريق هي معركة التحققية , انا متحقق اذن انا كاتب !

المشروع : مشروع الكتابة الحقيقي يبدأ بنظري بعد أن يصل الانسان لمرحلة من الانطلاق , بحيث لا يبالي بطبيعة ما أمامه , مرحلة يكتب فيها عن كل شئ عن القشرة وعن الحشوة !
يا صديقي مشروع الكتابة مُلكٌ عضوض ما ان تنتصر في جبهاتك حتى تصبح ملكا على حرفك !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة