الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أجندة الأحزاب الدينسياسية

فرات المحسن

2010 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لا يبتعد نظر الكثير من أعضاء حكومة العراق وكذلك أتباعهم في مجالس محافظات الوسط والجنوب ابعد من أرنبة أنوفهم، حين النظر لمشاكل البنى التحتية المتضررة في أماكن مسؤولياتهم. بل تراهم يفضلون الأخذ بالحلول المبتورة والكسيحة، ليكونوا وفي الأعم المسبب في جلب ما يزعج ويؤذي المواطن ويضعه في تخبط وخيبات وأمراض نفسية وجسدية. فجميع هؤلاء يتصرفون وفق حساباتهم القاصرة وأعراف ومناهج تعلموها ورسخت في أذهانهم والتي بدورها تحدد لهم أطر العلاقة مع الوطن والمواطن ومؤسسات الدولة. فنموذج الفوضى ونقص الخدمات وتفشي الجهل، في حساباتهم هو المفضل، كونه يوفر الفرصة لإدامة المشاريع الدينسياسية للسيطرة على الناس وقيادتهم وفق مناهج ومفاهيم مبسترة لطبيعة الحياة ومساراتها، لذا فهم يعتقدون، بل البعض منهم يجزم بأن نقص الخدمات مع تفشي الضلالات والجهل وحدهما ما يجعل الناس تتمسك بالدين والعقائد وإن المدنية والعمران والخدمات الجيدة سوف تجعل الناس تبتعد عن الدين وتغرق في لهو عابث وبضائع مفسدة. ولا يختلف من يقود السلطة باسم الدين عن بعضهم في هذا التفكير والسلوك شيعة كانوا أم سنة حتى وإن تنافروا في العقائد والأعراف. فموقف أهل الدينسياسة من الرياضة والفن بمختلف أنواعه والثقافة والعلوم بتعدد انماطهما، معروف وليس بخاف على أحدا. ولن نعجز عن اكتشاف تلك الطبائع والتوجهات غير السوية لو دققنا في السبع سنوات العجاف التي سيطر فيها هؤلاء على الشارع السياسي والسلطة في وسط وجنوب العراق. فهم ساعون لإبقاء حالة الخدمات على شحتها وسوئها مع جهد مبذول لتعميم ثقافة التجهيل والشعوذة، ومهمتهم تصب في أبقاء الوعي مغيبا والعمل على استلاب هوية الناس الوطنية وتحويلها إلى هوية موحدة مسيطر عليها وخاضعة ومشدودة لتيار يلهث وراء فكر السلف، يمجد رأي واحد ومنهج واحد، مغلق وكاره للحوار وكل ما يمنح الناس المعرفة، لا بل يخلق الأزمات ليبعد الناس عن التطور الإنساني الحضاري والحداثة. وتلك الأيدلوجيات السلفية بمختلف مذاهبها وفرقها وتفرعاتها تضع في مقدمة حساباتها إبعاد المثقف التنويري عن المشاركة في العملية السياسية والثقافية عبر تحجيمه وغلق المنافذ عليه أو تغييبه.
وتترافق هذه الأفعال بفكر منهجي ينهل من تقاليد وسلوك أهل القرى والأرياف وأعراف البداوة والعشائرية. ويعزز هذه الظاهرة وجود غالبية منحت سلطات واسعة، قدمت من أرياف العراق وقراه وفقعت فجأة مثل الفطر متسلقة السلطة وإدارة مؤسسات الدولة من خلال انتمائها لتلك الأحزاب الدينسياسية.

وكطبيعة راسخة لمفهوم التقية بنموذجيها الديني والسياسي وحرصا من السلفيين بتعدد أقنعتهم على أبعاد حقيقة تهمة التخلف والظلاميه الملتصقة بهم والتمويه على وقائعها وحقائقها، تجدهم يبحثون عن مقاربات يحاولون فيها التغطية على سلوكهم المعوج والغريب. فيعلنون بين الحين والأخر عن مشاريع ثقافية وفنية ورياضية ترصد لها مبالغ ضخمة، بعد ذلك تتحول تلك المشاريع إلى مهازل ثقافية وفنية تروج فيها قيم التخلف والركاكة والنفاق الديني والسياسي، لا بل تكون تلك المشاريع أبواب مشرعة لسرقة المال العام والضحك على الذقون.
وإن تفحصنا المهرجانات المتكررة التي تقام في العراق من قبل روابط ومؤسسات السلطة وكذلك الأحزاب الدينسياسية، وخاصة ما تسمى بالفعاليات الثقافية والفنية منها، لرئينا العجب العجاب مما يجري خلف الكواليس، والجهد الجاد والقسري لاحتواء تلك الفعاليات ثم تجيرها لصالح فكر بعينه ليروج فيها لثقافة القرى والأرياف والبكائيات والعويل واللطم على الصدور أو الدرباشة والدروشة والثوب القصير والتكايا التي تستلهم فكر الضلالات وخداع الناس وتحفزهم لكره الأخر المخالف للمذهب والرأي.
ومن خلال عمليات تمويهية يقدم قادة الأحزاب الدينسياسية رؤيتهم لعراق ديمقراطي ودولة تسيرها سلطة القانون وحين يستمع المرء لهذرهم هذا يعجب بما يبزون به أقرانهم في الدول الديمقراطية الكبرى، ولكن التدقيق في حقيقة السلوك اليومي وما يخطط له وراء الكواليس يشي بمقدار الخداع والنفاق السياسي الذي يغلف أقوالهم وأفعالهم ونواياهم، ويؤكد رؤيتهم الكسيحة للديمقراطية باعتبارها وسيلة للوصول إلى مرحلة التحكم برقاب الناس. فهؤلاء القادة هم المحرك الأساسي لرعاعهم في مؤسسات الدولة وأيضا أنصارهم في الشارع العراقي وهم من يعمل على إرهاب الناس بتشكيل المليشيات، لتطبيق نهجهم ومشاريعهم المستقبلية بالإكراه والقسوة ودفع العراق نحو جمهورية ظلامية تحتقر الحريات المدنية وتسلب الناس حقوقهم. وهؤلاء القادة في دعوتهم لدولة القانون وغيرها من التعابير المخادعة والمراوغة يسعون التمهيد لمشروع دولتهم القامعة للحريات المدنية، ويمهدون لفرض قانونهم الخاص ومشروعهم الساعي للسيطرة على مقدرات البشر من خلال مؤسسات حكومية تفرض فيها أحكام وشرائع تستنسخ طبيعة السلطة الشمولية حيث لا حريات ولا قانون دون أن يأتي متساوقا مع فكر السلطة ومشاريعها، ليعاد اليوم بواسطة تلك الأحزاب ومؤسساتها السلطوية صياغة العبارات وسن القوانين والمناهج والتشريعات في عملية متواليات رغم بطئها فهي دقيقة وواعية ومحكمة، لتكون طبيعة الدولة العراقية في نهاية المطاف تحت سلطة قوى الظلام ويبعث وجه البعث القذر بسحنة جديدة قديمة خانقة واقصائية.
وفي أخر فعل لهؤلاء من أجل دفع العراق ليكون جمهورية طلبانية. ودون أدنى شعور بالخجل والعار، يعلنون صراحة انتمائهم لعهد الطاغية صدام، حين يصرح بعضهم بأن عملية التضييق والمنع لبعض الحريات المدنية جاء وفق قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 82 الصادر عام 1994 وهو جزء مما عرف في حينه باسم الحملة الإيمانية. لذا فأن القاعدة موجودة وراسخة ولا تحتاج للتوريات والمطلوب من الشعب العراقي التكيف للسير نحو بناء الدولة الجديدة لحزب البعث وحسب قرارات الأب الروحي صدام ورؤيته في حملته الإيمانية الزائفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علقوا في الهواء رأسا على عقب.. شاهد ما حدث لعشرات ركاب لعبة


.. هنية: رد حماس يتوافق مع مبادئ مقترح بايدن للتهدئة




.. صلاة عيد الأضحى في المستشفى الميداني الإماراتي في #رفح بمشار


.. مسؤولون أميركيون: الولايات المتحدة نفذت ضربة جوية استهدفت زع




.. الغارديان: نتنياهو يخوض حربا على جبهتين ولا توجد نهاية في ال