الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش التوأمة الوظيفية ... إيران وإسرائيل ... أكثر من مصالح مشتركة

قاسم محمد يوسف

2010 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية



إسرائيل اليوم لامست حيّز القمة بقوتها المفرطة والدعم الدولي المطلق على مشارف عقدها السابع فهي تملك جيشاً وأحزاباً ونقابات وعلاقات دولية واسعة النطاق وموارد إقتصادية جبارة قد تُصنف جميعها ضمن المراتب الأولى أقله على صعيد المنطقة من المحيط إلى الخليج, فهي إغتصبت أرضاً وبنت فيها وطناً ومستوطنات أصبحت تعج بملاين اليهود ممن توافدوا إليها من سائر أتقاع المعمورة, اليوم وبعد مرور ستة عقود ونيف على قيام هذه الدولة في الرابع عشر من شهر (مايو) عام ثمانية وأربعين ما تزال إسرائيل الدولة والكيان تُشكل غدة سرطانية توسعية داخل الجسد العربي, تضرب هنا وتبطش هناك وتهدد دولاً وشعوباً وأوطاناً برمتها...

كان الأمر عادياً بالنسبة لدولة سلبت أرضاً وحاولت بشتى الطرق والوسائل أن تدافع عما إغتصبته, ولكن الأمر بات مغايراً بعد إعلان المبادرة العربية للسلام (التي شكلت برأي الكثيرين تنازلاً كبيراً من قبل العرب) فحينها تأكد ما كان مؤكداً في عقول الكثير من كبارنا وذلك بأن الغرب لم يخلق دولة إسرائيل لتكون وطناً متعايشاً مسالماً مع محيطه, بل أوجدها ودعمها لتشكل بحد ذاتها قاعدة عسكرية متفوقة تهدد الأمن في المنطقة منعاًَ لقيام أي دولة عربية قوية وقادرة (عسكرياً, سياسياً وإقتصادياً), ولتكسر كل محاولة للوحدة والتعاون بين الدول العربية المجاورة على أساس القاعدة الصهيونية الشهيرة "فرّق تسد".

في تقرير أمريكي صدر عام 1990 شمل حزمة من التوصيات عن الوضع في الشرق الأوسط خلص إلى القول صراحة بأن على الإدارة الأميركية أن تعيد تشكيل البيئة السياسية بما يؤدي إلى استقرار التوازن العسكري في المنطقة وهو ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية تباعاً عبر الحد من التأثيرالعراقي في الوضع الإقليمي ومنعه من تحريك قوته الناعمة التي تتناسب مع حجمه كدولة محورية من خلال ممارسة الضغوط الإقتصادية والسعي إلى خفض وارداته المتنوعة, إلا أن الأهم تمثل ببناء أساسات قوية لعلاقات موضعية بين واشنطن وطهران على قاعدة إلتقاء المصالح حيناً والعدو المشترك حيناً أخر, وفي العام 2003 وصلت هذه العلاقات إلى نقطقة متقدمة جداً غطت على أساسها إيران الحرب على العراق وأسهمت من خلال نفوذها بإسقاط النظام والدولة بغية فتح المنطقة لإعادة تشكيل البيئة السياسية من جهة ولإعادة صياغة التوازن العسكري في المنطقة من جهة أخرى ما يعني تفوقاً عسكرياً نوعياً لإسرائيل وإيران في المنطقة بغية إخضاع الأنظمة العربية برمتها, ما شكل تحالفاُ إستراتيجياً سرياً بين تل أبيب وطهران على قاعدة الوظيفة المشتركة والغنيمة المشتركة.

لنعد قليلاً الى المبادرة العربية للسلام فإن ما جاء فيها يرتكز على محاور ثلاث

إنسحاب إسرائيل حتى خط الرابع من حزيران (يونيو) عام سبعة وستين, كذلك الحال مع الجولان السوري, وما تبقى من المناطق المحتلة في الجنوب اللبناني.

حل مشكلة اللاجئين الفلسطينين وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي وافق عليه المجتمع الدولي

إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة من حدود العام سبعة وستين في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشريف.

بالنسبة لإسرائيل (دولة وشعباً) فإنها قد توافق على كل ما ورد أعلاه لأن هذه المبادرة وبعدما حازت إجماعاً عربياً وإسلامياً قد تُشكل فسحة أمل يتعايشون من خلالها مع ستة وخمسون دولة محيطة بسلام وأمان وإستقرار, لكن إسرائيل رفضت, والسبب يعود إلى الى الوظيفة الأساسية لقيام كيانها وإستمراره والمتمثلة بالعداوة المطلقة للدول العربية المحيطة, فوجود إسرائيل وزوالها متعلق بالدرجة الأولى بوظيفة هذا الكيان ودوره في المنطقة, فحينما تتغير الوظيفة الأساس لقيام هذا الكيان تتغير بموجبه كل المعطيات اللازمة بحضوره من دعم دولي مطلق على كافة الأصعدة وفي كل الإتجاهات وهذا ما يرفضه الغرب رفضاً قاطعاً لأن أمنه وأمن مصالحه وإستقرارها في هذه المنطقة (الغنية بالبترول) أكبر وأهم من أمن الإسرائليين في بيوتهم, فهو مستعد وبشكل دائم لدفع إسرائيل بدخول حرب جديدة في المنطقة عندما تدفعه مصالحه وأمنها لفعل ذلك.

إذا إسرائيل خلقت لسبب ولوظيفة وحينما ينتهي السبب والوظيفة تئول إلى الزوال وهذا ما يفسره كلام أحد مؤسسي الدولة العبرية بأن "إسرائيل تزول عندما تخسر أول حرب" لأن الجيش سلاح الوظيفة لهذا الكيان فإن سقط سقطت معه الدولة, وكذلك الوظيفة (المتمثلة بالعداء الدائم والقوة المفرطة لإخافة العرب) إن سقطت بتوقيع المبادرة سقطت معها الدولة المزعومة, فزوال هذا الكيان يكمن في حرب عسكرية تكون فيها الغلبة للعرب (وهو مستبعد في الوقت الراهن) وإما بأن تقوم إسرائيل بتوقيع المبادرة العربية (وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً) لتدق أول إسفين في نعش رحيلها.

خلاصة ما توصلنا إليه يندرج ضمن التعاون الوثيق بين التمدد الفارسي من جهة والسيطرة الإسرائيلية من جهة أخرى في سبيل إخضاع الوطن العربي برمته تحت عبارات المقاومة المزيفة لنخر الجسد العربي بملشيات مسلحة خارجة عن القانون تنتظر ساعة الصفر لقلب الطاولة على الجميع ضمن حلقة في مسلسل تفتيت المنطقة بأسرها, لتنجح إيران نجاحاً باهراً في المكان الذي أخفقت فيه إسرائيل, وعليه وبالإستناد إلى ما سبق فإن السلام ما زال حُلماً بيعد المنال والإستقرار بات مسألة وقت لا أكثر والحرب تُدّق طبولها من المحيط إلى الخليج








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -