الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلم سلطاني ...؟

مصطفى حقي

2010 / 12 / 7
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


... عبد الجبار لم يكن ثملاً ، شرب كأساً واحداً ، وأحس بنشوة التي حفزته ، وشدته إلى هوايته التي أدمن عليها ’ وبسرعة وضع عدته مسبقة التحضير بصندوق خلف دراجته النارية واتجه إل نهر الفرات الفاصل بين ضفتي الشامية والجزيرة والذي كان فاصلاً ما بين غزاة الشمال وقبائل الجنوب ’ حطّ رحاله في مكان منزو من شط الجزيرة , وبعد أن رمى بصنارته في الماء أسند القصبة بين صخرتين وأعد الشاي على وابور غاز سفري صغير ، وأشعل سيكارة تبغ ، وراح يمجها مع رشفات من شاي فراتي ثقيل وقد سلطن فعلاً مسنداً رأسه على صندوق العدة ممداً على ظهره وواضعاً ساقاً فوق ساقٍ ، وأحس بنشوة ومتعة وانه يجلس على كرسي زعيم الكرة الأرضية بالكامل وكل زعمائها ورؤسائها تحت إمرته ، والآن جاء دوره ليطبق عدالة العلمانية على الجميع إن شاؤوا أم أبوا ، ، لتبقى الأديان ولتستمر القوميات ، وبحرية تامة ولكن خارج سرب السياسة ، مواطنوا الكرة الأرضية متساوون في الحقوق والواجبات ولا يفرق بينهم دين أو تعصب قومي ، والدين لله والوطن للجميع , ما لله لله وما لقيصر لقيصر ، ويحس بثقل فوق رأسه محيط بجمجمته ، ويمد يده متحسساً ويسأل نفسه ، ما هذا ؟ فيأتيه جواب من رجل أنيق الثياب ولكنها من أزياء التاريخ .... : أمرك مولاي .. يقول الرجل ...! يتطلع حوله إن كان يحدث غيرة ، ولكنه يجد نفسه وحيداً ويجلس فوق كرسيي عالٍ وثير ، ويسأل أيضاً ما هذا ؟ فيرد عليه الرجل ذو الزي التاريخي الأنيق... : انه كرسي العرش يا مولاي .. وبانزعاج يجيبه : عن أي مولى تقصد يا رجل وأي عرش ، فيؤكد الرجل الأنيق : مولاي السلطان ، وأقصد سعادتكم ..؟ فيضحك عبد الجبارساخراً : كأس واحد من العرق الشعبي رفعني إلى مرتبة سلطان وكرسي عرش ، كيف لو شربت كأساً من الويسكي ماركة عالمية ,,,؟ ويتساءل الرجل الأنيق تاريخياً : ولكن عقواً مولاي السلطان ، ماهو هذا الويسكي ...؟ ويغرق بالضحك ..؟ : ولا تعرف ما هو الويسكي ,,؟ في أي قرن تعيش يا هذا .. فيرد الأنيق :انه الخامس عشر ميلادي ..؟ ويستمر السلطان ضاحكاً : تصور أيها الرجل التاريخي كأس واحد من العرق يجعل مني سلطانا ويعيدني ست قرون إلى الوراء ، ثم أنت لم أراك من قبل وماذا تفعل هنا ، وردّ الرجل : مولاي السلطان ، فقاطعه محتجاً وبانزعاج .. : يا رجل مابك تسخر منّي ، قال سلطان قال ، أنا مجرد موظف بسيط سيدي مجرد مستخدم وبمرتبة آذن يخزي العين ، والأن أصدقني من تكون ومن أرسلك إلي ، ويرد الرجل الأنيق وباعتذار : عفواً مولاي أنت تعرفني جيداً ، وأنا وزيرك وخادمك الأمين ، ولكن عبد الجبار لايصدق ...؟ : إستمر بالسخرية منّا، أحلفك ، من الذي أرسلك لتمثل علي ، أكيد انه غريمي صياد السمك فرحان ، وسيكون حسابي معه عسيراً ، يا رجل كان يكفي أن تصفني بالمختار ، بالأفندي بالبيك ، ولكن هكذا دفعة واحدة سلطان ، وتريدني أن أصدقك.. ويؤكد الرجل الأنيق ، : عفواً مولاي السلطان ، نحن الآن في القصر لا صياد ولا ما يحزنون ، وأنا رهن إشارتكم لتنفيذ أوامركم السلطانية ، ويرد يعني ألآن إذا صدقتك ،انا سلطان عن حق وحقيق : وهو كذلك يا مولاي وأنا بانتظار أوامركم ؟ : أوامري ، أن تثبت لي أني .. يعني أقصد أني سلطان فعلاً ، وينحني الوزير : أمركم مولاي ، ويصفق بيديه منادياً ليحضر المستشارون وحاشية مولاي السلطان ، وبسرعة تفتح الأبواب ويدخل عشرات الرجال بأزيائهم التاريخية ، ويقفون على صفين ثم ينحنون للسلطان الذي يترجل عن كرسي العرش وهو منذهل ...! ومكلماً نفسه .. : يا رجل أنت سلطان ، ولا تدري .. ويتساءل : كيف أصبحتُ سلطاناً يا وزير ، ويرد بابتسامة مؤكداً : بقوتك وجبروتك يا مولاي .. ويتلعثم السلطان عبد الجبار .. : قوتي وجبروتي بدماء أم بماء ؟ ويؤكد له الوزير ما يثير هلعه .. : بشلال من الأحمر القاني يا مولاي فالثمن باهظ ...! : يا مصيبتك يا عبد الجبار وبشلال من الدم تبني سلطانك وأنت الديمقراطي العلماني الإنساني المسالم ..! ويلتفت إلى الحاشية مخاطباً .. : أنتم وسلطنتكم الجائرة والتي تعوم على شلال من الدماء إلى الجحيم والمستخدم الآذن عبد الجبار أشرف منكم جميعاً ، وهذا تاجكم البائس الملوث أعيده إليكم ومبروك عليكم يا معشر الدمويين .. ؟ ويشهراالجميع سيوفهم وعيونهم تتقد غضباً ويتقدمون منه ، وهويتراجع إلى الخلف مذعوراً ، ثم يهوي من علٍ صارخاً مستنجداً .. ويفتح عينيه مرعوباً عن حلم سلطاني لم يدم طويلاً...؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2010 / 12 / 8 - 00:38 )
الاستاذ مصطفى ما اروع الاحلام اذا ترجمت الى الواقع ولكن ليس على اشلاء المساكين واغتصاب حقوقهم وجعلهم اناس درجه ثانيه والعاقل يفتهم
تحياتي لك وننتظر المزيد من الاحلام


2 - الأستاذ مصطفى حقي المحترم
ليندا كبرييل ( 2010 / 12 / 8 - 06:43 )
هكذا يقنعون البسطاء من الناس , بالأحلام والأوهام والتسلطن على الآخرين ليجلبوا الدنيا لذواتهم وليرتقوا على أكتافهم لحصاد ثمرات فكرهم الشرير , ومع أنه مستخدم بسيط وآذن , لكنه انتصر لاسمه واستطاع بجبروت عقله أن يرمي بتاجهم الملوث في وجوههم ولو في الحلم , شكراً أستاذ ولك تحياتي ,


3 - الواقع يسيطر على الأحلام
مصطفى حقي ( 2010 / 12 / 8 - 12:20 )
الحبيب يوسف حنا بطرس ، شكراً لمرورك الكريم ، وما عادت الأحلام تسعفنا في واقع المرارة المسيطر ، ولكن الأمل واجب
الوردة الدمشقية ليندا كبرييل
شكراً لإطلالتك الرائعة والمشكل إذا لم نحلم لن نبدع والحلم هو الطريق للإبداع وأيضاً يسرقون أحلامنا


4 - قارئ دائم
محمد أبو هزاع هواش ( 2010 / 12 / 8 - 14:59 )
تحية ياأستاذ مصطفى ومقالاتك مميزة بجد...تحيتي لك


5 - تحية وقبلة
صادق بو منجل ( 2010 / 12 / 8 - 22:55 )
ماأروعك ياسيد حقي اقرأ لك بشكل مستمر اما الان احببت ان اشاركك حلمك الرائع جدا جدا لك مني كل الاحترام


6 - تعقيب
مصطفى حقي ( 2010 / 12 / 9 - 13:23 )
شكراً أخي محمد أبو هزاع هواش لمرورك الكريم ولك تحيتي
الأخ صادق بو منجل لك قبلة بالمثل وتحياتي وشكري أرجو لك أحلاماً سعيدة بعيدة عن واقعنا غير المريح

اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا