الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية وإمكانيات إطلاق فضائية

بشير شريف البرغوثي
مؤلف

(Bashir Sharif Bargothe)

2010 / 12 / 9
ملف مفتوح – أهمية و إمكانيات إطلاق فضائية يسارية علمانية


بشير شريف البرغوثي
أهمية وإمكانيات إطلاق فضائية
لعل أهم أسباب عدم وجود فضائية كهذه حتى الآن يكمن في عدم وجود رؤيا شاملة لأهميتها. لو كان هناك رؤيا متكاملة –ولو عند إنسان واحد- لكان قد تم البدء بخطوات عملية منذ أمد بعيد. الرؤية المتكاملة تقوم على مثنى وجود "رسالة" وضرورة وجود الوسط الناقل لها. هل الرسالة واضحة؟ وهل الفضائية هي الوسيلة الملائمة لها؟
وحيث أن التعميم لا يؤدي إلا إلى التعتيم، فإن هوية الرسالة يجب أن تكون محددة وواضحة –في ذهن المرسل على الأقل- فهل يريد إرسال رسالة قيم تتعلق بالحرية، العدالة، بالمساواة، بالفكر الحر؟ أم أنها رسالة إجرائية تقتضي من المتلقي أن يقوم بعمل ما بعد تلقي الرسالة؟ إن فضائية القيم من الصعب أن تنجح (مهنياً)، لأنها لا تتطلب من المتلقي أن يقوم بعمل معين، إنه يتلقى فكر وجهود أشخاص آخرين، وقد يكتفي "بمط" شفتيه، أما الفضائية الإجرائية فإن فرص نجاحها أعلى، لأنها تتطلب من المتلقي أن يقوم بعمل ما، سواء كان ذلك العمل شراء سلعة ما، أو التصويت لصالح فنان ما أو فريق ما. الرسالة القيمية قد تكون وعظية ينام المتلقون والواعظ يتحدث، أما الرسالة الإجرائية فتنقل الجانب التفاعلي في الرسالة الإعلامية إلى مستوى العمل، ولكل عمل فائض قيمته. إن كل فضائية –مهما كانت تشكل بالنسبة لمؤيديها أو مناوئيها- أشبه بثمرة المشمش: شكل شهي ولب طري، ونواة صلبة. هناك حاجة إلى نواة صلبة تصل إلى قرار حول وجود رسالة قابلة لإطلاق عمل ما من جانب المتلقين، وحول الشكل التكنولوجي المطلوب لإيصالها.
وحول أهمية وضرورة الفضائية المقترحة:
فقد أصبح من شبه المتفق عليه بعد تشريح مخ الإنسان وآليات عمله، أن هناك آلية العقل البدائي (غرائز ونمطية ما) وآلية العقل المتطور، هناك حوالي 400 فضائية عربية على قمر واحد تخاطب العقل الأول –حتى القنوات السياسية والدينية والترفيهية- إنها تقوم على "الإثارة" البدنية أو العصبية، ولا يتسع المجال للخوض في ذلك الآن. فهل المتلقون العرب لا يشغلّون العقل المتطور؟ هناك ضرورة وضرورة حتمية –لوجود بدائل- وليس بديل واحد، بدائل فكرية، وهنا يكمن تحدٍ صعب، فهناك شيء اسمه قصر فترة الانتباه عند الإنسان المعاصر، وهذا لا يتناسب مع "التفكير"، لذلك يستبدل بعض أصحاب الأهداف السياسية محركات التفكير ببث سيول من المعلومات السريعة المتتالية، على أساس أن المعلومات تشكل المفاهيم تم يتكون المعتقد، ويكون هدف مرسل الرسالة عندها هو أن يستولي على عملية صنع القرار الاعتقادي في ذهن المشاهد، هذا الاستعجال نلاحظه لدى "كل" من يتحدثون على الشاشات، حيث يبدأ الواحد بالقول "إنني أعتقد" بما يعني ضمناً الاستعجال على تصدير المعتقد إلى المشاهد، فطالما "أ،ك تعتقد" فما أهمية الحوار –إن وجد- وما دور المتلقي؟ بل إننا كثيراً ما نسمع متحدثاً أجنبياً يقول "I think"" فيترجم مترجم الفضائية القول على أنه "أنا أعتقد" .... إنه يريد أن "يحرق المراحل" .إن قصر فترة الانتباه والبحث عن الفواصل الحادة –عن نقاط الإثارة- موجود حتى في آلات التصوير. إن جمعاً من آلاف الأشخاص تدور عليهم الكاميرا برتابة مملة، على حين أن بقعة دم واحدة تجعل كل الكاميرات تتجه إليها، وتترك آلاف البشر. وهذا ليس جزافاً إنه أمر في صلب وظيفة الكاميرا، فلا بد من بؤرة تركيز، ولا يهمها أن تنوّر وأن تضيء الزوايا المعتمة.
ولأهمية التفكير في حياة البشر، فلا بد من فضائية تحمل فكراً، لأن إنسان اليوم يجد نفسه بين نارين: نار العجز عن صناعة الخبر، ونار قدسية الخبر، فلا هو صانع للحدث، ولا قادر على متابعة وتحليل الحدث، فمن أين يدري بما حدث فعلاً؟
أما التوجهات ومدى صلاحية الخط اليساري –العلماني المتفتح... فإن السؤال، وإن كان مسوغاً سياسياً، إلا أنه يفتقد المشروعية المهنية.
أولاً: في المصطلح: آن لنا أن نغادر المفهوم غير العربي لمصطلح اليسار، فاليسار عند العرب لا يعني اتجاه المكان، بل يعني "السعة" و"اليسر" و"السهولة" هذه منظومة المفاهيم المرتبطة بمصطلح اليسار في العربية وهي تعني ثراء الخيارات أمام البشر. فلماذا لا يتم البناء عليها، وتطوير مصطلح مفاهيمي جديد لليسار "العربي" على أساسها؟ الخطورة في الأمر أن "اليسار" ليس اتجاهاً سياسياً فقط حتى نربطه "بالخط السياسي الواحد أم المتعدد الاتجاهات". كفى تحويلاً لليسار إلى "زاوية دراويش"، أو إلى خط نخبوي ذي اتجاه واحد يدعي العمل على تعليم الجماهير، دون أن يكون قادراً على التعلم منها.
ثانياً: في الفضاء: الفضاء ضد الانغلاق، والفكر يجب أن يسبق السياسة لا أن يتبعها، وإلا انحصرت مخرجاته في "فقه السلاطين"، وأصبحت السياسة مجرد وظيفة عامة (أو حتى خاصة بحكم الواقع) فالفضائية يجب أن تكون نقطة تفاعل، وإطلاق للتفاعل الفكري، وليس استعراضاً للعقل الواحد، والمفكر الواحد...في الإسلام نعلم أن الله لم يخرس إبليس، وسمع من الملائكة تحفظها على جعل آدم خليفة في الأرض، فكيف أرضى أن يسلبني إنسان حقاً منحه الله لإبليس؟
إن دور حارس البوابة الإعلامية، هو دور ابتدعه الإعلام الأمريكي، ولكن الإعلام العربي جعل حارس البوابة الإعلامية عارياً بسوأته أمام المشاهدين، حتى يتحمل هو وزر "حجب" كل ما لا يعجب من سلموه المقص وأقفال الحراسة.
ثالثاً: وحدة الخط السياسي تعارض مبادئ نظريات الانتشار الإعلامي، الذي يعتبر التنوع أهم عوامله،. لا يوجد سلاح في العالم يمسك من الفوهة، أو من رأس النصل، لا بد من مقبض (مساحة معلومات) ولسعة، تضيق مكونة المفاهيم (المخزن أو الرابط بين المقبض والنصل) ثم تأتي الفوهة، فالمرحلة طويلة.
وعن السؤال حول سياسة الفضائية المقترحة تجاه الأنظمة وقوى التعصب....
إن وسيلة الإعلام "الحصيفة" لا تحدد مسبقاً هي مع من وضد من، وإنما على الآخرين أن يحددوا ما إذا كانوا معها أو ضدها. وهي تبحث عن حلفائها، لا عن أعدائها (فالأعداء موجودون بكثرة في كل زاوية)، وحلفاء الفكر المستنير موجودون في كل مكان، بينهم مسلمون، ومسيحيون، ويهود، في كل زمان ومكان، وإن قل عددهم، وإن تم خنق أصوات بعضهم، هل ننسى الحاخام عميرام وروحه العذبة في الكتابة؟ أو ناطوري كارتا، مع أنها بالمقاييس المنغلقة حركة يمينية ويهودية، فمن المستفيد من خنق صوتها؟ وحتى إيهودا ايديف والفهود السود، هل قرأنا دفاعهم أمام المحاكم الإسرائيلية؟ وحوار د. محجوب عمر معهم (بصرف النظر عن نقاط الاختلاف)... أنا أقصد الثراء الفكري؟ هل قرأنا لنورد ديفيس رحمه الله، ذلك المسيحي الذي أفنى عمره في قراءة الوثائق الأمريكية وخرج بنتائج مذهلة منذ ثمانينيات القرن الماضي لا تزال تثبت صحتها تباعا بناء على إدارته لمشكال التاريخ في ضوء الإنجيل؟ حتى لو اختلف مع الفكر الماركسي؟ وإلا فعلام الحوار وقيم الحوار إن كان بلون واحد؟
أما الأسئلة من الخامس وحتى العاشر، فهي أسئلة إدارية، ولا علاقة مباشرة لها بالمحتوى "المضمون" الإعلامي، الا داخل النواة الصلبة , ولكن:
لا بد من إمكانات مالية، وإلا لبدأ كل إنسان "مظلوم" فضائية يعرض عليها مظلمته ليل نهار، ولم لا؟ فأكثر من ثلاثة أرباع وقت الفضائيات العربية هو "إعادة".... كذلك، فإن الساعة الإخبارية حتى تكون منتجة، فإنها لا بد أن تكون مكلفة، ومع الاحترام لفكرة التطوع، إلا أن الأمر بحاجة إلى التزام مهني، وساعات عمل، والتزامات يجب أن تغطى للمحترفين.
إن كل ما سبق عن الضرورة المالية صحيح، ولكن العمل الإعلامي صناعة واستثمار، وهل يظن أحد أن الشركات الإعلامية الغربية تقتات على موائد حكوماتها؟ ما حجم إمكانات "البي.بي.سي" مثلا مقارنة بإمكانات "تايم وارنر"؟ وهل قامت إمبراطورية مردوخ على الدعم المالي من جهات حكومية أو سياسية؟ إن كل فكرة قابلة للترويج، ولأن تكون منتجة مالياً أيضاً، ولكن المهم تحديد القطاع المستهدف بالرسالة الإعلامية، أي تحديد حصة وسيلة الإعلام من جمهور المستهلكين للمنتج الإعلامي، ونوعية وحجم ثمن الخدمة الذي يمكن أن يشعروا بأنه منصف لقاء اشهار منتجاتهم وخدماتهم في وسيلة إعلام قد يعتبرونها متميزة عن سواها. هذا الأمر بحاجة إلى دراسات جادة نظرية وميدانية، وتصميم استبانات، وحساب التوجهات، ثم صهر كل ذلك في خطة واحدة، وعسى أن يتفاعل المشروع فيكون للحديث بقية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تدمير منشآت إيران النووية-.. هل يحقق ترامب الحلم الإسرائيلي


.. لحظة هبوط مروحية إسرائيلية غربي بيت لاهيا شمالي قطاع غزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 جنود من لواء كفير في المعارك بش


.. حزب الله: لم يصل إلى لبنان وحزب الله أي شيء رسمي أو مقترحات




.. شروط إسرائيل لوقف حرب لبنان