الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيرتي مع الدكتور البرادعي!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2010 / 12 / 10
حقوق الانسان




يظهر ثم يختفي. يتقدم خُطوة ثم يتراجع اثنتين.يقول بأنه لا يطمح للرئاسة، ثم يشترط علىَ الذئب أن يكون لطيفا مع الغنم، ولا يهشّ بعصاه عليها. يُعارض النظامَ الفاشي ولا ينسى أن يقول بأن الطاغية لطيف ومُهذب وليس بينهما أي خلاف!

يطالب بالتغيير على الطريقة الأوبامية، ثم ينسحب من الساحة خشية الصِدْام مع القصر!

يطلب من الشباب ملايين التوقيعات للتغيير ليُقدمها إلى فرعون كعربون منافسة شريفة على الرئاسة في 2011، لكنه لم يَقُلّ للشباب ماذا سيفعل عندما يُلقيها الطاغية في سلة المهملات!

يطالب بمقاطعة الانتخابات البرلمانية، ثم يغادر البلاد حتى ينتهي سرادق عزاء الديمقراطية المزيفة، وبعدها يعود ليطلب من الذين لم ينصتوا إليه أن يقاطعوا انتخابات الرئاسة إذا لم يستجب الديكتاتور لشروطه.

يحتفظ دائما بمساحة واسعة من التراجع عن مواقفه، ويرى أن منصبَ رئاسة الدولة يقبله، مشكورا، من الشباب، وليس انتزاعَ ثائرٍ من حُكم ظالم.

قوتُه في أننا جميعا نحترمه لخـُلُقِه الرفيع، ولتقدير العالـَم لشهاداته، وجوائزه، وأوسمته، ولسانه العفيف، وتسامحه الفكري، وتشريفه لجنسية بلده، لكنه لا يعرف قوتـَه الحقيقية، ويخاف من التحدي، ويخشى المواجهة، وتـُفزعه أجهزة الأمن رغم أنه لو صاح في وجهه ضابطُ أمن لانتشر الخبر فضائيا، وفيسبوكياً، وإعلامياً، وإلكترونيا بأسرع مما لو حمله عفريتٌ من الجن، أو الذي عنده عِلـْمٌ من الكـِتاب!

وضعفُه في أنه اختار المشي بدلا من الجري، والجري بدلا من اللهث، والحكومة بدلا من الرئيس، والنظام بدون الاشارة إلى الطاغية، لكنه لا يقفز فوق الحواجز، ولا يتحدى أحداً، ويطلب من شباب مصر أن يقدموا إليه كرسي العرش وهو جالس على كرسي المشاهدين.

الدكتور البرادعي يستطيع في ساعة أو بعض الساعة أن يستدعي عشرات من الفضائيات وأجهزة البث ووكالات الأنباء ومئات الإعلاميين، ويشرح كارثة مصر مع مبارك، ويضع العالمَ كله أمام أعفن مشهد لواحد من بقايا الطغاة الذين ينبغي أن تطاردهم محكمة المطلوبين جرائميا، وجنائيا لكل ما أرتكبوه ضد شعوبهم، لكنه يرفض، ويتأخر، ويتقدم، ولا يريد أن يُمَّد يدَه لانقاذ شعبِه الغريق.

الدكتور البرادعي يحاول دائما تبرئة مبارك في كل حوار فيتحدث عن الاستبداد منذ قيام ثورة يوليو، وكأنه يريد أن يقول بأن مبارك المسكينَ ورثَ تركةً ثقيلة عن جمال عبد الناصر ، وكلما ارتفع غضب الجماهير جاءت كلماته للتهدئة، ولِكَسْبِ الوقت، والآن يقترب عام الانتخابات الرئاسية، ولو بعث الله نبياً وترشح أمام مبارك فلن يحصل علىَ رًبْعِ الأصوات ولو ساندته الملائكة.

ومع ذلك فحمدين صباحي يخسر في انتخابات مزورة، ثم يقرر الترشح للرئاسة لكي يمنح الطاغية شرعية حُكمه المستبد بنجاحه في المنافسة، ونفس الأمر ينسحب على الدكتور أيمن نور الذي سيرفض القضاءُ ترشحه بحُجة سنوات السجن التي قضاها خلف القضبان.

ما الذي أصاب القوى الوطنية؟

التحالف الجديد للدكتور البرادعي فاشل قبل أن يبدأ، ومصر لا تحتاج لتحالفات ثنائية حتى لو كانت من أكبر قوتين على ساحة المعارضة.

كل الذين ترشحوا في الانتخابات البرلمانية، الذي نجحوا منهم والذين سقطوا و .. الذين انسحبوا، لا يكترث أكثرهم للشعب المصري، وكلهم، تقريبا، يطمعون في الكعكة المصرية التي أكلت الجزءَ الأكبر منها حيتانُ العهد النتن لصانع اللصوص والمستبدين الصغار وأباطرة التعذيب في السجون والمعتقلات وسارقي اللقمة من أفواه المصريين.

حيرتي مع الدكتور البرادعي قد تتحول إلى خوف على مصر منه، وليس خوفا مصريا عليه!

أخشى أن يأتي الوقت الذي نكتشف فيه جميعا أننا كنا مُغرقين في السذاجة، وأن الرجل جاء، عن سوء نية أو حُسنِها، ليمدّ في عمر الطاغية، ويُحَلل الحرام، ويشرعن دستورية الباطل في الانتخابات البرلمانية و .. الرئاسية!

أنْ نَشُكَّ ونرتاب ونضع كل الاحتمالات خيرٌ لنا من لطم وجوهنا بعدما يقع الفأس في الرأس، ويعلن الدكتور البرادعي أنه تعرض لضغوطات شديدة من أمن الدولة للقيام بهذا الدور الذي يمسكه فيه النظام من رقبته، ويمسك هو العصا من الوسط.

في هذه اللحظات التاريخية التي ستحدد سقوط المصريين أو يقظتهم ينبغي للشك أن يصبح سيد الأحكام، ويجب على كل من يحاول انقاذ مصر أن يفترض سوء النية في كل مُعارِض، فَرْدٍ أو حِزب، فاللعب مع الكبار ليس فهلوة أو اختيارَ أحد وجهي العملة: مَلِك أو ..كتابة!

هل الدكتور محمد البرادعي أخطأ الطريق إلى الكوخ فتوجه إلى القصر؟

هل جاء لينقذنا أم ليحميهم؟

لا أريد ممن يقرأ مقالي أن يُصدر حُكما سريعا وانفعاليا وعاطفيا، ولكن أن يفترض .. فقط يفترض سوء النية، ثم يراجع المشهد المصري بأثر رجعي، وبعد ذلك يعود إلى مقالي ليؤكد لي أنني مُخطيء في افتراضاتي، أو مُصيب في شكوكي!

حتى هذه اللحظة، ورغم وضعي علامات استفهام لا نهائية عن دور البطل القادم على الساحة المصرية، فإنني أحترم، وأقدر الدكتور البرادعي كقيمة علمية رفيعة، وقامة وطنية سامقة في كل المحافل الدولية، لكنني كابراهيم، عليه السلام: أو لم تؤمن؟ قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي!

أعينوني على فهم شخصيات الفصل الأخير في المسرح المصري: هل نصفق للبطل القادم الذي جاء ليسدل الستار أم نبكي حسرة على الوهم الذي جاء لتكملة المسرحية؟

إذا استعان عقلي بالموضوعية، والمنطق، وتسلسل الأحداث فسيخرج بنتيجة تتناقض تماما عما وصل إليه قلبي وفؤادي.

الدكتور البرادعي يرسل اشارات متفرقة ومختلفة في شتى الاتجاهات، ويُلَوِّن كل واحدة منها بلون مختلف عن الأخريات، ويقدم نفسَه لنا في أي صورة نبحث عنه فيها، لكنه لا ينظر في وجه الطاغية، ولا يريد أن تلتقي عيناه بعينيه!

هل الدكتور البرادعي منا أم .. منهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أوجزت فأبدعت ثم تألقت
جهاد مدني ( 2010 / 12 / 10 - 19:12 )
سيد عبد المجيد
تمنيت بأن مقالتك لن تنتهي, مع أنها وجبة دسمة من الرصد الساخر. وهذا ماجعل كتابتك غاية في المعنى والأدب الأصيل.
أرجو أن أقرأ لك مجدداً

سلام


2 - شكرا جزيلا
محمد عبد المجيد ( 2010 / 12 / 11 - 04:53 )
شكرا جزيلا، أخي جهاد مدني، على اطرائك الكريم على المقال.
أما كتاباتي فستجدها على ناحية اليسار من هذه الصفحة.
والله يرعاك

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج


3 - مع احترامى ليك
عادل ابراهيم محمد ( 2010 / 12 / 14 - 03:18 )
مقالة ساذجة جدا .. حضرتك دخلت فى نوايا الراجل وبعدين دخلت فى شخصيته واللى متهيالى حضرتك متعرفهوش كويس علشان تحكم عليه بالطريقة دى

وبعدين فى تناقض كبير فى كلام حضرتك وافكار داخلة فى بعضها
اى نعم فى جزء من المقالة صح .. بس اغلب الكلام عكس بعضه

يعنى مادام انت دخلت فى نوايا الدكتور محمد البرادعى وشخصنت الموضوع لدرجة انك حكمت عليه كأنك عارفه كويس وعايش معاه فى نفس البيت

يبقى اكيد هتطلع كلام غلط


4 - حيرتي مع الدكتور البرادعي!
أحمد نعيم ( 2011 / 2 / 8 - 04:18 )
بكل صراحة أن البرادعي مظلوم جداا في كل ماسبق أن كتبه الاخ الفاضل لأنه لم يسعي إلي الحراك الوطني أو الإنضمام للمعارضة بل القوي الوطنية هي التي توجهت إليه بضغط منها بعد بلوغه السن القانونيةكمدير للهيئة الدولية للطاقة النووية وإنحاز للشعب ولم ينحاز لمبارك مثل باقي المنافقين وفي إعتقادي أن الحراك الوطني بدأ في تزايد مستمر فور إنضمام البر ادعي للمعارضة ويجدر الإشارة ان النظام عدوه رقم واحد هو البرادعي كون أن الرادعي كان يسافر كتير فهو كان لعرض قضيتنا امام العالم كله وكذا المصريين في الخارج وهو طلباته هي نفس مطالب الشباب وهو أنسب واحد في تولي أيمنصب رئاسي سواء الحكومة الإنتقالية أو الرئاسة لأنه في كل الأحوال كان جزءا هاما في المعارضة ز


5 - التوفيق من الله
أبو أحمد ( 2011 / 11 / 26 - 10:37 )
الامة المصرية متخوفة من البرادعي للاسباب التي انت اخذتها منهم ولكن العمل الوحيد ان ننتخب من هو منا وتربى في وسط مصري جميل يشعر ويحس بشعبه المسكين وليكن هذا المختار يخاف الله حتى لانلام امام المولى يوم القيامة لماذا لم تختاروا من رفع اسمي في الاعالي واخترتم من اراد ان يخفض اسمي ويخفيه ولله الامر من قبل ومن بعد

اخر الافلام

.. مشاهد تظهر تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين اللبنانيين إلى سوريا


.. منظمة في ليبيا تمنح الأمل لذوات الاحتياجات الخاصة وتفتح أبوا




.. صور متداولة لوصول عدد من النازحين اللبنانيين إلى الحدود مع س


.. فيديو يظهر عددا كبيرا من اللاجئين السوريين يدخلون الأراضي ال




.. تفاقم معاناة النازحين عند معبر المصنع الحدودي بين سوريا ولبن