الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصلاح... الإصلاح... فليحيا الإصلاح

دنيا الأمل إسماعيل

2004 / 9 / 21
القضية الفلسطينية


لم يجر الحديث عن إصلاح فلسطيني كما يجري الآن، على الرغم من المطالبات القديمة والمتعددة للنظر إلى البيت الفلسطيني بشكل أعمق من التجميلات الشعاراتية التي تخفي أكثر مما تكشف، وترعى الخراب في غياب الرؤية.
ولم يعل صوت القيادة والحكومة بضرورة الإصلاح إلاَ بعد أن بخت الحية سمومها الدولية في وجوهنا وفي وجوه مصادرنا التمويلية.
وعلى الرغم من كون الإصلاح مجرداً من أية مصالح لا يشكل سوى حاجة وطنية حقيقية، ولو كان بديلاً عن التغيير. غير أنّ الإصلاح حين يرتبط بالمصالح السياسية وتوازنات الربح والخسارة، وتصنيفات الإرهاب والديموقراطية، تأخذ القضية أبعاداً أعمق من الرغبات الطيبة والأمنيات الجميلة.
من ناحية أخرى، فإن الإصلاح كان -ومازال- مطلباً وطنياً ومجتمعياً غير مسموع الصوت منذ أن تحول الوطن إلى شركة مصالح، ومروراً بحرب التنافسات على لقب اللص الأكبر والبعبع الأكبر والتاجر الأكبر وانتهاءً بالمعارك الخفية حول أراضي المستوطنات. ونسينا أنه في وجود آلة الحرب الإسرائيلية والأمريكية كلنا صغار، صغارنا وكبارنا.
الأمريكيون يطالبوننا بالإصلاح وإلاّ000 وإصلاحنا القديم لم يعد إصلاحاً، بل تراثاً نتغنى به –إن أتيح لنا ذلك- في جلسات الديوان والمقعد والشيشة ودردشات الليل.
وإذا كان للضرورة أحكام، كما يقول مثلنا الشعبي فإنّ الأحكام هنا حقيقية وليست تهويشاً أو زعيقاً في ساحة المجلس التشريعي أمام جماهير تنظيمات ومؤسسات جلبوا على مضض تحت إلحاح الحاجة لكوبونة موبوءة أو بدل مواصلات (زيادة شوية) أو حقيبة مدرسية للبنت مهضومة الحقوق. وأحكام الأمريكان جميعاً نعرفها الكبير والصغير، والدروس أمامنا كثيرة، لا تحتاج إلى بحث أو تمحيص، ويكفي فقط أن نتذكر العراق وليالي وصباحات الموت التي ترشقها تلميذة أمريكا النجيبة الجميلة في وجوهنا.
ولأننا مضطرون إلى الإصلاح، بحكم أننا مفسدون أو فاسدون، فإن علينا أن نتجمل ونتمقرط ونتعدّل ونتحيّد، حسبما يعني الجمال والديموقراطية والعدل والحيادية في فكر المصلح الأعظم أمريكا رجل العالم، وهي رجل لأنها لا يمكن أن تكون سيدة والسيدات ضعيفات ولا يحكمنّ في بلادي، ولا يمكن أن تكون رحيمة والرحمة ضعف ولا يمكن أن تكون عاطفية لأن العواطف لا تناسب منطق القوة كما أنها موضة من أيام الاتحاد السوفيتي.
ولأنّ علينا أن نقول دائماً نعم، مرة بصوت عالٍ، وأخرى بصوت خفيض، مرة قوية، وأخرى واهنة، مرة في العلن ومرة في الخفاء، مرة ونحن مستيقظون (هل نحن مستيقظون؟) ومرة ونحن نائمون، ولأننا دائماً والحمد لله نائمون، فلا يضر أن يكون الإصلاح في تعديل وتطوير وتجويد أدوات الخنوع واللصوصية والتطبيعية، أو في تنمية مفاهيم الشحاذة والتواكل والواسطة، أو في تنميط اتجاهات الناس في الفرفشة والنص نص وخجل ستنا روبي، وانتصاراتنا المبجلة في سوبر ستار.
ولأنّ الإصلاح له علاقة ما بالدهر فعلينا أن نعمق في فسادنا جيداً على طول التاريخ، وأن نتعلم كيف نحمي تراثنا من سطوة قيم الخير والحق والجمال، هذا الثالوث المحرم في بلادنا تحريم زواج الإخوة.
ولأنّ الإصلاح لا يطبق إلاّ على الغلابة أمثالي، فإنّ علّي أن أثبت حسن نواياي، وأكتفي بوجبة يومية واحدة بدلاً من ثلاث حماية لمعدتي من تخمة الفساد، ولأنني طيبة وملتزمة دائماً فسأكتفي بسفرية واحدة فقط في الأسبوع بدلاً من سبع لأحمي المال العام من الإهدار، ولأنني لاأحرض على العنف فسأدعو إلى التمثل بتجارب صديقتنا وجارتنا وشريكتنا في الإصلاح والتصليح وأمور التسييس.
وأيضاً لأنني طيبة فسأسمح للفقراء أمثالي بأن يأكلوا ما تبقى من وجبتي الوحيدة.. الإصلاح... فليحيا الإصلاح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله