الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء القدرات المؤسسية للبرلمان: مقترح ثلاثى الأبعاد

هدى الشاهد

2010 / 12 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


يعد المكون البشرى بمثابة الدعامة الأساسية لبناء القدرات المؤسسية، ويضم المكون البشرى للبرلمان طائفتين رئيسيتين: الطائفة الأولى هى النواب من المعينين والمنتخبين، وتتسم هذه الطائفة بالتحرك والتجدد المستمر، حيث لا تستمر بمقاعدها لفترات طويلة. والطائفة الثانية هى العاملون بالجهاز الفنى وقطاع اللجان، وعلى الرغم من تعرض أفراد هذه الطائفة لتدوير وتنقل مستمر، إلا أنها تتسم باستقرار وثبات نسبى وذلك بالمقارنة بأفراد الطائفة الأولى.
ويتطلب بناء القدرات المؤسسية للبرلمان اعتمادا على تنمية مهارات العنصر البشرى تبنى حزمة متكاملة من برامج الدعم الفنى تختلف صيغتها ومحتواها باختلاف الاحتياجات الفعلية للعنصر البشرى المستهدف بشقيه السياسى (النواب) والفنى (العاملين)، ومن ثم لا مفر من امتداد برامج الدعم الفنى الموجهة لبناء القدرات المؤسسية للبرلمان إلى ثلاثة أبعاد رئيسية:
البعد الأول: النواب
ويمتد ذلك البعد إلى تطوير قدرات النواب من خلال حزمتين من برامج الدعم الفنى:
- الحزمة الأولى: الخدمات البحثية والمعلوماتية المتخصصة، وتضم منتجات بحثية ذات قيمة مضافة، تزود النواب بخدمات غير تقليدية تتضمن ملفات معلومات، وبحوث، تحليلات شاملة مزودة بالحجج المؤيدة والمعارضة.. وغير ذلك من منتجات بحثية ومعلوماتية يمكن أن تساعد النواب فى ممارسة اختصاصاتهم بصورة سليمة وفعالة.
- الحزمة الثانية: البرامج الحوارية والكلامية المتنوعة، وتضم حزمة متنوعة من الخدمات تعتمد بالأساس على التواصل - بحسب الصيغة التى يأتى عليها الحوار والهدف المرجو منه- بين طرف أصيل ثابت وهو النواب وطرف آخر متغير (كالخبراء، والمواطنين، والتنفيذيين..) يوفر الخبرة، أو الرأى، أو المشورة.
البعد الثانى: العاملون
يهتم ذلك البعد بتنمية مهارات العاملين بالبرلمان، فهم بحاجة إلى ترقية وتنمية مستمرة لمهاراتهم عن طريق التدريب. ويمكن تحديد الاحتياجات التدريبية للعاملين بالبرلمان على مستويين:
- المستوى الأول: مستوى المؤسسة، حيث تتحدد الاحتياجات التدريبية فى ضوء متطلبات العمل بالقطاعات الأربعة الرئيسية لمؤسسة البرلمان (قطاع اللجان، وقطاع الجلسات، وقطاع البحوث والمعلومات، وقطاع الشؤون الإدارية والفنية).
- المستوى الثانى: مستوى الفرد، إذ تُصنف الاحتياجات التدريبية بحسب نوعية المعارف والمهارات اللازمة لتطوير مهارات العاملين إلى ثلاث مجموعات هى:
• الاحتياجات التدريبية النمطية التى تلبى الحد الأدنى لمتطلبات العمل، وهذه النوعية من البرامج أكثر ملاءمة لاحتياجات العاملين الجدد أو من انتقل حديثا للعمل بالقطاع المستهدف.
• الاحتياجات التدريبية المتخصصة (كالمهارات البحثية والفنية، ومهارات الإدارة المتخصصة)، التى تأتى استجابة لنقص أو ضعف فى الأداء، وهذه البرامج تناسب العاملين باللجان المتخصصة، والباحثين والفنيين بالمكتبة البرلمانية، والقيادات الإدارية الوسطى والعليا.
• الاحتياجات التدريبية غير النمطية (كقراءة مشروع الموازنة، وتحليلها بصورة يسهل على نواب البرلمان فهمها، ومناقشة بنودها)، وهى احتياجات مستقبلية غير تقليدية، تسهم تلبيها فى رفع مستوى أداء الأفراد لأعمال يقومون بها فترات متباعدة لا بصفة يومية.
البعد الثالث: البنيان المؤسسى
يمتد ذلك البعد إلى تطوير الهيكل الإدارى للبرلمان، ودعمه بالبنية التحتية المطلوبة لتيسير إجراءات العمل الداخلى، وتطوير نظم المعلومات بتطوير أدوات ومصادر جديدة للحصول على المعلومات، إلى جانب تطوير خدمات المكتبة، وآليات التوثيق، وإدارات البحوث، وتطوير الإعلام البرلمانى، وتطوير نظام عمل اللجان وتحديث أدائها الفنى..
ويستلزم تنفيذ برامج الدعم الفنى التى تستهدف بالأساس بناء القدرات المؤسسية للبرلمان الكثير من الموارد الفنية والمالية التى قد يصعب على البرلمان تدبيرها بالاعتماد على موارده الذاتية، خصوصا إذا كان البرلمان المستهدف ينتمى لدولة من دول العالم النامى. فى هذه الحالة يمكن تدبير تلك الموارد عن طريق أطراف خارجية (وطنية ودولية) معنية بالتطوير البرلمانى أو بالتطوير الديمقراطى بشكل عام، وذلك من خلال صيغ للشراكة ينصرف دور الشريك الوطنى فيها إلى رسم وتنفيذ خطط التطوير بالتعاون مع البرلمان، فيما يتحدد دور الشريك الخارجى فى توفير الموارد المالية والفنية اللازمة لتنفيذ تلك الخطط وتوفير الخبرات اللازمة لذلك.
انتهاء، تواجه البرلمانات جميعا لاسيما حديث النشأة منها-بصورة أو بأخرى- صعوبة فى مزاولة بعض أو كل اختصاصاتها، الأمر الذى يعود لأسباب متعددة منها ما يتعلق بالنواب أنفسهم (كضعف انتمائهم لمؤسسة البرلمان مقارنة بانتماءاتهم الحزبية أو المصلحية، مما يؤدى دون شك إلى ضعف الحس المؤسسى لديهم، ويقلل من اهتمامهم بتعزيز وتطوير برلماناتهم)، ومنها ما يتعلق بالإمكانات المادية والبشرية للجهاز الإدرى للبرلمان، فقد تحول محدودية الإمكانات المادية والبشرية المتاحة لممارسة الاختصاصات البرلمانية دون الوصول مثلا للمعلومات الضرورية المطلوبة لتحليل مشروعات القوانين المطروحة، أو لتحريك أداة رقابية.. وعليه فالدعم الفنى للبرلمان لا يقتصر على العنصر البشرى فقط، بل يمتد للسياق المؤسسى بمعناه الشامل.
وضمانا لنجاح جهود بناء القدرات هناك عدد من الأمور التى ثبت توفرها بأغلب برامج التطوير البرلمانى الناجحة محليا ودوليا، لعل أهمها ملكية الموارد أو على الأقل الاشتراك فى إدارتها، فالشريك الخارجى مهما بلغ مستوى كفاءته يفتقر للقدرة على قيادة دفة الإصلاح الداخلى.
فضلا عن التشبيك الذى يمثل عامل نجاح آخر لبرامج الدعم الفنى، حيث يمكن الاستعاضة عن طرق التصميم والتنفيذ العادية لبرامج بناء القدرات المؤسسية للبرلمان بأسلوب تشاركى يقوم على تعاون متعدد الأطراف بين فاعلين وطنيين وأجانب لتوفير الموارد المادية والفنية المطلوبة لدعم عملية التطوير البرلمانى، وعادة ما يسهم التشبيك بين خبرات وتجارب مختلفة فى فهم أعمق لقضايا التطوير البرلمانى ينعكس بصورة إيجابية على تصميم وتنفيذ استراتيجياته، كما أن التشبيك لا سيما على المستوى الدولى يساعد فى الاستفادة من تراكم الخبرات، والتجارب الدولية المتنوعة فى هذا المجال، لاسيما الصعوبات المشتركة وطرق مواجهتها.
كما تعد المرونة، بمعنى تصميم وتفصيل برامج الدعم الفنى بمرونة وحس تجريبى قابل للتطوير، من العوامل المهمة المؤثرة فى نجاح أنشطة الدعم الفنى للبرلمان، إذ لا توجد وصفة نموذجية أو روشتة موحدة لبناء قدرات البرلمان، فالخطط المرسومة على الورق حتى وإن تم تصميمها استنادا إلى أسس علمية وموضوعية دقيقة قد لا تقبل التنفيذ العملى دون تعديلها وتكييفها وفقا لبعض المستجدات أو المتطلبات التى يكشف عنها التنفيذ، الأمر الذى يستحيل تحقيقه ما لم تتسم تلك البرامج بمرونة وحس تجريبى قابل للتطوير.
وهكذا تتطلب عملية بناء القدرات المؤسسية للبرلمان مخططاً عاماً يتحدد فى حدود اختصاصات وصلاحيات مؤسسة البرلمان المستهدف، وأولويات التطوير، والإمكانيات الذاتية والخارجية المتاحة لمقابلتها.

والله الموفق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التلفزيون الإيراني: تنظيم الانتخابات الرئاسية في 28 يونيو


.. مقتطفات من لقاء سابق أجرته الجزيرة مع الرئيس الإيراني الراحل




.. لحظة دخول مساعدات لشمال قطاع غزة


.. بعد اتهامات طهران لها بتدبير الحادث.. واشنطن تؤكد أن لا علاق




.. بايدن وترامب والملف الإيراني | #أميركا_اليوم