الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسابات صغيرة

فريدة النقاش

2010 / 12 / 12
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


قالت «سونيا غاندي» زعيمة حزب المؤتمر الهندي الحاكم، وهو الحزب الذي أسسه المهاتما غاندي وقاده بعد ذلك كل من «نهرو» و«إنديرا غاندي» و«راجيف غاندي» قالت إن الهند تتقدم اقتصاديا وتكنولوجيا ولكنها تتراجع علي صعيد الأخلاق معربة عن قلقها من مظاهر التدهور السلوكي في حياة الهنود.
وقبل شهور كان الكاتب البرازيلي «باولو كويهلو» قد كتب كلاما مشابها في روايته «ليل محارب النور» حين قال تعليقا علي الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالاقتصاد العالمي قبل عامين وماتزال آثارها متواصلة: «يمكن أن تعيد تلك الأزمة المالية العنيفة إضاءة معان إنسانية كنا قد فقدناها وعلي رأسها الحب والاستمتاع بالحياة خاصة أنها أمور لا تكلف شيئا».
وتغوص رواية «ليل محارب النور» في العالم الداخلي للإنسان، وتكشف عن دوافعه وقدراته الكامنة والتي تؤهله لاجتراح المعجزات شرط أن يؤمن هو بوجودها وهو لا يسمي المتأملين أو حتي الغارقين في ظلام أنفسهم بالفاشلين بل هم محاربو النور أي أن كويهلو يعلي من شأن إنسانية الإنسان في مواجهة توحش المال وانهيار القيم.
وقضي الفيلسوف الألماني «هابر ماس» عمرا وبذل جهدا كبيرا يدرس إمكانيات التواصل بين البشر في ظل النظام الرأسمالي إنقاذا لإنسانية الإنسان من براثن المنفعة العارية.
وفي الأدب الثوري العالمي هناك آلاف الصفحات ومئات الأفكار حول التطورات الواقعية للصراع التي تؤدي إلي هيمنة النزعات الانتهازية بما يصاحبها من التحلل الخلقي، وتدهور السلوك والقيم وتمجيد المقايضات الصغيرة علي حساب الأهداف العليا.
وتبرز مثل هذه الظواهر في ظل انحطاط الحياة السياسية هذا الانحطاط الذي يؤدي لتمكن أفكار وأشخاص يلهثون وراء «الأرباح» اليومية الصغيرة والنجاحات المؤقتة التافهة، والانخراط في الصراعات التي تدور حولها دون الاهتمام بالنتائج اللاحقة حتي لو كانت هذه النتائج تصيب البناء بالتآكل والسمعة بالأذي، وتؤدي إلي فقدان الثقة، وانتشار حالة من الأنانية واللهاث وراء المصالح الشخصية الصغيرة، والخلط بين الروح العملية المطلوبة في النضال السياسي التقدمي وهي الروح الديناميكية التي تبتكر الحلول الآنية للتغلب علي الصعاب، وبين الانتهازية التي تساوي كل الأشياء ببعضها البعض، وغالبا ما ترتبط بالأهداف الخاصة بادعاء أنها أهداف عامة، وتفتقر هذه الروح الانتهازية العارية إلي حس التراكم الذي يعني أن بناء الإنسان نفسه شأنه شأن بناء حزب أو منظمة هو عملية عضوية حية يفضي كل جزء منها للآخر، كما أن ذاكرة الشعب لا تنسي.
وهذه الروح العملية الانتهازية التي يجسدها علي أكمل نحو هؤلاء الاكاديميون الذين التحقوا بالنظام الحاكم وأخذوا يبررون له كل شيء مدعين أنهم يدافعون عن أهداف عليا وهم في واقع الأمر يفصلون فصلا تاما بين التكتيك والاستراتيجية، بل تضع الانتهازية التكتيك الذي يبيح أي شيء وأي سلوك مكان الهدف وتسخر من النظرية باعتبارها كلاما كبيرا لا جدوي منه بما يحمل ضمنيا دعوة لأن يبحث كل عن حاله لأنه لا مكان هناك لحلول جماعية بل إن الحل الفردي حتمي كالقدر.
تروج مثل هذه الظواهر في ظل هيمنة الرأسمالية وتسلط جناحها الطفيلي علي المجتمع وهو يتلاعب بمصائر الوطن والشعب من أجل حسابات صغيرة ومصالح خاصة غير مشروعة وهو الجناح الذي يحدد الخيارات السياسية والاقتصادية كما هو الحال في بلادنا وينشر قيمه في المجتمع علي نطاق واسع ويلوث منابعه الأخلاقية والروحية، ومن المنطقي أن يؤدي الصراع ضد هذه الرأسمالية إلي نمو نقيض لها تكافح من أجله البشرية كلها منذ عشرات السنين.
ويبدأ هذا النقيض جنينا في قلب النضال الجماهيري ضد وحشية الرأسمالية، وينمو في ظله التضامن بين الكادحين الذين يبدعون معا أساليب وآليات وأفكار مبنية علي قيم عليا في مواجهة التردي الواقعي والانحطاط العام، ويتحقق ذلك كله في ظل الصراع، صراع الاتجاهات وصراع الأفكار مع إعادة النظر النقدية الدائمة في كل الخيارات دون أن يعني ذلك الانتقال من شاطئ لآخر أو فقدان البوصلة أو الاستخفاف بالمبادئ باسم المرونة والمواءمة والحكمة.. أو الاستغراق في الحسابات الصغيرة بصرف النظر عن نتائجها وآثارها المدمرة علي معنويات الجماهير الواعية ورؤيتها وتصوراتها... لتكون رحلة الوطن والشعب من أجل التغيير إلي الأفضل- وأن طالت وتعرجت مسالكها مؤكدة النتائج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنتم من تغذون الحسابات الصغيرة
عبد السلام على ( 2010 / 12 / 12 - 10:16 )
أنتم ايها المفكرون والكتاب من تغذزن الصسابات الصغيرة عندما يقتصر حسكم وشعوركم واهتمامكم الانسانى على الوطن والدولة الوطنية
من يتكلم على الانسانية وبناء الانسان يجب ان يشمل كلامه وفكره العالم اجمع ومصلحة الانسانية جمعاء لا مصلحة الانسان -المواطن- داخل الدولة الوطنية فقط فهذه اولى الحسابات الصغيرة التى تولد جميع الحسابات الصغيرة الاخرى كما تولد العنصرية الوطنية باقى العنصريات من طائفية وقبلية ودينية ومذهبية.الخ
اعتقد ليس من المنطقى ان من يهتم بتحقيق الحرية والمساواة والعدل داخل ما يسمى وطنه فقط لديه اى اهتمام انسانى بالمرة بل هو انانى عنصرى من البداية
ان ذلك يكرس الرأسمالية الاحتكارية الدولية للثروات الطبيعية للارض لدى اقل من خمس سكان العالم وليذهب الباقون فقرا وجوعا الى الجحيم
الحرية التى تبدأ للطفل عند الولادة يجب عدم اهدارها بفرض ما يسمى الجنسية عليه وبالتالى اهدار حقه عند الكبر فى اختيار المكان الذى يناسبه وقدراته للعيش فيه ولايحق له الانتقال والبحث عن العمل والرزق دون اذن من عتاة الرأسمالية الوطنية بما يسمى التأشيرات والاقامات والكفيل
اين المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين البشرية


2 - تابع -انتم من تغذون الحسابات الصغيرة
عبد السلام على ( 2010 / 12 / 12 - 10:59 )
اعقد ليس لاحد ان يدعى انه من القوى الانسانية فى العالم الا اذا تجرد مما يسمى الوطنية العنصرية التى تنغلق على نفسها بما يسمى الحدود الجغرافية المصطنعة والتى تقسم بعض العائلات بل الاسر على جانبى الحدود
ليس لاحد ان يدعى ذلك وهو راض عن التفريق بين الناس بما يسمى المواطن والاجنبى -المقيم- وعن حبس البشر داخل هذه السجون المسماة دولا وطنية كما تحبس الحيوانات داخل حظائرها وذلك للحفاظ على احتكار الثروات الطبيعية لصالح الدول الغنية
من وضع هذه الحدود والاسوار ومن فرض علينا الجنسية ومن فرض الجمارك على انتقال السلع والثروات ليس ابدا من القوى الانسانية فى عالمنا
من لا يدعوا الى تحقيق الوحدة الانسانية بين البشر جميعا فى اطار من الحرية والمساواة التامة والعدل التام بين البشر جميعا لا داخل الدولة الوطنية فقط ليس من القوى الانسانية
هذا كله لايتعارض مع الحب والانتماء والتراحم بين الاقرباء والممعارف والاصدقاء فى المكان -القريةوالمدينة والاقليم- الذى نشأت فيه بينهم واكتسبت لغتى وثقافتى منهم
http://tawheedmessage.blogspot.com/ للمزيد


3 - اهم نموذج هو حزب التجمع
حسن مدبولى ( 2010 / 12 / 12 - 19:54 )
اهم نموذج كان يجب ان تضعيه كمثال على ما ورد بمقالتك ليسوا فقط الاكاديميين الذين يعملون لصالح الاحزاب الحاكمة ,ولكن ايضا هناك مثال واضح وضوح الشمس فى داخل الحزب الذى تنتمين اليه سيدتى,,ولعل فى موقفك انت ايضا من مراعاة الديبلوماسية وعدم توضيح الامور بشفافية ووضوح لموقف حزب التجمع الاخير من الانتخابات البرلمانية فى مصر ,ما يؤكد على وجود حسابات صغيرة خاصة بسيادتك ايضا


4 - لما لم ينسحب التجمع؟
حميد خنجي ( 2010 / 12 / 12 - 20:43 )
الغريب يا سيدتي ان كلامكِ نظري بحت! وإلا لماذا لاتبدؤون بأنفسكم في التجمع؟! حيث أن نتائج الإنتخابات الاخيرة ( المهزلة) في أم الدنيا، تثبت الموقف النفعي المصلحي-للأسف- للتجمع! ... كان أولى به الانسحاب مثل الأغلبية والتنازل عن مقاعده وجاهه.. وفي حينه كانت ستنكشف العورة - عورة النظام المصري- واضحة وجلية... وكم كنتَ- وغيري- اتمنى أن يقوم التجمع بضربة المعلم هذه... ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه... تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن

اخر الافلام

.. هل تسير مجريات محاكمة ترامب نحو التبرئة أم الإدانة؟ | #أميرك


.. هل أصبح بايدن عبئا على الحزب الديمقراطي؟ | #أميركا_اليوم




.. مسؤولون أمريكيون: نشعر باليأس من نتنياهو والحوار معه تكتيكي


.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟ ولماذا يفضلها ا




.. سرايا القدس تبث صورا لتفجير مقاوميها بكتيبة طوباس سيارة مفخخ