الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افضائح السلوك الاجرامي الامريكي

جواد عبد الجبار العلي

2010 / 12 / 12
السياسة والعلاقات الدولية


تناقلت وسائل الإعلام في كافة أنحاء الكرة الأرضية الفضائح التي كشفها موقع ((ويكيليكلس))، والتي تفضح جرائم الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية بمساعدة الدول المنضوية تحت لوائها – خاصة بريطانيا – وبعض الدول التي شاركت معها لأسباب منها الترهيب والتهديد بقطع المساعدات والقروض وغيرها، كذلك شملت هذه الفضائح المشورات والاجتماعات والتصنت على مسؤولي المنظمات الدولية وآراء ومواقف بعض الدول من قضية الحرب على العراق واحتلاله إلى أفغانستان، انتهاءً بإيران.
والسـؤال الذي يطـرح نفسه الآن، ما الجديد في هذه الفضـائح؟ ومن لا يعـرف هـذا السلوك الإجرامي الذي تنـتهجـه عـدوةَ الشعـوب والإنسانيـة – أمـريكا – تِجـاه دول العـالم الثـالث؟ فلو سئل أيُّ مواطنٍ عراقي أو أيُّ سجينٍ في المعتقلات الأمريكية التي أقيمت داخل العراق؛ لشرح الأساليب الإجرامية – بكل ما تحمل المفردة من معانٍ – التي استخدمت ضد المعتقلين، وطرق انتزاع الاعترافات – المدونة أصلاً – بأساليبَ وطرقٍ إجراميةٍ يندى لها الجبين. ومَن منَّـا لا يعرف عدد الشهداء الأبرياء الذين سقطوا ويسقطون يومياً جـرَّاء الاجتياح الأمريكي البريطاني – ومَن لفَّ لفَّهم– للعراق الذي كان عظيماً بكلِّ ما للكلمةِ مِن معانٍ.
إن الغريب هو في آراء بعض الأنظمة العربية من النظام الوطني العراقي قبل الاجتياح، والتشنج الذي صاحب نشر المعلومات، فهي – أي الأنظمة العربية – لا تعترف – أو لا تريد أن تعترف – بجرائم أمريكا الشنيعة في العراق، أمريكا التي جلبت وغذَّت وقوَّت العصابات والميليشيات التي نشرت الذعر والفساد والقتل والتشريد والتهجير، فقد هُجِّـرَ ما يـزيـد عن خمسة ملايين عراقي، وتصفية الكفاءات العلمية.
ما الغرابة في نشر هذه المعلومات؟ ولماذا استنفرت أمريكا كل طاقاتها لمجابهة ناشر المعلومات واعتبرته جاسوساً تجبُ محاكمته؟ كل مواطن عربي يعرف جيداً ماذا فعلت الولايات المتحدة الأمريكية بحق شعوب الأرض من آسيا إلى إفريقيا إلى أمريكا الجنوبية، ولا غرابة في نشـر هذه الأسرار وغيرها لينكشفَ من يتستر بلباس الديمقراطية، والدفاع عن حقوق الإنسان، ولينكشفَ مَن هو حقاً داعِـمٌ ومُسانِـدٌ للإرهاب، ومَن هو شاعِـلٌ لفتيل الحروب من أجل مصالحَ ونزواتٍ إجراميةٍ، ومَن هو زارِعُ النزعات الطائفية ومُغذِّيها.
إن الإجرام بكافة صنوفه وأنواعه قد مُـورِسَ، ومازالَ يُمارَسُ بحق العراق والعراقيـين، ولن يتوقف لأن الأجندة الأمريكية تعملُ على تقسيم العراق إلى دويلات طائفية، وتشكيل حكومات مرتبطة بها ولها، ونهب ما تبقَّى من ثرواته.
نعم إنَّ ما نُشِـرَ إلا غيضٌ مِن فيضٍ، وإن من يقول بأن هذه الوثائق سوف تقلل من الشأن الأمريكي، فإني أقول له بأن المسرحية لم تنتهِ بعد، وأن البطل لن يموت – أي على العكس من الأفلام الهندية –، وأن الشخصيات في هذه المسرحية يُـتَـوارَثُـون، وأن السياسة الأمريكية ضـدَّ بلدان العالم الثالث لن تتغير، وأن فرحة الشعوب من جـرَّاءِ نشرِ هذه الفضائح ليست إلا نشوة أو زخاتُ مطـرٍ صيفـية لا تَـبِلُّ مَن تحتها، وتَمُـرُّ بنا مرور الكرام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبلوماسية الأمريكية: أي أمل لغزة ولبنان؟ • فرانس 24


.. هاريس - ترامب: أيهما أفضل للعالم العربي والمنطقة؟




.. تونس: ماذا وراء حبس -صنّاع محتوى- بتهم أخلاقية؟ • فرانس 24 /


.. ما أسباب توقيف طالب فرنسي في تونس بقرار من القضاء العسكري؟




.. تونس: السجن أربع سنوات ونصفا لناشطة تونسية على إنستغرام بتهم