الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول المفاوضات وشروط التسوية

فهد سليمان

2010 / 12 / 12
القضية الفلسطينية


بصريح العبارة ...لا مفاوضات مع الاستيطان ... لا تسوية بدون مرجعية القرارات الدولية

* حكومة إسرائيل الراهنة المتطرفة بزعامة نتنياهو وليبرمان ؛ تعبر عن عمق القاع العنصري الذي وصلت إليه، وقد جاءت على برنامج إغلاق كامل المنافذ الممكنة للتسوية
* البديل هو الدعم الدولي للشرعية الدولية وقراراتها، وتوسيع دائرة التضامن الدولي مع قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه، والذهاب إلى مجلس الأمن الدولي، بمشروع قرار يعترف بخطوط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 حدوداً للدولة الفلسطينية المستقلة
إن استئناف المفاوضات لن يحمي القدس المحتلة عام 1967 من أنياب الاحتلال، بل بالعكس فإن إسرائيل تستغلها لتهويد المدينة بالاستيطان، هذا هو الاستخلاص الساطع لتجربة أوسلو، وقد تضاعف عدد المستوطنين ثلاث مرات منذ توقيعها عام 1993، واستخدم الاحتلال أساليب عدة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وطرد أصحابها عبر «قانون أملاك الغائبين» الوسيلة الأخطر، ومنازل المقدسيين في دائرة الاستهداف بحسب هذا القانون الاستعماري العنصري، هذا التهجير الصامت يتصاعد اليوم إلى العلن، فـ «الترانسفير» على قدم وساق، وبواسطته سيطرت إسرائيل على 96% من أراضي فلسطين التاريخية.
ذات النهج مع الاستيطان الاستعماري في الضفة الفلسطينية، بما لا يوفر الحد الأدنى من شروط مفاوضات هادفة، بيد أن التصدي لهذه العدوانية العنصرية ومخاطرها، ينبغي أن يأتي من المؤسسات الدولية وضغوطها على الاحتلال وفضح إجراءاته العنصرية، فضلاً عن اعتماد الشرعية الدولية كمرجعية وإطار للمفاوضات، وجوهرها انسحاب قوات الاحتلال حتى خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، ضمن مدى زمني قصير ومحدد، عبر ضمانات دولية لآليات تطبيق ملزمة في كل ما يتم الاتفاق عليه.
ما يستحق أن نركز عليه الأنظار؛ هو أن إسرائيل ليست دولة ديمقراطية، بل عنصرية ودولة ديموغرافية، حيث تتضمن قوانينها نزعة إقصائية تتبدى على كامل مستويات مؤسساتها، وخاصة على المستوى «القانوني» تعبيراً عن مدى عمق العنصرية الصهيونية، بدءاً من قانون «المواطنة» و«المحكمة العليا»؛ نحو مجمل القوانين التي تعتبر نموذجاً مثالياً للعنصرية وللإقصاء والنفي والترانسفير، والذي يطال 1.2 مليون من الفلسطينيين الذين بقوا فوق أرض وطنهم إثر نكبة عام 1948، هل يستطيع أحد ما؛ أن يتخيل وزير دبلوماسية دولة ما؛ يدعو كما يدعو وزير الخارجية الإسرائيلي المتطرف افيغدور ليبرمان بسحب الجنسية من فلسطينيي 1948 وطردهم من وطنهم، طرد خُمْس السكان في دولته، لم تكن تصريحاته الرسمية هذه مجرد طلقة طائشة في الظلام، بل هدف عملت عليه إسرائيل منذ أمد لاستكمال عملية تطهير عرقي واسعة النطاق، لمخطط صهيوني قديم، والترانسفير يتخذ أشكالاً شتى في تصعيب الحياة اليومية للفلسطينيين؛ في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والتربوية، إن مخططات الترانسفير قائمة وجديّة، مترافقة مع الدعم الأميركي لإقامة «دولة يهودية».
إن حكومة إسرائيل الراهنة المتطرفة بزعامة نتنياهو وليبرمان ومَنْ لفّ لفهما من أركانها؛ تعبر عن عمق القاع العنصري الذي وصلت إليه، وقد جاءت على برنامج إغلاق كامل المنافذ الممكنة للتسوية، وقطع كل الطرق التي تؤدي إلى أفق لها، وباتت ذاتها رهينة للمستوطنين.
بالإمكان مراجعة تقارير ريتشارد فولك المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمكلف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهو أستاذ للقانون في جامعة برنستون العريقة ويهودي الديانة، تقاريره حول «المحنة القاسية للفلسطينيين تحت الاحتلال، وسياسات العقاب الجماعي، وحصار قطاع غزة، باعتباره انتهاكاً سافراً للقانون الإنساني الدولي بموجب المادة 33 من معاهدة جنيف الرابعة»، وأن ما يجري «يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية».
من على منبركم المحترم «أنباء موسكو» نشدُّ انتباه الرأي الدولي العام، إلى أن هذا الوضع المأسوي في الأراضي الفلسطينية ليس مؤقتاً لينفرج مع المفاوضات، أو عندما يجري التوصل إلى خطة ما، لأن حركة الاستيطان الاستعماري بدأت مع اليوم الأول للاحتلال، وصولاً إلى حكومة نتنياهو المتطرفة، والتي سبق لأركانها في الحملة الانتخابية أن دعوا إلى رفض المفاوضات وقصرها على الجانب الاقتصادي، ودعا بعض أركانها إلى حظر المشاركة البرلمانية للأقلية الفلسطينية، ودفع غير اليهود إلى مغادرة البلاد، بل إن بعضهم دعا إلى انسحاب إسرائيل من منظمة الأمم المتحدة، طالما أنهم يعيشون في كوكب آخر غير هذه البسيطة...
إن هذا كله يدلل على تهديد ورفض إسرائيل لعملية السلام، كما ينذر بحروب إذا ما اندلعت؛ لا يعلم أحد مع أي جيل قادم ستتوقف. والبديل هو الدعم الدولي للشرعية الدولية وقراراتها، وتوسيع دائرة التضامن الدولي مع قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه، والذهاب إلى مجلس الأمن الدولي، بمشروع قرار يعترف بخطوط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 حدوداً للدولة الفلسطينية المستقلة، ويلزم إسرائيل بإنهاء احتلالها للضفة الفلسطينية بما فيها القدس وقطاع غزة، وفي حال لجوء الولايات المتحدة إلى استعمال الفيتو، يتم اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ بدورة استثنائية تحت قرار «متحدون من أجل السلام»، وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لاستصدار قرار بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبولها عضواً في المنظمة الدولية.
إن التسوية لن تأتي، إلا بعد أن يتحمل المجتمع الدولي ومؤسساته الدفاع عن قراراته التاريخية المتخذة بشأن القضية الفلسطينية، ومواجهة غلواء عنصرية إسرائيل بممارسة الضغوط عليها لحملها على القبول بقرارات الشرعية الدولية والتخلي عن نهجها العدواني التوسعي
* نقلا عن صحيفة «أنباء موسكو» العدد 13/1 الصادر في أوائل شهر كانون الأول( ديسمبر) 2010 وجاءت هذه المقالة في إطار ملف حول الشرق الأوسط نشرته الصحيفة على أعداد متتالية ساهم في كتابة مواده ـ بناء على طلب الصحيفة ـ كل من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والرفيق فهد سليمان.

*عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
عضو المجلس المركزي في منظمة التحرير الفلسطينية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!