الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شركات التأمين تسيطر على صناديق التقاعد

داني بن سمحون

2004 / 9 / 22
الحركة العمالية والنقابية


شؤون نقابية
شركات التأمين تسيطر على صناديق التقاعد
عملية نقل ارصدة التقاعد هي حلقة هامة في سلسلة من الخطوات التي تهدف الى نقل الممتلكات العامة من الجمهور الى اصحاب العمل ورؤوس الاموال. الفائدة لجمهور العمال اصحاب الارصدة في الصناديق التي يتحدث عنها وزير المالية هي مجرد وهم. في الواقع تخدم الخطوة الاخيرة النخبة الغنية فحسب.

داني بن سمحون

قام وزير المالية، بنيامين نتانياهو، بخصخصة صناديق التقاعد الكبيرة الثلاثة: "مفتاحيم" و"مكيفيت" و"ميطافيت" التي تسيطر على نسبة 75% من حجم صناديق التقاعد في اسرائيل. وتعتبر هذه الخطوة اتماما لقرار سابق اتخذ في حزيران عام 2003 بتعيين مدراء من طرف وزارة المالية لادارة الصناديق التي خضعت لملكية واشراف الهستدروت.
وكان المبرر لمصادرة الصناديق من الهستدروت، الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الصناديق بسبب سوء الادارة. حسب نظرية نتانياهو نقل الصناديق الى شركات تأمين خاصة وتحويلها الى استثمارات يتم تداولها في البورصة، سيزيد من ارباحها وقوتها الاقتصادية، وبالتالي يخدم العمال اصحاب التوفيرات.
بيع صناديق التقاعد المذكورة تم بمناقصة مفتوحة، الامر الذي سمح ببيعها باسعار تفوق التوقعات. الطرف الذي تنافس على شراء الصناديق كان شركات التأمين الكبيرة التي تتصرف كتجمع اقتصادي واحد، الامر الذي لا يبشر اصحاب التوفيرات بخير.
الصندوق الاكبر الاول الذي تم بيعه – صندوق "مفتاحيم الجديد" – يتحكم ب50% من سوق التقاعد في اسرائيل. شركة التأمين الكبيرة "منورة" دفعت في هذه الصفقة 710 مليون شيكل، وهو مبلغ يفوق ب50% قيمة الصندوق. شركة "منورة" تحولت بعد هذه الصفقة الى ثاني اكبر شركة تأمين في البلاد، اذ باتت تسيطر على 21.1% من سوق التوفيرات للتقاعد.
صندوق التقاعد "مكيفيت الجديدة" بيع لشركة التأمين "مجدال"، مقابل 201 مليون شيكل. الصندوق الثالث "ميطافيت" بيع لشركة "كلال بيتوح" مقابل 135 مليون شيكل، اي ضعف المبلغ المقدر الذي بلغ 70 مليون شيكل.
تم تأسيس صناديق التقاعد الجديدة الثلاثة عام 1995، كشركات فرعية لصناديق التقاعد الكبيرة التي كانت تابعة للهستدروت بصفتها المؤسسة التي تحمي حقوق العاملين. منذ عام 1995 وحتى عام 2003 تمت ادارة الصناديق بالتنسيق بين وزارة المالية والهستدروت، علما ان الدولة من خلال وزارة المالية كانت تضمن لاصحاب التوفيرات في صناديق الهستدروت شبكة امان من خلال اوراق مالية حكومية مضمونة.
صناديق التقاعد هي مصدر كبير لتجنيد الاموال من قبل الحكومات، وذلك لانها تجبي مئات الشيكلات من كل عامل شهريا. حسب القانون، يدفع صاحب العمل منه 6% من اجر العامل لصندوق التوفير، في حين يحسم من راتب العامل 5.5% من اجره لنفس الحساب، وبالتالي تتراكم كل شهر نسبة 11.5% من اجر العامل في صندوق التوفير.
حساب بسيط للمبلغ الذي يجبيه صندوق "مفتاحيم" الذي يضم 400 الف مشترك، يدل على انه يجبي شهريا 220 مليون شيكل او 2.64 مليار شيكل سنويا. هذا المبلغ الكبير استعمل في الماضي كرصيد اقترضت منه الحكومة عندما منحت الصناديق نسبة فائدة مضمونة، الامر الذي كان يخدم الطرفين – الحكومة والعامل على حد سواء.
كل ذلك انتهى في حزيران 2003 عندما اتخذ نتانياهو القرار القاضي بنقل الصناديق الى ملكية الدولة وتجهيزها للخصخصة – او نقلها لشركات خاصة. الادعاء آنذاك كان ان هذه الصناديق لها خسائر هائلة تصل الى اكثر من 100 مليار شيكل (!) الامر الذي يهدد مصلحة اصحاب التوفيرات. حسب ادعاء نتانياهو المشكلة تكمن في ادارة الهستدروت، ولذلك ستنقذ عملية الخصخصة هذه الصناديق.
الا ان الاهتمام البالغ من قبل شركات التأمين في هذه الصناديق يفند ادعاءات نتانياهو، ويثبت ان صناديق التقاعد هي في الحقيقة بضاعة مطلوبة. الهستدروت من طرفها لاحظت بعد عملية البيع الكبيرة انه "اذا لم تقم وزارة المالية بعملية البيع، ومنحت بالمقابل الهستدروت التي لها قدرة كبيرة على البيع (بسبب عدد اعضائها الكبير) امكانية لادارة الصناديق لسنوات قليلة اخرى، لرأى الجميع ان صناديق التقاعد هي مؤسسات ذات بنية سليمة، وان ادعاءات المالية حول الخسائر والانهيار الوشيك لم تكن الا كذبة كبيرة". (هآرتس، 3 ايلول)

بضاعة مطلوبة

ما هو اذن سر تهافت شركات التأمين على شراء صناديق تقاعد التي تخسر عشرات مليارات الشيكلات؟ الجواب لذلك متعدد الجوانب: اولا، من خلال اقامة صناديق التقاعد الجديدة عام 1995 كجسم مستقل عن الصندوق الام، تأسست صناديق جديدة مبينة بطرق سليمة لا خسائر لها، وذلك لان اعضاءها ليسوا من كبار السن المتقاعدين الذين يتقاضون المخصصات ولا يدفعون للصندوق.
ثانيا، توفيرات العمال قد تتحول الى استثمارات في البورصة ومنجم للارباح. مدير صندوق التقاعد "ق.ج.م"، الذي يعتبر صندوق الام ل"ميطافيت" يقول: "حتى اليوم كانت سوق صناديق التقاعد في حالة سبات، ولكننا اليوم توصلنا الى نتيجة بان له احتمالات جيدة للمستقبل. لذلك كان مهما بالنسبة لشركات التأمين ان تسيطر على هذه الصناديق".
الامر الثالث والهام هو ان شركات التأمين التي تسيطر على مئات آلاف العاملين الاعضاء في صندوق التقاعد، تكسب من خلال شراء الصناديق اليوم مئات آلاف الزبائن المحتملين، الذين من الممكن ان يشتروا منها بطاقات تأمين في مجالات اخرى (مثل تأمين السيارات او البيت او تأمين الحياة). هذا ناهيك عن امكانية استخدام مئات ملايين الشيكلات للاستثمارات المربحة في البورصة.
اذا كانت صناديق التقاعد تدار حتى الآن بهدف ضمان رفاهية العامل، فقد تحولت بفعل السياسة الاقتصادية للحكومة، الى مصدر لارباح الشركات. الاقتصادي والخبير في شؤون التقاعد دان شبرينتساك قال للصبّار (9 ايلول): "ان كعكة الارباح واحدة، ارباح الشركات ستأتي على حساب اموال العمال اصحاب الارصدة. شركات التأمين التي اشترت الصناديق، ستتحين الوقت لزيادة رسوم الادارة لتعويض الاموال التي دفعت مقابل شراء الصناديق".

كيف تنشط الصناديق؟

اغلبية الصناديق تستثمر 30% من اموالها في اوراق مالية حكومية، تضمن فائدة ثابتة بنسبة 4.85% للسنة، وتستثمر سائر الاموال في السوق الحرة. الارصدة المتراكمة في الصندوق هي توفيرات تسجل لصالح العامل، الا ان رسوم الادارة التي يجبيها الصندوق تمنحه ربحا معينا. وهنا تأتي اهمية طبيعة الادارة: فمثلا بلغت نسبة الرسوم في صناديق التقاعد التابعة للهستدروت 7.25% وهي نسبة قليلة نسبيا، المفروض ان تكفي لتغطية تكاليف الادارة دون جني الارباح. اما اليوم بموجب عملية الخصخصة تنوي شركات التأمين مضاعفة الرسوم لتصل الى 15%، من الاموال المتراكمة لديهم لصالح شركات التأمين الربحية.

على حساب الجمهور

شركات التأمين ستسيطر من الآن فصاعدا على سوق صناديق التقاعد، ومن المحتمل ان تنسق فيما بينها ادارة الفرع، على شاكلة ما تقوم به البنوك وشركات التأمين في مجالات اخرى. ومن المتوقع ان يؤدي نقل صناديق التقاعد لسيطرة شركات التأمين الرأسمالية الكبيرة، الى مضاعفة قوتها ثلاثة اضعاف.
محررة صحيفة "هآرتس" (31 آب) الاقتصادية ميراف ارلوزوروف كتبت في هذا المجال "ان هذه السيطرة المركزية تخلق مشكلة، وهي مقلقة اكثر اذا اخذنا بعين الاعتبار هوية شركات التأمين. فهذه الشركات هي التي باعت لزبائنها تأمينات غالية دون ان تمنح لهم ضمانات. هي نفس الشركات التي رفعت اسعار التأمين، واثبتت انها تبحث عن كل وسيلة لجني الارباح على حساب زبائنها. المشكلة تكمن في انه منذ الآن سيكون زبائنها كل اصحاب الارصدة في صناديق التقاعد في اسرائيل".
وقد تعرضت وزارة المالية للانتقاد والاتهام بانها تمنح الهدايا لاصحاب رأس المال، ولا تقدم ضمانات لاصحاب التوفيرات في صناديق التقاعد في حالة منيت شركات التأمين بخسائر. وردا على ذلك، اعلنت المالية عن منح كفالة حكومية لارصدة العمال. والسؤال لماذا فضلت الحكومة الامتناع عن دعم وانقاذ صناديق التقاعد حين واجهت صعوبات اثناء كانت تحت ادارة الهستدروت؟
الجواب واضح: وزارة المالية التي تعلن التزامها بنظرية السوق الحرة تخدم الاغنياء دون خجل. عملية نقل ارصدة التقاعد هي حلقة هامة في سلسلة من الخطوات التي تهدف الى نقل الممتلكات العامة من الجمهور الى اصحاب العمل ورؤوس الاموال. الفائدة لجمهور العمال اصحاب الارصدة في الصناديق التي يتحدث عنها وزير المالية هي مجرد وهم. في الواقع تخدم الخطوة الاخيرة النخبة الغنية وتترك شبكة الامان التي تكفل مستقبل العمال مرهونة بتقلبات البورصة.

مجلة الصبّار، ايلول 2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار اعتصام طلاب جامعة جورج واشنطن في مخيم داعم لغزة


.. المغرب.. معدلات البطالة تصل لمستويات قياسية




.. أخبار الصباح | لندن: ضربة مزدوجة من العمال للمحافظين.. وترمب


.. رغم تهديدات إدارتها.. طلاب جامعة مانشستر البريطانية يواصلون




.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا