الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 20

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2010 / 12 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين ـ الجزء 20

يعتبر لينين الأساس الإقتصادي مهما في تحديد صفة علاقات الإنتاج ، فمهما يكن الأساس الإقتصادي متجها نحو الإشتراكية تحدث في القوى المنتجة ثورة تحولها إلى قوة قادرة على تحطيم علاقات الإنتاج الرأسمالية ، و لا يمكن للأساس الإقتصادي أن ينتقل من هيمنة الإقتصاد الرأسمالي إلى سيادة الإقتصاد الإشتراكي دفعة واحدة ، ذلك ما لم يفهمه المناشفة الجدد عندما يقولون بعدم إمكانية زوال الإقتصاد البضاعي في التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي شأنهم في ذلك شأن المناشفة في عهد ستالين.

يقول ستالين :

"يذهب بعض الرفاق إلى أن الحزب قد حافظ خطأ على الإنتاج البضاعي بعدما استولى على الحكم وأمم وسائل الإنتاج في بلادنا. وهم يرون أنه كان على الحزب في ذلك الوقت أن يزيل الإنتاج البضاعي. وفي ذلك يستشهدون بإنجلز الذي يقول:
«مع تملك المجتمع لوسائل الإنتاج، يزال الإنتاج البضاعي، وتزال بالنتيجة سيطرة المنتوج». (راجع كتاب دوهرينغ).
إن هؤلاء الرفاق على خطأ جسيم.
فلنحلل صيغة انجلز. إن هذه الصيغة لا يمكن اعتبارها على درجة تامة من الوضوح والدقة، لأنها لا تبين ما إذا كان المقصود تملك المجتمع جميع وسائل الإنتاج أو قسماً منها فقط، أي أنها لا تبين ما إذا كانت جميع وسائل الإنتاج قد جعلت ملكاً للشعب أو قسم منها فقط، وإذن فإن صيغة انجلز هذه يمكن أن تفهم على وجهين.
وفي مقطع آخر من كتاب انتي دوهرينغ، يتكلم انجلز عن تملك «جميع وسائل الإنتاج»، عن تملك «وسائل الإنتاج بكليتها». ومعنى ذلك إذن أن انجلز لا يقصد في صيغته تأميم قسم من وسائل الإنتاج بل تأميم مجموع وسائل الإنتاج، أي جعل وسائل الإنتاج ملكاً للشعب لا في الصناعة فقط، بل في الزراعة أيضاً."كتاب : المسائل الإقتصادية للإشتراكية بالإتحاد السوفييتي.

لقد أكد لينين أن الإنتاج الزراعي يشكل عائقا أمام تحول القوى المنتجة في الإتحاد السوفييتي إلى قوى اشتراكية نظرا لصعوبة القضاء على الملكية الخاصة في الفلاحة دفعة واحدة بعد الثورة الإشتراكية ، لهذا حافظة على الشكل البضاعي في العلاقة بين الفلاحين الصغار و دولة ديكتاتورية البروليتاريا لكون تحالف العمال و الفلاحين ضروري في القضاء على تحالف الرأسماليين و الملاكين العقاريين الكبار ، و تأكيد ماركس على أهمية الطبقة العاملة في الثورة الإشتراكية بقيادة الطليعة البروليتارية يبرز دور الفلاحين في تعطيل هذه الثورة و قد وصفهم ماركس بالرجعية في بعض كتاباته شأنهم شأن البورجوازية الصغرى المثقفة.
فالعلاقة بين الصناعة و الفلاحية باعتبارهما مكونين أساسيين في بناء الإساس الإقتصادي في الرأسمالية علاقة دياليكتيكية يحكمها التناقض في ظل الوحدة ، و لا يمكن للصناعة السيطرة في الإقتصاد بشكل نهائي إلا عندما تقع في الفلاحة ثورة صناعية قادرة على نفي بقايا الإقطاع بصفة نهائية ، ذلك ما لا يمكن أن يقع إلا عندما تتحول وسائل الإنتاج إلى ملكية اجتماعية بصفة نهائية و في ظل دولة ديكتاتورية البروليتاريا.

يقول ستالين :

"وينجم عن ذلك أن انجلز إنما يقصد الأقطار التي بلغت فيها الرأسمالية وتمركز الإنتاج درجة كافية من التطور، لا في الصناعة فقط بل في الزراعة أيضاً، بحيث يصبح ممكناً نزع ملكية جميع وسائل الإنتاج في البلاد وجعلها ملكاً للشعب. فانجلز يرى إذن أنه، إلى جانب جعل جميع وسائل الإنتاج اجتماعية في هذه الأقطار، من الملائم إزالة الإنتاج البضاعي. وهذا صحيح طبعاً.
في آخر القرن الماضي، في الحقبة التي صدر فيها كتاب انتي دوهرينغ، كانت انكلترا البلد الوحيد الذي بلغ فيه تطور الرأسمالية وتمركز الإنتاج سواءً في الصناعة أم في الزراعة، درجة يمكن معها، في حالة استيلاء البروليتاريا على الحكم، جعل جميع وسائل الإنتاج في البلاد ملكاً للشعب، وإزالة الإنتاج البضاعي.
وإني أضرب هنا صفحاً عن أهمية التجارة الخارجية لانكلترا مع ما لها من قسط هائل في الاقتصاد الوطني البريطاني. وأعتقد أنه فقط، بعد دراسة المسألة، يمكن البت نهائياً بمصير الإنتاج البضاعي في انكلترا غداة استيلاء البروليتاريا على الحكم وتأميم جميع وسائل الإنتاج.
ومع ذلك فإن مدى ما نشاهده في انكلترا من تطور الرأسمالية وتمركز الإنتاج الزراعي لم يبلغه أي بلد لا في نهاية القرن الماضي وحسب، بل اليوم أيضاً. أما في البلدان الأخرى، فرغم تطور الرأسمالية في الريف، لا يزال هناك طبقة كثيرة العدد إلى حد لا يستهان به من الملاكين المنتجين، الصغار والمتوسطين، الذين ينبغي تقرير مصيرهم في حالة وصول البروليتاريا إلى الحكم."نفس المرجع.

لقد اتخد المناشفة الجدد من قول ماركس بحتمية زوال الرأسمالية ذريعة لتغليط البروليتاريا و الكذب عليها بقولهم بعدم جدوى الثورة الإشتراكية و ضرورة الإنتظار إلى حين بلوغ الرأسمالية مستوى التحول السلس إلى الإشتراكية ، و هؤلاء التحريفيون الإنتهازيون يريدون من الماركسيين اللينينين المساهمة في المؤامرة ضد الطبقة العاملة و الفلاحين الصغار و المتوسطين الذين يستغلهم الرأسماليون ، يريدون منهم الإنتظار إلى حين العصف بالفلاحين إلى صفوف البروليتاريا الزراعية عندما يستولي الملاكون العقارييون الكبار على جميع أراضيهم و يتم تمركز الإنتاج في الزراعة ، إنه بالفعل حلم التحريفيين الإنتهازيين الذين ينتظرون الفرصة للسيطرة على السلطة السياسية كما فعل المناشفة في فبراير 1917 . فكيف يمكن للماركسيين اللينينيين الإنتظار إلى حين سيطرة الطغمة المالية على الأساس الإقتصادي و هلاك الغالبية العظمى من الشعب من أجل تحقيق الإشتراكية الهلامية المسيطرة على عقول التحريفيين الإنتهازيين ؟
لقد أكد لينين أنه لا يمكن الإنتظار حتى يصبح جميع الناس بروليتاريين لبناء دولة اشتراكية و أنه لا بد من ديكتاتورية البروليتاريا في دولتها كمرحلة انتقالية ، و لا يمكن أن يتم ذلك إلا بالقضاء على سلطة البورجوازية بالثورة الإشتراكية التي تقودها طليعة البروليتاريا ، و أكد لينين على ضرورة تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين بعد الثورة الإشتراكية ضد تحالف الرأسماليين و الملاكين العقاريين الكبار.

يقول ستالين :

"وإذن فكيف العمل إذا كانت جميع وسائل الإنتاج لم تكن اجتماعية، بل قسم منها فقط، وإذا كانت جميع الشروط الملائمة لاستيلاء البروليتاريا على الحكم متوفرة، ـ هل يجب أن تستولي البروليتاريا على الحكم، وهل يجب القضاء، بعد ذلك فوراً، على الإنتاج البضاعي؟
لا يمكن طبعاً أن يعد جواباً رأي بعض الماركسيين المزعومين الذين يرون أنه ينبغي، في هذه الأحوال، الامتناع عن الاستيلاء على الحكم، والانتظار حتى يتسع الوقت للرأسمالية لتخرب ملايين المنتجين الصغار والمتوسطين، وتحولهم إلى أجراء زراعيين، وتمركز وسائل الإنتاج في الزراعة، وأنه، بعد ذلك فقط، يمكن وضع مسألة استيلاء البروليتاريا على الحكم وجعل جميع وسائل الإنتاج اجتماعية. ومن المفهوم أن الماركسيين لا يمكنهم أن يقبلوا مثل هذا «الحل» إذا كانوا لا يريدون أن يلطخوا شرفهم بالخزي والعار.
كذلك لا يعتبر جواباً رأي الماركسيين المزعومين الآخرين الذين يظنون أنه ربما يجب الاستيلاء على الحكم واللجوء إلى نزع ملكية المنتجين الصغار والمتوسطين في الريف وجعل وسائل إنتاجهم اجتماعية. فالماركسيون لا يستطيعون أن يسيروا في هذه الطريق الخرقاء والمجرمة لأن هذه الطريق تحرم الثورة البروليتارية كل إمكانية للنصر، ونلقي بجماهير الفلاحين في معسكر أعداء البروليتاريا إلى أمد طويل."نفس المرجع.

و يقول المناشفة الجدد في "قراءت"هم للوضع العام العالمي بإنيهار الرأسمالية مع انهيار الإشتراكية في آن واحد و ينطلقون لبناء أسس "نظريت"هم "الجديدة" التي تدعي تطوير الماركسية ، و يقولون أننا لسنا بحاجة إلى ماركس و لينين و هذا هو الإستنتاج النهائي ل"قراءت"هم و يدعون أن ذلك ما تسعى إليه الماركسية اللينينية (سقوط الرأسمالية و الإشتراكية)، إنه استنتاج تحريفي لمقولة "حتمية زوال الرأسمالية" يتم إسقاطه على النظام العالمي الراهن و هو استنتاج مليء بالتناقضات الصارخة ، التي لا يمكن الوقوف عليها إلا بفهم الأساس الإقتصادي العالمي ككل و تحليله في ظل وحدة التناقضات بين الإحتكارية و المزاحمة الحرة ، في ظل التناقض بين الصناعة و الفلاحة ، في ظل التناقض بين الدول الإمبريالية و الدول التابعة لها ، في ظل التناقض بين الثورة البورجوازية و الإشتراكية.
لقد أكد لينين في تحليله للرأسمالية الحديثة/الإمبريالية أنه لا مجال فيها للمزاحمة الحرة بعد سيطرة الإحتكارية التي انبثقت من حضن المزاحمة الحرة بعد ولادة الإمبريالية ، و أن المشاريع الصغرى لصغار البورجوازية ما هي إلا صمام أمان الرأسمالية الإمبريالية في تعايشها مع المزاحمة الحرة من أجل تجديد نفسها للخروج من أزما تها المزمنة ، حيث لا يمكن القضاء على المزاحمة الحرة نهائيا في ظل الرأسمالية الإمبريالية لكون وجودها ضروري في تنمية الرأسمال المالي المسيطر على الأساس الإقتصاد عالميا بسيطرة الإحتكاريين الماليين الإمبرياليين على السوق التجارية العالمية.
و كما لم يتم القضاء على الإقطاع نهائيا في ظل الثورات البورجوازية فإن الإنتاج البضاعي في الفلاحة يبقى مستمرا ما لم يتم القضاء عليه نهائيا في ظل الثورة الإشتراكية ، و المزاحة الحرة تعتمد عليها الإحتكارية لبسط سيطرتها على الدول التابعة للرأسمالية الإمبريالية لجعلها مجالا للإستثمارات الإحتكارية من أجل تمركز الإنتاج في الفلاحة و استغلال البورجوازيين الصغار ، و التناقض بين الإحتكارية و المزاحمة الحرة في ظل الوحدة كما هو الشأن في قوانين الحركة بصفة عامة أمر ضروري في استمرار الإمبريالية في التطور عبر سيطرة الرأسمال المالي على الإنتاج البضاعي ، ذلك ما يشكل عمق التناقض الأساسي للرأسمالية الإمبريالية مما يعطيها النفس الطويل في مواجهة أزماتها المالية التي تشكل فيها الأزمة المالية اليوم محطة من محطاتها التي تلازما على طول تطورها إلى حين تحقيق الثورة الإشتراكية العالمية.

يقول ستالين :

"كذلك لا يعتبر جواباً رأي الماركسيين المزعومين الآخرين الذين يظنون أنه ربما يجب الاستيلاء على الحكم واللجوء إلى نزع ملكية المنتجين الصغار والمتوسطين في الريف وجعل وسائل إنتاجهم اجتماعية. فالماركسيون لا يستطيعون أن يسيروا في هذه الطريق الخرقاء والمجرمة لأن هذه الطريق تحرم الثورة البروليتارية كل إمكانية للنصر، ونلقي بجماهير الفلاحين في معسكر أعداء البروليتاريا إلى أمد طويل.
وقد أجاب لينين على هذا السؤال في مؤلفاته عن «الضريبة العينية» وفي مؤلفه الشهير «البرنامج التعاوني».
ويمكن إيجاز جواب لينين بما يلي:
أ ـ عدم تفويت الظروف الملائمة للاستيلاء على الحكم؛ فعلى البروليتاريا أن تستولي على الحكم دون أن تنتظر حتى تكون الرأسمالية قد توصلت إلى خراب ملايين المنتجين الفرديين الصغار والمتوسطين.
ب ـ نزع ملكية وسائل الإنتاج في الصناعة وجعلها ملكاً للشعب.
ج ـ أما المنتجون الفرديون الصغار والمتوسطون فيجمعون بصورة تدريجية في تعاونيات إنتاجية، أي في مؤسسات زراعية ضخمة، هي الكولخوزات.
د ـ تطوير الصناعة، بجميع السائل، وإقامة الكولخوزات على أساس تكنيكي حديث، هو الأساس التكنيكي للإنتاج الكبير؛ وعدم نزع ملكية الكولخوزات، بل بالعكس، تزويدها، بشكل وافر، بأعلى طراز من التراكتورات وسائل الآلات.
هـ ـ لأجل تأمين التحالف الاقتصادي بين المدينة والأرياف، بين الصناعة والزراعة، يحافظ، إلى حين، على الإنتاج البضاعي (التبادل عن طريق البيع والشراء)، بوصفه الشكل الوحيد المقبول ـ لدى الفلاحين ـ للعلاقات الاقتصادية مع المدينة، وتطور التجارة السوفييتية على مداها، تجارة الدولة والتجارة التعاونية والكولخوزية على السواء، مع إزالة الرأسماليين، على أنواعهم، من ميدان التجارة.
إن تاريخ بنائنا الاشتراكي يدل على أن طريق التطور هذا، الذي رسمه لينين، قد ثبتت صحته تماماً.
ولا يمكن الشك في أن هذا الطريق هو الوحيد الممكن والمعقول لانتصار الاشتراكية في جميع الأقطار الرأسمالية التي فيها طبقة من المنتجين الصغار والمتوسطين، كثيرة العدد إلى حد ما.
يقولون أن الإنتاج البضاعي لا بد منه، مع ذلك، من أن يؤدي في جميع الظروف وسيؤدي حتماً إلى الرأسمالية. هذا غير صحيح. لا دائماً ولا في جميع الظروف! ولا يمكن اعتبار الإنتاج البضاعي والإنتاج الرأسمالي متماثلين. فهما شيئان مختلفان. إن الإنتاج الرأسمالي هو الشكل الأعلى للإنتاج البضاعي. ولا يؤدي الإنتاج البضاعي إلى الرأسمالية إلا إذا كانت الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج موجودة؛ إلا إذا كانت قوة العمل تظهر في السوق كبضاعة يستطيع الرأسمالي أن يشتريها ويستغلها في عملية الإنتاج؛ إلا، بالتالي، إذا كان في البلاد نظام لاستثمار العمال الأجراء من قبل الرأسماليين. إن الإنتاج الرأسمالي يبدأ حيث تكون وسائل الإنتاج ممركزة بيد أفراد، ويكون العمال المحرومون من وسائل الإنتاج، مضطرين لبيع قوة عملهم كبضاعة. بدون ذلك، لا يوجد إنتاج رأسمالي."نفس المرجع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: اليمين المتطرف يتصدر الاستطلا


.. فرنسا: هل يمنع حزب التجمع الوطني مزدوجي الجنسيات من الولوج إ




.. هل يعتمد ماكرون استراتيجية تشوية اليسار في الدورة الأولة للت


.. مظاهرات بتل أبيب والقيسارية ضد نتنياهو هي الأضخم منذ بدء الح




.. الناصرية 1 حزيران 2024 - مشاركات الحضور - ندوة سياسية لمنظم