الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وسأدّعي أنه النوم

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2010 / 12 / 13
الادب والفن


وسَأدّعي أنهُ مجرُّدُ نوم


في الشارعِ الذي يسكُنُهُ صوفيٌّ أبديٌّ، كنتُ ألقى خطوتَكِ في الصباحِ فأستدلُّ على مزاجِكِ، لم ينفعني الخروجُ مبكِّراً أكثرْ، كأنّ صباحكِ يبدأُ دائماً قبلَ صباحي بخطوتين.

كطفلٍ أعطاهُ غيابُ أمِّهِ حريَّةً مفاجئةً، في الشارعِ ذاتِهِ، عطرُكِ لا يغادرُ الشجرْ، فيما ألملمُ خيوطَ الضوءِ التي لامَسَتْ ثوبِكِ في موسيقى الحفيفِ التي لم يصمدْ أمامَها كائنٌ، ولم يدوِّنها عازفٌ أمطَرَتْ يداهُ بروقاً من حزنٍ دافيءٍ قبلَ أن ترتكبَ العاصفةُ إثمَها العظيم، وترمي أصابعَهُ في الرجفةِ والنسيانْ.

قلتُ كلاماً عن الحنينْ، فلم تزدْ خضرةَ الأشجارِ، غنّيتُ بكاملِ نشوتيْ، فظلّت الألوانُ على حالِها، انتحرتُ بطرقٍ لا تُعدُّ، بطرقٍ ابتكرتُها لأجنِّدَ الشاهدَ الوحيدَ على مرورِكِ، ليقولَ لي ولو سرّاً تافهاً عن وجودِكِ، لكنني كنتُ أعودُ دائماً وفي عيني حمضُ الأسئلةْ، وفي قلبي شوكُ الوردةِ فيما الوردةُ على سفرْ.

إناءُ الكلامِ ينزُّ على الأرضِ مثلَ قلبٍ اخْتَرَقَتْهُ عبارةُ حبٍّ طائشةْ، أمسَكَتْ يديْ حوريّةُ عشبٍ خُلِقَتْ قبلَ دقائقَ من التقاءِ المطرِ بالرملِ، قالتْ لي: للحُبِّ ألفُ وجهٍ وفلسفةٌ واحِدةْ، طارتْ قبلَ أن أعرفَ إن كنتُ من لحمٍ ودمّْ، أم مجرّدُ فرقٍ بينَ فصلينِ لا يلاحظُهُ غيرَ دوريَّاتِ الشتاءِ التي تُعَنْوِنُ المواسمَ وتأكلُ أطرافَ الكلامْ.

رأيتُكِ، ما رأيتُكِ
رأيتُكِ في خيطِ الفجرِ ينسلُّ من حارسِ العتمةِ، ويفتحُ جوقةَ العصافيرِ، وما رأيتُكِ تشعلينَ الحطبَ في زاويةِ البيتِ لتخبزي الصباح، رأيتُكِ في صوتِ النهرِ وما رأيتُ صورَتَكِ في الماء، رأيتُكِ في انسدالِ الغيمِ حولَ الشمسِ، وما رأيتُ ظلَّكِ على ظلِّي، رأيتُكِ في اختبارِ الناي لقسوةِ رجالِ الحربِ وما رأيتُ أصابعَكِ ولا إغماضةَ عينِكِ حينَ يخرجُ ظلُّ الروحِ في صوتِ الموسيقى، رأيتُكِ هناكَ وما رأيتُكِ هنا، رأيتُكِ حينَ أغمضتُ عينيَّ، تجدّلينَ الماءَ أنهاراً من حنين، وترسلينها كحماماتٍ إلى البحرْ.

زمنٌ غزيرٌ، ولم يفركْني الضَّجَرُ، وفي ذاتِ الشارعِ، وأمامَ الصوفيِّ المركَّبِ من قصصِ عشقٍ وأحاسيسَ أمّهاتٍ بأوّلِ أبنائهنَّ، مازلتُ، أجمعُ الوقتَ عن الأغصانِ، أكتبُ أمنياتٍ على القوسِ الذي يفتحُ أبوابَ المطرْ، ما زلتُ أعدُّ خطواتِكِ كلَّ فجرٍ وأعطي إسماً لكلِّ خطوةٍ ولوناً لكلِّ رائحةٍ سقطتْ في مروركِ الغامضِ، ولن أنتبهَ إلى أنكِ صرتِ عادتي، وسأدّعي دائماً أن هذا الركضَ اليوميَّ في الطرقاتِ، مجرُّدُ نومٍ لا يأتي.

13 كانون أول 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل