الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عثرات واستعراض واختراق اسرائيلي في مهرجان القاهرة السينمائي

محمود عبد الرحيم

2010 / 12 / 16
الادب والفن




*محمود عبد الرحيم:
هل أصاب مهرجان القاهرة السينمائي ذات اللعنة التى لحقت بمهرجان أبو ظبي، وناله الإختراق الاسرائيلي؟
علامة إستفهام كبيرة، تنتظر إجابة من إدارة المهرجان، إن كانت لديها إجابة واضحة، وشجاعة في قول الحقيقة، وتنتظر أيضا تحقيقا وموقفا من كل الرافضين للتطبيع من الفنانين والمثقفين المصريين.
فمثلما أعلنت المنتجة البريطانية الحاصلة على جائزة الجمهور في مهرجان أبوظبي بشكل فجائي أنها "إسرائيلية" وفخورة بهذا الإنتماء الشرير، استغلت بطلة الفيلم البلغاري "التعليق الصوتي" الحائز على جائزتين من مهرجان القاهرة، كاسيل نوها اشير، فرصة ندوة صحفية عقب عرض الفيلم، لتصرح بدون مقدمات، أنها تشارك في العمل في السينما الإسرائيلية، على نحو استفزازي يبدو مقصودا.
وبالنظر إلى كونها يهودية، ومن أم يهودية، ومذكورة في موسوعة يهود "الدياسبورا" أو الشتات ضمن المشاهير، فقد تكون حاملة، غالبا، للجنسية الإسرائيلية.
ويبدو أن هذه حيلة جديدة من حيل إسرائيل للإختراق الثقافي، ويبدو الأمر كذلك كما لو كان الكيان الصهيوني يريد إرسال رسالة لجموع المثقفين والفنانين ولكل الشعب المصري رافضي التطبيع مفادها "إنكم إذا غلقتم الباب، سأقفز من الشباك، واطلّع لكم لساني لإغاظتكم".
ولا ندرى هل استضافتها إدارة المهرجان عن علم أم جهل بخلفيتها المثيرة للريبة؟
لكن في كل الأحوال، وسواء كانت حاصلة على الجنسية الاسرائيلية أم يهودية فقط تعمل في إسرائيل، فهي شخصية مثيرة للشبهات، وكان أولى بمهرجان القاهرة أن ينأي بنفسه عن دائرة الجدل والشبهة، خاصة أنه ليس خافيا على أحد أن الإلحاح الإسرائيلي على المشاركة في الفعاليات المصرية، وكسر جدار مناهضة التطبيع، خاصة الثقافي متواصل بدأب، وبكل الوسائل المباشرة وغير المباشرة.
وليس بعيدا عن هذه الواقعة، ما جرى قبل عدة شهور من مشاركة فيلم إسرائيلي في مهرجان"الصورة"، الذي ينطمه المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة، ومحاولة تمريره بالإدعاء أنه فيلم فرنسي، أو إستضافة مديرة احدى المشاريع الأمريكية الثقافية المشبوهة، التي يحمل عنوان"الكونجرس الإسلامي الأمريكي" لباحث إسرائيلي، وتنظيم لقاءات له مع نشطاء مصريين على أنه يهودي أمريكي.
فالإستهداف قائم، ولا ينبغي التقليل من شأنه وخطورته، وليس مقبولا من مهرجان مصري، وعلى أرض مصر، قلب العروبة وقلعة الرفض الشعبي للصهيونية ولكيانها العدواني غير الشرعي، أن يقع في هذه السقطة، ويتحول إلى نقطة إختراق إسرائيلي للجسد الثقافي المصري، في حين يقاطع دولة عربية شقيقة كالجزائر، ولا يسعى لحضورها.
فلو صح كون هذه الممثلة إسرائيلية لحمل مهرجان القاهرة عار التطبيع المقيت، وواجه مصير مهرجان أبو ظبي من سمعة سيئة ومقاطعات تلاحقه، الأمر الذي يتطلب تحقيقا عاجلا، ومصارحة إدارة المهرجان الرأي العام بالحقيقة، خاصة أن مهرجان القاهرة ليس في حاجة إلى أزمات جديدة، يكفيه ما يعانيه من عثرات، ومن تراجع في القيمة والمكانة، بحيث صارت كل دورة من دوراته أضعف من سابقتها، وأنصرف عنه نجوم السينما المصرية وصناعها قبل الأجانب، الذي من يقبل المجئ منهم يكون قد خفتت عنه الأضواء، و يأتي بإغراء الرشوة المالية أو بغرض السياحة المجانية في بلد الأهرامات، وليس تقديرا للمهرجان ذاته.
وهذا العام في تصوري يمكن توصيف مهرجان القاهرة السينمائي بعبارة مختصرة لكنها دالة على واقع الحال"كثير من الغث، وقليل من السمين"، فغالبية الأفلام المشاركة تعد تجارب هزيلة، سواء على المستوى الفكري أو الفني، ولا تصلح أصلا للمشاركة في مهرجان من المفترض أنه يحمل شارة "الدولي"، ومعظمها تجارب أولى لصناعها تفتقر للخبرة والجودة، وذات طابع تجاري، أو سبق عرضها في مهرجانات أخرى أو إنتاج قديم، لكنه منطق الكم الذي يسيطر على المنظمين، بصرف النظر عن القيمة الفنية، وللمباهاة فقط بعدد الأفلام المشاركة، وعدد أقسام المهرجان، في ظل غياب البنية التحتية للعروض، وقلة أماكن العرض أساسا، ما تسبب في إرهاق مزدوج للمتابع، خاصة من الصحفيين والنقاد، الذين ترهقهم كثرة العروض بشكل مبالغ فيه، والتنقل الدائم اللاهث بين أماكن عدة على مسافات متباعدة داخل أحياء القاهرة المختلفة، وبعضها ليس مجهزا أصلا، ما تسبب في إلغاء بعض العروض أو مشاهدة صورة وصوت سيئيين.
ولا أدري لماذا، خلال كل تلك السنوات من عمر المهرجان وتكرار نفس المشكلة، لم يتم التفكير جديا في إقامة مجمع سينمات يخصص للمهرجان، ولو بالشراكة مع القطاع الخاص، على أن يتم استغلاله تجاريا طوال العام؟!
ولماذا الإصرار على هذا الكم الهائل من الأفلام، وفصل الأفلام العربية عن المسابقة الرسمية؟!
فالفيلم الذي لا يستطيع المنافسة مع غيره يجب إستبعاده، والأفلام التى سبق مشاركتها في مهرجانات أخرى، يجب أن ينطبق عليها نفس المعيار، ولا داعي للإستعراض الفارغ وإيهام المنافسين والجمهور أننا مهرجان أقوى من غيرنا، على غير الحقيقة، بمجرد الإتيان بتجارب هواة أو مبتدئين، وتخصيص عشرات الأقسام المربكة، التى تدل على الفقر وضعف المستوى وليس الثراء والوفرة، من قبيل "المسابقة الرسمية الدولية"، "المسابقة العربية"، "مهرجان المهرجانات" ، "سينما عربية جديدة"، "رسمي خارج المسابقة"، "مسابقة ديجيتال"، "مصر في عيون سينما العالم"، "سينما تركية"، "مهرجان واجا دوجو"، "تكريمات"، "قناة آر تي/فرنسا والمانيا".
في حين أن فيلما جيدا واحدا أفضل ألف مرة من عشرة أفلام رديئة، وكلما قلت الأعداد، تتسنى فرص المشاهدة بعمق، وإدارة نقاش جاد، والإستفادة والإستمتاع بالتجارب اللافتة من سينما متنوعة حول العالم، ومدارس فنية مختلفة، وليس اضاعة الوقت فيما لا يجدي.
وما يجب التوقف عنده أيضا هو ندوات مناقشة صناع الأفلام التى كانت شكلية وسطحية وبلا أثر، يتولاها مديرون لا يجيد معظمهم إدارة الحوار، ومترجمين يتعثرون في نقل الفكرة، في ظل غياب فنانين ونقاد معظم الأوقات، وحضور جمهور عام في ندوات متخصصة، ما جعل الندوات أقرب إلى حديث "المصاطب"، ومجرد فرصة لحصول المقربين من إدارة المهرجان على مكافآة مالية.
وحتى الجوائز، تبدو شبهة الإنحياز والمجاملة فيها واضحة، فكلنا يعرف حال السينما المصرية ومستواها المتدني، وإدارة المهرجان نفسها تشكو من صعوبة البحث عن فيلم مصري يشارك، ثم نجد أن خمس جوائز كاملة تذهب لأفلام مصرية محدودة المستوى، وسط أفلام عالمية ذات مستوى رفيع، كالتى تنتمي لسينمات عريقة كالروسية أو الفرنسية مثلا.
فهل تراجع إدارة المهرجان نفسها، وتعدل من وضعيتها، أم تريح وتستريح وتتوقف عن هذه المهزلة السنوية، التى لا تليق بمصر ومكانتها، خاصة أن مهرجانات ناشئة في دول مجاورة صارت أكثر أهمية وجذبا.
ومن غير المقبول، تعليق هذا الإرتباك وسوء التنظيم و التخطيط والإدارة على شماعة المال، كما يزعم رئيس المهرجان، لأن الملايين وحدها لا تصنع المكانة، و استئجار النجوم لا يأتي بالبريق المفقود.

*كاتب صحفي وناقد مصري
Email:[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-