الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط الجندي الالف يعمق الانقسام الامريكي

سامية ناصر خطيب

2004 / 9 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


العدوان على العراق
سقوط الجندي الاف يعمق الانقسام الامريكي
تكبد الجيش الامريكي ما يزيد عن الف قتيل منذ بداية الحرب على العراق؛ البنتاغون يقر بفقدان السيطرة على اجزاء مهمة في مركز العراق؛ احتداد المعارك يلغي انجاز نقل السلطة للحكومة المؤقتة؛ وفي امريكا يتمحور الخلاف بين الحزبين المتنافسين على الرئاسة، على اسلوب ادارة الحرب وليس على قرار خوضها.

سامية ناصر خطيب

احداث الايام الاخيرة تشير الى ان الحرب على العراق تدخل منعطفا خطيرا، بعد ان استنفذت الادارة الامريكية السبل لاعادة الامن والاستقرار هناك. المواجهة المباشرة بين المقاومة من جهة وقوات الاحتلال والحرس الوطني العراقي من جهة اخرى، اصبحت سيدة الموقف. وورقة الانتخابات الديمقراطية سقطت على ضوء فقدان الثقة بالحكومة العراقية المؤقتة العاجزة عن السيطرة.
لقد كلفت هذه الحرب الشعب العراقي 20 الف قتيل ومئات آلاف الجرحى، بالاضافة للدمار في كل المرافق والبنية التحتية، انهيار اجهزة الحكم وانتشار السرقات. كما ولّدت فوضى الحرب ظاهرة اختطاف وقتل الرهائن، والتي تأتي من جهات مجهولة ينسب بعضها للصوص محترفين وعشائر تتاجر بالمختطفين وتبيعهم للجماعات "الجهادية"، وبعضها ينسب لجماعات ارهابية كابو مصعب الزرقاوي.

لماذا سقط خيار الانتخابات؟

احتداد المعارك في معظم انحاء العراق السني والشيعي، ادى لارتفاع عدد ضحايا الجنود الامريكيين الى الف قتيل. وقد بدّد هذا الوضع الاوهام بان نقل السلطة للحكومة العراقية المؤقتة والاعداد للانتخابات العامة سيعيد الاستقرار للعراق.
على هذه الخلفية اقرت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) للمرة الاولى بعد 18 شهرا على بدء الحرب، بفقدان السيطرة على اجزاء مهمة في مركز العراق مثل الفلوجة، سامراء، بعقوبة، الصدر، الانبار وغيرها. وقد صرح وزير الدفاع الامريكي، دونالد رمسفيلد، وقائد قوات التحالف، ريتشارد مايرز، بانه لن يكون بالامكان استعادة الاماكن الخاضعة لسيطرة المقاومة، الا بعد تأهيل الجيش العراقي تأهيلا جيدا. (نيويورك تايمز، 8 ايلول)
الاشتباكات في الفلوجة في تصعيد، اذ قامت المدفعية الامريكية بدك مواقع ومخابئ في الفلوجة يستخدمها المقاتلون لشن هجماتهم عليها. كما انفجر اعلان وقف اطلاق النار بين الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وقوات الاحتلال، عندما حاولت الاخيرة دخول المدينة لمصادرة الاسلحة من جيش المهدي.
وبرر مايرز ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجيش الامريكي بتطور اساليب العدو، وخاصة ارتفاع عدد العمليات الانتحارية.
وفي محاولة لتقليص الاضرار بادر الجيش الامريكي لخطة طارئة، سرعان ما تراجع عنها، تقضي باستبعاد المناطق الساخنة من المشاركة في العملية الانتخابية. وقد وصف مسؤول امريكي كبير الوضع في العراق بالخطير، وبامكانية ان يؤثر على أية عملية تحول سياسي قادمة في العراق.
وقد شكك الكثير من العراقيين والمراقبين في شرعية انتخابات تتم في بلد تشهد معظم قراه ومدنه معارك وعمليات ضد قوات الاحتلال وقوات الحرس الوطني العراقي. وفي هذا قال كوفي انان، الامين العام للامم المتحدة: "ان اجراء الانتخابات في العراق يتطلب البيئة الصحيحة والملائمة". (الحياة، 7 ايلول سبتمبر)

تأهيل "الحرس الوطني العراقي"

التورط الامريكي في العراق يؤدي الى زعزعة قوات التحالف. فتحت نيران المقاومة انسحبت القوات التايلاندية الى بانكوك في ختام مهمة استمرت سنة. وفي كوستاريكا امرت المحكمة العليا بسحب اسم البلد من لائحة البلدان الاعضاء في التحالف الداعم لاجتياح القوات الامريكية والبريطانية للعراق.
على هذه الخلفية قررت الادارة الامريكية اخضاع المقاومة بالقوة. تشكيل "الحرس الوطني العراقي" كبديل عن الجيش العراقي المنحل، يصب في هذا الاتجاه. لكن هذا الجيش يثير العديد من الاعتراضات والتحفظات بين العراقيين. السبب هو طبيعة المهام التي تؤديها تلك القوات لدعم عمليات التحالف ضد ابناء الشعب العراقي في مختلف المناطق، وايضا بسبب الطريقة التي يتم بها اختيار عناصر تلك القوات.
عن ذلك يقول اللواء المتقاعد هلال الشمري: "انه حصل على معلومات من اقرانه من الضباط، الذين تطوعوا في قوات الحرس الوطني، بان اختيار المتطوعين لا يتم على اساس الولاء للوطن او الكفاءة، بل يعتمد اساسا على مدى الولاء لقوات التحالف والحكومة الجديدة... وان معظم الذين تطوعوا في الحرس الوطني هم شباب بدون شهادات دراسية معقولة." (القدس العربي، 7 ايلول). واضاف ان اصدقاءه من الضباط الذين انضموا للحرس الوطني اعربوا عن استيائهم من الطريقة المتعالية التي يتعامل بها الضباط مع عناصر تلك القوة وعدم احترامهم للضباط العراقيين.
الى هذه النقطة الاخيرة يشير المقدم بدر العزاوي الذي خدم في الجيش السابق، ورفض التطوع في الحرس الوطني. حسب قوله لصحيفة "القدس العربي" (7 ايلول) يجبر الضباط الامريكان المتطوعين على التعهد باطاعة وتنفيذ الاوامر الصادرة اليهم من وزارة الدفاع الامريكية او وزارة الدفاع العراقية. ويؤكد العزاوي بان الكثير من الشباب العراقيين العاطلين عن العمل يندفعون للخدمة في الحرس الوطني نظرا لارتفاع الراتب الذي يصل الى 200 دولار، وذلك رغم عدم قناعتهم بالتعامل مع قوات الاحتلال.
يبدو ان الحالة القائمة اليوم هي حالة العراق لسنوات قادمة، من حكومة عميلة لا تحظى بثقة الشعب وجيش يعمل مع قوات العدو، خاصة بعد ان بات موضوع الانتخابات صعب المنال.

العراق في الانتخابات الامريكية

على ضوء تجاوز عدد القتلى الامريكان في العراق الالف جندي، عاد الموضوع العراقي ليفرض نفسه على ساحة الانتخابات للرئاسة الامريكية القادمة. الغريب في الامر ان كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي يحاولان التهرب من موضوع الحرب على العراق، لانه محرج بالنسبة لهما. وفي حين يفضل الجمهوريون التركيز على الحرب على الارهاب، يفضل الديمقراطيون التركيز على الاقتصاد.
الجمهوريون الذين تورطوا في العراق، يجرون النقاش لموضوع الحرب على الارهاب في محاولة لتخويف الرأي العام الامريكي من هجوم آخر على نمط احداث 11 ايلول، ولذلك اختاروا مدينة نيويورك لعقد مؤتمرهم. ويدعي هؤلاء ان بوش هو الزعيم القوي الوحيد الذي بامكانه اخافة الارهابيين. وقد قال ريتشارد تشيني، نائب بوش، انه اذا تم انتخاب كيري فان مثل هذه الاحداث ستتكرر، الامر الذي ادى لاستنكارات شديدة في الصحف. (نيويورك تايمز، 9 ايلول)
اما كيري، فيتهرب من موضوع الحرب بسبب موقفه المتذبذب منها، ويحاول التركيز على موضوع الركود الاقتصادي والبطالة. وقد استغل بوش موقف كيري الرافض لحرب فيتنام في ايام شبابه لتصويره كانسان غير وطني، الامر الذي حشره في الزاوية على ضوء الموقف الامريكي العام المؤيد للحرب. لذلك حين تحداه بوش متسائلا ماذا كان سيكون موقفه من الحرب على العراق فيما لو كانت المعلومات حول عدم وجود اسلحة الدمار الشامل في العراق متوفرة لديه قبل 18 شهر، كان رد كيري بانه كان سيؤيد الحرب في هذه الظروف ايضا. هذا الموقف المتذبذب يدفع بالجمهور الامريكي الواسع الى معسكر بوش.
تركيز الحزبين على مواضيع اخرى لن يغير حقيقة ان الحرب على العراق هي الموضوع الرئيسي الذي يفرض نفسه على الساحة، وهو الذي سيحسم نتيجة الانتخابات. هناك خيار رئيسي اليوم: اما ان قرار خوض الحرب كان خاطئا وإما انه كان صحيحا. ولكن كيري لا يقول ان القرار كان خاطئا، بل يحصر النقاش في من كان سيدير الحرب على العراق بشكل اكثر معقول. وما دام هذا هو موقف الحزبين الامريكيين الكبيرين، فلا مخرج في الافق.

الصبّار، ايلول 2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون