الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصهيونية والتطّرف ... وجهان لعملة واحدة

قاسم محمد يوسف

2010 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


على هـامش التوأمة الوظيفية
الصهيونية والـتـطـّرف ... وجهان لعملة واحدة

لا بد للثورة من دماءٍ تنبض في عروقها لتمدها بالحياة كل يوم ولا بد أيضاً لأي قضية تستعطف الرأي العام وتدخل في صلب شريعته ومعتقده من حياة تضفي إليها مزيداً من القدسية حيناً والتقوقع أحياناً في أنفاق الأقليات والطوائف والمذاهب والأعراق, عبر التاريخ أحدثت هذه الفكرة نجاحات كبرى اُستعبدت من خلالها الشعوب والغرائز لتُسيّر في ركب المشروع السياسي لحزب ما أو مجموعة أقليات تعمل على رفع مستوى التعبئة شعبياً إيذاناً بالدخول إلى المرحلة المُقلبة لحصد النجاحات ضمن المستويات كافة.
القضية المركزية لمجموعة ما غالباً ما تتعمد بالقتل والدماء ليبنى لاحقاً على أساسها مشاريعاً تقلب الطاولة وتعيد توجيه البوصلة من جديد بغية البناء على حطام الماضي بقضية تشد أواصر المعنيين لهدف مشترك أو تسقط القضية بسفك الدماء التي سالت ليتربع على عرشها قاتلٌ ما يرقد في الظلام.
القضية المعقدة للسيد الحُسين عليه السلام والتي حملت رويات متعددة ومتباعدة عن ما جري منذ قرن ونصف في واقعة دارت رحاها ضمن البيت الواحد لأهداف متضاربة ومجهولة لا تخلو ربما من زينة الحياة الدنيا بما حملت من سلطة ونفوذ ومال, إلا أن الحادثة أرّخت فعلاً لشقاق مبين بين المسلمين أنفسهم فعصف بالدولة الإسلامية ودقت أول إسفين في نعش رحليها وتفرقها وسقوطها إلى الأبد, هذه القضية تُحاكي إلى حد كبير ما يجري اليوم وربما ما سيجري بالغد وبالطبع ما جرى سابقاً, القضية الحقة بنظر أتباع الحسين كانت حقة أيضاً بنظر الطرف الأخر إلا أنها تفاعلت وحُملت أكثر بكثير مما تحمله قضية مُماثلة حتى أصبح التوارد التاريخي للواقعة حمالاً لعدد كبير من الأوجه المختلفة فكاتب التاريخ يأخذ طرفاً هنا ليروي ما رأته العين حيناً وما رُوي له أحياناً.
المشكلة اليوم تكمن بالنهج المتبع فيما خص قضية مر على حدوثها الأف السنون بما تحمل القضية في ثناياها من فتن وأحقاد ودسائس تنامت عبر التاريخ والأجيال وأضحت يوماً تلو الأخر تُشكل خطراً متعاظماً يتغلغل في الجسد الإسلامي ويحدث شرخاً كبيراً وتعبئة مذهبية مقيتة قد تُشعل المنطقة برمتها عند أول إستحقاق مصيري لما تحمل النفوس والغرائز من إحتقان ملتهب تحول لعقيدة مسمومة بأفكار لا أساس لها, والدور الأكبر لإستعمال وتغذية هكذا قضية يندرج ضمن أولويات متعددة لا تتعدى كونها سياسة تعبوية لشد العصب حول قضية لم يشهدها أحد من روادها إنما تكرست في عقائدهم كغذاء فكري متكامل ولكنه محدود الأفق .
حينما يخرج الشعية عشرة أيام متتالية من كل عام متشحين بالسواد حزناً وبكاءً على إمام سقط في معركة بين الأخوة منذ ألاف السنين , فيقيمون لهذا مجالس العزاء ويقدمون التعزية بالحسين وكأنه مات لتوه ويضربون رؤوسهم حسرةً كالمفجوع بفلذة كبده, يسقون الأرض من دمائهم حتى تسيل في الأحياء والشوارع ويرددون بغضب يملئ حناجرهم " لو كنا معكم لانتصرنا نصراً عظيما " ألا يطرح هذا سؤالاً بديهياً عن مسؤلية القيادات والزعامات الروحية الشيعية في تغذية الحقد وتعويم ثقافة الموت وإذكاء الفتن ؟ ألا يطرح هذا سؤالاً كبيراً عن الهدف القائم والمُضمر في النفوس ؟
منذ شهور أطل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران ليُحرّم القدح والذم بحق زوجات الرسول وأصحابه بعد عقود وعقود من الشتم "الحلال" لأشخاص يعتبرهم الكثيرون قدوة ونبراساً للحق والرفعة والطهارة, هي خطوة جيدة وفي المسار الصحيح وإن جاءت متأخرة جداً ولكنها تدل بقوة على أن العقيدة هذه لم تحملهم يوماً على القدح والذم إلا أن أحداً لم يحرم الحرام بل حلله طويلاً وحرمه حينما وجد فيه ضرراً لمصالحه الكبرى في بحر سني هائج, وهنا يكمن السؤال الأبرز لماذا لم يُحرم الإمام هذا الحزن المتواصل منذ قرون ؟ ولماذا لا يضع حداً لهذه القضية ويسلم أمرها إلى الله ليحاسب قتلة الحسين ؟ ربما يضع حداً للإنفجار والإحتفان ويؤرخ لمصالحة كُبرى بين السنة والشيعة ويطوي صفحة من التطرف والتعصب والحقد في واقعة لا ناقة فيها للسنة أو للشيعة ولا جمل.
هذه المأساة المتكررة لن يُكتب لها الزوال وستبقى شاهدة وماثلة أمام الأجيال القادمة تماماً كما السابقة أبداً ما بقي المشروع قائماً, وهو المشروع عينه الذي يُحاكي في وظيفته المُضمرة عدداً كبيراً من المشاريع العنصرية في العصر القديم والحديث وربما يكون "الهولوكوست" أو المحرقة اليهودية المزعومة هي الأقرب إلى التوأمة بين الوظيفتين, فاليهود ومن خلال الهولوكوست كسبوا تعاطف الغرب لصالحهم وبنوا دولتهم على أنقاض الدولة الفلسطينية والأراضي العربية ناهيك أيضاً عن قدوم اليهود من سائر أتقاع الأرض الى إسرائيل متمسكين بالصهيونية والعنصرية خوفاً من محرقة جديدة, هذا الخوف خلق في نفوسهم نفوراً من بلادهم الأم إلى وطنهم الإفتراضي.
في المحصّلة, السنّة لم يقتلوا الحسين ولم يتأمروا عليه ولكنهم سيبقون كذلك في نظر أولياء الأمور عند الشيعة لا لشيئ بل لأنهم بحاجة إلى عدو مفترض ليرّصوا صفوفهم تحت عناوين عقائدية حساسة وقاتلة تحمل بصمة شمولية قد تضع المنطقة برمتها على شفير إنفجار كبير وقد لا تضع, الأمر في يد مرشدهم فهو يعلن الحرب وهو يعلن السلام, يحرم الحلال ويحلل الحرام, هو يبكي الحسين فتسير دماء " اللطم والندب " ويعم الحقد, يُحرّم القدح والذم (وهو حرام بالفطرة) فتصبح السيدة عائشة أم المؤمنين وأطهر الطاهرين, هذا القطيع المُستعبد وهذا الفكر الشمولي المتحجّر وهذه العقول الخشبية التي مرت عليها عربات التقدم نحو الحضارة والحرية والإنفتاح والتقدم لن تبني أوطاناً ولن تحرر شعوباً ولن تنصف مظلوماً بل ستدخل الشيعة ومعهم المنطقة بأسرها في غياهب الظلام ... اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -